ترجمة وتحرير: نون بوست
كتب هذا الموضوع: قاسم عبد الزهراء، وسوزان جورج
حسب أسوشيتد برس، صرح رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، في حوار له مع الوكالة يوم السبت، أن العراق مستعد للتدخل العسكري إن تحول استفتاء الاستقلال في المنطقة الكردية إلى أعمال عنف. وفي هذا الإطار قال “إذا تعرض الشعب العراقي للتهديد باستخدام القوة دون موجب قانوني، فحينها سنتدخل عسكريا”.
في الأثناء، يستعد إقليم كردستان العراق لعقد استفتاء حول نيل الاستقلال يوم 25 أيلول/ سبتمبر، في ثلاثة محافظات تمثل منطقة حكم ذاتي كردي، وفي المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد، والتي هي الآن تحت سيطرة القوات الكردية. في هذا السياق، أفاد حيدر العبادي “إن تحدّيتُم الدستور وتخطّيتم حدود العراق والحدود المرسومة فستكون هذه دعوة عامة لباقي الدول في المنطقة لانتهاك حدود العراق، ويعتبر هذا تصعيدا خطيرا”.
في المقابل، صرحت القيادات الكردية أنها تأمل في أن يحث الاستفتاء بغداد على الجلوس إلى طاولة المفاوضات ورسم خريطة استقلال. لكن، يعتقد العبادي أن هذه المفاوضات ستتعقد أكثر بعد الاستفتاء، ولعل هذا ما أكده في قوله، “سيصبح الوضع أكثر تعقيدا وصعوبة، بيد أنني لن أغلق باب المفاوضات، وسأحرص على أن تكون المفاوضات ممكنة دائما”.
هدد رئيس إقليم كردستان العراق المتمتع بالحكم الذاتي، مسعود بارزاني، في العديد من المناسبات باستخدام القوة إذا حاول الجيش العراقي أو الميليشيات الشيعية دخول المنطقة المتنازع عليها
على خلفية مطالبتهم بالاستقلال، تعرض أكراد العراق إلى ضغوطات كبيرة من أجل إلغاء إجراء هذا الاستفتاء، من قبل القوى الإقليمية والولايات المتحدة الأمريكية، الحليف الأبرز لحكومة بغداد. وفي هذا الصدد، صدر بيان ليلة الجمعة عن البيت الأبيض يدعو فيه إقليم كردستان إلى التنازل عن إجراء الاستفتاء والدخول في مفاوضات جادة ومستدامة مع بغداد.
والجدير بالذكر أنه ورد في هذا البيان أن “عقد استفتاء في منطقة متنازع عليها أمر استفزازي وقد يزعزع الاستقرار”، خاصة أن التوترات بين بغداد وأربيل قد احتدمت خلال الفترة الماضية منذ الإعلان عن اتخاذ يوم 25 أيلول/ سبتمبر موعد عقد استفتاء الاستقلال.
حيال هذا الشأن، هدد رئيس إقليم كردستان العراق المتمتع بالحكم الذاتي، مسعود بارزاني، في العديد من المناسبات باستخدام القوة إذا حاول الجيش العراقي أو الميليشيات الشيعية دخول المنطقة المتنازع عليها، والتي هي الآن تحت سيطرة المقاتلين الأكراد أو ما يعرف بالبشمركة، وخاصة كركوك المدينة الغنية بالنفط.
في وقت مبكر هذا الأسبوع، وصف محمد مهدي البياتي، أحد أبرز القيادات في الحشد الشعبي الشيعي في العراق، مدينة كركوك ما قبل التصويت فقال “إن المدينة تعيش في حالة من الفوضى”. في الواقع، تتمركز قوات البياتي، المعاقبة من قبل بغداد هي ومثيلاتها من القوات المقربة جدا من إيران، حول المدينة البترولية وغيرها من المناطق المتنازع عليها. وقد بين البياتي، وهو يصف قلقه من أن تسحب مجموعة من المقاتلين المارقة المنطقة إلى اشتباكات عنيفة، “إن الجميع يرزحون تحت الضغط، وأي شيء قد يحدث هناك يمكن أن يكون الشرارة التي ستحرق الجميع”.
عقب سنة 2003، إثر الإطاحة بصدام حسين، تحصل الإقليم على اعتراف دستوري باستقلاليته، ولكن ظل جزءا من دولة العراق
من جهته، يركز حيدر العبادي في طبيعة الاستجابة القانونية لاستفتاء الاستقلال الكردي. فقد رفض البرلمان العراقي في وقت من مبكر هذا الأسبوع الاستفتاء، في تصويت قاطعه النواب الأكراد. في الحقيقة، لطالما حلم الأكراد بقيام دولتهم. فبعد القمع الشديد الذي تعرضوا له في عهد صدام حسين، الذي قتل خلال ثمانينات القرن الماضي قرابة 50 ألف كردي، حيث قتل أكثرهم جراء الأسلحة الكيميائية، أقام الأكراد حكومة إقليمية سنة 1992، عقب فرض الولايات المتحدة حظرا للطيران في شمال العراق، عقب حرب الخليج.
