تختلط الأوراق مجددًا في سوريا، وتزداد الأجواء سخونة على طول جغرافيتها، مع تصاعد حدّة التوترات والمناوشات العسكرية لحدودها القصوى بين المثلث الأمريكي الإسرائيلي الإيراني، وذلك مع تواصل معركة “طوفان الأقصى” وما تبعها من عدوان إسرائيلي على قطاع غزة شهرها الخامس.
وبدا واضحًا ازدياد وتيرة الاستهدافات العسكرية المتبادلة بين الأطراف الثلاثة في سوريا، التي باتت ساحة خلفية لإيصال الرسائل بينها، بعد أن بقيت سنوات عديدة تتذيّل أولويات واهتمام المجتمع الدولي.
وتعدّ سوريا أكثر الساحات المهددة بامتداد حرب غزة، بسبب تنوع الجهات الدولية المنتشرة على أراضيها، وتأثُّر مصالح تلك الأطراف مباشرة بحرب غزة، لا سيما الولايات المتحدة و”إسرائيل” وإيران وروسيا.
نحاول في هذا التقرير تلمّس تداعيات الحرب الإسرائيلية في غزة على سوريا، بعد أن ازدادت وتيرة المناوشات لتصبح أكثر تأثيرًا وشدة في الآونة الأخيرة، ما ينذر بانتقال معركة الظل إلى المواجهة المباشرة، وترسيخ قواعد مواجهة جديدة، وتحولها إلى حرب إقليمية واسعة قد تكون سوريا ساحة رئيسية فيها.
“إسرائيل” تغيّر استراتيجيتها في سوريا
تنظر “إسرائيل” إلى إيران كونها منافسًا إقليميًّا يشكّل خطرًا على أمنها ومكانتها ومصالحها في منطقة حيوية لها، لذا مع بدء التوسع الميليشياوي والعسكري الإيراني على حدودها الشمالية في سوريا عقب اندلاع الثورة السورية عام 2011، تدرّجت الاستراتيجية الإسرائيلية في التعامل مع الوجود الإيراني في سوريا وفق خط تصاعدي منسجم مع مقتضيات المرحلة، ومع حجم التمدد الإيراني ونوعيته.
تغاضت “إسرائيل” بداية عن التمدُّد الإيراني داخل سوريا وتحرُّكات ميليشياتها الأجنبية والمحلية، التي كانت تهدف أساسًا إلى دعم نظام الأسد ومنع انهياره، لكن تغيّر التعامل الإسرائيلي مع هذا التمدد مع تحول إيران إلى استغلال اتّساع هامش الحركة لديها، في نشر قواتها وإنشاء قواعد وبنى تحتية عسكرية، والتسلُّل إلى مناطق قريبة من المواقع الإسرائيلية في مناطق الجنوب السوري، التي تمتلك أهمية استراتيجية بالنسبة إلى أمن “إسرائيل” من حيث كونها أطول الجبهات المحاذية لها (80 كيلومترًا).
ففي مطلع العام 2013، بدأت “إسرائيل” أولى ضرباتها العسكرية ضد التموضع الإيراني العسكري في سوريا، واستهدفت في 30 يناير/ كانون الثاني مركز البحوث العلمية في جمرايا في ريف دمشق، إلى أن بلغت حصيلة الهجمات الإسرائيلية نحو 500 هجوم نهاية عام 2023.
وفي 25 يناير/ كانون الأول 2023، وفي اليوم الـ 80 للعدوان الإسرائيلي على غزة، اغتالت “إسرائيل” أحد أهم قياديي الحرس الثوري الإيراني في سوريا، وأحد أهم مستشاري فيلق القدس، ومسؤول التنسيق والدعم لما يُعرف بـ”محور المقاومة”، العميد رضى موسوي في منطقة السيدة زينب بمدينة دمشق.
ويمثّل اغتيال موسوي نقطة فارقة في سلسلة التصعيد الإسرائيلي غير المسبوق ضد الوجود الإيراني في سوريا منذ مطلع عام 2023، والذي أخذ خطًّا تصاعديًّا سريعًا مع انطلاق معركة “طوفان الأقصى” في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث شهد عام 2023 تسجيل 76 هجومًا “إسرائيليًّا”، كأكبر حصيلة استهداف مقارنة مع 39 هجومًا عام 2020، 29 هجومًا عام 2021، و32 هجومًا عام 2022، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
خلال العام 2023، أحصى المرصد تدمير “إسرائيل” بضربات جوية وبرية نحو 154 هدفًا، ما بين مبانٍ ومستودعات للأسلحة والذخائر، ومقتل 152 عسكريًّا، بينهم 63 عنصرًا من الميليشيات التابعة لإيران من جنسيات غير سورية، 40 عنصرًا من قوات النظام، 26 عنصرًا من “حزب الله” اللبناني، 14 عنصرًا من الميليشيات التابعة لإيران من الجنسية السورية، 7 من مستشاري الحرس الثوري الإيراني، وعنصران من الجهاد الإسلامي.
