أعلن عدد من المهندسين الزراعيين يوم الأربعاء 13 من أيلول/سبتمبر 2017، تشكيل أول نقابة لهم في مدينة الباب بريف حلب الشرقي، في خطوة تهدف لتعزيز العمل المدني وتنظيم جهود المهندسين الزراعيين لخدمة المشاريع الزراعية وتحسين الواقع الزراعي في مناطق درع الفرات وفق خطة مدروسة.
وتأتي هذه الخطوة ضمن نشاطات تنظيمية واسعة تقوم بها الفعاليات المدنية والمجالس المحلية في مناطق درع الفرات بدعم مباشر من الحكومة التركية التي فرضت نوع من الوصاية على المنطقة وتعمل على إعادة الاستقرار لها على جميع المستويات سواء الخدمية أو التعليمية ومؤخرًا أيضًا الزراعية، حيث يعتمد سكان ريفي حلب الشرقي والشمالي بالدرجة الأولى على الزراعة كمصدر أساسي للدخل ولكسب لقمة العيش.
وقد تسبب وجود تنظيم الدولة في المنطقة ومعارك الكر والفر المستمرة بينه وبين فصائل المعارضة، بشلل شبه تام في العمل الزراعي وجني المحاصيل، حيث تلفت مئات الهكتارات من المحاصيل الزراعية بسبب الحرائق التي اندلعت بها أو لعدم تمكن أصحابها من حصادها بسبب الانتشار الكثيف للألغام التي زرعها التنظيم، وكان أغلب هذه المحاصيل من القمح والشعير والعدس والحمص التي يكثر زراعتها في ريف حلب.
يعتمد سكان ريف حلب على الزراعة كمصدر أساسي للدخل ولكسب لقمة العيش
وبعد طرد التنظيم من المنطقة عملت فرق خاصة لنزع الألغام تابعة للمعارضة على نزع وتعطيل كثير من الألغام، وفي بعض الأحيان يتم تفجير الألغام عن بعد لصعوبة تفكيكها وخاصة الألغام الروسية الصنع بخلاف الألغام التي كان يصنعها التنظيم محليًا.
وقد أدى انفجار العديد من الألغام المزروعة من قبل التنظيم في الأراضي الزراعية إلى مقتل عدد من المدنيين الذين حاولوا الوصول إلى أراضيهم دون أن يدروا أن الموت ينتظرهم، وكان من بينه هؤلاء الشاب مصطفى بكور أحد أبناء بلدة صوران في ريف حلب الشمالي، حيث كان يمشي بسيارته رفقة أخيه ضمن إحدى الأراضي الزراعية، ليتفاجأ بانفجار لغم خفي زرعه التنظيم مما أدى لمقتله وأخيه على الفور.
يقول نضال بكور وهو أخ الشاب مصطفى: “كان الأمر فاجعة كبيرة بالنسبة لنا، والحمد لله تخلصنا من ظلم هذا التنظيم الذي كبت على أنفاسنا ومنعنا من زراعة أراضينا التي هي المصدر الأساسي لمعيشتنا ورزقنا، والآن الأمور جيدة والأهالي يزرعون أراضيهم وسيجنون محاصيلهم الصيفية بعيدًا عن أجواء الحرب والاشتباكات التي نغصت علينا معيشتنا، ولن أنسى فقدان أخين لي عزيزين بسبب هذه الحرب ووجود تنظيم داعش في المنطقة والذي تسبب بخسائر مادية وبشرية كبيرة لنا”.
وجود تنظيم الدولة في المنطقة أدى إلى شلل شبه تام في العمل الزراعي وجني المحاصيل
هذا ولا يستطيع بعض الأهالي حتى يومنا هذا الوصول لأراضيهم بسبب كثافة الألغام المزروعة في بعض الأراضي، كما هو الحال في بلدة بزاعة بريف حلب الشرقي وهي بلدة تتبع لمدينة الباب، حيث لم يستطع بعض المزارعين الوصول إلى أراضيهم منذ 3 سنوات، إلا أن مزارعي بزاعة وغيرهم يأملون من الفرق المختصة بإزالة الألغام، التدخل بأقرب وقت للتخلص من هذه المخلفات الخطرة، ومساعدتهم على العودة لزراعة أراضيهم.
وقد شهد الواقع الزراعي عمومًا تحسنًا ملحوظًا، ونشطت الحركة الزراعية بعد طرد تنظيم الدولة من قبل فصائل درع الفرات، التي بدورها بسطت سيطرتها على مساحات شاسعة من ريفي حلب الشرقي والشمالي، مما مكن آلاف المزارعين من زراعة أراضيهم من جديد وجني محاصيلهم وسط واقع أمني مقبول.
ويأمل المهندسون الزراعيون من تأسيس “نقابة المهندسين الزراعيين الأحرار” هذه من أن تكون خطوة ممهدة لبناء مديرية للزراعة في ريف حلب، بهدف تقديم الرعاية اللازمة للمزارعين وتقديم الحلول لمشاكلهم ومنها مشكلة انتشار الألغام ومخلفات الحرب التي تسببت في منع كثير من المزارعين من استثمار أراضيهم منذ سنوات.