ترجمة وتحرير نون بوست
لقد رافق أعمال العنف التي اندلعت في جميع أنحاء فلسطين و”إسرائيل” خلال الأشهر الأربعة الماضية طوفان من المعلومات المزامنة للأحداث تقريبًا على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الإخبارية في جميع أنحاء العالم. وكما هو الحال مع المواقف الأخرى سريعة الحركة والمشحونة سياسيًا، كان جزء من تلك المعلومات كاذبًا، وكان مدققو الحقائق مشغولين للغاية. وكما هو الحال في مناسبات أخرى، تعرضت منصات مثل ميتا وتويتر/ إكس وحتى تليغرام لانتقادات لعدم تدخلها، أو لتدخلها بطريقة متحيزة.
ومع ذلك، لا يقوم البشر بصياغة آراء مبنية على المعلومات؛ بل على قصص منسوجة من المعلومات – والعلاقة بينهم بعيدة كل البعد عن أن تكون خطية. ويمكن ترتيب المعلومات الوهمية في قصة تنقل حقائق عميقة، كما أثبت الروائيون العظماء على مدى قرون. وعلى العكس من ذلك – وكما أظهرت التغطية خلال الأشهر القليلة الماضية – لا توجد حقيقة لا يمكن استغلالها في خدمة الكذب. وبعيدًا عن التضليل (الاتجار بالأكاذيب)، أشعر بالقلق كباحث إعلامي وباحث قديم في النضال الفلسطيني من أن الخروج عن السياق (عرض الحقائق بشكل انتقائي) هو التهديد الأكثر انتشارًا والمراوغة لفهمنا الجماعي.
وتتضمن المعلومات المضللة الكذب بالخداع، مثل التأكيد على أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية لسنة 2020 تم تزويرها ضد ترامب، أو أن عقار الإيفرمكتين يعالج كوفيد-19. ومن ناحية أخرى؛ فإن الخروج عن السياق يدور حول الكذب عن طريق الإغفال، وقد أظهر علماء النفس أن البشر يكذبون عن طريق الإغفال بسهولة أكبر من الكذب عن طريق ارتكاب الفعل. وعلاوة على ذلك؛ فإن السمة المميزة للإغفال هي غياب المعلومات – وهو أمر يشتهر البشر بسوء ملاحظته، مما يعني أننا عرضة لتضخيم الروايات الخارجة عن سياقها عن غير قصد.
ولكن بالنسبة للمراقبين المتمرسين للقضية الإسرائيلية الفلسطينية؛ فإن غياب المعلومات عن الخطاب الأخير كان فاضحًا. وفي حين تم تحقيق الكثير من التغطية التفاضلية لمعاناة الفلسطينيين مقابل معاناة الإسرائيليين خلال الأشهر القليلة الماضية، إلا أنه يمكن العثور على عدم تناسق أكبر بكثير عند مقارنة تغطية أسابيع العنف الحركي بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر مقابل عقود من العنف الهيكلي الذي سبقه.
والسبب وراء هذا التباين أعمق بكثير من الأجندات السياسية. وتغطي شبكات الأخبار التفجيرات، وإطلاق النار، وغير ذلك من أشكال العنف الحركي، لأنها أحداث صاخبة ومحدودة تسترعي انتباهنا، وتدعو إلى التحقيق والمكائد، ويمكن إحصاء ضحاياها وتسميتهم والحزن عليهم. وعلى النقيض من ذلك؛ فإن العنف الهيكلي اليومي للاحتلال الإسرائيلي والفصل العنصري هادئ نسبيًا. وبدلًا من خسارة الأرواح؛ فإنه يسبب الغياب. وبدلاً من القتل؛ فإنه يجهض الأحلام ببساطة؛ حيث إن أولى ضحاياه هي الأحلام والأقدار. وحتى ضحاياه لا يستطيعون تنفيذ محاسبة حقيقية؛ فكيف يفوتك ما حرمتم منه دائمًا؟
الدخان يتصاعد بعد الغارات الجوية الإسرائيلية في خان يونس كما يظهر من رفح، في جنوب قطاع غزة، 24 كانون الثاني/ يناير 2024.
