العلاقات بين عمّان ودمشق تسير نحو الانفراج.. هل حان الوقت لإعادة فتح الحدود؟

تستخدم الأردن تكتيكا سياسيا وأمنيا جديدا فيما يتعلق بالصراع السوري، ففي 30 أغسطس 2017 أشرفت عمّان –وهي مركز العمليات العسكرية التي تشرف على الهدنة السورية- على صفقة لتبادل السجناء، حيث بادلت أطراف النزاع 30 جنديا من الجيش السوري من ضمنهم طيار أسُقطت طائرته بواسطة الفصائل تحت مظلة الجيش السوري الحر وجيش أحرار العشائر وجيش أسود الشرقية؛ بمائة مقاتل من الجيش السوري الحر.
ادعى طلال سلامة قائد جيش أسود الشرقية أن الأردن توسطت في الصفقة بعد أن تسلمت الطيار وسلمته مع 29 سجين آخر إلى الحكومة السورية من خلال مركز العمليات العسكرية، كان الطيّار قد قُبض عليه في منتصف أغسطس بعد أن أسقط المعارضون طائرته في منطقة صحراوية حيث تحاول القوات السورية وحلفائها الهجوم على قوات المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة لطردها، كما أنها تقوم بالهجوم لتأمين وصولها إلى محافظة دير الزور التي تسيطر عليها داعش.
“الفرصة قد حانت لإعادة بناء الثقة بين عمان ودمشق من خلال تبادل المعلومات الاستخبارية”
تعهدت الحكومة السورية بتنفيذ بعض شروط التبادل والتي تتضمن إطلاق صراح 100 سجين معتقل لدى الجيش السوري، وفتح الطريق لمقاتلي الجيش الحر من القلمون الشرقية حتى منطقة البادية السورية، يتضمن الاتفاق أيضا سحب قوات الجيش السوري لمسافة 40 كليومتر داخل الحدود السورية من السويداء الشرقية وحتى معبر التنف لإبقاء المسلحين بعيدا عن الحدود الأردنية.
قال سلامة إن الأردن وروسيا هما الضامنان لهذا الاتفاق، والتعاون بين عمان وموسكو يفتح قنوات جديدة للتواصل مع سوريا، هذه العملية تعزز من القناعة السياسية التي تقول بأن الفرصة قد حانت لإعادة بناء الثقة بين عمان ودمشق من خلال تبادل المعلومات الاستخبارية؛ خاصة منذ أن سهلت الأردن خروج جيش أحرار العشائر في جنوب السويداء لقوات الحكومة السورية سلميا.
أعرب العاهل الأردني عن أمله في أن ينتشر وقف إطلاق النار الحالي في جنوب سوريا إلى جميع أنحاء البلاد ويؤدي إلى سلام تفاوضي
كل هذا يتفق مع المغازلة التي حدثت مؤخرا بين الأردن وسوريا من خلال المتحدث الرسمي للأردن محمد المومني؛ والذي قال في حديث له على التلفزيون الأردني إن “قلوب سوريا والأردن ما زالت تنبض لبعضهما البعض”، قد يكون ذلك علامة لحسن النوايا بين كلا البلدين لتطبيع العلاقات وإعادة فتح الحدود في المستقبل القريب، وقال المومني: “علاقتنا مع دمشق تسير باتجاه إيجاني إذا استمر الوضع الحالي واستقر الوضع في جنوب سوريا، فقد يسمح ذلك بإعادة فتح نقاط العبور بين البلدين”.
هذا التطور يتماشى مع تصريح الملك عبدالله الثاني في المؤتمر الصحفي مع رئيس الوزراء الكندي جوستن ترودو يوم 29 أغسطس 2017؛ حيث أعرب العاهل الأردني عن أمله في أن ينتشر وقف إطلاق النار الحالي في جنوب سوريا إلى جميع أنحاء البلاد ويؤدي إلى سلام تفاوضي. وتشترك المملكة الهاشمية في حدودها مع سوريا لأكثر من 370 كيلومتر، حيث قُتل أكثر من 330 ألف سوري ونزح الملايين منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية 2011.
