لو سُئلت ماذا يميز إثيوبيا خلاف الجو البديع والطبيعة الخلابة فسأقول بلا تردد شعبها الودود الذي يرحب بالضيف بصورة مبالغ فيها، فالزائر عندما يصل العاصمة أو أي من المدن يلاحظ الأريحية والابتسامة التي ترتسم على شفاه الجميع، ولربما يستغرب المرء من هذا التهذيب والاحترام الذي يجده من مختلف الناس في كل مكان من المطار والفنادق والمؤسسات الحكومية وأماكن الترفيه وغيرها. كما يلاحِظ القادم إلى إثيوبيا النظام الشديد، وحِرص المواطنين على احترام القانون لدرجة وقوفهم في شكل صفوف تلقائية عند انتظار المركبات العامة وفي مؤسسات الحكومة وفي كل مكان تقريباً مجرد أن يتصادف ثلاثة مواطنين أو أكثر يُنظمون أنفسهم حسب أسبقية الوصول فلا مجال هناك للعشوائية والمشاحنات.
أهم المدن الإثيوبية ومعالمها
أديس أبابا: عاصمة البلاد، يقع فيها أكبر مطارات إثيوبيا (بولي الدولي) يمثل المركز الرئيس لعمليات الناقل الوطني “الخطوط الإثيوبية”، وهي من أنجح شركات الطيران في إفريقيا كما تحتوي العاصمة على بنية تحتية جيدة من شبكات الطرق، بجانب مترو أديس أبابا الذي يغطي جزءً كبيراً من أرجاء المدينة. فضلاً عن وجود عدد من الأسواق و”المولات” التجارية، كما تضم “أديس أبابا”، مئات الفنادق والفلل والشقق الفندقية وبيوت الضيافة “Guest Houses”
أماكن جديرة بالزيارة في العاصمة
ــ المتحف الوطني الإثيوبي، يقع بالقرب من جامعة أديس أبابا.. واحد من أفضل المتاحف، وموطن لكثير من الآثار المهمة مثل الأعمدة والتماثيل الثمينة وبقايا الهيكل العظمي “هومينيدس” ونموذج “لوسي” الشهير، بالإضافة إلى الكثير من القطع الفنية الثمينة وبعض الأعمال الفنية الأكثر شهرة، وهناك قسم مخصص لعرض تذكارات العائلة المالكة من الأباطرة السابقين في إثيوبيا.
ــ سوق ميركاتو” Mercato” الشعبي، أكبر سوق مفتوح في إفريقيا، يتكون من مساحة كبيرة ضخمة تغطي عدة كيلومترات مربعة من المساحة بالقرب من وسط العاصمة فيه كل شيء تقريبا من الهدايا التذكارية إلى الملابس والغذاء والإلكترونيات، يتميز بالتواجد الأمني الكثيف ودوريات الشرطة.
ــ طريق بولي النابض، وهو طريق طويل يبدأ من الجزء الجنوبي الشرقي من أديس أبابا وينتهي إلى ساحة “ميسكل” في وسط المدينة، يضم مراكزاً تجارية ضخمة ودواوين حكومية، ومطاعم عالمية وملاهٍ ليلية.
جبل إنطوطو، من أهم المعالم المحببة لزوار إثيوبيا، حيث يوفر إطلالة بانورامية فريدة لمشاهدة العاصمة من القمة
ــ كاتدرائية ومتحف سانت جورج، تقع كاتدرائية القديس جورج فوق قمة تل يطل على ساحة مينليك إي، وهي واحدة من أبرز دور العبادة في أديس أبابا حيث تحتوي الكثير من التحف القديمة والمخطوطات الدينية واللوحات النادرة، ويوجد إلى جانبها متحف القديس جورج الذي يستحق المشاهدة أيضا.
ــ ساحة ميسكل، تعد ساحة مسكل مركز مدينة أديس أبابا ومكان التجمع الشعبي وموطناً للأحداث الوطنية سواء الاحتفال بالمهرجانات أو القيام بالمظاهرات السياسية، يوجد بها اثنين من المتاحف المهمة وهما متحف ريد تيرور مارتيرس التذكاري ومتحف أديس أبابا، وهناك أيضا مكتب السياحة الإثيوبية الرسمي.
