يتم اعتماد الحقائق العلمية واستعمالها كثوابت، بناءً على نتائج اختبارات وتجارب علمية تم إجراؤها لفترة محددة على شريحة من المتطوعين، متفاوتة في السن والجنس والظروف الصحية والاجتماعية، وأثبتت نتائجها بالدليل القاطع أنه يمكن تعميمها.
لكن للأسف الشديد فإن العديد من التجارب التي تم تعميم نتائجها، تم إجراؤها بصورة مباشرة أو غير مباشرة بواسطة الحكومات التي لم تلقِ بالاً للصحة النفسية والعقلية والعاطفية للشريحة التي استخدمت في هذه التجارب.
حيث تجلت القسوة الإنسانية في هذه التجارب التي أجراها العلماء بدعم وتمويل حكومي كامل على أمل الانتصار في الحروب، بداية من تعمد إصابة الناس بأمراض قاتلة وقطع أطرافهم وخياطة التوائم معًا، في مختبرات سرية ومشاريع حكومية غير معلنة.
في هذا التقرير نتعرض لبعض التجارب المروعة التي أجرتها الحكومات على بشر لا حول لهم ولا قوة، من أجل تطوير تقنيات حربية أكثر وحشية.
الجيش الياباني أجرى تجارب وعمليات تشريح وحشية على الأسرى الصينيين، دون استخدام التخدير
أعضاء الوحدة 731 وهم يقومون ببعض التجارب الوحشية على الأسرى الصينيين
أجرت وحدة البحث والتطوير السرية في الجيش الإمبراطوري الياباني والمعروفة بالوحدة 731، والتي تم إنشاؤها في ثلاثينيات القرن الماضي بواسطة الجراح شيرو ايشي، العديد من التجارب الطبية المروعة والعمليات الجراحية الوحشية القاتلة على آلاف الأسرى خلال الحرب الصينية اليابانية في الفترة من 1937 وحتى 1945، في أثناء الحرب العالمية الثانية.
حيث أجرت هذه الوحدة الطبية الكثير من عمليات التشريح القاتلة على الأسرى بعد إصابتهم بأمراض مختلفة، دون تخدير، فشقوا المرضى الأحياء، لإخراج الأعضاء المعطوبة واستخدموها في دراسة آثار المرض على جسم الإنسان، كما أجبروا الأسرى الأصحاء على ممارسة الجنس مع أسرى مصابين بمرض الزهري لدراسة انتقال المرض، ومن ثم شرحوا المرضى المصابين وهم على قيد الحياة.
استخدام الأسرى في اختبارات الأسلحة
كما أجروا تجربة مروعة أخرى، لمعرفة مقدار الدم الذي بفقده، يفقد الإنسان حياته، عبر بتر أعضاء الأسرى. وأجروا تجربة قضمة الصقيع على الأسرى، بتركهم في طقس متجمد، حتى يتجمد الأنف والأذنين والأطراف ثم كُشط الثلج وغمرت الأعضاء في المياه الفاترة، فتساقطت الأعضاء على الفور.
واستخدم اليابانيون الأسرى كأهداف تصويب لاختبار عمل الأسلحة، كما ربطوا الأشخاص وأطلقوا القنابل والرصاص عليهم لمعرفة أثر وفعالية الأسلحة ومدى قدرتها على إلحاق الإصابة والضرر.
جامعة تاسكيجي أجرت تجربة على الأمريكيين من أصل إفريقي لمعرفة آثار عدم معالجة الزهري
عنوان جريدة نيويورك تايمز وفضيحة تجربة تاسكيجي
أجرت جامعة تاسكيجي University Tuskegee بالشراكة مع قطاع الصحة في ولاية ألاباما في الفترة بين عام 1932 وحتى عام 1972 بإجراء تجربة طبية على الأمريكيين من أصل إفريقي لمعرفة آثار عدم معالجة مرض الزهري دون علم المرضى وتحت ستار الرعاية الطبية المجانية.
