نجحت جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن في إجراء تجربة صاروخية تصل إلى العاصمة الإماراتية أبو ظبي، وأكدت أن الإمارات باتت في مرمى صواريخ الجماعة المسلحة المسيطرة على العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى، حسب ما أشار إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.
جاءت هذه التصريحات أمس الخميس بعدما بثت قناة المسيرة الفضائية، الناطقة باسم الجماعة كلمة لعبد الملك، أشار فيها أن جماعته تعمل على تطوير قدراتها الصاروخية للوصول إلى أي هدف في السعودية والإمارات. وهدد الحوثي الاقتصاد الإماراتي بقوله “على كل الشركات في الإمارات ألا تنظر للإمارات على أنه بلد آمن بعد اليوم”.
الإمارات: “تهديدات الحوثي لا تخيفنا”
جاء الرد الإماراتي على التهديدات الحوثية مباشرة من وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، أنور قرقاش، مساء الخميس، عبر تغريدات على حسابه في تويتر قائلا: إن تهديدات زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي “لا تخيفنا، وتكشف النوايا تجاه أمن واستقرار الخليج العربي”.
تهديدات الحوثي وحماقته لا تخيفنا وتكشف عن يأس لمن يدافع عن أوهام تشظت، ولكنها تكشف يقينا عن النوايا المبيتة لأمن وإستقرار الخليج العربي.
— د. أنور قرقاش (@AnwarGargash) September 14, 2017
وتابع قرقاش “تهديدات الحوثي وحماقته لا تخيفنا، وتكشف عن يأس لمن يدافع عن أوهام تشظت”. ولفت إلى أن “تصريحات الحوثي التي تهدد وتستهدف الإمارات وعاصمتها، دليل مادي ثابت على ضرورة عاصفة الحزم”. وبيّن الوزير الإماراتي أن “مليشيات إيران أهدافها خسيسة وخطرها حقيقي”، في إشارة للحوثيين الذين تتهمهم الحكومة اليمنية ودول التحالف العربي بتلقي الدعم من إيران.
إطلاق صواريخ الحوثي إلى الإمارات كفيلة بتهديد مكانة دبي الإقليمية والعالمية على السواء، إذ لن تكون الشركات بمنأى عن ذاك التطور وتكبد أضرار في أعمالها ومعاملاتها
وتحدث الحوثي أن جماعته تواجه التقنية الأمريكية في أحدث ما وصلت إليه، وليس مواجهة تقنيات السعودية والإمارات، وفي هذا إشارة إلى صفقات التسليح الضخمة التي تعقدها كلا من السعودية والإمارات مع الأمريكيين وكان آخرها صفقة القرن أثناء زيارة الرئيس الأمريكي ترامب إلى الرياض، باعت فيها الشركات الأمريكية بأكثر أسلحة بأكثر من 100 مليار دولار في حين وصلت قيمة العقود الإجمالية في القطاعات المختلفة نصف ترليون دولار تقريبًا.
تصريحات الحوثي التي تهدد وتستهدف الإمارات وعاصمتها دليل مادي ثابت على ضرورة عاصفة الحزم، مليشيات إيران أهدافها خسيسة وخطرها حقيقي.
— د. أنور قرقاش (@AnwarGargash) September 14, 2017
إلى ذلك انتشرت أخبار في اليومين الماضيين أن السعودية طلبت من إيران التوسط لها لدى جماعة الحوثي في اليمن، وقد نشرت وكالة الأنباء الإيرانية هذه الأخبار على لسان حسين أمير عبد اللهيان وهو كبير مستشاري رئيس البرلمان الإيراني.
وفي حال صدقت هذه الأخبار فإن السعودية ستكون في موقف محرج أمام التحالف العربي الذي أطلق عاصفة الحزم في اليمن للقضاء على جماعة الحوثي في اليمن في العام 2015، إذ سيعني أن السعودية غير قادرة على إنهاء الحرب هناك لصالحها وأنها فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة في القضاء على الحوثي. وفي غمرة هذه الأخبار أشار رئيس الإدارة الإعلامية بوزارة الخارجية السفير أسامة بن أحمد نقلي، في تصريحات صحفية صدرت اليوم أن “تلك الادعاءات لا أساس لها من الصحة جملة وتفصيلا”.
وقد أعلن الحوثيون، مساء الخميس، إطلاق عدة صواريخ على معسكرات سعودية في الشريط الحدودي للمملكة، وذلك عقب تهديدات أطلقها زعيم الجماعة. كما نفذت الجماعة عدت عمليات على الحدود مع السعودية، وأشارت السلطات السعودية أنها اعترضت أكثر من مرة صواريخ بالستية قادمة من الأراضي اليمنية تستهدف أهدافًا عميقة في الأراضي السعودية.