ــ المتحف الإثنولوجي، يقع على بعد مسافة قصيرة من المتحف الوطني داخل حرم جامعة أديس أبابا، وهو يتصدر قائمة المعالم التي يفضلها السياح في أثيوبيا، يقدم لمحة عن تاريخ بعض القبائل الرئيسية، وأهمية القهوة في الثقافة الإثيوبية، كما توجد هناك أيضا مجموعة مثيرة للإعجاب من اللوحات الأرثوذكسية، ولكن الجزء الأكثر إثارة للاهتمام غرفة النوم السابقة ومرافق حمام الإمبراطور هايلي سيلاسي.
ــ منطقة الساحة Piassa Area تعتبر مركز المدينة سابقاً، قبل النهضة الحديثة وتشتهر بمنتجاتها الرخيصة ومراكزها التجارية القديمة.
ــ جبل إنطوطو، من أهم المعالم المحببة لزوار إثيوبيا، حيث يوفر إطلالة بانورامية فريدة لمشاهدة العاصمة من القمة، وعلى قمة الجبل ذاتها تقف كاتدرائية سانت ماري، إلى جانب القصر الذي بناه “مينليك الثاني” واستخدمه كمقر له خلال تأسيس أديس أبابا وسوق شيرو ميدا.
جبل إنطوطو
الحياة الليلية في العاصمة
هناك العديد من البرامج والأماكن الترفيهية التي يفضلها زوار إثيوبيا، وعلى رأسها المطاعم الشعبية التي تقدم عروضاً ثقافية ورقصات فلكورية إلى جانب الغناء السوداني الذي يجد رواجاً هناك بحكم التداخل الكبير بين شعبي السودان وإثيوبيا، من أهم تلك المراكز الثقافية “Habesha 2000″ و”Yod Abyssinia”. فضلاً عن المطعم اللبناني الذي تشكل فيه الموسيقى العربية حضوراً قوياً إلى جانب ما ذكرناه من العروض التراثية والغناء السوداني. وبالطبع توجد الديسكوهات ومراكز الفن الغربي التي يقصدها الأوربيون وبعض العرب.
المدن الأخرى
– مدينة بحر دار: تقع في مرتفعات إثيوبيا، على ضفة بحيرة تانا الجنوبية، عند شلالات منابع النيل الأزرق. وهي عاصمة مقاطعة أمهرا شمال غرب إثيوبيا، بها كنائس وديار الرهبان، يربطها طريق بري بمدينة القضارف السودانية.
ليست أثيوبيا كبقية دول العالم فهي الدولة الوحيدة التي لديها تقويم خاص بها يختلف عن التقويم الميلادي في عدد الشهور والأيام
– هرر، مدينة إثيوبية، تتميز بتاريخها الإسلامي العريق وأهلها الذين يعيشون في تسامح ووئام، يبلغ عدد سكان هرر قرابة 210 آلاف نسمة ، تحتوي هرر على معالم عديدة من بينها 99 مسجدا، تجسد التاريخ الإسلامي للمدينة، إلى جانب سور يعرف بـ”جقال” شُيد بين القرنين الثالث عشر والسادس عشر الميلادي.
– جوندر، وهي عاصمة الحبشة قديما، بها عدة قلاع عتيقة وقصور ملكية.
منظر عام لوسط العاصمة
– ميكيلي (مقلي)، عاصمة إقليم تيجراي، مدينة تاريخية معاصرة تحتوي على متحف ضخم ومرتفعات تنحدر منها المياه في منظر نادر. وبها آثار الصحابة الذين هاجروا إلى الحبشة.
– ديبرزيت، مدينة البحيرات السبع تبعد عن العاصمة حوالي 45 كلم جنوباً، تشتهر ببحيراتها ومنتجعاتها الطبيعية.
– هواسا (أواسا)، زهرة الجنوب الإثيوبي تبعد عن العاصمة نحو 450 كلم، وتتميز ببحيراتها ومناظرها الخلابة وطقسها الدافئ نسبياً مقارنة بباقي المدن.
وبجانب ما ذكرنا بالأعلى، هنالك العديد من المدن الرائعة الأخرى مثل نازريت وشاشمني وسودري وسبتا وأصوصا وجيما وغيرها.