حيث كان الغرض الرئيسي لهذه التجربة معرفة الآثار الناجمة عن عدم معالجة المرض، وتم إجراء هذه التجربة التي استمرت 40 عامًا – وبعد اكتشاف مدى فعالية البنسلين في علاج الزهري – على الأمريكيين الأفارقة فقط.
بعض القائمين على التجربة اللاأخلاقية يسحبون عينات دم من المرضى
وتم إبلاغ المشاركين السود في التجربة أنهم بالتسجيل في هذه التجربة سيتم معالجتهم من الدم السيئ والذي يشير إلى الأنيميا وفقر الدم، وسيحصلون على زيارات طبية مجانية ووجبات طعام وستتكفل الجامعة بمراسم الدفن، وهذه الدراسات والمتابعة الطبية ستستمر لـ6 أشهر على الأكثر.
399 شخصًا ممن اشتركوا في التجربة كانوا مصابين بالفعل بمرض الزهري، في حين أن 201 لم يكونوا مصابين، وخلال فترة الدراسة التي استمرت 40 سنة، لم يتم تقديم العلاج – البنسلين – إلى أي شخص من هؤلاء الأشخاص الذين خضعوا للتضليل الطبي.
وفي نهاية التجربة عام 1972، لم يتبق على قيد الحياة من هؤلاء الأشخاص إلا 74، حيث توفي 28 شخصًا بسبب الزهري، و100 آخرين بسبب مضاعفات المرض الذي لم يتم علاجه، ونقل 40 المرض لزوجاتهم.
وتم وقف التجربة بعدما فضحتها صحيفة أسوشيتد برس، وحاولت الحكومة تبرئة نفسها بإظهار موافقة الستمئة شخص على المشاركة في الدراسة، إلا أن المحكمة وجدت أنه تم تضليلهم ولم يتم إخبار أي شخص منهم بحقيقة الدراسة، كما أن المشاركين تُركوا للمعاناة من المرض والآثار المترتبة عليه رغم وجود علاج فعال يقضي على المرض. وتعرض جامعة تاسكيجي في المتحف الخاص بها “شيكًا” صادرًا عن الحكومة الأمريكية لدعم وتمويل هذه التجربة اللاإنسانية.
الطبيب النازي جوزيف منجيلي أجرى تجارب بشرية على التوائم من أجل مضاعفة العِرق الألماني
الطبيب جوزيف منجيلي يجري إحدى التجارب على واحد من التوائم في معسكر أوشفيتز
أجرى النازيون خلال الحرب العالمية الثانية العديد من التجارب البشرية الوحشية على السجناء في معسكرات الاعتقال النازية، سواء كان هؤلاء المساجين من البولنديين أو اليهود أو أسرى الحرب السوفييت أو حتى الألمان ذوي الإعاقات الجسدية والذهنية.
ومن ضمن هذه التجارب البشعة، تجربة قام بها الطبيب سيئ السمعة الشهير جوزيف منجيلي خلال الفترة من 1943 وحتى 1944، على التوائم في معسكرات الاعتقال وخاصة معسكر أوشفيتز.
التوأمان لوديت وليا، اللتان نجتا من تجارب منجيلي في معسكر أوشفتيز
حيث أجرى تجاربه على نحو 1500 حالة توائم لم يبق منهم على قيد الحياة بعد توقف هذه التجارب البشعة إلا 200 حالة، ففي محاولة منه لفهم علم الوراثة على أمل القدرة على مضاعفة العرق الألماني والجنس الآري، قام الطبيب منجيلي بخياطة التوائم مع بعضهم البعض وبتر بعض الأعضاء لمعرفة الخصائص الممكنة بالتوائم الملتصقة، كما حقن أحد التوائم بالأمراض كالتيفويد، ومن ثم نقل دمه لتوأمه ومعرفة من سينجو منهما، وحقنهم بالأصباغ المختلفة لمعرفة هل سيتغير لون العيون والشعر أم لا.