ويمكن القول إن الاستراتيجية الإسرائيلية في التعامل مع الوجود الإيراني في سوريا شهدت تغيّرًا ملحوظًا، عقب انطلاق عملية “طوفان الأقصى”، وما تبعها من العدوان العنيف على قطاع غزة، في محاولة لمنع إيران من التشويش على عمليات “إسرائيل” العسكرية في غزة، وردعها عن الانخراط في الحرب، عبر تحريك ميليشياتها في المناطق المحاذية لـ”إسرائيل”.
وتقوم هذه الاستراتيجية كما يبدو على تكثيف “إسرائيل” ضرباتها على المواقع والقواعد الإيرانية وميليشياتها في سوريا، وتوسيعها لتشمل عملية اغتيال قيادات إيرانية مهمة ورفيعة المستوى، ضمن استراتيجية غير مسبوقة.
إذ ارتفع معدل الهجمات بعد “طوفان الأقصى” بشكل ملحوظ، لتصل إلى ما يقارب من 50 هجومًا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام 2023، خلّفت أكثر من 80 قتيلًا من الميليشيات الإيرانية، إضافة إلى 7 هجمات خلال يناير/ كانون الثاني الماضي، كان من بينها استهداف 5 جنرالات من الحرس الثوري الإيراني، من بينهم قائد استخبارات فيلق القدس في سوريا يوسف أوميد زاده المعروف بـ”الحاج صادق” في حي المزة بدمشق.
وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، أن الجيش الإسرائيلي هاجم أكثر من 50 هدفًا لـ”حزب الله” اللبناني في سوريا، و3 آلاف و400 هدف في لبنان منذ بداية الحرب على غزة.
ويأخذ التصعيد الإسرائيلي ضد قيادات الحرس الثوري الإيراني والميليشيات العاملة تحت قيادته في سوريا خطًّا توسعيًّا، إذ ركّزت “إسرائيل” خلال الفترة السابقة على استهداف مواقع وقيادات تتواجد على مقربة من حدودها الشمالية في الجنوب السوري، وتحديدًا في دمشق وريفها، لا سيما منطقة السيدة زينب.
لكن الضربات توسّعت لتشمل مناطق بعيدة نسبيًّا عن الحدود الإسرائيلية، وتحديدًا في مدينة حمص التي تعرضت لغارة إسرائيلية مطلع الشهر الحالي، أسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من 20 شخصًا، بينهم مدنيون واثنان من مقاتلي “حزب الله” اللبناني، بحسب موقع “فرانس بريس“.
إيران والتصعيد المنضبط
منذ بداية معركة “طوفان الأقصى”، اتخذت إيران موقفًا متباينًا منها، واتّبعت سياسة حذرة منضبطة، حيث دعمت المعركة سياسيًّا وإعلاميًّا، وتنصّلت من الاشتراك مباشرة في الحرب، بعد بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وحسمت موقفها رسميًّا من الحرب في غزة، حين أبلغت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك أنّ القوات المسلحة الإيرانية لن تتورّط في الحرب، ما لم تهاجم “إسرائيل” مصالح إيران أو مواطنيها.
فبدلًا من الانزلاق في مواجهة شاملة ومفتوحة مع “إسرائيل” والولايات المتحدة، قد تؤدي إلى تقويض نفوذها في المنطقة، اختارت طهران تجنُّب المواجهة المباشرة، وعدم الانخراط في الحرب، ودفعت وكلاءها في المنطقة لتنفيذ هجمات محدودة ورمزية في بعض الأحيان، ضد القوات الأمريكية في سوريا والعراق.
ونفت في أكثر من مرة وقوفها خلف الهجمات على لسان عدد من مسؤوليها، إذ نفى وزير الخارجية الإيراني حسين عبد اللهيان في وقت سابق إصدار إيران تعليمات لجماعات في سوريا والعراق باستهداف القوات الأمريكية، مضيفًا أنها “تصرفت بشكل مستقل، ولا تتلقى أوامر أو توجيهات من طهران”.
ولم تكن هذه الاستراتيجية الإيرانية وليدة اللحظة، بل اتّسمت المواجهة الإيرانية مع الولايات المتحدة و”إسرائيل” قبل معركة “طوفان الأقصى” بما يسمّى “حرب الظل”، والتي كانت سوريا ركنًا أساسيًّا فيها.
