لأول مرة منذ توليه منصب رئاسة المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في أيار/مايو الماضي، توجه إسماعيل هنية ووفد من الحركة رفيع المستوى مرافق له، إلى العاصمة المصرية القاهرة، للتباحث في ملفات “سياسة وأمنية واقتصادية” مهمة تتعلق بقطاع غزة المحاصر.
زيارة هنية للقاهرة لم تكن مفاجئة، كون الزيارة معدًا لها منذ أشهر ولكن تعذر على هنية مغادرة القطاع عبر معبر رفح البري، بسبب الأوضاع الأمنية المتوترة في سيناء، وعدم نضوج الاتصالات بين “حماس” والجانب المصري، بخصوص الزيارة والملفات المطروحة على طاولة النقاش.
وضم الوفد المرافق لهنية، شخصيات “سياسية وعسكرية” من الحركة، أبرزها يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة، وأعضاء المكتب السياسي روحي مشتهى وخليل الحية، على أن ينضم للوفد كل من موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي، والقيادي صالح العاروري قادمان من لبنان.
ملفات مهمة
قيادي بارز في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في قطاع غزة، كشف عن تفاصيل الزيارة الأولى لهنية للعاصمة المصرية القاهرة، بعد انتخابه رئيسًا للمكتب السياسي للحركة خلفًا لخالد مشعل.
حيث قال القيادي الحمساوي الذي رفض الكشف عن اسمه إن “زيارة وفد حركة حماس برئاسة هنية للقاهرة كان معدًا لها منذ أشهر، ولكن توتر الأوضاع الأمنية في شبه جزيرة سيناء وعدم نضوج الاتصالات مع الجانب المصري بخصوص الزيارة وأهدافها كان العقبة في تنفيذها”.
وأكد أن زيارة هنية للقاهرة ستستمر لأيام قليلة قد لا تتجاوز الـ4 أيام، وسيلتقي خلالها بالمسؤولين المصريين ذوي الاختصاص، وأبرزهم رئيس جهاز المخابرات المصرية العامة اللواء خالد فوزي، للتباحث في ملفات أمنية وسياسية مهمة.
وذكر القيادي في حركة “حماس” أن أبرز الملفات التي ستكون موضوعه على طاولة النقاش بين هنية واللواء فوزي، صفقة تبادل الأسرى مع الجانب الإسرائيلي وإمكانية تحريكها من جديد بجهد مصري والبحث عن وسيط آخر يكون له تأثير وضغط أكبر على الاحتلال لتنفيذ مطالب المقاومة، مقابل الإفراج عن الجنود الإسرائيليين المحتجزين لديها منذ الحرب الأخيرة صيف 2014.
هنية قد يلتقي بالنائب في المجلس التشريعي والمفصول من حركة “فتح” محمد دحلان في العاصمة المصرية القاهرة
ولفت إلى أن ملفات أخرى تتعلق بحصار قطاع غزة ومعبر رفح البري وأزمة الكهرباء والمنطقة التجارية الحرة بين غزة والقاهرة، والمختطفين الفلسطينيين الأربع في السجون المصرية، والمصالحة الداخلية العالقة، ستكون حاضرة بقوة خلال لقاء قيادات “حماس” بالمسؤولين المصريين، في محاولة للبحث عن مخارج من الأزمات القائمة في القطاع والتي أثقلت من كاهل سكانه.
وكشف القيادي في حركة “حماس” أن هنية قد يلتقي بالنائب في المجلس التشريعي والمفصول من حركة “فتح” محمد دحلان في العاصمة المصرية القاهرة، وسيتباحث معه في التفاهمات الأخيرة التي توصل لها الطرفان خلال اجتماعات القاهرة الأخيرة وتتعلق بتحسين الأوضاع المعيشية في قطاع غزة وتنفيذ أكثر من 16 مشروعًا حيويًا في غزة.
كما توقع أن تُحدث زيارة هنية للقاهرة تقدمًا في ملف صفة تبادل الأسرى، مؤكداً أن حماس تريد أن تستعيد مصر دورها في رعاية هذا الملف، أو البحث معًا عن طرف وبديل عربي أو دولي آخر يكون أكثر تأثيرًا ويملك أوراق ضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي التي تعطل تنفيذ الصفقة برفضها الإفراج عن الأسرى المحررين الذين تم اعتقالهم بعد إتمام “صفقة شاليط” الأولى.
