تبحث السلطات في المملكة المغربية إمكانية تغيير عملتها المحلية، الدرهم، للانضمام إلى العملة الموحدة التي سيتم طرحها في المستقبل بين الدول المشاركة في المجموعة “الإيكواس“، في حال تمّ الموافقة على طلب انضمامها إلى هذه المجموعة الاقتصادية الإفريقية.
استعداد للانضمام
في زيارته الأخيرة للمغرب، كشف رئيس المجموعة الاقتصادية في غرب افريقيا “الأيكواس”، مارسيل دوسوزا، تلقيه وعدا من قبل العاهل المغربي محمد السادس بالانخراط في مشروع العملة الموحدة التي سيتم طرحها في المستقبل بين الدول المشاركة في المجموعة “الإيكواس”. ويأتي هذا التأكيد في وقت فيه تقارير إعلامية، عن بدأ السلطات المغربية في القيام بالدراسات اللازمة، في أطار عزمها الانضمام إلى العملة الموحدة التي سيتم طرحها في المستقبل بين الدول المشاركة في المجموعة “الإيكواس”.
تسعى الدول الأعضاء لهذه المجموعة الاقتصادية إلى دمج الفرنك الأفريقي مع عملات الدول أعضاء المجموعة، تمهيداً لإنشاء الـ “إيكو”
وكشفت تقارير اعلامية عن تشكيل لجنة مشتركة بين وزارة الاقتصاد والمالية وبنك المغرب من أجل دراسة انعكاسات انخراط المغرب في العملة الموحدة لمجموعة “الإيكواس”، بعد الموافقة المبدئية لهذه الدول للانضمام المغرب الى مجموعة، الذي يقتضي المصادقة على القوانين المنظمة.
حدد دوسوزا العشر سنوات المقبلة كسقف لهذا المشروع، الذي سيسهل عملية تحرير عبور الأشخاص والرساميل والممتلكات والخدمات بين البلدان الأعضاء، وكذا تطبيق الاتفاقات حول الوقاية من الأخطار وقواعد الحكامة الجيدة والديمقراطية، وبرّر دوسوزو استحالة تحقيق العملة الموحدة قبل هذا الموعد المحدد إلى عدم التقارب الحالي بين اقتصادات الدول الأعضاء في المجموعة.
سعي مغربي للاستفادة من مميزات المجموعة
وأكد دوسوزا، أن السلطات العليا للمملكة المغربية تريد تحقيق مزيد من التكامل في المنطقة، وأشار إلى أن الانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا يهدف الى تداول الناس والاستثمارات المتبادلة وتوحيد قواعد الأموال والتعريفات الجمركية، لأجل تسهيل حرية حركة السلع والأشخاص والاستثمارات على الصعيد الاقليمي مما دفع المجموعة الى تناول مسألة العملة الواحدة في مرحلة مبكرة.
وتسعى الدول الأعضاء لهذه المجموعة الاقتصادية إلى دمج الفرنك الأفريقي مع عملات الدول أعضاء المجموعة، تمهيداً لإنشاء الـ “إيكو”؛ وهو العملة الموحدة لجميع هذه الدول، على غرار عملة اليورو الأوروبية. والفرنك الأفريقي هو عملة موحدة لـ 8 دول فرانكفونية (الدول الناطقة باللغة الفرنسية) بغرب أفريقيا، أبرزها بنين وبوركينا فاسو ومالي والنيجر والسنغال. ومن المنتظر أن تحتضن مدينة الدار البيضاء أو العاصمة “أبوجا” النيجيرية مقر البنك المركزي الذي سيتم إحداثه من أجل طبع العملة الجديدة وتنظيم عمليات التعامل في حال إقرارها كون البلدين يمتلكان أكبر اقتصادات المجموعة.