ستنخفض أعداد السياح وعوائد الإمارة من هذا القطاع في حال وجه الحوثي ضربات ضاروخية إلى الإمارات، وستتكبد الفنادق والمنتجعات خسائر هي الأخرى بسبب قلة إشغال الغرف، وهو ما سيسبب بخسائر لاقتصاد الإمارة.
يُشار أن الإمارات تسعى من خلال تدخلها في اليمن برأي مراقبين، السيطرة على باب المندب إذ تعتبر أن باب المندب هو امتداد طبيعي لأمنها القومي، الذي يقوم على حماية موانئ دبي العالمية، التي طورتها على حساب إضعاف هذا الممر وممرات أخرى في الإقليم، فأنظار الإمارات في اليمن تتجه صوب عدن وميناءها للسيطرة عليها. مع محاولتها بأن تكون اللاعب الرئيسي في عدن حتى تسيطر على أي محاولات لإحياء الميناء فيها. وأشارت مواقع أجنبية أن الإمارات قطعت شوطًا كبيرًا في بناء قاعدة عسكرية لها في جزيرة “ميون” القريبة من مضيق باب المندب ذي الأهمية الاستراتيجية بالنسبة لها.
إلى ذلك تم اتهام الإمارات بانتهاكات ضد الإنسانية في اليمن ودعمها لجماعات إسلامية متشددة، حيث كشف تقرير لفريق الخبراء التابع للجنة العقوبات الدولية في اليمن، دعم دولة الإمارات جماعات مسلحة وممارستها الاحتجاز غير القانوني والإخفاء القسري في اليمن، وأردف التقرير السري بأن هناك معلومات موثقة تفيد بأن قواتها تخفي قسرًا أشخاصًا بعدن منذ أكثر من ثمانية أشهر.
ماذا لو نفذ الحوثي وعوده؟
بلا أدنى شك استمعت القيادة في الإمارات لتصريحات الحوثي بتوجيه صواريخ إلى العاصمة أبوظبي، بكل عناية وأخذتها على محمل الجد، فوسط فشل حملة التحالف العربي للقضاء على الجماعة في اليمن فإن الإمارات ستقف حائرة إزاء أي تطور من هذا النوع. فماذا ستفعل أكثر من التدخل في اليمن؟!. وهي على الرغم من دخول الحملة هناك عامها الثالث لم تتحقق منها نتائج ملمومسة حتى الآن.
توجيه صواريخ حوثية إلى الإمارات كفيل بزعزعة الاستقرار فيها وتهديد البيئة الاستثمارية فيها التي بنتها خلال السنوات الماضية، وصدرت نفسها للعالم والشركات الكبرى، بأنها بلد ذو بيئة حيادية جاذبة للاستثمارات عبر البنية التحتية المتقدمة والضرائب المنخفضة والحوافز الاقتصادية التي تقدمها.
السعودية طلبت من إيران التوسط لها لدى جماعة الحوثي في اليمن، وقد نشرت وكالة الأنباء الإيرانية هذه الأخبار على لسان حسين أمير عبد اللهيان وهو كبير مستشاري رئيس البرلمان الإيراني.
كما أن إطلاق صواريخ الحوثي إلى الإمارات كفيلة بتهديد مكانة دبي الإقليمية والعالمية على السواء، إذ لن تكون الشركات بمنأى عن ذاك التطور وتكبد أضرار في أعمالها ومعاملاتها بسبب التهديدات الأمنية التي قد تتعرض لها إزاء تلك الضربات. ولن يكون لميناء جبل علي في دبي أي أهمية في حال خروج الشركات وإيقاف شحن البضائع عن طريق الميناء بسبب ما سيترتب عليه من تهديد أمني وارتفاع للتكاليف.
أضف أن اقتصاد دبي يعتمد على السياحة بشكل كبير فكيف سيكون موقف السياح في حال تعرض الإمارات لضربات عسكرية من جماعة الحوثي؟ ستنخفض أعداد السياح وعوائد الإمارة من هذا القطاع، وستتكبد الفنادق والمنتجعات خسائر هي الأخرى بسبب قلة إشغال الغرف، وهو ما سيسبب بخسائر لاقتصاد الإمارة.
عندها قد تلجأ الإمارات إلى إيران في هذه الحالة لإيجاد حل مع الجماعة، هذا إن لم تبدأ في فتح قنوات تواصل معها بعد تصريحات الحوثي ضد الإمارات وعاصمتها. فتوجيه صواريخ إليها هو تهديد ليس لأمنها القومي وحسب بل ولمكانتها الإقليمية ولاقتصادها.