وبالمقارنة مع العنف الحركي؛ فإن طبيعة العنف الهيكلي الهادئة والمستمرة وغير المقروءة تجعله غير صالح للتغطية الإخبارية. ومع ذلك فإن الأمرين مرتبطان بشكل لا ينفصم. وقد تؤدي عقود من العنف الهيكلي إلى أسابيع وأشهر من العنف الحركي. إن تغطية الأخير مع إهمال الأول هو، باختصار، إخراج الأمر من سياقه؛ وذلك لإظهار الأعراض للجمهور مع حرمانهم من الأسباب الأساسية. وبدون هذا السياق، من المرجح أن يرى الجمهور العنف الحركي على أنه غير مبرر، وينبع من التزامات أيديولوجية فطرية ومتعنتة تتطلب استجابة قاسية.
بحثًا عن الغياب
إن كافة الروايات التي نسجتها الحكومة الإسرائيلية لتبرير قصفها القاتل لقطاع غزة – بما في ذلك جلسة الاستماع الأخيرة لمحكمة العدل الدولية بشأن تهمة الإبادة الجماعية – تعتمد بشكل مركزي على حقائق السابع من تشرين الأول/ أكتوبر: أن المسلحين الذين تقودهم حماس اخترقوا السياج الحدودي لغزة، وقتلوا أكثر من 1100 شخص في جنوب “إسرائيل”، معظمهم من المدنيين، واحتجزوا حوالي 240 آخرين كرهائن.
إن الروايات التي تقول إن “حماس هي تنظيم الدولة”، وأن حماس غير قابلة للإصلاح أخلاقيًا وغير قابلة للتسوية إستراتيجيًّا، وأن التعايش مستحيل، وأنه يجب القضاء على حماس، وأن الفلسطينيين في غزة أنفسهم سيكونون شاكرين لذلك – كل هذه الروايات المشكوك فيها تضفي صحتها على رعب السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الذي لا يمكن إنكاره. وبهذا المعنى، فهذه ليست روايات تضليل؛ بل إخراج من السياق. وعلى الرغم من وجود بعض الزخارف التي خضعت للتدقيق بشكل صحيح؛ فإن الحقائق الأساسية حول ما حدث في 7 تشرين الأول/ أكتوبر صحيحة، وتصمد أمام التحقق من الحقائق، وهي فظيعة بما يكفي في حد ذاتها لإضفاء مصداقية مبدئية لروايات الحرب الإسرائيلية.
ولا يكمن غياب المعلومات في روايات الحكومة الإسرائيلية في المعلومات التي تقدمها؛ بل في المعلومات التي ظلت ناقصة. إن مكافحة الخروج عن السياق تتعلق برؤية غياب المعلومات “بكل أدواته” (نقلاً عن ترجمة سنان أنطون للشاعر الفلسطيني محمود درويش)، وليس فقط رؤية ما هو مقدم، بل أيضًا ما تم إغفاله، والسماح للصمت عنه. وكما يقول درويش، علينا أن نرفع بعض الكراسي للأشباح.
وتبدأ الأشباح في الظهور عندما تنظر إلى التغطية الإعلامية الإخبارية بشكل إجمالي. وقامت شركة ميديا كلاويد، التي يديرها اتحاد من الجامعات في منطقة بوسطن، بتتبع الأخبار في جميع أنحاء العالم لأكثر من عقد من الزمن. ومن خلال الاستعلام عن قاعدة بيانات ميديا كلاويد عبر واجهة الويب الخاصة بهم، وجدت جميع المقالات الإخبارية التي نشرتها وسائل الإعلام الأمريكية أو الكندية أو البريطانية خلال سنة 2023 والتي تشير إما إلى “غزة” أو “الضفة الغربية”، وقمت بإنشاء الرسم البياني التالي:
تغطية إعلامية لـ”غزة” (باللون الأحمر) و”الضفة الغربية” (باللون الأسود) في الأخبار باللغة الإنجليزية (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا) منذ بداية سنة 2023. (ميديا كلاويد)
وفي الرسم البياني، يظهر منحنيان، أحدهما أحمر والآخر أسود، يمثلان النسبة المئوية للمقالات الإخبارية التي تذكر “غزة” أو “الضفة الغربية”، على التوالي، والتي يتم نشرها في كل يوم منذ بداية سنة 2023 وحتى قبل وقف إطلاق النار المؤقت في أواخر شهر تشرين الثاني/ نوفمبر.
