أعلنت الحكومة السورية المؤقتة عن تشكيل وزارة دفاع تتبع للحكومة المؤقتة تلم شمل فصائل المعارضة السورية، وسمت رئيس الحكومة الدكتور جواد أبو حطب وزيرًا للدفاع. ففي اجتماع جرى أمس الإثنين بدعوة رئيس الحكومة وفصائل ثورية تمخض عنه الموافقة على مبادرة الجيش الموحد للثورة السورية، ونتج عن الاجتماع اتفاق بخصوص تشكيل لجنة مفوضة من الفصائل، مهمتها اختيار رئيس هيئة الأركان للجيش الموحد، بالتشاور مع رئيس الحكومة.
ومن المقرر أن يشكل كل من وزير الدفاع ورئيس الأركان “لجنة تقنية متخصصة” مهمتها وضع هيكلية واضحة للجيش الموحد، إلى جانب استمرار التواصل مع كافة الفصائل الثورية على امتداد المناطق “المحررة” لتأسيس “الجيش”.
وتأتي هذه الخطوة بعد دعوة “المجلس الإسلامي السوري” الخميس الماضي لتشكيل جيش ثوري واحد يشمل أرجاء سوريا المحررة بدعوى أن هذا ما يقتضيه الشرع والعقل والمصلحة الوطنية. ومنذ صدور دعوة المجلس، توالت موافقة كبرى تشكيلات فصائل المعارضة للانضمام للوزارة ومن أبرزها، جيش الإسلام، وحركة نور الدين زنكي، وفيلق الشام، وجيش النصر، وفصائل درع الفرات، وجيش أسود الشرقية وقوات الشهيد أحمد العبدو، وفصائل أخرى. ولم يصدر أي تعقيب من فصائل الجبهة الجنوبية حيال موفقته على تشكيل الوزارة والانضمام للجيش الموحد.
تشكيل جيش موحد
لا يعد توحيد فصائل المعارضة المقاتلة مطلبًا جديدًا سواءًا من طرف الحاضنة الشعبية للثورة أو من طرف الدول الصديقة للمعارضة السورية، إذ شكل تشتت الفصائل وفشلها في التوحد تحت قبة وقيادة موحدة، مصدر تشكيك بقدرة المعارضة العسكرية والسياسية على إدارة البلاد بعد سقوط الأسد والخشية من انفلات أمني وليبيا ثانية في المنطقة. وربما يعد هذا أحد الأسباب التي أدت ببعض الدول لإعادة إنتاج نظام الأسد كأمر واقع بعد سبع سنوات من عمر الثورة.
في بيان لحركة أحرار الشام أبدت فيه الحركة استعدادها لاتخاذ كافة الخطوات اللازمة لإنجاح المبادرة وإنهاء حالة الفصائلية المنتشرة في أرجاء سوريا. كما أعلن المكتب السياسي التابع للجيش السوري الحر، في بيان، موافقته على مبادرة المجلس الإسلامي والحكومة المؤقتة. وأبدى استعداده لتبنّي المبادرة وتقديم كل أشكال الدعم لإنجاحها وتأطيرها وهيكلتها ضمن تشكيلات عسكرية مقاتلة بقيادة ضباط اختصاصيين محترفين كما هي عليه جيوش العالم.
توسيع النظام السوري لمناطق نفوذه وسيطرته يقلل من حظوظ المعارضة في بناء مؤسساته وتوسيع نفوذه، كما أنه دافع أكثر لدول العالم للقبول بالأسد وصياغة الحلول انطلاقًا من قاعدة بقاء الأسد.
ومن المتوقع أن يكون الهدف الرئيسي من الجيش الموحد وتأسيس وزارة للدفاع، جمع الفصائل على أهداف الثورة التي تتلخص في إسقاط النظام وطرد الميليشيات الأجنبية التابعة للبنان والعراق وإيران والتي حضرت لدعم قوات الأسد والحيلوله دون سقوطه. ولا تهدف لتشكيل فصيل جديد إنما التعاون مع فصائل الجيش الحر وتقديم خبرات الضباط لتشكيل جيش وطني موحد.
قوات النظام السوري تفك الحصار عن مدينة دير الزور بعد حصار دام لثلاث سنوات
ويتزامن هذا الإعلان مع مرور الثورة بمفترق طرق نتيجة نوع من “التواطؤ الدولي” لإعادة تأهيل الأسد واقتسام مناطق النفوذ بين الدول المتدخلة في الصراع. وكذلك صمود منطقة خفض التصعيد في الجنوب السوري، حيث أعلنت فصائل معارضة هناك نهاية يوليو/تموز الماضي عن تشكيل تكتل واحد تحت اسم “الجبهة الوطنية لتحرير سوريا” وذلك بتشجيع من أطراف إقليمية لضبط الأوضاع وفوضى السلاح في الجنوب وإعادة الحياة إلى طبيعتها.
