تتجه الحكومة الإسرائيلية لتنفيذ أخطر المخططات التي تستهدف الوجود الفلسطيني في مدن الضفة الغربية المحتلة، وتعزز من وجود المستوطنين المتطرفين، عبر تشكيل مجلس لإدارة شؤونهم، الذي يعد الأول من نوعه والأخطر منذ العام 1967.
حكومة الاحتلال العنصرية تهدف من هذه الإدارة تكريس سياسة نهب الأرض الفلسطينية، وإعطاء قطعان المستوطنين الصهاينة غطاءً أوسع لارتكاب المزيد من الجرائم والعربدة ضد الفلسطينيين، في انتهاك جديد للقوانين الدولية والإنسانية.
وقرر وزير الحرب في الحكومة أفيغدور ليبرمان، منح المستوطنين الذين يحتلون قلب مدينة الخليل بالضفة الغربية، والمُقدر عددهم بنحو 800 مستوطن، السلطة بإدارة شؤونهم اليومية، عبر مجلس يمثل إدارة محلية بصفة قانونية.
تشريع للإرهاب الإسرائيلي
قال ليبرمان: “هذا القرار يقوي المجتمع اليهودي في الخليل، فهو غاية في الأهمية من أجل مواصلة وتطوير الاستيطان في الضفة”، وبحسب بيان للجيش الإسرائيلي، فإن القرار الجديد سيسمح للمستوطنين بالحصول على الخدمات التي تشمل المياه والخدمات البلدية مباشرة من إدارة الاحتلال المدنية التابعة لوزارة جيش الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
حركة “حماس” وصفت قرار الاحتلال بمنح “الجيب الاستيطاني” بمدينة الخليل في الضفة الفلسطينية المحتلة سلطة لإدارة شؤونه البلدية بشكل مستقل بـ”السابقة الخطيرة”، محملةً الاحتلال النتائج المترتبة على ذلك”
فصائل سياسية ومراقبون فلسطينيون رأوا في تلك الخطوة أمرًا خطيرًا، تعزز سلطة من لا يملك من المستوطنين، على صاحب الحق والسيادة على الأرض من الفلسطينيين، مشددين أن الخطوة تمثّل جوهر سياسة الاحتلال القائمة على تسريع وشرعنة الاستيطان وقضم المزيد من الأراضي.
وأكدوا أن القرار يعد دليلاً على فشل مشروع “التسوية” الذي يراهن عليه المتوهمون بالحل السلمي مع الاحتلال، الذي شكل فرصة له لتوسيع رقعة بنائه الاستيطاني، وحوّل السلطة حارس أمن للاحتلال ومستوطنيه.
حركة “حماس” وصفت قرار الاحتلال بمنح “الجيب الاستيطاني” بمدينة الخليل في الضفة الفلسطينية المحتلة سلطة لإدارة شؤونه البلدية بشكل مستقل بـ”السابقة الخطيرة”، محملةً الاحتلال النتائج المترتبة على ذلك.
وقال المتحدث باسم الحركة عبد اللطيف القانوع: “هذا القرار الذي يعد تجاوزًا للخطوط الحمر يعكس تطرف حكومة الاحتلال وسلوكها الهمجي في التعامل مع الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته”، ويؤكد القانوع، أن ذلك يعد دليلاً جديدًا وقاطعًا على فشل كل مشاريع “التسوية” مع الاحتلال ونسف لاتفاقياته الهزيلة، مشددًا أن القرار “شكّل طعنة في وجه كل الذين يعولون على إحياء المفاوضات العبثية مع الاحتلال من جديد”، في إشارة منه إلى قيادة السلطة الفلسطينية.
ودعا المتحدّث باسم “حماس” المجتمع الدولي والمؤسسات الأممية إلى تحمل مسؤوليتها والضغط على الاحتلال لوقف جرائمه وانتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني.
السلطة الفلسطينية رفضت كذلك قرار سلطات الاحتلال منح الجيب الاستيطاني في مدينة الخليل، سلطة إدارة شؤونه البلدية بشكل مستقل، قائلة: “لا يمكن السكوت عن منح مستوطنين السيادة في أرض فلسطينية”.
وطالب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة، بالتحرك العاجل والفوري لاتخاذ إجراءات عملية وملموسة لإلزام “إسرائيل”، السلطة القائمة بالاحتلال، بالتراجع الفوري عن القرار العسكري العنصري الذي اتخذته، بشأن تشكيل مجلس إدارة شؤون المستوطنين في مدينة الخليل.
وطالب عريقات بوقف الاستيطان غير الشرعي، ومحاسبة الاحتلال ومستوطنيه ومحاسبتهم على جرائمهم وانتهاكاتهم المتواصلة والممنهجة ضد أبناء شعبنا والقانون الدولي.
وعد عريقات القرار الإسرائيلي بمثابة التنفيذ الفعلي لمشروع “إسرائيل” الكبرى وضم المناطق الفلسطينية إلى “إسرائيل”، من خلال الترسيم الفعلي للمستوطنات غير القانونية وشرعنتها، والاعتراف بها ومنحها السيادة على أرض دولة فلسطين المحتلة في مخالفة صارخة للقوانين والأعراف الدولية وقرارات الأمم المتحدة وآخرها قرار مجلس الأمن 2334.
هناك بلورة حاليًا لمعرفة طبيعة القرار، والذي قطعت حكومة بنيامين نتنياهو به شوطًا كبيرًا من أجل تطبيقه، من خلال سلسلة الإجراءات العسكرية المتخذة في المدينة منذ 25 عامًا.