ويشير هذا الرسم البياني إلى أن الأراضي الفلسطينية المحتلة تغطيها الأخبار متى وأينما يوجد عنف حركي – أي القصف وإطلاق النار والطعن وما إلى ذلك. وعلى وجه الخصوص؛ فإن التغطية لكل من غزة والضفة الغربية بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر تجعل كل ما نشر في الأشهر التسعة التي سبقته والذي كان مستقرًا نسبيًا يبدو قزمًا. وفي الوقت نفسه؛ فإن التغطية الخاصة بغزة بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر تتجاوز باستمرار التغطية في الضفة الغربية؛ حيث كان يحدث أيضًا عنف حركي ولكن بأضعاف أقل من الأراضي الشقيقة.
وأقول العنف الحركي من أجل تمييزه عن مفهومه المكمل للعنف الهيكلي. وفي حين أن التفجيرات أو عمليات إطلاق النار هي أمثلة على العنف الحركي؛ فإن العنف الهيكلي يتمثل في الجدران، أو الأسوار الشائكة، أو أنظمة القوانين التمييزية. فعندما تنفجر قنبلة، يكون ذلك حدثًا منفصلًا يمكن الإبلاغ عنه أو التعليق عليه. وعلى النقيض من ذلك؛ فإن هياكل العنف هي سمات مستمرة تقسم الواقع إلى قسمين.
وللحصول على لمحة عما يعنيه أن يكون الفلسطينيون ضحايا للعنف الهيكلي، يمكننا أن نلجأ إلى الكاتب الفلسطيني الكبير غسان كنفاني، الذي كتب ذات مرة أن “حياتنا كخط مستقيم يسير في خجل وصمت بجانب خط مصيرنا؛ لكن الاثنين متوازيان ولن يلتقيا أبدًا”. إن العيش في ظل جدار، أو على الجانب الخطأ من السياج، أو على الطرف المتلقي لنظام تمييزي، يعني العيش “في حضور الغياب”، أن يطاردك شبح الذات المحتملة للفرد – الشخص الذي كنت ستصبح عليه لولا هذا الجدار وهذا السياج وهذا القانون وهذا الهيكل. وبحسب رواية كنفاني؛ فإن الحياة التي كان من المفترض أن يعيشها الفلسطينيون تطارد كل خطوة يخطونها. إنه يسير بالتوازي، وعلى مرأى ومسمع من خيالهم، ليكن تذكيرًا يوميًا وإذلالًا؛ حيث يسيرون بجانبه في صمت وخجل.
وهذه هي معاناة العنف الهيكلي الذي عاشه الفلسطينيون طوال سنة 2023، ولسنوات وعقود طويلة قبل ذلك، ولكن كما يظهر الرسم البياني، يبدو أن التغطية الإخبارية لا تتناغم إلا عندما يكون هناك اندلاع للعنف الحركي. إذن لماذا لا يحظى العنف الهيكلي باهتمام كبير؟
رسوم جرافيتية على الجدران رسمها فنانون يدعمون الفلسطينيين على الجدار العازل في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية، 16 كانون الثاني/يناير، 2024.
أولاً، من الصعب قياس العنف الهيكلي، حتى بالنسبة للباحثين الذين لديهم الوقت والموارد والخبرة اللازمة للقيام بذلك، وكما تشير كلمات كنفاني، يمكن قياس العنف الهيكلي من خلال الفجوة التي يخلقها بين الواقع والإمكانات، بين حياة الفرد الحالية والحياة التي كان من الممكن أن يعيشها لولا وجود هذا الهيكل في الطريق، ومع ذلك؛ فإن مثل هذا التحليل المضاد للواقع بطيء ومضني وإحصائي.