واعتبر زيارة وفد “حماس” برئاسة هنية للقاهرة، خطوة في غاية الأهمية، وسيترتب عليها نتائج إيجابية تتعلق بقطاع غزة، وخاصة في ملفي معبر رفح وأزمة الكهرباء، متوقعًا أن يشهد الملفان انفراجه تدريجية قبل مغادرة هنية للقاهرة.
الناطق باسم حركة “حماس”، فوزي برهوم، قال في تصرحيات خاصة إن ” الوفد سيناقش مع القيادة المصرية ثلاث قضايا مهمة، أول تلك القضايا تعزيز العلاقات الثنائية مع مصر، والبناء على ما تم ترتيبه خلال الزيارات السابقة التي أجرتها وفود الحركة مع مصر، ثاني تلك القضايا التي سيناقشها وفد حماس – بحسب برهوم – “التركيز على آليات تخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة استنادًا إلى التفاهمات السابقة التي جرى مناقشتها مع وفد حماس خلال الزيارات الأخيرة”.
تعتبر هذه هي الزيارة الأولى لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية منذ توليه المنصب خلفًا لخالد مشعل فيما قالت مصادر فلسطينية إن هنية قد يزور الدوحة وأنقرة وطهران
وتابع برهوم: “ثالث القضايا التي سيتم بحثها مع المسؤولين المصريين والتركيز عليها سبل تعزيز المصالحة الفلسطينية وتحقيق الوحدة الوطنية”، مشددًا على ضرورة أن تلعب مصر دورًا مهمًا وواضحًا في هذا الملف كونها الراعي للملفات الفلسطينية الكبيرة على مدار السنوات الماضية.
وبشأن توجه هنية في جولة خارجية عقب زيارة مصر، أكد برهوم أن ترتيبات زيارة رئيس المكتب السياسي للحركة مقتصرة حاليًا على القاهرة وتتضمن لقاءات مع القيادة المصرية، وفي حال كان هناك نية للتوجه إلى دولة أخرى سيتم إعلان ذلك في حينه.
وتعتبر هذه هي الزيارة الأولى لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية منذ توليه المنصب خلفًا لخالد مشعل فيما قالت مصادر فلسطينية إن هنية قد يزور الدوحة وأنقرة وطهران.
واختار مجلس الشورى العام الجديد لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية رئيسًا للمكتب السياسي للحركة خلفًا لخالد مشعل، وذلك في الانتخابات التي جرت في السابع من مايو الماضي بالعاصمة القطرية الدوحة وغزة تزامنًا، بواسطة نظام الربط التليفزيوني (الفيديو كونفرنس).
توقيت حساس
إلى ذلك، رأى محللان سياسيان، أن زيارة هنية للقاهرة للقاء المسؤولين المصريين تأتي في وقت حساس ومهم، معربان عن أملهما أن تترجم التفاهمات والوعود المصرية السابقة بالتطبيق على أرض الواقع.
الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، اعتقد أن زيارة قيادة حركة “حماس” تأتي ضمن اللقاءات التي جرت سابقًا سواء من قبل إسماعيل هنية نفسه أو من قبل القائد يحيى السنوار بعده مع القيادات المصرية، إضافة إلى أنها تعتبر استكمالاً لما جرى بين الجانبين بشأن علاقة حماس مع الحكومة المصرية، وللحديث عن التفاهمات التي جرت بين القيادة المصرية والسنوار، والتأكيد على العلاقات التي تخدم الجانبين، مؤكداً أن هذه الزيارة سيتم خلالها فتح العديد من الموضوعات المهمة التي تخدم الجانبين.