وأدان عريقات تساهل المجتمع الدولي ومنح نتنياهو وحكومته المتطرفة المزيد من الوقت والحصانة ليمضوا بخطة ترسيخ دولة واحدة بنظام “الأبارتهايد”، الذي انهارت آخر نماذجه في جنوب إفريقيا، قبل ما يقارب الربع قرن، وقال: “حان الوقت لمواجهة محاولات إحيائه من قبل “إسرائيل” في الأرض الفلسطينية، وذلك من خلال العمل الجدي على إنهاء الاحتلال، وتجسيد سيادة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس”.
الأخطر منذ العام67
محافظ الخليل كامل حميد، قال: “قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي منح المستوطنين وسط المدينة سلطة إدارة شؤونهم، هو الأخطر منذ عام 1967″، مضيفًا أنه يعدّ تمهيدًا لاقتطاع وفرض السيادة الإسرائيلية وعرقلة أي تسوية سياسية في المنطقة، وهو ما يتنافى مع كل الاتفاقيات وإقامة دولة فلسطينية.
وأوضح حميد أن القرار سيؤدي إلى حالة إرباك وفوضى وسيهدد النظام والاستقرار في محافظات الوطن كافة، محذرًا من تداعياته المستقبلية، مطالبًا بضرورة عاجلة للتحرك السياسي والدبلوماسي والقانوني.
وبحسب المحافظ، فإن القرار سيدفع ثمنه 40 ألف فلسطيني يعيشون في تلك المنطقة، بالإضافة إلى سكان المدينة البالغ عددهم 250 ألف مواطن، مطالبًا المجتمع الدولي بالعمل على وقف هذا القرار، مشيرًا إلى أن سلطات الاحتلال مهدت لهذا القرار منذ سنوات طويلة بالعمل على عزل السكان بشتى الطرق، لينعم المستوطنون بالخدمات كافة بقوة السلاح.
وأوضح أن هناك بلورة حاليًا لمعرفة طبيعة القرار، والذي قطعت حكومة بنيامين نتنياهو به شوطًا كبيرًا من أجل تطبيقه، من خلال سلسلة الإجراءات العسكرية المتخذة في المدينة منذ 25 عامًا.
ويبلغ عدد المستوطنين في مدينة الخليل، نحو 800 مستوطن يعيشون تحت حماية جيش الاحتلال، في عدد من المجمعات المحصنة في قلب المدينة التي يبلغ عدد سكانها زهاء 200 ألف فلسطيني، في حين اعتبرت الأمم المتحدة بتموز/يوليو الماضي مدينة الخليل القديمة إرثًا عالميًا مهددًا، وهو القرار الذي أغضب “إسرائيل”، ولقي ارتياحًا لدى الفلسطينيين.
صفعة للسلطة الفلسطينية
من جانبه، الكاتب والمحلل السياسي من الخليل المحتلة خالد العمايرة، رأى بقرار حكومة الاحتلال التي وصفها بـ”حكومة المستوطنين المتطرفين”، إرضاءً للمستوطنين، على حساب الفلسطينيين وحقوقهم.
واعتبر العمايرة أن هذا القرار ليس تحولاً خطيرًا في سياسة حكومة الاحتلال تجاه المستوطنين، كما وصفه البعض، وقال: “هذا القرار ليس تحولاً خطيرًا لأن المستوطنين من يملون على حكومة الاحتلال سياساتها”.
وأضاف: “لن يتغير شيء عقب هذا القرار، فالمستوطنون يديرون شؤونهم بالخليل منذ عام 1968، وعليه لن يكون هناك اختلاف على الإطلاق، وبالنسبة للجرائم التي يقترفها المستوطنون فهي ترتكب كل يوم، والمسؤول عنها أولاً وأخيرًا حكومة الاحتلال”.
وأشار إلى أن القرار يعد صفعة جديدة للسلطة الفلسطينية التي تراهن حتى الآن على مشروع التسوية والعودة إلى المفاوضات مع الاحتلال.
قبل عقدين من الزمن ارتكب المستوطنون المتطرفون جريمة ومجزرة بشعة في الحرم الإبراهيمي، التي نفذها الأمريكي الإسرائيلي باروخ غولدشتاين، وقتل فيها 29 مسلمًا في 1994
وتابع: “السلطة تواجه مأزق، فوجودها وكيانها مرتبط بتحقيق مشروع دولتين لشعبين، وهذا المشروع الذي تراهن عليه قد فشل وانتهى منذ زمن بعيد”.
ولفت الكاتب والمحلل السياسي إلى أن “تغوّل حكومة الاحتلال ومستوطنيه بالضفة والداخل المحتل، يتطلب من السلطة الفلسطينية العمل على تعزيز الصمود الديموغرافي للشعب الفلسطيني وعلى المستويات كافّة، بدلاً من فرضها للضرائب وقطعها للرواتب”، على حد قوله.
وتعتبر محافظة الخليل من أكبر المحافظات الفلسطينية، وتحتل موقعًا جغرافيًا استراتيجيًا، ولهذا بدأ التوسع الاستيطاني في الخليل منذ أكثر من مائة عام، واستخدمت “إسرائيل” كل الوسائل الدموية والعنصرية من أجل الاستيلاء على الخليل وتشريد أهلها.
وقبل عقدين من الزمن ارتكب المستوطنون المتطرفون جريمة ومجزرة بشعة في الحرم الإبراهيمي، التي نفذها الأمريكي الإسرائيلي باروخ غولدشتاين، وقتل فيها 29 مسلمًا في 1994، وتستمر عقلية الحقد الصهيونية في اختلاق الذرائع المختلفة من أجل استمرار وتوسع عمليات الاستيطان والتهويد والإرهاب بحق شعبنا الفلسطيني، والاستيلاء على الممتلكات والمنازل الفلسطينية، من أجل تهجير السكان وإحلال المستوطنين مكانهم، لتفريغ الأرض من ساكنيها الأصليين وتزييف التاريخ.