فعلى سبيل المثال، باستخدام الضفة الغربية كواقع مغاير لغزة، قام الباحثون بتقدير التكاليف الاقتصادية والسياسية المترتبة على حصار غزة منذ فرضته “إسرائيل” في سنة 2007، ورغم أن هذه التدخلات مدروسة؛ فإنها معقدة، ويستغرق إنتاجها سنوات وتدعو إلى الشكوك والجدل.
ومع ذلك، حتى لو تمكنت من قياس العنف الهيكلي بطريقة موثوقة؛ فإن النتائج في نهاية المطاف تبدو إحصائية وافتراضية بشكل مفرط، فانخفاض نقطة مئوية في نسبة الناتج المحلي الإجمالي أو تشغيل العمالة لا يعبر ببساطة عن الرعب العميق الذي يصاحب وقوع تفجير انتحاري أو غارة جوية، ووراء هذه النسب هناك أناس حقيقيون تحطمت أحلامهم، وربما يستسلمون للاكتئاب، وتعاطي المخدرات، والموت قبل سنوات عديدة من وقتهم الطبيعي، لكن كل هذا يعتبر غير مباشر ومبهم واحتمالي لدرجة أنه لا يلقى صدى لدى الجماهير بنفس القوة.
إخراج العنف الحركي من سياقه
لكل هذه الأسباب، لا يشكل العنف الهيكلي بداية للتغطية الإخبارية، إنه ممل، ويعبر عن نفسه من خلال غياب المعلومات، وانعدام الأحداث، والأشياء التي لم تحدث، والحقائق التي لم توثق، بينما يجب أن تبيع الأخبار نفسها للجماهير، والجماهير تريد أن ترى الحركة وأن يتم تسليتها؛ حيث إن العنف الحركي يلفت الانتباه، وبالتالي فإن لديه فرصة أكبر للتغطية في الأخبار (كما يوضح الرسم البياني أعلاه).
ثم يصبح العنف الحركي المليء بالإثارة هو القصة بأكملها في أذهاننا من خلال خلل في علم النفس البشري يسميه عالم النفس الإسرائيلي الحائز على جائزة نوبل دانييل كانيمان مبدأ: ما تراه هو كل ما هو موجود، علاوة على ذلك، في عالم مليء بالأحداث، من لديه الوقت للتفكير فيما لم يحدث؟
إن عدم التناسق الذي تتم به تغطية العنف الحركي مقارنة بالعنف الهيكلي له آثار على كيفية رؤية الجمهور الدولي لفلسطين و”إسرائيل” والصراعات الأهلية الأخرى، وعلى الرغم من أن السلطات قد تمارس العنف الهيكلي على رعاياها من خلال نظام القمع (الاستعمار، والفصل العنصري، والاحتلال العسكري، وما إلى ذلك)، إلا أنه لا يستحق النشر، ولا يتلقى سوى قدر ضئيل من التغطية.
عمال فلسطينيون ينتظرون عند معبر إيريز في بيت حانون، شمال قطاع غزة، أثناء انتظارهم لدخول “إسرائيل” للعمل، 13 آذار/مارس، 2022.
في نهاية المطاف، بعد سنوات عديدة من الإهانات والإحباطات اليومية، تم الوصول إلى نقطة الانهيار، وتشكل التمرد، لكن المتمردين أضعف بكثير من الدولة، ولا يمكنهم ممارسة العنف الهيكلي، وبدلاً من ذلك؛ فإن أداتهم الأساسية هي العنف الحركي، ولأن العنف الحركي يستحق النشر؛ فإن المرة الأولى التي يهتم فيها العديد من المراقبين الخارجيين بالصراع هي عندما يرون مسلحين متمردين ملثمين يقتلون ويروعون.