فبالنسبة إلى إيران، مثّلت سوريا مؤخرًا قاعدة استراتيجية مهمة ضمن مشروعها الإقليمي التوسعي في المنطقة، ونقطة أساسية لتحقيق ردع متقدم، وساحة لإرسال رسائل لمختلف الأطراف، وعلى رأسهم الولايات المتحدة و”إسرائيل”.
ولذا اعتمدت إيران منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة على التحرك عسكريًّا في الأراضي السورية، بعد أن رفعت عدد مواقعها العسكرية تدريجيًّا ليصل إلى أكثر من 570 نقطة وقاعدة بحلول العام 2023، بينها 82 موقعًا في محافظات درعا والسويداء والقنيطرة جنوبي سوريا، تتنوع مهامها بين دعم قوات نظام الأسد، وحماية مستودعات الأسلحة ومنظومات الدفاع الجوي الإيراني في المنطقة، وتنفيذ عمليات الاستطلاع والتجسُّس على القوات الإسرائيلية في الجولان، وفق دراسة تحليلية أعدّها مركز جسور للدراسات.
ولم تخفِ إيران هذه الأهمية الاستراتيجية لسوريا، والتي تكررت على لسان عدد من مسؤوليها الكبار منذ بداية الثورة السورية عام 2011، مع بدء الانخراط الإيراني المباشر في سوريا.
ففي عام 2018، أكّد أمين مجلس الأمن القومي الإيراني آنذاك علي شمخاني، أن “أمن سوريا من أمن إيران“، وسبقه تصريح للرئيس السابق لجهاز الاستخبارات التابع للحرس الثوري الإيراني مهدي طائب عام 2013، الذي قال إنه “إذا حدث هجوم عسكري على سوريا وخوزستان، فإن أولويتنا ستكون الدفاع عن سوريا”، واصفًا سوريا بـ”المحافظة الإيرانية الـ 35“.
وخلال 13 عامًا من التدخل الإيراني في سوريا، بنت إيران منشآت عسكرية ومخازن تموينية لتسهيل عبور الأسلحة الثقيلة والنوعية إلى سوريا، أو إلى ذراعها العسكرية في لبنان (حزب الله) عبر الأراضي السورية، وركزت على تثبيت حضورها العسكري في مناطق الجنوب السوري القريبة من الجولان المحتل على الحدود الشمالية مع “إسرائيل”.
كما زادت حجم انخراطها العسكري النوعي والكمّي في سوريا، عبر تأسيس وتدريب وتمويل ميليشيات محلية وأجنبية، استقدمتها من باكستان والعراق وأفغانستان ولبنان، شاركت في تأمين سيطرة النظام على المدن الكبرى في دمشق وحلب وحماة وحمص والجنوب السوري، إذ وصلت أعدادها عام 2020 إلى أكثر من 100 ألف مقاتل، تنضوي في أكثر من 60 ميليشيا، باعتراف قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي.
وأشار تقرير لموقع “إيران واير” لعام 2020، إلى أن الميليشيات الإيرانية في سوريا تفرعت ما بين قوات عسكرية إيرانية، كـ”فيلق القدس” و”الباسيج”، وميليشيات أجنبية أهمها “حزب الله” اللبناني و”لواء أبو فضل العباس” و”لواء فاطميون – أفغانستان” و”لواء زينبيون – باكستان”، إضافة إلى ميليشيات أخرى سورية محلية.
وضمن خطواتها المنضبطة بقواعد الاشتباك مع “إسرائيل”، أجرت إيران بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على غزة إعادة تموضع لميليشياتها في مناطق الجنوب السوري، خاصة في قرى وبلدات الجولان المحتل، وعدد من التلال التي تسيطر عليها في ريف محافظة درعا، بحسب “تجمع أحرار حوران“، بينما أفاد موقع “صوت العاصمة” نقل الميليشيات الإيرانية قرابة 300 عنصر من ريف حمص إلى منطقة الجولان.
وصعّدت من ضرباتها الصاروخية عبر ميليشياتها ضد القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، وتأتي هذه الضربات استمرارًا لنهجها وهدفها الاستراتيجي المتمثل في الضغط على الولايات المتحدة للانسحاب من سوريا، فبعد بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، سعت إيران إلى الاستفادة من تأجُّج الأوضاع في المنطقة بتركيز جهود ميليشياتها على استهداف القواعد الأمريكية، تحت غطاء دفع الولايات المتحدة للضغط على “إسرائيل” لإيقاف هجماتها على غزة.
