قبل ميلاد تنظيم القاعدة وفي عام 1981 أرسل الجيش المصريّ الرائد في المخابرات المصريّة (علي محمّد) للتدريب مدة أربعة أشهر في القاعدة العسكريّة فورت-براغ مع القوات الخاصّة الأمريكيّة فاكتسب خبرات في عمليات مكافحة التمرد و وقيادة قوات النخبة في العمليات الخاصّة والتعامل مع الحروب غير التقليدية، خدم علي محمّد في الجيش المصريّ حتى عام 1984 وغادر الجيش كخبير في مكافحة الإرهاب الجويّ.
بعد مغادرة علي محمّد الجيش المصريّ ومصر كذلك، توجّه إلى الولايات المتحدة الأمريكيّة لينضمّ إلى وكالة المخابرات الأمريكيّة التي بدورها أوكلت إليه مهمّة التخفي ضمن إحدى خلايا حزب الله في ألمانيا، في عام 1985 تزوّج علي محمّد من الأمريكيّة “ليندا سانشيز” واستقرّ في أمريكا، وفي عام 1986 تمكّن علي محمّد الحصول على وظيفة مدرّب في مدرسة جون كينيدي الحربية للعمليات الخاصّة ممّا أهلّه للحصول على تصريح أمني عالي المستوى من وزارة الدفاع الأمريكيّة.
في شهر نيسان لعام 1987 انضمّ علي للجيش الأمريكيّ للعمل في مركز القوّات الخاصّة في فورت-براغ، حثّته قيادة الجيش على استكمال دراسته للحصول على درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلاميّة لمحاضرة جنود القوّات الخاصّة فيما يتعلق بالإسلام.
تمّ تسريح علي محمّد تسريحاً مشرفا كجندي خدم الوطن وأخلص إليه وبقي احتياطي جيش لمدة خمسة أعوام
أثناء خدمة علي محمّد في الجيش الأمريكيّ ارتحل إلى أفغانستان بغرض القتال إلى جانب الأفغانيين هناك، لم يكن واضحاً آنذاك هل ذهب كعميل للمخابرات الأمريكيّة أم بدافع شخصي! حيث أخبر مسؤوله الملازم “روبرت أندرسون” بوجهة سفره ولم يمنعه، ولدى عودة علي محمّد إلى أمريكا اعترف للملازم أندرسون بقتله لاثنين من القوات الخاصّة الروسية والاحتفاظ بأحزمتهم كتذكار.
عمل الملازم أندرسون على إعداد تقرير مطوّل حول سلوك علي محمّد وذكر شكوكه حول علاقات علي بمنظمات إرهابيّة ورفع تقريره إلى قيادة الجيش والاستخبارات للتحقيق مع علي ومحاكمته، لكنّ التقرير تمّ تجاهله ولم يصدر بحقّ علي أيّ إجراء تأديبي، وفي شهر تشرين الثاني لعام 1989 تمّ تسريح علي محمّد تسريحاً مشرفا كجندي خدم الوطن وأخلص إليه وبقي احتياطي جيش لمدة خمسة أعوام.
وثّق مكتب التحقيقات الفدرالي في عام 1989 تدريب علي محمّد لمجموعة مواطنين على استخدام السلاح كانوا قد انطلقوا من مسجد الفاروق في بروكلين، وتوجهوا إلى منطقة رماية وهناك تدربوا على المسدسات الآلية وشبه الآلية، ولأسباب مجهولة حتى الآن توقّف مكتب التحقيقات الفدرالي عن مراقبة علي محمّد ومجموعته، وبحسب بعض الصحافيين الأمريكيين فإنّهم يعتقدون بأنّ علي محمّد كان مخبراً لمكتب التحقيقات الفيدرالي وأحد مصادره في تلك المرحلة.
أول عملية لتنظيم القاعدة داخل الأراضي الأمريكية
في عام 1990 أقدم المصريّ سيّد نصير على اغتيال “مائير ديفيد كاهانا” مؤسس حركة كاخ الصهيونيّة المتطرفة في أحد فنادق نيويورك، سيّد نصير هو أحد المتدربين على يد علي محمّد واُعتبرت هذه العملية أول هجوم لتنظيم القاعدة داخل الأراضي الأمريكيّة، وجدت الشرطة الأمريكيّة في منزل سيّد كتيبات تدريب عسكري تعود لمدرسة جون كينيدي والخطط التنفيذية لعمليات التحالف المشتركة بين مصر وأمريكا ومجموعة وثائق مصنفة أنّها سريّة تعود جميعها إلى علي محمّد، لكنّ المفاجيء أنّ هذا الربط بين سيّد نصير وعلي محمّد لم يأتِ أحد على ذكره في محاكمة نصير عام 1991 ولم يتم استدعاء علي للتحقيق معه.
عقب التفجير الذي وقع في مركز التجارة العالمي عام 1993 وُجد اسم علي محمّد ضمن لائحة 118 اسماً متهماً بالتورّط بالتفجيرات
علي محمّد مُشتبه به خطير يتنقّل بحريّة تامّة
في عام 1992 اُحتجز علي محمّد في مطار روما بسبب الاشتباه بحقائبه، أخبر علي السلطات الإيطالية بأنّه أحد أعضاء قوات الأمن الخاصّة لحماية نشاطات الأولمبيات في إسبانيا، اللافت للنظر أنّ السلطات الإيطالية أبلغت السلطات الأمريكيّة بعثورها على وثائق سريّة تخصّ وزارة الدفاع الأمريكيّة بحوزة علي لكن وبطريقة ليست مفهومة أُطلق سراح علي محمّد!
