“لقد افتتحنا مع شركائنا في الجيش الأمريكي قاعدة أمريكية هي الأولى في إسرائيل” بهذه الكلمات كشف الجنرال تزفيكا حاييموفيتز قائد الدفاع الصاروخي الإسرائيلي النقاب عن تدشين أول قاعدة عسكرية أمريكية دائمة داخل الكيان الصهيوني بعد أربعة أعوام من البناء والتشييد، معلنًا “هناك علم أمريكي يرفرف فوق قاعدة عسكرية أمريكية موجودة داخل إحدى قواعدنا”.
حاييموفيتز برر الكشف عن القاعدة في هذا التوقيت بأن “هذه الخطوة لا تشكل ردًا مباشرًا على حادث محدد أو تهديد محتمل بل تشكل مزيجًا من الدروس المستفادة من الحرب على غزة عام 2014 وتحليلات الاستخبارات للمخاطر المستقبلية”.
قاعدة الدفاع الصاروخي المشتركة بين أمريكا ودولة الاحتلال والتي تم إعلانها قبل لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، أثارت الكثير من التساؤلات عن دوافع هذه الخطوة وما تبعث به من رسائل وتحمله من دلالات، فهل تعيد واشنطن رسم سياستها الاستراتيجية في الشرق الأوسط من جديد؟
ماذا عن القاعدة الجديدة؟
بدأ العمل في قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية جنوب “إسرائيل” منذ أربعة أعوام تقريبًا، وهي عبارة عن معسكر يضم وحدات دفاع جوي أمريكية لاعتراض الصواريخ، مجهز بأحداث الوسائل التقنية والتكنولوجية المتقدمة في مجال الاتصالات والردع الصاروخي.
حسب ما تم إعلانه في بعض وسائل الإعلام، فإن التفكير في بناء قاعدة أمريكية هي الأولى من نوعها فوق الأراضي المحتلة يعود إلى مساعي كل من تل أبيب وواشنطن لمعالجة الأخطاء المتعلقة بأنظمة الردع والدفاع في أعقاب ادعاء تعرض بعض المناطق الإسرائيلية لصواريخ قادمة من غزة وسيناء وسوريا عن طريق إيران وحزب الله طيلة السنوات الماضية.
علاوة على ذلك فإن نقاط الضعف التي كشفتها مناورات “جنيفر كوبرا” بين الجيشين الأمريكي والإسرائيلي في مارس 2016، كانت أحد الدوافع الرئيسية لبناء هذه القاعدة، حيث تسعى تل أبيب إلى تفعيل قدراتها على التعامل مع السيناريوهات المتطرفة في القتال، من بينها إمطار “إسرائيل” بصواريخ بكميات ضخمة، ومن ثم كان إقرار تدشين تلك المنصة الدفاعية الصاروخية بالتعاون مع الولايات المتحدة.
علاوة على ذلك فإن القاعدة ستكون مرتبطة مباشرة مع منظومة الرادار التي تحمي مفاعل ديمونه النووي، والتي تشغلها الولايات المتحدة أيضًا، ولعل هذا يجيب عن الدوافع الحقيقية وراء رسو حاملة الطائرات الأمريكية العملاقة “يو إس إس جورج بوش” – صباح السبت الأول من يوليو الماضي، قبالة ميناء حيفا شمالي “إسرائيل”، للمرة الأولى منذ 17 عامًا، وعلى متنها 80 طائرة مقاتلة ومروحيات و5700 ملاح وجندي، والتي أثارت الكثير من التساؤلات حينها في ظل تباين التفسيرات بشأن طبيعة المهمة التي جاءت بها الحاملة.