في حين رأى الباحث المشارك في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، مصطفى النعيمي، خلال حديثه لـ”نون بوست”، أن “إيران ترغب فعليًّا في توسيع نطاق التصعيد لتعزيز قدراتها العسكرية والأمنية المتقدمة في سوريا ولبنان، وضمان عدم استهداف الأراضي الإيرانية مستقبلًا، من خلال توسيع الصراع في مناطق نفوذها في المنطقة العربية، وتحديدًا في سوريا والعراق ولبنان واليمن”.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية تعرض القوات الأمريكية في العراق وسوريا والأردن إلى أكثر من 169 هجومًا منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بينما رصد المرصد السوري تعرُّض القواعد الأمريكية في سوريا إلى 107 هجمات من قبل الميليشيات المدعومة من إيران منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، من بينها الاستهداف الأخطر من نوعه لما يسمّى بـ”المقاومة الإسلامية في العراق” المدعومة من إيران لقاعدة تي 22 الأمريكية على الحدود الأردنية السورية، والتي أسفرت عن مقتل 3 جنود أمريكيين وإصابة أكثر من 30 آخرين.
الولايات المتحدة.. بين سياسة التصعيد والردع
أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، بعد مشاركته في استقبال جثامين الجنود الأمريكيين الثلاثة الذين قُتلوا بقصف القاعدة الأمريكية، بدء الجيش الأمريكي ضربات جوية على منشآت عسكرية تتبع للحرس الثوري الإيراني والميليشيات الإيرانية في العراق وسوريا، أسفرت عن مقتل أكثر من 29 عنصرًا من الميليشيات الإيرانية، جراء استهداف أكثر من 85 موقعًا في العراق وسوريا، بينها 28 موقعًا في محافظة دير الزور وريفها، بحسب “رويترز”.
وقد جاء الرد الأمريكي المحدود، الذي استمر حوالي 30 دقيقة فقط، بحسب بيان البيت الأبيض، وعلى الأراضي السورية والعراقية، بعيدًا عن استهداف مباشر لإيران، ليؤكد حرص الولايات المتحدة على تجنُّب توسيع الصراع في غزة ليشمل الإقليم.
وأعاد التأكيد على ذلك منسّق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأمريكي في البيت الأبيض جون كيربي، الذي قال إن “الضربات كانت ناجحة، ولا نسعى للحرب مع إيران”، وشدد عليه أيضًا وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، الذي قال إن “الولايات المتحدة لا ترغب في تصعيد النزاع في المنطقة”.
فمنذ بداية معركة “طوفان الأقصى”، أصبحت أولى أهداف الولايات المتحدة الرئيسية في المنطقة منع تمدد الحرب في غزة إلى الإقليم، وتجنُّب الدخول في حرب أوسع مع إيران، وذلك ضمن استراتيجيتها الأوسع القائمة على تخفيف البصمة العسكرية وفكّ الارتباط تدريجيًّا في المنطقة، وعدم الغرق في صراعات عسكرية جديدة في الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، أطلقت الولايات المتحدة تهديدات بالردّ عسكريًّا على إيران في حال انخرطت في الحرب، واستقدمت حشودًا عسكرية إلى الشرق الأوسط، في البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي والبحر الأحمر، متمثلة بمجموعتَين قتاليتَين بحريتَين برفقة حاملتَي الطائرات “جيرالد فورد” و”آيزنهاور” وغواصة نووية إلى المنطقة، بعد 4 أيام فقط من بدء المعركة.
كما باشرت في شنّ عملية ردع واسعة باستهداف الميليشيات الإيرانية في سوريا والعراق، إذ ذكر المرصد السوري أن الولايات المتحدة استهدفت أكثر من 16 موقعًا للميليشيات الإيرانية في محافظة دير الزور، منذ بداية العدوان على غزة إلى الشهر الأول من العام الحالي، أسفرت عن مقتل أكثر من 30 عنصرًا من الميليشيات الإيرانية.
وفي الوقت ذاته، دعّمت الولايات المتحدة قواعدها ونقاطها العسكرية المنتشرة شمال شرق سوريا، ليصل عدد قواعدها العسكرية إلى ما يقارب الـ 30 قاعدة تنتشر في محافظات دير الزور والرقة والحسكة، بحسب خريطة تحليلية أصدرها مركز جسور للدراسات في أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
لكن بات من الواضح ارتباك موقف إدارة بايدن الديمقراطية في سوريا والعراق، بعد التصعيد الإيراني غير المسبوق ضد القواعد الأمريكية، والذي أدّى لأول مرة منذ سنوات إلى مقتل جنود أمريكيين.