تكررت الحادثة في مطار كندا في عام 1993 لدى حضور علي لكندا لاستقبال زائر مصريّ قادم من دمشق يحمل معه جوازي سفر سعوديين مزيفين ممّا دفع السلطات الكندية لاحتجاز علي، فأخبرهم بأنّه مخبر لمكتب التحقيقات الفدرالي وطلب إليهم التحدّث لشخص في مكتب التحقيقات الفدرالي وقدّم إليهم رقم هاتف ذلك الشخص، وبالفعل تمّ إطلاق سراح علي بناء على طلب من مكتب التحقيقات الفدرالي.
الالتقاء بابن لادن
عقب التفجير الذي وقع في مركز التجارة العالمي عام 1993 وُجد اسم علي محمّد ضمن لائحة 118 اسماً متهماً بالتورّط بالتفجيرات مُعدّ من قبل بعض ضباط مكتب التحقيقات الفدرالي ورغم ذلك لم يُدعى للتحقيق.
في عام 1994 التقى علي محمّد بأسامة بن لادن في السودان، وهناك تلقّى اتصالاً من ضابط في مكتب التحقيقات الفدرالي يطلب منه الشهادة في محاكمة تفجير مركز التجارة العالمي فعاد إلى أمريكا بعد مقابلته لابن لادن وقدّم شهادة متواضعة حول الموضوع.
صرّح علي محمّد في إحدى جلسات التحقيق في شهر آب لعام 2001 أنّ أسامة بن لادن مصمّم على ضرب أمريكا من الداخل
في عام 1996 قام علي محمّد بتأمين سفر أسامة بن لان وعائلته من السودان إلى أفغانستان، وساهم في دخول أيمن الظواهري بجواز سفر مزوّر إلى الولايات المتحدة الأمريكيّة!
بعد تفجيرات السفارتين الأمريكيتين في نيروبي وتنزانيا عام 1998 اختفى علي محمّد لمدة ثمانية أشهر اتضح فيما بعد أنّه كان في قبضة مكتب التحقيقات الفدرالي حيث قدّم علي محمّد شرحاً مستفيضاً عن علاقاته بتنظيم القاعدة وكانت بحوزته أوراق تشرح بالتفصيل أماكن تواجد تنظيم القاعدة في أفغانستان وتوزيع القيادات هناك والتسلسل الهرمي للأعضاء في التنظيم والنقاط التي يستهدفها التنظيم في العالم.
علي محمّد .. عبّد الطريق لـ 11/9
بعد وقوع هجمات 11-9-2001، وُضع علي محمّد على الفور في حجز أمني وتمّ عزله عن الجميع، واستطاع العميل الخاص “جاك كلونان” بعد جهود مكثّفة أخذ الأذن لمقابلته والتحقيق معه وهناك صُدم بمعرفة علي محمّد بكامل تفاصيل الهجوم وخطوات التنفيذ داخل الطائرات، وأنّه على معرفة شخصية بثلاثة من المهاجمين على الأقل، بالإضافة إلى علمه بتدريبات القاعدة على عمل انتحاري بالطيران، وتردُّد علي سابقاً على واحدة من مدارس الطيران التي درّبت الخاطفين. وكان خبيراً بالإجراءات الأمنية لنقاط التفتيش التي يُعمل بها في مطار “لوغان” في بوسطن حيث انطلق الخاطفون، الغريب أنّه وقبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر بشهر واحد فقط صرّح علي محمّد في إحدى جلسات التحقيق في شهر آب لعام 2001 أنّ أسامة بن لادن مصمّم على ضرب أمريكا من الداخل وكانت المعلومات متوافرة لدى مكتب التحقيقات الفدرالي، رفض كل من مكتب وكالة المخابرات الأمريكية ومكتب التحقيقات الفدرالي التعليق على قضية علي محمّد، أو التصريح بمكان تواجده الحالي إذْ لن تجد له اسماً في سجّلات السجون الأمريكيّة ولا في السجّلات المدنيّة الأمريكيّة وكأنّه لم يكن ولا يستطيع أحد معرفة مكان علي محمّد ويُمنع على أيّ جهة سبق أن حاولت الوصول إلى ملفات خدمة علي محمّد في الجيش الأمريكيّ.
ربما يتشابه دور علي محمّد في هجمات الحادي عشر من سبتمبر بدور “كلاي شاو” عميل وكالة المخابرات الأمريكيّة الذي عمل كضابط اتصال للتنسيق بين المخابرات الأمريكيّة واستخبارات قيادة الجيش الأمريكي، وكذلك المافيا الكوبيّة للعملية التي أدّت إلى اغتيال الرئيس الأمريكي “جون كينيدي” كما أثبت ذلك النائب العام لولاية لويزيانا “جيم غاريسون” آنذاك، لكن لم توجّه أي تُهم لكلاي شاو رغم استدعاء جيم له للمحاكمة ورفضت وكالة مخابرات الأمريكيّة الاعتراف بعلاقتها به. توفي كلاي عام 1974 في ظروف غامضة ورُفض طلب تشريح الجثّة وأُعزي سبب الوفاة لإصابته بالسرطان، في عام 1979 اعترف مدير وكالة المخابرات الأمريكيّة الأسبق “ريتشارد هيلمز” تحت القسم أنّ كلاي شاو كان ضابطاً في الوكالة وكان غالب نطاق عمله في أمريكا اللاتينية.