ترجمة وتحرير: نون بوست
كشف موقع “بروبوبليكا” للتحقيقات عن أن المنصة الإعلانية التابعة لموقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، لا تتوانى عن استهداف الطوائف المنبوذة في عدة مجتمعات. يوم الثلاثاء 12 أيلول / سبتمبر، نجح موقع بروبوبليكا في الولوج إلى منصة موقع فيسبوك الإعلانية محاولا التقصي عن هوية المستخدمين الذين يعتمدون في إعلاناتهم عبارات من قبيل “يكرهون اليهود”، أو “قاتل اليهود”، أو “شوتزشتافل” وهو الاسم الذي يطلق على وحدات “إس إس” الألمانية سابقا.
في الواقع، عندما ضغط صحافيو موقع بروبوبليكا على كلمة “كاره اليهود” ظهرت لهم أداة نظام الإعلانات المستهدفة في الفيسبوك، التي عرضت عليهم عدة مواضيع من بينها “كيف تحرق اليهود”، و “تاريخ “لماذا دمر اليهود العالم؟”.
للتأكد من أن هذه الفئة موجودة فعلا، عمل موقع بروبوبليكا على شراء ثلاثة إعلانات مستهدفة للمستخدمين. في البداية، رفض نظام أداة الاستهداف التابعة لموقع فيسبوك نشر إعلاناتهم، ولم يكن ذلك بسبب أن الإعلانات التي تنشرها هذه الفئة تسبب مشاكل، بل لأن عدد المستخدمين المهتمين بهذه المواضيع لا يصل للعدد الذي برمج له الموقع.
لكن، عندما وسعت بروبوبليكا الفئة بإضافة إعلانات “كاره اليهود” وإعلانات أخرى، رد النظام الإعلاني لموقع فيسبوك بأن عدد المستجيبين من الجمهور كان “رائعا”، وبعد مضي ربع ساعة فقط، أعطى النظام موافقته على نشر ثلاثة إعلانات.
تجاوز الانتماءات العرقية
بعد أن تواصل معه موقع بروبوبليكا حول موضوع نوعية الإعلانات المعادية للسامية، أكد موقع فيسبوك أنه يدير ذلك بأسلوب خوارزمي، مؤكدا أنه يقوم بحذفها. في الوقت نفسه، أشارت شركة فيسبوك إلى أنها ستدرس الأساليب الممكنة لتجنب هذه النوعية من الإعلانات المسيئة والتأكد من عدم نشرها في المستقبل.
بعد يومين فقط، قامت صحيفة “سلايت” بنفس العملية، حيث جربت نشر إعلانات مستهدفة من قبيل “اقتلوا الراديكاليين الإسلاميين” و “كو كلوكس كلان”، كما قامت عشرات الجماعات الأخرى التي تحرض علانية على الكراهية بنفس الشيء. وبالنسبة لمحاولة “سلايت”، لم تمر سوى دقيقة قبل أن يعطي نظام الفيسبوك الضوء الأخضر لنشر مثل هذا الإعلان المسيء.
تمكنت صحيفة “سلايت” من نشر إعلان يستهدف فئات معينة، وذلك بمساعدة أداة الاستهداف الخوارزمية في موقع فيسبوك
تجدر الإشارة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يستعرض فيها موقع بروبوبليكا المختص في التحقيق الصحفي، وهو مؤسسة غير ربحية، خيارات موقع فيسبوك الإعلانية المستهدفة. فخلال السنة الفارطة، اكتشف بروبوبليكا أن الفيسبوك سمح له باستبعاد “الانتماءات العرقية” من الإعلان العقاري الذي ثبت أنه ينتهك القوانين الاتحادية لمكافحة التمييز. ومباشرة، استجاب فاسيبوك لذلك عن طريق تعديل نظامه لمنع الاستهداف العرقي في الإعلانات التي تشمل القروض والعروض الوظيفية والإعلانات العقارية.
مع بداية شهر أيلول / سبتمبر، كشفت صحيفة “واشنطن بوست” أن فيسبوك نشر على موقعه إعلانات تابعة لمجموعات روسية غامضة لها صلة بالكرملين، حيث يبدو أنها كانت مصممة للتأثير على الانتخابات الرئاسية الأمريكية لسنة 2016.
كل شيء مباح؟
تزامن اكتشاف حقيقة أن فيسبوك يسمح لنشر إعلانات على موقعه من قبل أشخاص، من بينهم منتمون للنازيين الجدد والمعادين للسامية، مع الوقت الذي يتم فيه التحقيق مع هذه الشركة ونظرائها في القطاع نفسه حول دورهم في تمرير أساليب التعبير عن الكراهية والتعصب لسيادة العرق الأبيض على شبكة الإنترنت.
في شأن ذي صلة، صرحت الزميلة أبريل غلازير، بأن هناك تضاربا في المواقف من جانب الشركات المتساهلة، ما خلق نوعا من “الإنترنت الشبح الموالي لليمين” الذي ينشر الخطابات المثيرة للجدل من قبيل الخطابات المهينة أو المحرضة على الكراهية بشكل علني.
