بعد دخول روسيا خط الأزمة الخليجية ودورها الكبير في الأزمة السورية، تعود للواجهة في الملف الفلسطيني من جديد، فقد التقى مسؤول العلاقات الخارجية في حركة حماس موسى أبو مرزوق ورئيس وفدها الذي سيخرج لروسيا، بالسفير الروسي لدى القاهرة سيرغي كيربيتشينكو وأطلعه على آخر المستجدات السياسية في الساحة الفلسطينية خصوصًا على صعيد المصالحة الفلسطينية، كذلك مجريات زيارة وفد حماس للقاهرة والوعود المصرية لمستقبل معبر رفح البري.
وكشف مسؤول رفيع المستوى في حركة حماس لنون بوست أن اللقاء الروسي الحمساوي جاء بناءً على دعوة روسية، وحماس استغلت الفرصة لاستباق أي مخططات أمريكية متوقعة ضد الحركة.
وقال المسؤول: “الملف الرئيسي للتباحث مع روسيا، هو المصالحة الفلسطينية وطلب الضغط على عباس لتنفيذها، وسندفع بمزيد من التدخل الروسي في القضية الفلسطينية والتحرك باتجاه رفع حصار غزة سواء عبر الرباعية أو بتدخل روسي مباشر”.
وبخصوص التطرق لملف صفقة تبادل مع الاحتلال الإسرائيلي أكد المسؤول أنه ليس مطروحًا على جدول أعمال اللقاءات، ولكنه توقع فتح الملف من خلال أفكار جديدة قد تطرحها روسيا.
وكشفت هيئة البث في الكيان الإسرائيلي “مكان” أن وفد حركة حماس الذي يزور القاهرة حاليًا، اجتمع مع مسؤولين أمنيين مصريين الليلة الماضية لبحث قضايا عدة، منها صفقة تبادل أسرى محتملة مع “إسرائيل”، مما يعني أن الوسيط المصري ما زال حاضرًا بقوة في مفاوضات التبادل.
روسيا تدير اتصالات مع الدول العربية التي تربطها علاقات بحركة حماس من أجل إعادة الأطراف إلى اتفاق المصالحة الموقع بينهما
وقال الكاتب في صحيفة هآرتس الإسرائيلية تسفي برئيل: “إذا نجحت روسيا في تحقيق المصالحة الفلسطينية، فستبدو الدولة الوحيدة التي يمكن أن تحل الصراعات في المنطقة، وستقدم إسهامًا إعلانيًا مهمًا للحد من نفوذ إيران”.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف صرح في مؤتمر صحفي جمعه مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قائلاً: “روسيا تدير اتصالات مع الدول العربية التي تربطها علاقات بحركة حماس من أجل إعادة الأطراف إلى اتفاق المصالحة الموقع بينهما لإنشاء حكومة وحدة وطنية”.
وأعلنت حركة حماس في وقت سابق استعدادها لتفكيك اللجنة الإدارية التي أنشأتها في غزة، والتوصل لاتفاق بشأن إنشاء حكومة فلسطينية موحدة، بعد تنفيذ الرئيس عباس للتفاهمات المتفق عليها من كلا الجانبين في اتفاقات سابقة.
وتعتبر روسيا الدولة العظمى الوحيدة ذات العلاقات الإيجابية مع حركة حماس منذ فوزها في الانتخابات التشريعية خلال عام 2006، إذ زارها وفد قيادي من الحركة في آذار/مارس من عام 2006 برئاسة رئيس مكتبها السياسيّ السابق خالد مشعل، والذي التقى الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيدف بدمشق في أيار/مايو من عام 2010.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت والخبير في الشأن الفلسطيني شفيق الغبرا قال لنون بوست: “لا يمكن حل الأزمة الفلسطينية دون استعادة الدور العربي للقضية الفلسطينية، والحل مرهون بتعافي الدول العربية من أزماتها الداخلية والخارجية أو اتخاذ موقف عربي داعم للفلسطينيين، ويبقى دور جميع الوسطاء الخارجيين في تخفيف حدة الأزمة لا حلها جذريًا”.
وصلت الأزمة الفلسطينية حد التعقيد الذي يحجم أي جهد روسي ويحصره في إطار طرح الأفكار وتقريب وجهات النظر
أما المحلل السياسي الفلسطيني محمد العيلة فاعتبر السلوك الروسي تجاه القضية الفلسطينية من أكثر المواقف المتقدمة في الساحة الدولية.
وقال العيلة لنون بوست: “حركة حماس تبحث من خلال هذه الزيارة تطوير علاقتها بروسيا ورفع مستوى التدخل الروسي في ملفات القضايا الروسية سواء على صعيد الملفات الداخلية مثل المصالحة الفلسطينية أو الحصار، إضافة إلى رغبتها في دفع روسيا نحو إحباط المساعي الأمريكية في مجلس الأمن لوضع اسم حركة حماس على لوائح الإرهاب في الأمم المتحدة”.
وعن مدى قدرة روسيا على إنجاح المصالحة الفلسطينية أضاف العيلة: “لقد وصلت الأزمة الفلسطينية حد التعقيد الذي يحجم أي جهد روسي ويحصره في إطار طرح الأفكار وتقريب وجهات النظر، وإجراء اتصالات مع الأطراف، دون أن تمتلك أوراق ضغط فاعلة، وهو جهد مكمل مقارنة بالدور المصري”.
وعلم مراسل نون بوست أن حركة حماس أوقفت لقاءاتها مع دحلان فورًا ومنعت أي من قياداتها من الجلوس مباشرة معه،إلا أن سمير المشهرواي الرجل الثاني في تيار دحلان توجه في زيارة عاجلة لمقر إقامة وفد المكتب السياسي لحركة حماس بالقاهرة للالتقاء به دون معرفة تفاصيل الاتفاق.
الحراك الدحلاني المتسارع يأتي بعد تراجع الثقة من قبل حركة حماس بدحلان بخصوص الانفراجات التي وعد بها أهمها فتح معبر رفح وحل أزمة الكهرباء، لإعطاء الفرصة لحراك المصالحة الجديد مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس برعاية روسيا.
ولعل المصلحة المتبادلة لحماس وروسيا ما دفعهما للحراك الدبلوماسي الجديد، في ظل رغبة روسيا بصياغة تحالفات إقليمية تخدم مصالحها وتحسن صورتها في العالم الإسلامي من خلال حركة حماس، إلا أنه ما زال من السابق لأوانه حبس الأنفاس في انتظار نتائج زيارة حركة حماس لروسيا على أرض الواقع لكن المشاركة الروسية الجديدة في الوضع الفلسطيني الداخلي مسألة تستحق الاهتمام.