ويُعتقد أن مبادرة تشكيل جيش موحد ووزارة دفاع تعبر عن الإرادة الوطنية السورية وتعبر عن حاجة الساحة السورية لهذا التنظيم بعد انضمام العديد من الفصائل إليه، إذ لم تصدر المبادرة من جراء ضغوط من قبل الدول الإقليمية، وعبر مراقبون عن جهود مضنية واجهت مثل هذه الخطوات خلال السنوات الماضية تأتي في مقدمتها إرادة الدول الداعمة والاختلافات الموجودة بينها وإرادة بعض الإيديولوجيات حول الأزمة السورية.
عملية عسكرية قريبة في إدلب والنظام يقترب من دير الزور
بجانب الدعوة لتشكيل جيش وطني موحد وتشكيل وزارة دفاع، لا يزال الوضع في جبهات غرب وشرق سوريا مشتعل. ففي إدلب أشار تقرير لمؤسسة الثقافة الاستراتيجية بأن تركيا ستنفذ الشهر الحالي بالتعاون مع كل من روسيا وإيران عملية عسكرية واسعة ضد المسلحين المتشددين في محافظة إدلب شمال سوريا.
شكل تشتت الفصائل وفشلها في التوحد تحت قبة وقيادة موحدة، مصدر تشكيك بقدرة المعارضة العسكرية والسياسية على إدارة البلاد بعد سقوط الأسد والخشية من انفلات أمني وليبيا ثانية في المنطقة
وأشار المركز أن هذه العملية ستبدأ بعد انتهاء المحادثات التي ستعقد في أستانة بين 13 و14 الشهر الجاري في إطار اتفاقية خفض التصعيد في المنطقة مع استمرار سيطرة “هيئة تحرير الشام” على إدلب، وإحكام قبضتها على كافة الفعاليات المدنية والمجالس المحلية في إدلب إذ تسعى إلى إعادة تشكيل بنية هذه الفعاليات المدنية بما يضمن ولاءها للهيئة. يُشار أن نفوذ حركة “أحرار الشام الإسلامية” تراجع في إدلب بعد اقتتال مع “الهيئة” الشهر الماضي انتهى بسيطرة الأخيرة على معبر باب الهوى الحدودي ومناطق أخرى وبدء بسط سيطرتها على المجالس المحلية والفعاليات المدنية.
أما في دير الزور فقد بينت وسائل إعلام النظام السوري اليوم الثلاثاء عن تمكن قوات الأسد والمليشيات المساندة لها، لفك الحصار الذي يفرضه تنظيم “داعش” عن مدينة دير الزور والمفروض منذ 3 سنوات. وكان محافظ دير الزور التابع للنظام، محمد إبراهيم سمرة، توقع أمس الإثنين، وصول قوات النظام إلى مدينة دير الزور المحاصرة في غضون 24 أو 48 ساعة.
يُشار أن التنظيم يسيطر على معظم دير الزور، بينما تنتشر قوات الأسد في بعض الأحياء داخل المدينة والمطار العسكري. وتوقعت مصادر عسكرية أن تتوسع المعارك بعد المدينة لتصل إلى الريف الشرقي والغربي جنوب الفرات على أن تشهد مدينة الميادين المعارك الأشرس باعتبارها المنطقة الأخيرة للتنظيم في المحافظة. ويأتي تقدم قوات النظام السوري نحو دير الزور وسط غياب أي تحرك من طرف المعارضة المدعومة من أمريكا والأردن، أو من “قوات سوريا الديمقراطية” المدقومة أمريكيًا، ومع ذلك لا يبدو أن الأخيرة ستترك الساحة كاملة للنظام السوري، إذ تشير تقارير على قرب التنافس على النفوذ بين النظام والأكراد على دير الزور.
وأخيرًا مع قرب سيطرة النظام السوري على دير الزور في الأيام القليلة القادمة وانطلاق معركة كبيرة في إدلب لكسر “هيئة تحرير الشام” في المحافظة، يبدو أن الدول العالم منشغلة بما هو أهم الآن من دعم تشكيل جيش موحد ووزارة دفاع تلم المعارضة السورية علمًا أن توسيع النظام السوري لمناطق نفوذه وسيطرته يقلل من حظوظ المعارضة في بناء مؤسساته وتوسيع نفوذه، كما أنه دافع أكثر لدول العالم للقبول بالأسد وصياغة الحلول انطلاقًا من قاعدة بقاء الأسد.