في الواقع، إذا قمت بتحليل أنماط إطلاق الصواريخ والغارات الجوية على قطاع غزة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فستجد مرارًا وتكرارًا أن المسلحين الفلسطينيين هم عادةً الذين يخرقون “الهدوء”، ومع ذلك، فبعد أن كانت مدفونة في التقارير الأمنية السرية للأمم المتحدة التي استُمدت منها تلك النتائج؛ فإن كل هجوم صاروخي تقريبًا كان يسبقه استفزازات إسرائيلية – تجريف البساتين، وإلغاء تصاريح العمل، وما إلى ذلك – والتي لم ترق إلى عتبة الجدارة الإخبارية، واندمجت في رتابة العنف الهيكلي اليومي.
ولا يشعر المراقبون الخارجيون بثقل سنوات وعقود العنف الهيكلي الذي يسبق كل لحظة من لحظات العنف الحركي، وهذا هو ما يعنيه أن يتم إخراج الأخير من سياقه: أن يُسلب من أصله الهيكلي بسبب الغفلة البشرية، وعدم قدرتنا على رؤية غياب المعلومات، وعدم رغبة وسائل الإعلام في نقل ما لم يحدث.
لكن العنف الحركي الذي حدث في 7 تشرين الأول/ أكتوبر لا يمكن فهمه دون العنف الهيكلي الذي حدث في 6 تشرين الأول/ أكتوبر وكل الأيام التي سبقته؛ فإذا قمت بحرق الوقود الأحفوري بشكل متهور لعقود من الزمن، فسوف يأتي وقت الأعاصير وحرائق الغابات، وإذا قمت بتأجيل العملية السياسية لتخفيف العنف الهيكلي إلى أجل غير مسمى؛ فإنك تخاطر باندلاع العنف الحركي.
لقد تأسست حماس نفسها بعد مرور أربعين سنة على النكبة وأزمة اللاجئين الفلسطينيين التي تلت ذلك، وبعد مرور عشرين سنة على الاحتلال العسكري للضفة الغربية وقطاع غزة، إنها ابنة القمع الغاضب، وهذا نتاج نمط مألوف لدى علماء الصراع المدني لدرجة أنه من المدهش أننا مازلنا نهتم بالأسماء الصحيحة، فكر في الأمر كقانون للوقاية: العنف لا يُخلق ولا يُدمر، بل يتحول فقط من الهيكلي إلى الحركي.
ومع ذلك؛ فإن هذا التفاعل السببي مفقود لدى معظم الجماهير. ففي أعقاب 7 تشرين الأول/ أكتوبر، حاول النشطاء والمعلقون بشكل بطولي ملء السياق المفقود بشكل ارتجالي، في تغريدات مطولة على تويتر أو على شاشات التلفزيون في اللحظات العابرة التي يقدمها لهم مذيعو الأخبار، لكن قرنًا من العنف الهيكلي نادرًا ما يمكن سرده، ناهيك عن استيعابه في ظل مثل هذه القيود، حتى مع تطور الأحداث على الأرض بشكل كبير.
علاوة على ذلك، يوضح الرسم البياني أعلاه أن نصف عمر التغطية لأزمة حتى بهذا الحجم قد لا يتجاوز ستة أسابيع. وكما كتب المؤلف جون لو كاريه، “التاريخ لا يتوقف أبدًا لالتقاط الأنفاس”، وينتقل انتباه الناس إلى العنصر التالي، ثم الذي يليه.
لكل هذه الأسباب، يشكل الخروج عن السياق تحديًا هائلًا لفهمنا. وسيتطلب التراجع عن عملية تفكيك السياق أكثر من مجرد التحقق من الحقائق. وسنحتاج إلى مؤشرات اقتصادية قياسية ومراصد إعلامية. وسنحتاج إلى قراءة أعمال الروائيين الفلسطينيين وعلماء النفس الإسرائيليين. وسوف نحتاج إلى التعاطف والصبر، والتفكير في تحيزاتنا ونقاطنا العمياء. وسنحتاج إلى كل هذه الأدوات لنرى غياب المعلومات.
المصدر: +972