إذ تحاول الولايات المتحدة من خلال ضرباتها العسكرية ضد الميليشيات الإيرانية، إيجاد توازن دقيق بين التصعيد المدروس وردع إيران عن الدخول في تصعيد قد يُغرق الولايات المتحدة مجددًا في مستنقع حروب المنطقة، خاصة مع تأزُّم الصراعات الداخلية واقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والتي تزداد فيها حظوظ الجمهوريين بقيادة ترامب، فضلًا عن تصاعد الاحتجاجات والإضرابات المطالبة بوقف الدعم الأمريكي لـ”إسرائيل” في حربها على غزة.
وخلال حديثه مع “نون بوست”، نوّه الباحث في مركز أبعاد للدراسات السياسية، محمد سالم، إلى “ضعف احتمالية تحول المناوشات الحالية بين الثلاثي الأمريكي الإيراني الإسرائيلي إلى حرب شاملة، نظرًا إلى عدم رغبة الطرفَين الإيراني والأمريكي في تصعيد المواجهة، وحرصهما الواضح على ضبط ردود الأفعال بشكل محسوب، بحيث تكون الردود ذات صفة تصعيدية تدريجية، دون أن تؤدي إلى الانخراط في صراع واسع، رغم رغبة الحكومة الإسرائيلية في توسيع الصراع”.
وأكّد سالم أن “إدارة بايدن الديمقراطية وإيران استطاعتا حتى الآن كبح جماح التحول إلى صراع كبير، خاصة مع هيمنة أجواء الهدنة في غزة، والضغط الأمريكي المتصاعد والحقيقي على “إسرائيل” لإبرام هدنة في غزة”.
بينما أشار الباحث النعيمي إلى أن “المواجهات الحالية بين الأطراف الثلاث تتّجه صوب مزيد من التصعيد المتدرّج في مناطق جنوب سوريا ولبنان، خاصة بعد إعادة روسيا تموضعها العسكري في مناطق نفوذها جنوب سوريا، واستثمار إيران ذلك بإطلاق قذائف وصواريخ ومسيّرات على شمال “إسرائيل””.
مكملًا: “وأخطر تلك التحركات الإيرانية كان إطلاق الميليشيات الإيرانية طائرة مسيّرة استطلاع من جنوب سوريا، اعترضتها “إسرائيل” باستخدام طائرة حربية من طراز إف-16، في دلالة واضحة على تغيير قواعد الاشتباكات بين الطرفَين، نظرًا إلى عدم امتثال إيران ومحورها في عدم التصعيد تجاه “إسرائيل””.
روسيا.. الحاضر الغائب
مثّل التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا عام 2015 حدثًا مفصليًّا في سوريا والمنطقة، إذ نجحت روسيا من خلاله في تحويل مسار الثورة السورية لصالح نظام الأسد عسكريًّا وسياسيًّا، وزادت من مساحات سيطرته.
وخلال السنوات التي أعقبت تدخّلها، عملت روسيا على نسج خيوط توازنات دقيقة وتفاهمات مع القوى الدولية والإقليمية المنخرطة في الصراع السوري، كالولايات المتحدة وتركيا والأردن و”إسرائيل” وإيران.
ويُعتبر اتفاق الجنوب لعام 2018 أبرز التفاهمات المعقّدة التي أرستها روسيا في سوريا، حيث توصلت إلى اتفاق مَنح نظام الأسد السيطرة على المناطق التي كانت تحت سيطرة الجيش الحر جنوب سوريا في محافظتَي درعا والقنيطرة، وضمنت لها موقعًا استراتيجيًّا في منطقة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالصراع الإيراني الإسرائيلي.
وعملت روسيا على إحداث توازن في العلاقة بين إيران و”إسرائيل”، إذ دخلت بدور الوسيط والضامن في عملية مراقبة النفوذ الإيراني في سوريا، والحدّ من انتشار الميليشيات الإيرانية في المناطق الحدودية مع “إسرائيل”، ونسّقت مع “إسرائيل” فيما يتعلق بضرباتها في سوريا، وحدّت منها.
وكانت الحرب الروسية على أوكرانيا محطة مهمة لتمتين علاقات روسيا مع إيران، التي استغلت ذلك في توسيع نشاطاتها العسكرية، مقابل توتر وجمود أحاط بالعلاقات الروسية الإسرائيلية، بعد موقف “إسرائيل” الداعم لأوكرانيا، وتقديمها دعمًا سياسيًّا وعسكريًّا لها.
