ضرب إعصار إرما المدمر ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي وصفه متابعون بأنه أحد أشد الأعاصير التي تواجه الولايات المتحدة في تاريخها، إذ دخل الإعصار الولاية صباح أمس الأحد 10 أيلول/سبتمبر من الفئة الرابعة، وهو ثاني أعلى مستوى. وبعد الإعصار وقع الرئيس الأمريكي ترامب على مرسوم يعلن ولاية فلوريدا منطقة كوارث كبرى، وأمر بتقديم مساعدة فيدرالية للمنطقة المنكوبة بفعل الإعصار الذي اجتاح الولاية.
يُشار أن إرما قبل وصوله إلى كاليفورنيا، تسبب في دمار وضرر 12 جزيرة في الكاريبي، وبلغ حجم الأضرار والكوارث فيها 10 مليارات دولار، ومن بين تلك الجزر، جزيرة أنتيغوا وباربودا، حيث وصلت نسبة الدمار فيها إلى 90% من المنشآت، وذلك بعد أن بلغت سرعة الرياح في إعصار إرما 300 كم/الساعة، فوق أراضي الجزيرة التي يسكنها نحو 1700 نسمة.
أضرار كبرى
أمرت سلطات ولاية فلوريدا 6.3 ملايين شخص بمغادرة منازلهم قبل أن يضرب الإعصار الولاية، وهو ما يعادل ثلث سكان الولاية، وبعد دخوله الولاية أدت الرياح العاتية للإعصار والتي وصلت سرعتها إلى 170 كيلو متر في الساعة، إلى إسقاط رافعات البناء وتحويل الشوارع إلى أنهار وحرمان ملايين السكان من الكهرباء. وقد ذكرت شركات الكهرباء المحلية أن الإعصار تسبب في انقطاع الكهرباء عن نحو 4 ملايين منزل وشركة فلوريدا ولا يزال يهدد ملايين آخرين مع تحوله إلى صوب الساحل الغربي للولاية. ومن المستعبد أن تعود الكهرباء في الولاية.
يُذكر أنه سبق هذا الإعصار، إعصار هارفي الذي ضرب ولاية تكساس، حيث بلغت الخسائر الشاملة الناجمة عنه، بين 150 – 180 مليار دولار وهو ما يزيد عشرين مرة عن حجم الأموال المبدأية التي طلبها الرئيس الأمريكي ترامب من الكونغرس وقدرها 7.85 مليار دولار كتمويل مبدأي لإزالة آثار إعصار هارفي الذي سبب سيولا عارمة في ولاية تكساس.
وبحسب حاكم الولاية، غريغ أبوت، فإن المنطقة الجغرافية والسكان الذين تأثروا بهذا الإعصار المروع والفيضان أكبر بكثير من إعصار كاترينا الذي وقع عام 2005 وضرب مدينة نيوأورليانز، وتسبب بخسائر وصلت إلى 120 مليار دولار.
هناك إمكانية الربط بين ارتفاع في سرعة الرياح الخاصة بالإعصار الواحد بمقدار 480 مترًا في الساعة بكل ارتفاع لدرجة الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة.
وقدرت مصادر أمريكية أن الخسائر الناجمة عن إعصار إرما تتراوح بين 15 إلى 50 مليار دولار. ولكن بالنسبة لخسائر شركات التأمين، فإن خبراء قدروها بمبالغ تتراوح بين مليارين إلى 4 مليارات دولار. ومن المتوقع أن تركز الأسواق المالية، على تداعيات الفاتورة الضخمة التي ستدفعها الحكومة الفدرالية وحكومات الولايات، لتغطية الدمار وانعكاسات ذلك على معدل النمو الاقتصادي، وقرارات رفع الفائدة الأميركية ومعدلات التضخم والوظائف.
يُشار أن ولاية كاليفورنيا ليست من ولايات الإنتاج النفطي، وهو ما هدأ من روع المستثمرين في الأسواق المالية، ولكن تبقى المخاوف من دمار الإعصار للطاقة التكريرية للمصافي بالولاية.
الأعاصير والتغيير المناخي
قبل أيام من تشكل الأعاصير في المحيط الأطلسي الشهر الماضي، كان ترامب وقع أمرًا تنفيذيًا يقضي بإلغاء سياسة قدمها الرئيس السابق أوباما لمساعدة الولايات والشركات الأمريكية على أن تصبح أكثر مرونة ضد مخاطر الفيضانات التي تتزايد بسبب تغير المناخ.
والآن وبعد أعاصير هارفي وإرما في تكساس وفلوريدا، والخسائر البشرية والمالية التي تكبدتها الولايات المتحدة، يتحمل البيت الأبيض وإدارة ترامب حملًا كبيرًا للاقتناع بحقيقة تغير المناخ. بالأخص بعد تسجيل إعصار إرما أقوى إعصار حدث في المحيط الأطلسي مع تسجيله لسرعة رياح لا تقل عن 185 ميلا في الساعة.
وفيما يخص علاقة هذه الأعاصير بالتغير المناخي، لا يزال العلماء غير متأكدين من الطرق التي قد يؤثر بها تغير المناخ على الأعاصير، والسبب الرئيسي الذي تسبب فيه هارفي في حدوث مثل الفيضانات الشديدة.
وبحسب تقرير منشور في صحيفة غارديان البريطانية فإنه لا يمكن إلقاء اللوم على عدد الأعاصير التي تضرب البلاد في الموسم الواحد، ولا حتى تحميل التغير المناخي على عاصفة واحدة. ومن ثم يشير التقرير أن شدة الإعصار تعود إلى مياه البحر الأكثر دفئًا وهي تميل إلى تعزيز عواصف أقوى، كما أن متوسط درجات حرارة سطح البحر آخذة في الارتفاع، وبعض أجزاء من شمال المحيط الأطلسي وخليج المكسيك هي أكثر دفئًا من المتوسط في الوقت الراهن، وهو السبب الرئيسي في كون أعصاري هارفي وإرما بأنهما جاءا بسرعة قوية.
لا يمكن إلقاء اللوم على عدد الأعاصير التي تضرب البلاد في الموسم الواحد، ولا حتى تحميل التغير المناخي على عاصفة واحدة.
ويمكن أن يحمل الجو الأكثر دفئًا المزيد من بخار الماء، مما قد يؤدي إلى هطول أمطار غزيرة. وهذا صحيح ليس فقط بالنسبة للأعاصير وإنما أيضا للعواصف الأضعف في جميع أنحاء العالم. حتى العواصف الاستوائية المعتدلة نسبيًا يمكن أن تسبب أضرارًا كبيرة من خلال إسقاط كميات هائلة من الأمطار فوق منطقة واحدة.
وتشير تقارير إلى إمكانية الربط بين ارتفاع في سرعة الرياح الخاصة بالإعصار الواحد بمقدار 480 مترًا في الساعة بكل ارتفاع لدرجة الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة، حيث تشير العديد من الدراسات إلى ارتباط وثيق بين ارتفاع مستوى سطح البحر ودرجة قوة وكارثية الأعاصير في أماكن عدة، مما يرفع من معدلات الأعاصير المهولة التي تحدث بمعدل “مرة في القرن” لتصبح “مرة كل عشر سنوات.