استدعت التسريبات حول نية الحكومة الأردنية، طرح مشروع قانون جديد لضريبة الدخل، يتم بموجبه تخفيض الإعفاءات الموجودة في القانون الحالي، الحديث حول إمكانية عودة قوية للحراك الشعبي الأردني إلى الشارع، في خطوة احتجاجية على القانون. وبحسب مراقبين، فإن الحراك الشعبي الذي بدا للجميع بأنه انتهى، يستجمع قواه ويستعيد نشاطه للعودة إلى الشارع بفضل توجهات الحكومة في رفع ضريبة الدخل.
ففيما يبدو أن الاحتجاج والرفض للتسريبات، قد توسع إلى مساحة خارج توقعات الحكومة، إذ ارتفع سقف النقد بصورة ملحوظة في أول تفاعل شعبي مع مقترحات الضريبة الجديدة. ووفقا لمدير مكتب صحيفة القدس العربي في عمان بسام بدارين، فإن “بعض الاجتهادات بدأت تحذر مسبقاً من عصيان وظيفي في حال فرض ضريبة إضافية على ذوي الدخل المتدني، خصوصاً إذا طال التصعيد الضريبي صغار العمال”.
لقد برز الحديث حول إمكانية عودة الحراك إلى الشارع، بعد أن عقد النائب الأردني صداح الحباشنة الأسبوع الماضي، اجتماعا شعبيا في محافظة الكرك، بهدف إسقاط قانون تعديلات الضريبة الجديد.
اجتماع الكرك: “فرض هذا المشروع لا يمكن للمجتمع تقبله، وسيواجه سلميا بالتصدي الشعبي دون هوادة، ليس لأنه يمس لقمة عيش المواطن وحسب، بل يمس كرامته”
وقد صدر عن الاجتماع بيان تم توقيعه باسم “الحركة الوطنية”، استنكر من خلاله المجتمعون ما وصفوه بـ”التهميش والإقصاء والتضييق على الحريات العامة، وإفقار المواطنين وتشريع ضريبة الدخل التي تمس الطبقة الفقيرة وتعمل على تذويب الطبقة الوسطى”.
وأكد المجتمعون على أن “فرض هذا المشروع وإقراره من مجلسي النواب والأعيان، سيكون مؤشر لا يمكن للمجتمع وقواه الحية قبوله، وسيواجه سلميا بالتصدي الشعبي له دون هوادة، ليس لأنه يمس لقمة عيش المواطن وحسب، بل يمس كرامته”.
في حين قرر المجتمعون عقد اجتماع آخر في مدينة الكرك، داعين كافة قوى المجتمع للمشاركة في الاجتماع، على أن يعقد اجتماع ثالث في مدينة معان ورابع على المستوى الوطني في حال إقرار الحكومة لقانون الضريبة.
الخصاونة: الأردنيون يتحفزون لكي يملؤوا الشوارع بالغضب
في الأثناء، كان التصعيد في الشارع يتواصل، والبيانات الساخنة والملتهبة من قبل المكونات والجهات السياسية والشعبية، ضد حكومة الدكتور هاني الملقي لم تنقطع ولم تتوقف. في السياق، حذر الناشط السياسي الدكتور أنيس الخصاونة من ما وصفه بـ”العبث الحكومي في استقرار الوطن، في حال مدت يدها إلى رواتب الموظفين”.
وقال الخصاونة لـ”أردن الإخبارية” إن “الأردنيون يتحفزون لكي يملؤون الشوارع بالغضب، في الوقت الذي ستصدر من المحافظات موجة هائلة من الفوضى والاضطرابات، وسيصبح المستقبل مفتوحا على أسوأ الخيارات”. وأضاف الخصاونة أن “من يدرك حقيقة الوضع في البلاد، ويقرأ مؤشرات الحالة الشعبية الراهنة، يدرك أن هناك أزمة عميقة تتحرك في الباطن الشعبي وتبحث عن مكان لتنفجر فيه”.
السنيد: هناك توجهات لإعادة الحراك إلى الشارع بعد الاجتماع الذي دعا إليه النائب صداح الجباشنة في الكرك
ودعا الناشط السياسي إلى “تجنيب الوطن التلاعب باستقراره، ووقف الخلل الذي تحدثه هذه الحكومات الجائرة باتباعها سياسة الجباية وسيلة وحيدة في الحكم”.
من جهته، أكد الناشط العمالي محمد السنيد على أن “هناك توجهات لإعادة الحراك إلى الشارع”، موضحا أن “هذا الحراك تبلور وانطلق مع الاجتماع الذي دعا إليه النائب صداح الجباشنة في الكرك، وحضره عدد من الناشطين السياسيين”. وقال السنيد لـ”أردن الإخبارية” إنه “من المنتظر البدء في سلسة من النشاطات والفعاليات الاحتجاجية في محافظة مادبا، للمطالبة بإسقاط حكومة الدكتور هاني الملقي”.
وشدد السنيد على أن “انطلاق الحراك قائم على المطالبة بإلغاء الضريبة ورفع الرواتب لتتماشى مع معدلات التضخم وارتفاع الأسعار”، داعيا القوى السياسية والأحزاب إلى “المشاركة بالتحرك” قائلا إن “الضرائب لن تستثني أحدا”.