وهذا بدوره انعكس مباشرة على الساحة السورية، حيث قلّصت روسيا تواجدها في بعض نقاطها العسكرية في سوريا، نكاية كما يبدو بالغرب، لتصل إلى 105 قاعدة ونقطة عسكرية عام 2023، بعد أن كانت 132 قاعدة عام 2022، إذ ذكرت صحيفة “موسكو تايمز” أن روسيا قامت بإخلاء العديد من القواعد العسكرية الروسية في كل من درعا وحمص واللاذقية وبعض المناطق في الشمال السوري، وسلّمتها إلى الحرس الثوري الإيراني.
ومع بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، انتقدت روسيا الحرب الإسرائيلية وموقف الغرب الداعم لها، وأخذت خطًّا معارضًا لاستمرار الحرب، ما أحدث فجوة في العلاقات مع “إسرائيل”، التي سارعت في إيقاف الخط الساخن مع روسيا بشأن هجماتها في سوريا، وباشرت في شنّ ضرباتها ضد النفوذ الإيراني دون التنسيق مع روسيا، حيث أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في وقت سابق، أن “إسرائيل لا تبلغ روسيا بخصوص ضرباتها على سوريا، ونحن نعلم بالضربات على سوريا بعد وقوعها”.
ويمكن القول إن روسيا تسعى فعليًّا لتخفيف التصعيد الإسرائيلي الإيراني وضبطه، خوفًا من تأثيره السلبي المحتمل على مصالحها في سوريا، في حال تحوّل إلى حرب شاملة، وهو ما حذّر منه عدد من المسؤولين الروس.
ومن جهة أخرى، قدّمت الحرب الإسرائيلية على غزة عدة فرص ذهبية لروسيا، إذ حرفت نسبيًّا الأنظار عن الغزو الروسي لأوكرانيا، وأثّرت على قدرة الغرب في الاستمرار في دعم أوكرانيا عسكريًّا.
كما تساهم هذه الحرب في إعادة تثبيت حضور روسيا ودورها الأساسي في سوريا، وإعادتها مجددًا كفاعل رئيسي في الساحة السورية، بعد تراجع نشاطها نسبيًّا عقب حربها على أوكرانيا، حيث برزت روسيا مجددًا كوسيط وضامن هام لمنع الانزلاق إلى حرب واسعة بين “إسرائيل” وإيران في سوريا.
وممّا يدلّل على رغبة روسيا في الاستثمار بالحرب الإسرائيلية على غزة، وأخذ دور الوسيط، مباشرتها في إعادة تسيير دورياتها العسكرية جنوب سوريا قرب الجولان المحتل، بعد توقفها لأكثر من عام، وأتبعت ذلك بإنشاء نقطتَين عسكريتَين في محافظة القنيطرة، على خلفية تصاعد التوتر بين ميليشيات إيران و”إسرائيل”.
وفي هذا السياق، يرى سالم في حديثه لـ”نون بوست” أن “روسيا تحاول الاستفادة من الوضع القائم لتُظهر نفسها بمظهر الوسيط القادر على منع الصراع، وضبط إيقاع المناوشات بين الإيرانيين والإسرائيليين، وتعزيز وجودها في سوريا أكثر، لذا زادت من دورياتها ولو بشكل رمزي في الجنوب السوري، بهدف إرسال رسالة بأن دورها محوري وجوهري في ضبط الصراع”.
أين نظام الأسد ممّا يجري؟
نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية بالتزامن مع بدء “إسرائيل” عدوانها على غزة، أن “إسرائيل” أرسلت تحذيرًا لـ”حزب الله” اللبناني عبر فرنسا، يفيد بأنها ستستهدف بشار الأسد شخصيًّا في حال انضمَّ الحزب إلى الحرب في غزة، وهو ما أكّده لاحقًا موقع “أكسيوس“، الذي نقل أن الإمارات حذّرت نظام الأسد من التدخل في الحرب بين “إسرائيل” وحماس في غزة، أو السماح بشنّ هجمات عسكرية على “إسرائيل” من الأراضي السورية.
مع بدء معركة “طوفان الأقصى” غاب نظام الأسد عن المشهد السياسي تمامًا، واتخذ موقفًا ضعيفًا وأقرب منه إلى الحياد، مكتفيًا بإطلاق عدة بيانات على لسان مسؤوليه أو عبر وسائل الإعلام الرسمية التابعة له تدين وتستنكر جرائم “إسرائيل” في غزة، مبتعدًا عن إبداء أي تصعيد أو تهديد تجاه “إسرائيل”، ومحافظًا بذلك على قواعد الاشتباك مع “إسرائيل” في الجولان المحتل، رغبةً منه في تجنُّب أي تصعيد مباشر معها قد يؤدي إلى انهياره.