عضو المكتب السياسي موسى أبو مرزوق كان من أوائل القيادات في حماس ممن جلسوا مع الجانب المصري وهو ربما عضو القيادة الأكثر اتصالاً بالقيادة المصرية
وعن حضور رئيس المكتب السياسي هنية من قطاع غزة وأعضاء من الخارج في اللقاءات مع المسؤولين المصريين، أوضح الصواف أن “هذا يدلل على موقف حماس الموحد، وأن الجميع لا بد أن يكون حاضرًا في مثل هذه اللقاءات المهمة، مشيرًا إلى أن عضو المكتب السياسي موسى أبو مرزوق كان من أوائل القيادات في حماس ممن جلسوا مع الجانب المصري وهو ربما عضو القيادة الأكثر اتصالاً بالقيادة المصرية، وصاحب ملف التحضير لكل هذه اللقاءات”.
وأعرب الصواف عن أمله أن يستجيب الجانب المصري وينفذ التفاهمات والوعود التي وعد بها سابقًا، وهي محاولة من قبل حركة “حماس” أيضًا للتأكيد على الجانب المصري بضرورة تخفيف الحصار عن قطاع غزة وفتح معبر رفح، وإقامة منطقة تجارية على الحدود، والتأكيد على السلامة الأمنية والأمن القومي المصري والفلسطيني، متمنيًا أن تكون الزيارة تعزيزًا لما جرى التفاهم عليه في الفترة الماضية.
في ذات السياق، أكد الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني ناجي شراب، أن زيارة وفد رفيع من حركة “حماس” للعاصمة المصرية القاهرة، قد يسرع في تنفيذ التفاهمات بين الطرفين، والتي من شأنها التخفيف من أزمات قطاع غزة.
وقال شراب إن “حركة حماس بعد إطلاق وثيقتها السياسية تراجعت خطوة للوراء، وتسعى في الوقت الراهن لبناء جسور الثقة مع القيادتين المصرية والعربية، بما يساعدها في تخفيف الأزمات عن قطاع غزة وتخفيف وتيرة أزماتها الداخلية بسبب الحصار”.
وأوضح شراب أن زيارة الوفد تمثل تحولاً في العلاقة المصرية مع حركة حماس، وربما تسهم في تسريع تنفيذ التفاهمات المتفق عليها في السابق، إلى جانب تعزيز الدور المصري في ملف المصالحة الفلسطينية.
وشدد شراب على أن حماس أبدت خلال الفترة الماضية تعاونًا كبيرًا مع السلطات المصرية خاصة من الناحية الأمنية، الأمر الذي سيدفع مصر وعدد من الدول العربية لفتح خطوط التعاون معها.
الشارع الغزي ينظر إلى زيارة هنية لمصر باهتمام شديد لعل هذه الزيارة تساهم في تخفيف الحصار عن القطاع المحاصر بما يفتح المجال لترك العجلة الاقتصادية
ولفت إلى أنه من الضروري أن تواصل حماس تحسين علاقتها بالعمق العربي بما يخدم القضية الفلسطينية، وأن تستغل العلاقة الجيدة مع مصر في إتمام المصالحة الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام.
وبين الكاتب الصحفي أن ثقل الشخصيات الحمساوية التي تزور القاهرة، تؤكد أهمية الزيارة وحساسية الملفات التي سيجري بحثها مع القيادة المصرية، مشيرًا إلى أن نتائج تلك الزيارة ستظهر انعكاساتها على الأزمات التي يعاني منها قطاع غزة. قائلا: “ربما تكون حركة حماس جزءًا من مكافحة الإرهاب في المنطقة، خاصة مع إجراءاتها التي نفذت مؤخرًا على الحدود”، مؤكدًا أهمية الدور المصري في القضية الفلسطينية والتخفيف من أزمات غزة.
يشار إلى أن الشارع الغزي ينظر إلى زيارة هنية لمصر باهتمام شديد لعل هذه الزيارة تساهم في تخفيف الحصار عن القطاع المحاصر بما يفتح المجال لترك العجلة الاقتصادية. وسبق أن زار رئيس المكتب السياسي لحماس بغزة يحيى السنوار، على رأس وفد من قيادة الحركة، القاهرة في يونيو/حزيران الماضي، وبحث العلاقات الثنائية.
تلا ذلك عدة زيارات، أحدثت انفراجة في العلاقة مع مصر، بدأ بموجبها إدخال الوقود المصري لتشغيل محطة كهرباء غزة، في ظل وعود بإدخال تسهيلات إضافية على صعيد معبر رفح، والتبادل التجاري.