الأردنيون يرفضون ضريبة الدخل الجديدة
أما على الصعيد الشعبي، فقد تساءل المواطن الأردني شريف شاهين قائلا: “متى ستتوقف الحكومات عن توجيه الضربات الاقتصادية التي تستهدف جيوب المواطنين؟”. وقال شاهين الذي يعمل فني بإحدى المطابع لـ”أردن الإخبارية” إن “الشعب لا يحتمل أي ضربة جديدة لأنه ما زال يترنح جراء السياسات المالية والاقتصادية التي تنتهجها الحكومات عبر فرض ضرائب لا مبررات أو مصوغات قانونية لها”، مؤكدا على أنه “سيشارك في أي تظاهرات شعبية ضد قرار فرض الضريبة الجديدة”.
ووافقه المواطن الأردني خليل الخطيب، الذي أعلن عن استعداده للنزول إلى الشارع والمشاركة في الحراك، احتجاجا على القرار الحكومي في حال تم فرضه على الشعب.
مواطنون: الحراك الشعبي سيكون هذه المرة أكثر عنفا، إذا ما أصرت الحكومة على فرض ضرائب جديدة
وقال الخطيب الذي يعمل في تنسيق حفلات الأعراس، إن “الحكومة تثبت يوما بعد آخر بأنها فاشلة، مؤكدة إخفاقها في وضع خطة إصلاح اقتصادي، تعالج الاختلالات في هيكل الاقتصاد الوطني وأزمة العجز في الموازنة”.
في حين عبر حسين القيسي عن غضبه من سياسة الحكومة الاقتصادية، داعيا الحكومة إلى التقشف في مؤسساتها ودوائرها، لا أن تلقي بعجز الموازنة على المواطنين الذين لا علاقة لهم أصلا بالمديونية.
وقال القيسي الذي يعمل في الطب المخبري، إن “الحراك الشعبي سيكون هذه المرة أكثر عنفا، إذا ما أصرت الحكومة على فرض ضرائب جديدة”، لافتا إلى أن “الملقي يتحمل كامل المسؤولية إن تسببت ضرائبه الجديدة إلى عودة الحراك الشعبي إلى الميدان”.
“هل تدرك الحكومة الأردنية حجم الضغط والنقمة والاحتقان، التي من شأنها أن تهيئ مناخ ملائم لعدم الاستقرار السياسي والأمني؟”
بينما رأى عمر لطفي أن المواطن بات في حالة احتقان، وأن فرض أي ضرائب جديدة، سيكون بمثابة من يشعل النيران، داعيا كل المتضررين من قانون الضريبة إلى “النزول للشارع والتعبير عن الرفض والاحتجاج”.
وقال لطفي الذي يعمل خبازا إن “المواطن يعيش في أسوأ ظروفه الاقتصادية، فلم يعد يحتمل أي قرارات ظالمة تمس قوته ومستوى حياته المتدني أصلا”. وتساءل لطفي قائلا “هل تدرك الحكومة الأردنية حجم الضغط والنقمة والاحتقان، التي من شأنها أن تهيئ مناخ ملائم لعدم الاستقرار السياسي والأمني؟”.
الأحزاب الأردنية تحذر من إقرار ضريبة الدخل
أما على المستوى الحزبي، فقد أعلن حزب جبهة العمل الإسلامي، رفضه للتوجهات الحكومية بزيادة ضريبة الدخل، معرباً عن اعتقاده بأن “أي تخفيض على الإعفاءات لضريبة الدخل سيوسع من شريحة دافعي الضرائب، وهذا سيشكل إضرارا بالمواطن ولن يحل المشكلة الاقتصادية في البلاد”.
فيما رفض تيار التجديد، أي محاولة حكومية أو نيابية لتعديل قانون ضريبة الدخل، بزيادة أي قرش على أي قطاع اقتصادي أو شريحة اجتماعية أو فئة من المواطنين. وقال التيار الذي يضم 5 أحزاب يسارية في بيان صدر عنه، إن “الوضع الاقتصادي لا يحتمل أي زيادة للرسوم أو الضرائب أو بدلات الخدمة، وأن الأكثرية الساحقة من المواطنين ترفض هذه الزيادات بحسب كل استطلاعات الرأي، وأي محاولة لتجاوز هذه الحقيقة قد تؤدي إلى نتائج غير محمودة”.
الطراونة: “المجلس سيتدخل لحماية الطبقة الوسطى وذوي الدخل المحدود”
ولم يفت النواب التعبير عن موقفهم من ضريبة الدخل، فضمن المناخ العام المليء بالتجاذب والآراء الحادة، انطلقت تصريحات نيابية تعارض بشدة مقترحات الحكومة حول قانون ضريبة الدخل، ومن المرجح أن ارتفاع سقف التحذير الشعبي ألزم النواب باتخاذ موقف مختلف.
الأمر الذي يفسر إصدار رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، لبيان مبكر ينصح الحكومة بالتراجع ضمنيا، ملوحا بأن “المجلس سيتدخل لحماية الطبقة الوسطى وذوي الدخل المحدود”، مستخدما تعبيرات قاسية في بيانه، متحدثا عن بدائل لزيادة واردات الخزينة.
المصدر: أردن الإخبارية