تم التحفظ على العشرات من الشركات والأموال خلال السنوات الثلاث الماضية، من قبل لجنة حصر وإدارة أموال جماعة الإخوان، وتحيل اللجنة تحفظاتها إلى البنك المركزي والهيئة العامة للاستثمار لتنفيذ هذه القرارات. وحسبما كشفته صحف مصرية عن مصادر قانونية قبل يومين فإن اللجنة تحفظت على 150 شركة ومحلًا تجاريًا تعمل في مجالات مختلفة تتبع لجماعة الإخوان المسلمين، تبلغ رؤوس أموالها حوالي 2.5 مليار جنيه.
الحكومة المصرية من جانب تشجع على الاستثمار ومن جانب آخر، تدرس مد الفترة المسموح بها لإدراج الأعمال والاستثمارات المتحفظ عليها من 5 إلى 7 سنوات
وقد زعمت اللجنة أن تحريات الأجهزة الأمنية كشفت عن قيام أصحاب هذه الشركات بتمويل العمليات الإرهابية التى تقوم بها جماعة الإخوان ممثلة فى حركتى حسم وحركة لواء الثورة مشيرة إلى أن جماعة الإخوان حاولت إخفاء تبعية الكيانات الاقتصادية المملوكة لقيادات الإخوان من شركات ومراكز طبية، عن طريق نقل ملكيتها لرجال الأعمال من عناصر الجماعة غير المرصودين أمنيًا.
التحفظ على أموال وممتلكات الإخوان المسلمين
ضمت قائمة الشركات التي تم التحفظ عليها بالإضافة إلى أصحاب تلك الشركات والمساهمين فيها قرابة التسعين، من بينها شركة “أفانو فارما للأدوية والمستحضرات الطبية” المملوكة لحسام تاج الدين السيد، و”شركة البناء للتنمية العمرانية” لصاحبها إبراهيم عبد الحميد زينة، و”محلات أبو الدهب للملابس” لصاحبها أحمد بلال أبو الدهب، و”دار الإبداع للطباعة والنشر” لصاحبها أحمد خالد شكرى وشركات أخرى غيرها تعمل في مختلف التخصصات.
وما يدل على استمرار الحكومة في هذه التصرفات التي لا تخدم بيئة الاستثمار، وتتنافس مع القوانين التي تصدرها لتشيجع بيئة العمل وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، أنها تسعى لإدخال تعديلات على قانون الكيانات الإرهابية الصادر عام 2015 لضمان استمرار وضع يدها على أموال وشركات الأفراد المتحفظ عليهم بتهمة الانتماء للإخوان المسلمين أو تمويلها، لكي لا يتم إصدار أي أحكام قضائية تقر بإلغاء التحفظ على أموال المتهمين أو إلغاء إدراجهم على قائمة الإرهاب.
يُذكر أن قرارات اللجنة، أثارت انتقادات حقوقية واسعة، لاسيما وأن نحو 274 حكمًا من محكمة القضاء الإداري تقضي ببطلان قرارات التحفظ على أموال وأملاك أفراد الجماعة، لم يتم تنفيذها.
الجدير بالذكر أن الحكومة كانت أعلنت تحفظها في شهر أغسطس/آب الماضي على أموال 16 شخص بحجة انتمائهم لجماعة الإخوان الإسلامية، منهم 6 من أولاد الدكتور القرضاوي، وأشخاص آخرين لا صلة لهم بالجماعة ولا ينتمون لها، وذلك بالتزامن مع صدور قانون الاستثمار أخيرًا في مصر بعدما أعلنت وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي سحر نصر، أن مجلس الوزراء، وافق على اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار وإحالتها إلى مجلس الدولة وهو هيئة قضائية معنية بمراجعة القوانين. إذ من شأن القانون الجديد كما ذكرت الوزيرة التركيز بشكل أكبر على تسهيل الخدمات للمستثمرين، وتوفير مناخ جاذب للاستثمار في مصر.
لا يكفي إصدار قوانين للاستثمار وتحسين بيئة الأعمال في الوقت الذي تقوم الحكومة بحجز أموال وتتحفظ على أعمال بطرق تعرض الاستثمار ورأس المال للخطر وهو ما قد يكون مثبط لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد.
إلا أن كلام الوزيرة فيه تناقض من حيث ما تقوم به الحكومة من تحفظ على الأموال، لأنها تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، وهو إجراء له أعباء وأضرار على الاستثمارات التي تسعى الحكومة لجذبها. يُشار أن التحفظ يشمل جميع الأموال وجميع الحسابات والأرصدة البنكية بالعملة المصرية والعملة الأجنبية والودائع أيا كان مسماها وجميع أنواع الأسهم والأوراق والسندات المالية والاراضى والعقارات والأطيان الزراعية والمنقولات سواء كانت مملوكة ملكية مباشرة أو غير مباشرة.