التقويم الإثيوبي
ليست أثيوبيا كبقية دول العالم فهي الدولة الوحيدة التي لديها تقويم خاص بها يختلف عن التقويم الميلادي في عدد الشهور والأيام، إذ يوجد فرق سبعة إلى ثمانية أعوام عن السنة الميلادية. نذكر هنا أن الإثيوبيين احتفلوا في 11 سبتمبر/ أيلول الجاري بالعام الجديد 2010!، وعن سبب ذلك قال أستاذ التاريخ في جامعة أديس أبابا، أحمد زكريا، في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، إن السبب يعود إلى أن الكنيسة الرومانية عدّلت حساب التقويم الخاص بها في عام 500 بعد الميلاد، بإضافة من سبع إلى ثماني سنوات، ويضيف: “لذا نحن متأخرون من سبع إلى ثماني سنوات عن الحساب الروماني، من هنا جاء الفارق”.
صعوبات تواجه زوار إثيوبيا
على الرغم مما ذكرناه من ميزات إيجابية تشجع على زيارة أرض الحبشة، وطيبة الشعب الإثيوبي واحترامه للزوار، إلا إن هناك بعض السلبيات والصعوبات التي تواجه القادمين كأي بلد من بلدان العالم، فيما يلي نعرض أهم المشكلات ونقترح بعض الحلول:
ــ أولها مشكلة اللغة، الإثيوبيون يتحدثون أكثر من 70 لغة محلية، أبرزها “الأمهرية”، وهي اللغة الرسمية المعتمدة في الدواوين الحكومية والمؤسسات التعليمية. ولحل هذه المعضلة يمكن التحدث مع السكان باللغة الإنجليزية إذ إن كثير منهم يجيدها بطلاقة، أما اللغة العربية فهي غير منتشرة بقدر كبير.
الأجواء متقبلة خلال اليوم الواحد، قد تخرج من مكان إقامتك والجو لطيف معتدل، لكن في غضون دقائق معدودة ودون سابق إنذار تمتلئ السماء بالسحب وتهطل الأمطار بغزارة
ــ وجود المتسولين وبعض المتطفلين، رغم حديثنا عن نمو الاقتصاد وتحسن مستوى الدخل إلا إن الفقر لا يزال موجوداً نسبة لعدد السكان الكبير الذي يفوق 100 مليون نسمة، وتشكل ظاهرة التسول إزعاجاً للزوار والسياح على الرغم من محاربة السلطات لها. ويُفضَّل عدم التجاوب مع المتسولين لأن الأجهزة الأمنية قد تفسر التعاطف معهم على أنه دعم “لأنشطة غير معروفة”.
ــ غلاء سيارات الأجرة وعدم وجود تعرفة ثابتة “عدادات”، بسبب ارتفاع كلفة استيراد المواد البترولية يلاحظ الزائر التكلفة الباهظة لسيارات التاكسي والليموزين، لذلك يستحسن الانتقال بوسائل المواصلات العامة فهي جديرة بالتجربة، وهناك المترو الذي يغطي أجزاء من العاصمة.
انتظار المواصلات في شكل صفوف
ــ رداءة الاتصالات والإنترنت، على الرغم من النهضة والتطور الذي تشهده إثيوبيا فإن مشكلة الاتصالات لا تزال قائمة مع احتكار شركة واحدة لخدمات الاتصال والإنترنت بعد انسحاب شركة MTN، للأسف لا توجد مقترحات لمعالجة هذه المشكلة، إلا أن تقوم الحكومة بفك الاحتكار وإتاحة المجال لشركات أخرى منافِسة.
ــ الأجواء متقبلة خلال اليوم الواحد، قد تخرج من مكان إقامتك والجو لطيف معتدل، لكن في غضون دقائق معدودة ودون سابق إنذار تمتلئ السماء بالسحب وتهطل الأمطار بغزارة لساعات طويلة أحيانا مما يؤدي إلى الإصابة بالبرد والزكام. لذا نقترح أن يأخذ الزائر معه “جاكيت” تحسباً لأي ظرف.
ــ الحذر من تجاوز مدة الإقامة للفترة المسموح بها في التأشيرة، من يتأخر ولو يوماً واحداً يعرض نفسه لعقوبات صارمة أقلها الغرامة المالية، وربما تصل إلى الحبس والمنع من زيارة البلاد مستقبلا.
ــ إذا كنت في المطعم أو الكافتريا وأردت طلب مشروب (الكوكا كولا) فانطقها كاملة ولا تختصرها (كولا)، لأن الأخيرة كلمة نابية باللغة المحلية!.
ــ وننصح دائماً بعدم الخوض في أي نقاشات سياسية لأن الأجهزة الأمنية هناك متشددة وتطبق القانون بصرامة في هذه الحالات.