انتظار قمة التوغو
تنتظر المملكة القمة القادمة لزعماء الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، المقررة بتوغو في ديسمبرالمقبل للنظر في طلب انضمامها إلى المجموعة، بعد موافقة الزعماء في قمتهم السابقة، التي احتضنتها منروفيا عاصمة ليبيريا، مبدئيًا على انضمام المملكة المغربية إلى التجمع الاقتصادي لدول غرب إفريقيا. وتضم هذه المجموعة الاقتصادية التي تمّ تأسيسها في شهر مايو 1975، 15 دولة هي بنين وبوركينا فاسو والرأس الأخضر وساحل العاج وغامبيا وغينيا وغينيا بيساو وليبيريا ومالي والنيجر ونيجيريا والسنغال وسيراليون وتوغو، وترأس الرئيسة الليبيرية إيلين جونسون سيرليف هذا الاتحاد الاقتصادي.
تحتّم على المغرب احترام جملة من المعايير فيما يخص الميزانية للانضمام لهذه المجموعة الاقتصادية
ويبلغ مجموع سكان دول “الإيكواس” أكثر من 261 مليون نسمة (إحصائيات 2006)، وتبلغ مساحتها الإجمالية 5 ملايين كيلومتر مربع أي 17% من إجمالي مساحة قارة إفريقيا، وكانت موريتانيا الدولة العربية الوحيدة العضو فيها لكنها انسحبت منها عام 2001، وترمي المنظمة إلى تحقيق التكامل الاقتصادي وتعزيز المبادلات التجارية بين دول المنطقة وتعزيز الاندماج في مجالات الصناعة والنقل والاتصالات والطاقة والزراعة والمصادر الطبيعية، فضلًا عن القطاع المالي.
زعماء أشغال المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا
من المنتظر أن يعقد خلال الاشهر القادمة اجتماع بين المغرب ومسؤولي المجموعة الاقتصادية لتدارس الجوانب التقنية والقانونية من اجل المصادقة على القوانين المنظمة للعلاقات بين الدول الاعضاء، وسيمكن الانضمام الى هذا التكتل الاقتصادي والمالي المغرب من تعزيز مكانته بالقارة الافريقية. ويتحتّم على المغرب احترام جملة من المعايير فيما يخص الميزانية وعلى الخصوص العجز في الميزانية الذي لا يجب أن يتجاوز 5 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، وألاّ تتجاوز نسبة التضخم 5 بالمائة والمديونية الخارجية نسبة 70 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، وأن تبلغ نسبة الضغط الضريبي 20 بالمائة بحلول 2020.
تعويم العملة
في غضون ذلك، ما زالت السلطات المغربية متردّدة في الإعلان عن البدء الفعلي في المرحلة الأولى من تحرير عملتها المحلية (الدرهم)، نتيجة خشيتها من احتمال حدوث مضاربات على العملة المحلية، ووجود أطراف ترغب في تحصيل أرباح سريعة من تقلبات سعر الصرف على غرار ما حدث في دول مرت بالتجربة ذاتها في الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، وسبق لمحافظ البنك المركزي المغربي عبد اللطيف الجواهري أن حذّر من أي تلاعب بسعر الصرف المتحول أو استغلاله لإخراج العملات أو التأثير في الاحتياطي النقدي أو التضخم أو تمويل التجارة الخارجية.
تعويم العملة حسب خبراء الاقتصاد، هو جعل سعر صرفها مرن بحيث لا تتدخل الحكومة أو البنك المركزي في تحديده بشكل مباشر
سبق أن أعلن البنك المركزي المغربي، في أواخر العام الماضي أن المراحل الأولى للانتقال التدريجي من قيود العملة إلى سعر صرف مرن سيتم تنفيذها خلال النصف الثاني من عام 2017 جنبًا إلى جنب مع إصلاحات أخرى منها استهداف التضخم، ويبلغ سعر صرف الدرهم المغربي 0.1077 دولار أمريكي، و0.0893.
وتعويم العملة حسب خبراء الاقتصاد، هو جعل سعر صرفها مرن بحيث لا تتدخل الحكومة أو البنك المركزي في تحديده بشكل مباشر، بل تصبح العملة منضبطة لمنطق العرض والطلب وهي الآلية التي تسمح بتحديد سعرها مقابل العملات الدولية كالدولار أو اليورو، وبإمكان العملة المحلية في ظل اعتماد نظام الصرف المرن أن تتقلب باستمرار مع كل تغير يشهده العرض والطلب على العملات الأجنبية، حتى إنها يمكن أن تتغير عدة مرات في اليوم الواحد.