وكان الطبيب النازي يحقن التوائم محل الدراسة – والذين كانوا يحملون وشومًا على أيديهم برقم التجربة الخاصة بهم – بحقنة كلوروفورم مباشرة في قلوبهم، في حال أصبحوا غير مفيدين لتجارب الطبيب بعد تدهور حالتهم الصحية أو إصابتهم بالأمراض جراء حقنهم بها.
الخدمات السرية السوفيتية اختبرت تأثير الريسين والسيانيد والديجتوكسين و غاز الخردل على السجناء في الغولاغ
مختبر السموم السوفيتي
في عام 1921، تأسست وحدة أبحاث وتطوير سرية تابعة للخدمات السرية السوفيتية – أحد فروع وكالات الشرطة السرية في الاتحاد السوفيتي -، وعرفت باسم “مختبر السموم”. حيث كان الغرض من تأسيس هذا المختبر، العثور على مادة كيميائية سامة، لا طعم لها ولا رائحة، ولا يمكن الكشف عنها بعد حدوث الوفاة.
وتم تجريب هذه المواد الكيماوية القاتلة على السجناء الذين تم جلبهم من سجن الغولاغ، أو ما يعرف بمعسكرات الاعتقال والسخرة والعمل الإلزامي الدوموية السوفيتية، مخلوطة مع وجبات الطعام والشراب.
وتم اختيار سجناء متفاوتين في العمر والحالة الجسمانية والمواصفات العامة، لدراسة تأثير هذه السموم على شريحة أكبر، والحصول على صورة عامة وشاملة لما يمكن أن تسببه هذه السموم.
سجناء الغولاغ الذين تم استخدامهم كفئران تجارب
وبسبب هذه التجربة اللاأخلاقية الوحشية، توصل العاملون في مختبر السموم وعلى رأسهم رئيسة المشروع “ميرا نوفسكي”، إلى تطوير مادة كيميائية لها الخصائص المطلوبة، أُطلق عليها اسم. C-2
وتتكون من خليط من “كاربيلامين – كولين – كلوريد”، تسبب تغيرات جذرية في جسد الضحايا، حيث تسببت في وهن وضعف شديد للسجناء الذين تناولوها وتوفوا خلال 15 دقيقة من استهلاكها في الجسم.
برعاية عسكرية، تم إصابة نزلاء سجن الدولة في ستاتفيل بالملاريا عن عمد، بحثًا عن عقاقير معالجة للمرض
تجربة الملاريا في سجن ستاتفيل
خلال الحرب العالمية الثانية، وبسبب إصابة العديد من الجنود بالملاريا، وإزاء الرغبة الملحة للقضاء على المرض أو تطوير علاج مناسب له، تعاون قسم الطب بجامعة شيكاغو مع الجيش الأمريكي ووزارة الخارجية، بإجراء دراسة من أجل فهم تأثير الأدوية المضادة للملاريا على إضعاف الملاريا، على سجناء سجون ستاتفيل بالقرب في إلينوي/الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن أجل تجريب بعض الأدوية الجديدة غير المعروف تأثيرها على الملاريا، أصابوا السجناء عن عمد بالملاريا، تم تعريض كل سجين لنحو 10 لدغات من ناموس حامل للملاريا، حيث تم إجراؤها على 441 سجينًا، توفي واحد منهم بسبب العلاج التجريبي، وأصر الباحثون والأطباء على أن وفاته طبيعية وليست بسبب الآثار الجانبية للعقار الذي يتم تجريبه.
وتجدر الإشارة أن السجناء كانوا على علم بهذه التجربة اللاأخلاقية، ووافقوا على خوضها بسبب المكافآت المالية والوعد بإطلاق السلاح غير المشروط بالإضافة للعب على وتر خدمة الوطن.