بعد مضي حوالي ساعة على نشر موقع بروبوبليكا لتقريره يوم 12 أيلول / سبتمبر، نجحت سلايت في وضع إعلانها على فيسبوك باستخدام عبارات بحث شنيعة لاستهداف جمهورها
في هذه الأثناء، مازال جليا أن عددا كبيرا من المواقع على غرار فيسبوك لا تزال تلتزم الصمت، حيث تواصل شبكة إعلانات فيسبوك على وجه الخصوص تجسيد منهج “كل شيء مباح” على موقعها حتى من قبيل الإعلانات المستهدفة للغير، علما بأنه تمكن من تجاوز بعض المشاكل المتباينة مثل خيارات التمييز العنصري في الإعلانات العقارية.
بعد مضي حوالي ساعة على نشر موقع بروبوبليكا لتقريره يوم 12 أيلول / سبتمبر، نجحت سلايت في وضع إعلانها على فيسبوك باستخدام عبارات بحث شنيعة لاستهداف جمهورها. وحتى إذا أزال فيسبوك المصطلحات التي حددها بروبوبليكا في تقريره، فإن الأمر لم يستغرق سوى بضع دقائق للكشف عن تواجد عدد لا يحصى من نفس العبارات الشنيعة والمسيئة التي لا تزال متاحة في نظام الإعلانات التابع لفيسبوك.
حجم الشريحة المُستهدفة
من خلال تطبيق نفس أساليب بروبوبليكا، قمنا بفبركة إعلان لتعزيز نشر وظيفة لم تكن ذات صلة بنا. ولتحقيق ذلك، استخدمنا نظام الاستهداف لدى فيسبوك لتخفيض عدد المتابعين حسب الشرائح السكانية، بما في ذلك مدة التدريب وعدد العاملين. وفي هذا الإطار، اكتشفنا أن هناك 18 فئة مستهدفة تضم أسماء مهينة تشمل كل منها عددا صغيرا نسبيا من المستخدمين، تحديدا أقل من 1000 شخص في المجمل.
على غرار إعلان بروبوبليكا، أكد لنا نظام فيسبوك أن عدد متابعينا شحيح جدا. لذلك أضفنا مستخدمين معتمدين على طريقة خوارزمية، حيث أعربت لنا مجموعة تابعة لحزب يميني متطرف ألماني عن اهتمامهما بإعلاننا. كما ساهم ذلك في تعزيز عدد المتابعين إلى ما يقارب 135 ألف شخص، وهو عدد هام يكفي لتسجيل الإعلان بميزانية قدرها 20 دولارا. وبعد مضي دقيقة واحدة، أبدى موقع فيسبوك موافقته على نشر إعلاننا.
“استباحة النساء، وسلب البلدات”، “قتل الأوغاد”، “كو كلوكس كلان”
نعرض لكم فيما يلي بعض مجموعات الاستهداف التي سمح لنا فيسبوك باستخدامها في إعلاناتنا. والجدير بالذكر أنه تم تقديم الكثير من الخيارات من قبل النظام بصفة طوعية، أي عندما كنا نكتب “قتل الفئران”، يسألوننا هل نقصد بذلك أننا نريد استخدام عبارة “قتل المسلمين المتطرفين” كفئة للاستهداف.
إذا كان نظام الإعلانات في فيسبوك يحظر فعلا عددا قليلا جدا من المستخدمين الإجماليين ويمنعهم من اعتماد هذه العبارات والصياغات المسيئة، فإنه يسمح بنشر إعلانات مستهدفة تم إقرارها عن طريق مجموعة من المستخدمين الفرديين
علاوة على ذلك، كانت الفئات التالية من بين نفس الفئات التي ظهرت لنا في شكل اقتراحات خلال عملية الولوج التلقائي في إطار اختيار المواضيع المقترحة في استهداف المستخدمين حسب “مجال الدراسة”: كيف تقتل اليهود، اقتل الأوغاد، اقتل الحجيج، استباحة النساء، وسلب البلدات، تدنيس.
في القسم المتعلق “بالمدرسة”، وجدنا عبارة “المدرسة الابتدائية النازية”. وقد تضمن البحث عبارة “أربع عشرة كلمة”، وهو شعار يستخدمه القوميون البيض، في اقتراحاته المستهدفة على الفيسبوك، من قبيل المستخدمين الذين يتعاملون برمز “14/88” والمخفي تحت اسم “صاحب العمل”. وهنا أمثلة لبعض عناوين “أصحاب العمل” التي اقترحتها أداة الدخول التلقائي لموقع فيسبوك استجابة لعملية بحثنا: قتل الحجيج، قتل الراديكاليين الإسلاميين، كو كلوكس كلان، مجلة القتل الأسبوعي لليهود، مدرسة القتل والاغتيال.
في الحقيقة، لا ينتمي لبعض هذه الفئات سوى عضو واحد أو عضوان فقط؛ أما البقية فعددهم كبير. والمثير للاهتمام أن المجموعة التي تعتمد عبارة “كو كلوكس كلان” كمشغل لها تسجل على لائحتها قرابة 123 شخصا. ويشير ذلك إلى أنه إذا كان نظام الإعلانات في فيسبوك يحظر فعلا عددا قليلا جدا من المستخدمين الإجماليين ويمنعهم من اعتماد هذه العبارات والصياغات المسيئة، فإنه يسمح بنشر إعلانات مستهدفة تم إقرارها عن طريق مجموعة من المستخدمين الفرديين. في النهاية نود أن ننوه أن موقع الفيسبوك لم يجب مباشرة على طلب التعليق المقدم من قبل صحيفة “سلايت” حول هذا الموضوع.
المصدر: مجلة سلايت