إذ انخفضت وتيرة الهجمات الصاروخية ضد “إسرائيل” من مناطق الجنوب السوري، بعد الضربات الإسرائيلية الشديدة ضد مواقع النظام، لا سيما بعد استهداف الجيش الإسرائيلي المتكرر لمطارَي دمشق وحلب الدوليَّين، وإخراجهما عن الخدمة عدة مرات، واستهدافه بنى تحتية ومواقع عسكرية لقوات النظام جنوب سوريا.
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة “القدس العربي” عن مصدر عربي أن نظام الأسد أبلغ عدة دول “التزامه بعدم توسعة الحرب الجارية في غزة، والحفاظ على الجبهة السورية هادئة، ومنع حزب الله اللبناني وإيران من استخدامها في حال امتداد الصراع خارج إسرائيل وغزة”.
كما أفاد المصدر أن وزير خارجية النظام فيصل المقداد، ورئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك، أجريا عدة اتصالات على المستويَين الدبلوماسي والأمني، شملت كلًّا من روسيا وإيران والإمارات العربية ومصر، إضافة إلى “حزب الله” اللبناني لتأكيد سعي نظام الأسد إلى تجنُّب شرارة نيران المعركة.
تمسّك النظام بقرار الابتعاد عن المشهد وعدم التصعيد مع “إسرائيل”، وعدم استفزازها بأي خطوة غير مدروسة ولو بالمستوى الأدنى، وهو ما بدا واضحًا بفرضه موافقة أمنية على الفصائل الفلسطينية، لتنظيم مظاهرات وفعاليات تضامنية مع غزة في مناطق سيطرته، وتجاهله التام لحركة حماس التي تتصدر المشهد العسكري والسياسي في غزة، و غيابها تمامًا عن وسائل إعلامه الرسمية.
في المحصلة، يبدو نظام الأسد خارج نطاق التأثير على مجريات الحرب الإسرائيلية في غزة، واحتمالية توسعها إلى سوريا، بعد ارتهان قراره السياسي والعسكري بيد روسيا وإيران، فضلًا عن عدم امتلاكه الإمكانات وأدوات التأثير في الأحداث الإقليمية، وضعف إمكاناته العسكرية، ومحدودية خياراته السياسية، ووقوفه عاجزًا تمامًا أمام الهجمات الإسرائيلية المتكررة على مختلف المناطق السورية.
من جهة أخرى، يبدو أن النظام يستثمر فعليًّا من موقفه السلبي ممّا يجري في غزة، في سياق إظهار نفسه أمام الغرب والقوى العربية الراغبة في استكمال مسار التطبيع معه، لا سيما السعودية والإمارات، كنظام قادر على الالتزام بقواعد اللعبة، وضبط المشهد في مناطق سيطرته وتموضعه في سوريا.
كما استثمر ذلك في مسار إعادة تعويمه عربيًّا ودوليًّا، واستكمال خط فكّ العزلة الدولية المفروضة عليه، وأملًا منه بتحسين علاقاته مع الولايات المتحدة والغرب و”إسرائيل”، بما قد يساهم في رفع الرفض الأمريكي للانفتاح العربي والدولي عليه، بعد ما أصاب مسار التطبيع من جمود وانقطاع عقب “طوفان الأقصى”.
المعارضة السورية الرسمية ومحدودية الخيارات
اتخذت مؤسسات المعارضة السورية الرسمية، ممثلة بالائتلاف الوطني السوري، موقفًا حذرًا من معركة “طوفان الأقصى” ودور حركة حماس فيها، بينما تبنّت نهجًا مناصرًا للشعب الفلسطيني بعد بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، إذ نددت بعدة بيانات وتصريحات صحفية بالعدوان، وأظهرت تضامنها مع الشعب الفلسطيني وأهالي غزة تحديدًا.
ففي 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، دان الائتلاف في بيان عمليات القصف والاعتداءات على المدنيين والمنشآت العامة المدنية في غزة وسوريا، وعمليات التهجير القسري التي يتعرض لها المدنيون في البلدَين، ودعا الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤولياتهما لإيقاف هذه الانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها.
وفي 17 من الشهر نفسه، دان الائتلاف مجزرة المستشفى الأهلي المعمداني، مطالبًا المجتمع الدولي بالتحرك لوقف العدوان على غزة، رافضًا مساعي التهجير القسري لأهالي قطاع غزة.
ويبدو أن موقف المعارضة الرسمي المتواضع يرجع إلى غياب أدوات التأثير السياسي لديها في الملف السوري، فضلًا عن عدم امتلاكها أي قدرة وفاعلية حقيقيتَين على الأراضي السورية.