إلى ذلك أشارت مصادر إعلامية أن قائمة الشركات المتحفظ عليها المتهمة لانتمائها لجماعة الإخوان، هي قديمة وأن جميع هذه الشركات متحفظ عليها بالفعل منذ 2014 و 2015. وحسب المصدر فإن المشكلة التي أدت إلى تأخر اللجنة في التحفظ على بعض الشركات حتى الإعلان عن ذلك هي أن هذه الشركات ليست مملوكة بالكامل للأشخاص المتحفظ على أموالهم أو المدرجين على قائمة الإرهابيين، بل تعود نسبة كبيرة من رأس مالها إلى أشخاص عاديين غير مطلوبين على ذمة أي قضايا أو مستثمرين أجانب، مما كان يصعب إجراء التحفظ عليها بالكامل، حتى تلقت لجنة الأموال تعليمات من الجهات الأمنية بإتمام التحفظ عليها، رغم ما في ذلك من مخالفة صريحة للقانون وأحكام القضاء، وهذا الأمر لوحده مدعاة للقلق لدى المستثمرين الأجانب.
أثر أفعال الحكومة على الاقتصاد المصري
يشير خبراء اقتصاد إن مثل هذه الخطوات ستبعث برسائل غير مطمئنة للمستثمرين، في وقت تحتاج فيه البلاد لتعزيز النشاط الاستثماري من أجل حل أزمة نقص العملة الأجنبي في الأسواق المحلية، ويشير الباحث الاقتصادي أشرف إبراهيم، أن هذه الأفعال تعد مفزعة لبيئة الاستثمار في مصر وتخلق حالة من عدم الاستقرار لأي مسثتمر سواءًا كان يعمل أو ينوي بدء العمل في الأسواق المصرية حتى لو لم يكن له علاقة بجماعة الإخوان المسلمين.
ويتابع أشرف أن هكذا تصرفات يجب أن تكون في ميزان دقيق بحيث يتم استخدام مبدأ الشفافية في إظهار التحقيقات وثبوت صلة الشركات بتمويل “الإرهاب”، حسب الحجة التي تتذرع بها الحكومة المصرية بالأموال التي تقوم بالتحفظ عليها.
التعامل مع بيئة الاستثمار في البلد يجب أن تحمل حساسية عالية بسبب تأثر المستثمرين بأي أمر قد يؤذي أعمالهم، وإغلاق الأعمال والاستثمارات سيؤدي بالمحصلة إلى عدم دفع عملية النمو الاقتصادية في البلاد للأمام، وضياع فرصة خلق مصدر دخل جديد وفرص عمل جديدة وضرائب ورسوم جديدة وعملة صعبة في حال تم تصدير تلك السلع للخارج.
إحدى الشركات المتحفظ عليها بتهمة انتماء أو تمويل الإخوان المسلمين
ويتسائل أشرف عن مصير الـ150 شركة ومؤسسة التي تم التحفظ عليها فيما لو سيتم إغلاقها، وبالتالي تحويل حياة آلاف العمال في تلك الأعمال إلى البطالة، أم سيتم بيعها لأشخاص معينين محسوبين على الحكومة ورجالاتها، أو ستقوم بتشكيل مجالس إدارة مستقلة مشهود لأفرادها بالنزاهة وحسن التدبير لإدارة المؤسسات لحين انتهاء التحقيقات ونشرها أمام الجميع.
لجنة حصر أموال الإخوان تحفظت على 150 شركة ومحلًا تجاريًا تعمل في مجالات مختلفة تتبع لجماعة الإخوان المسلمين، تبلغ رؤوس أموالها حوالي 2.5 مليار جنيه.
على العموم فإن أفعال الحكومة المصرية تناقض أقوالها بجذب الاستثمارات وتشجيع بيئة الاستثمارات المحلية، للتخلص من الأزمات والمشاكل التي تعاني منها، فلا يكفي إصدار قوانين للاستثمار وتحسين بيئة الأعمال في الوقت الذي تقوم الحكومة بحجز أموال وتتحفظ على أعمال بطرق تعرض الاستثمار ورأس المال للخطر وهو ما قد يكون مثبط لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد بكل تأكيد
لا يبدو أن الحكومة المصرية تنوي معالجة العوامل التي قد تؤدي إلى زعزعة مناخ الاستثمار في مصر على الرغم من القرارت والقوانين التي أصدرتها مؤخرًا في هذا الجانب، فهي من جانب تشجع على الاستثمار ومن جانب آخر، تدرس مد الفترة المسموح بها لإدراج المتهمين والكيانات على قائمة الإرهاب من 5 إلى 7 سنوات، وكذلك دراسة أن ينص قانون الكيانات الإرهابية على تولي لجنة أموال الإخوان الحالية إدارة الأموال المتحفظ عليها لحين انتهاء التحقيقات في القضايا المرتبطة بكل متهم، ما يعني فتح مجال زمني غير محدود للتحفظ تتحكم فيه النيابة العامة وحدها.