تطمح الأردن في تحقيق وقف إطلاق النار في كامل الأراضي السورية قبل نهاية العام حتى تكون قادرة على الحديث عن إعادة فتح حدودها مع سوريا
تعمل عمان على اتفاق ثلاثي مع روسيا والولايات المتحدة في محافظات جنوب سوريا: درعا والقنيطرة والسويداء، وينص الاتفاق على تخفيف التوتر على الجبهة الجنوبية الغربية بالقرب من حدود فلسطين المحتلة والأردن، وإزالة المدفعية الثقيلة كخطوة أولى، أما الخطوة الثانة فستكون البدء بعملية مصالحة بين الفصائل المسلحة والحكومة السورية تحت إشراف الدول الثلاث.
تتطلع الأردن إلى تكرار وقف إطلاق النار الحاصل في جنوب غرب سوريا إلى باقي المناطق لتسهيل الحل السياسي من أجل ضمان السلامة المحلية للبلاد وإنهاء سفك الدماء، في 14 و15 سبتمبر سوف تستضيف الأستانة محادثات بين إيران وروسيا وتركيا وممثلي الحكومة السورية وقوات المعارضة المدعومة من دول عربية وأجنبية، تطمح الأردن في تحقيق وقف إطلاق النار في كامل الأراضي السورية قبل نهاية العام حتى تكون قادرة على الحديث عن إعادة فتح حدودها مع سوريا لضمان سلامة المسافرين من كلا الجانبين.
لا شك بأن الاقتصاد الأردني تأثر بشدة نتيجة إغلاق الحدود مع العراق وسوريا، فخسائر الاقتصاد الأردني نتيجة الحرب تُقدر بحوالي 400 مليون دولار سنويا، كما تسببت الحرب في زيادة السكان بنسبة 8% نتيجة لتدفق اللاجئين، وبدون الحرب السورية كان معدل النمو السنوي سيصل إلى 4% بدلا من 3% عام 2013، هذا الانخفاض يعني خسارة تراكمية في الدخل، ويعادل تقريبا المنح المقدمة من منظمات دولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي التي تلقتها الأردن عام 2012.
أثرت أزمة اللاجئين أيضا على الميزان التجاري الأردني، فقد ارتفعت الواردات لتلبية الاحتياجات المتعلقة بالزيادة السكانية، كما ازدادت الواردات غير المتعلقة بالطاقة بنسبة أكثر من 11%
ويعتبر السبب الرئيسي لارتفاع معدل التضخم في الأردن زيادة أسعار الإيجار حيث تسعى الأسر السورية إلى السكن في الأردن، فمخيم الزعتري على الحدود مع سوريا يستضيف فقط ربع اللاجئين، وبدون الحرب في سوريا كانت الإيجارات سترتفع بنسبة 2.7 % فقط وليس 7.7%، أثرت أزمة اللاجئين أيضا على الميزان التجاري الأردني، فقد ارتفعت الواردات لتلبية الاحتياجات المتعلقة بالزيادة السكانية، كما ازدادت الواردات غير المتعلقة بالطاقة بنسبة أكثر من 11%.
أما بالنسبة لمعبر نصيب وهو أكثر المعابر التجارية في الشرق الأوسط ازدحاما، حيث يربط بين أوروبا والشرق الأوسط من خلال تركيا وسوريا والأردن والعراق والمملكة العربية السعودية، فقبل إغلاق الحدود كانت هيئة الاستثمارات الأردنية تتعامل مع بضائع تجارية بمبلغ 1.5 مليار سنويا، أما الآن فهذا الرقم أصبح صفر، فقبل الحرب السورية كانت تمر من خلال المعبر 5 آلاف شاحنة شهريا، أما الآن فلم يعبر الحدود سوى 100 شاحنة تحمل المساعدات الإنسانية خلال الأربع سنوات الأخيرة.
إذا أعُيد فتح الحدود مع سوريا فسوف تصبح الأردن مركزا لعملية إعادة الإعمار، مما يساعد على تعزيز الاقتصاد الأردني
يعتقد بعض المسؤولين في الأردن أن الوقت قد أصبح مناسباً الآن للتفكير في العودة إلى مستويات ما قبل الحرب فيما يتعلق بوسائل النقل في أقرب وقت ممكن، إذا أعُيد فتح الحدود مع سوريا فسوف تصبح الأردن مركزا لعملية إعادة الإعمار، مما يساعد على تعزيز الاقتصاد الأردني من خلال تحفيز النمو
ترجمة: أردن الإخبارية
المصدر: فير أوبسيرفر