كما أن الخوف من خسارة ما تبقى من تأييد أمريكي غربي لوجود المعارضة وشرعيتها، مثّل هاجسًا لديها في اتخاذ أي خطوة من شأنها أن تكون ذريعة لاتهامها بدعم “الإرهاب”، في ظل الدعم الغربي اللامحدود للعدوان الإسرائيلي على غزة، وإدراج حماس والمقاومة الفلسطينية ضمن لوائح الإرهاب.
وفي هذا السياق، يرى مدير مركز إدراك للدراسات، باسل حفار، أن “المعارضة السورية الرسمية اتخذت موقفًا مناصرًا للفلسطينيين ولقضيتهم العادلة منذ الساعات الأولى للحرب الإسرائيلية على غزة، حيث عبّر الائتلاف عبر عدة بيانات مناصرته حقوق الشعب الفلسطيني، وأدان الحرب”.
وأكد حفار أن “موقف المعارضة السورية الواضح والصريح المؤيد والداعم للقضية الفلسطينية، قد ينعكس سلبًا في لحظة ما على المعارضة أو على أطراف معيّنة منها، من حيث إنها تعمل ضمن منظومة دولية داعمة لـ”إسرائيل” في الغالب، ولا تتفق في توجهها مع الموقف الذي اتخذته المعارضة المنحاز إلى جانب الفلسطينيين وقضيتهم”.
ختامًا..
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، شهدت الساحة السورية توترًا متصاعدًا بين أطراف الصراع، بعد فترة من الهدوء النسبي، وتذيُّل الملف السوري عمومًا قائمة الاهتمام والأولوية الدولية.
ورغم ذلك، بقيت المناوشات الحاصلة بين مختلف الأطراف محدودة ضمن دائرة إرسال الرسائل، أو التهديدات، أو الردع، أو الضربات الاستعراضية، إذ انكفأت إيران عن الدخول في حرب مباشرة، واكتفت منذ بداية معركة “طوفان الأقصى” بإطلاق تهديدات بتوسيع الصراع في المنطقة.
وأيضًا قامت بتحريك ميليشياتها ضد القواعد الأمريكية في سوريا، والتصعيد المتواضع ضد “إسرائيل” انطلاقًا من الأراضي السورية، وتعزيز تواجدها العسكري، لا سيما في مناطق الجنوب السوري، ولم تخرج عن قواعد الصراع مع الولايات المتحدة و”إسرائيل” رغم اشتداد العدوان الإسرائيلي على غزة، وإعلان “إسرائيل” عن هدفها بالقضاء على حماس.
بدورها، استبقت الولايات المتحدة أية مغامرات بخطوات ردعية استباقية، بعد أن أرسلت حاملات الطائرات، وعززت قواتها في سوريا والعراق، وأرسلت رسائل عديدة بعدم رغبتها في توسيع الصراع، مع اقتراب انتخاباتها الرئاسية لعام 2024، واستمرارًا لسياستها الرامية إلى تحويل ثقلها إلى آسيا بدلًا من الشرق الأوسط، فضلًا عن أن تاريخ العلاقة بين الطرفَين الأمريكي والإيراني مليء بمحطات توصّلا فيها إلى تفاهم واتفاق، بعد انحدار إلى مستوى الولوج في حرب مباشرة.
ويبدو أن الأمر مختلف بالنسبة إلى حكومة نتنياهو الراغبة في توسيع الصراع ليشمل سوريا ولبنان، ولو في مراحل قادمة، ضمن هدفها في “إعادة رسم ملامح الشرق الأوسط” وإبعاد المخاطر الأمنية عنها، بعد تضعضع مكانتها وقوتها الردعية إثر الفشل الاستراتيجي الذي مُنيت به في 7 أكتوبر/ تشرين الأول.
وعليه، فإنه رغم تراجع احتمالية تصاعد الصراع بين الثلاثي الإيراني الأمريكي الإسرائيلي إلى حدود الحرب الشاملة والمباشرة، في ظل انتفاء الرغبة الدولية والإقليمية لتوسيع رقعة الصراع، لكن خيار المواجهة المباشرة يبقى حاضرًا في حال وقوع سوء حسابات أو خطأ عسكري غير مدروس، كحادثة مقتل الجنود الأمريكيين الثلاثة بضربات لوكلاء إيران، لا سيما مع استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة وطول أمدها، إذ لطالما حمل طول أمد الحرب في طياته مفاجآت غير متوقعة أو محسوبة، قد تنتهي بمواجهة مباشرة والخروج عن قواعد اللعبة المرسومة.