عقب سنة 2003، إثر الإطاحة بصدام حسين، تحصل الإقليم على اعتراف دستوري باستقلاليته، ولكن ظل جزءا من دولة العراق. وعندما سئل العبادي عما إذا كان سيقبل بكردستان مستقلة، أجاب “ليس هذا من شأني، بل هذا شأن دستوري”. كما قال رئيس الوزراء العراقي، “إن أراد أكراد العراق مواصلة المسار فعليهم القيام بذلك عبر بوابة الدستور. وفي هذه الحالة، علينا المرور عبر البرلمان من أجل إجراء استفتاء يشارك فيه الشعب العراقي ككل”. وأضاف العبادي “أما أن تستدعي الأكراد فقط للتصويت، فأعتقد أن هذا انتهاك خطير بحق الشعب العراقي”.
في شأن ذي صلة، تسلم العبادي منصب رئيس الوزراء بعد سقوط الموصل في قبضة تنظيم الدولة، ما أدى إلى دخول العراق في أزمة سياسة وأمنية خانقة لم تعرف البلاد مثيلا لها منذ الجرائم الطائفية التي أعقبت الغزو الأمريكي للعراق سنة 2003. خلال السنوات الثلاث الماضية، بدأت القوات العراقية تسترجع ببطء أراضيها من قبضة تنظيم الدولة وقد وظف العبادي هذه الانتصارات العسكرية لكسب التأييد الشعبي له. وفي تموز/ يوليو، استعادت القوات العراقية السيطرة على الموصل وحطمت فعليا الخلافة الإقليمية التي أعلن عنها تنظيم الدولة.
في هذا السياق، قال حيدر العبادي لأسوشيتد برس، إن هذه الانتصارات العسكرية قد جاءت بعد دفع ثمن باهظ، فخلال معارك الموصل فقط سقط ما بين 970 و1260 مدنيا، بينما كانت الخسائر في صفوف قوات الأمن العراقية ضعف هذا العدد. وعلى الرغم من فقدانه لأهم مواقعه، ما زال التنظيم الإرهابي ينفذ هجمات متفرقة في العراق. وقد أعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عن تنفيذ هجوم ضد نقطة تفتيش ومطعم يوم الخميس الماضي في جنوب العراق، مخلفا 80 قتيلا و93 جريحا.
أفاد العبادي أنه بصدد عقد مفاوضات مطولة مع نظرائه في أوروبا لتباحث سبل عودة اللاجئين، مؤكدا أن “هؤلاء جزء من الشعب العراقي ولا نريد أن نخسر مواطنينا”
علاوة على ذلك، خلفت سنوات الحرب أكثر من ثلاثة ملايين نازح، ناهيك عن مدن وبلدات وقرى مدمرة كانت تحت قبضة تنظيم الدولة. كما أن الميليشيات، التي استقوت جراء سياسة التسلح والتدريبات التي تلقتها لمواجهة الجماعات المتطرفة، تحاول الاستفادة من هذا التأثير أيضا.
ولكن، يرى حيدر العبادي أن الوضع الأمني والاقتصادي في العراق تحسن مستمر. وحيال طموحاته في الإصلاح السياسي والاقتصادي التي طرحها في بداية سنة 2015، أقر حيدر العبادي “أعتقد أننا حققنا بعض الأهداف، ولكن الإصلاح يتطلب بعض الوقت”. ورغم التحديات التي تواجهها البلاد، دعا العبادي العراقيين الذين فروا من مدنهم خلال السنوات الثلاث الماضية للعودة إلى منازلهم. فوفق الأمم المتحدة، هاجر قرابة 80 ألف عراقي إلى أوروبا عبر البحر، خلال سنة 2015 فقط.
في سياق متصل، أورد العبادي “لن أؤيد العودة القسرية إلى العراق ولكن أعتقد أن العراقيين قد أيقنوا أنه من الصعب عليهم أن يبقوا في أوروبا حاملين صفة اللاجئين”. وأفاد العبادي أنه بصدد عقد مفاوضات مطولة مع نظرائه في أوروبا لتباحث سبل عودة اللاجئين، مؤكدا أن “هؤلاء جزء من الشعب العراقي ولا نريد أن نخسر مواطنينا”.
المصدر: بلومبيرغ