هذه الخطوة لا تشكل ردًا مباشرًا على حادث محدد أو تهديد محتمل بل تشكل مزيجًا من “الدروس المستفادة” من الحرب على غزة عام 2014 وتحليلات الاستخبارات للمخاطر المستقبلية
التعاون الأمني بين تل أبيب وواشنطن لا يتوقف
ليست الأولى
لم تكن قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في “إسرائيل” هي الأولى من نوعها في المنطقة، فتمتلك الولايات المتحدة حزمة من القواعد العسكرية المتنوعة فيما يقرب من 130 دولة حول العالم، إلا أن منطقة الشرق الأوسط تحتل مكانة متقدمة بين الدول التي تحتضن القواعد الأمريكية، يمكن رصدها في الآتي:
السعودية
يوجد بالمملكة العربية السعودية حاليًا ما يقرب من 500 جندي أمريكي متمركزين في قاعدة لهم تعرف بـ”قرية الإسكان” وذلك بعد أن كانت أحد مراكز قيادة القوات الجوية المهمة إبان الحرب ضد العراق، حيث كانت تمتلك واشنطن 5000 جندي تابعين لسلاح الجو وأكثر من 80 مقاتلة وذلك داخل قاعدة الأمير سلطان الجوية بالرياض، إلا أنه وفي 2003 انتقل ما يقرب من 4500 جندي أمريكي من السعودية إلى قاعدة العديد في قطر.
قطر
تمتلك أمريكا قاعدة العديد في قطر، التي تشتمل على مدرج للطائرات هو الأطول في العالم، ولديه قدرة تستوعب أكثر من 100 طائرة على الأرض، ويتمركز بالقاعدة قرابة 5100 جندي أمريكي، 4500 قادمون من السعودية، و600 تابعون لمركز قيادة القوات المسلحة الأمريكية من تامبا بفلوريدا.
وتعتبر هذه القاعدة مقرًا للمجموعة 319 الاستكشافية الجوية التي تضم قاذفات ومقاتلات وطائرات استطلاعية إضافة لعدد من الدبابات ووحدات الدعم العسكري وكميات كافية من العتاد والآلات العسكرية المتقدمة، مما جعل بعض العسكريين يصنفونها أكبر مخزن استراتيجي للأسلحة الأمريكية في المنطقة.
الإمارات
تحتضن دولة الإمارات العربية المتحدة قاعدة جوية أمريكية وعدد من المستودعات المتفرقة التي تستخدم في أغراض الدعم اللوجستي، هذا بالإضافة إلى ميناءين مهمين على مياه الخليج تسيطر عليهما القوات الأمريكية كونهما ذات أهمية استراتيجية بالنسبة للسفن العسكرية الكبرى التي تحتاج إلى مياه عميقة.
الكويت
وفي دولة الكويت توجد قاعدة عسكرية يطلق عليها “معسكر الدوحة” وهي قاعدة يتمركز فيها أفراد الفرقة الثالثة الأمريكية مشاة إضافة إلى عدد من الأفراد التابعين لسلاح الجو، مع كامل معداتهم وأسلحتهم التي منها دبابات طراز (M-1A12) وعربات مدرعة طراز (M-2A2) بجانب الطائرات الهليكوبتر الهجومية وأكثر من 80 مقاتلة، وأيضًا بعض وحدات القوات الخاصة سريعة الانتشار.
البحرين
تحتضن العاصمة البحرينية المنامة مقر الأسطول البحري الأمريكي الخامس، والذي يعد من أكبر الأساطيل الأمريكية في الشرق الأوسط إذ يخدم فيه قرابة 4200 جندي أمريكي، ويضم حاملة طائرات أمريكية وعددًا من الغواصات الهجومية والمدمرات البحرية وأكثر من 70 مقاتلة، إضافة لقاذفات القنابل والمقاتلات التكتيكية وطائرات التزود بالوقود المتمركزة بقاعدة الشيخ عيسى الجوية.
إن كانت الولايات المتحدة تمتلك هذا الكم الكبير من القواعد العسكرية في المنطقة فما الدوافع الحقيقية الكامنة وراء تدشين قاعدة جديدة لها في “إسرائيل”؟
عُمان
تمتلك أمريكا قاعدة جوية في سلطنة عمان، تتمركز بها قاذفات طراز (B1) وطائرات التزود بالوقود، وتستمد هذه القاعدة أهميتها لواشنطن كونها مركزًا متعدد المهام لخدمات دعم الجسر الجوي.
الأردن
أما المملكة الأردنية الهاشمية فيوجد بها قاعدان جويتان هما الرويشد ووادي المربع وبهما العديد من المقاتلات الأمريكية، كما يوجد بها أيضًا الوحدة 22 البحرية الاستكشافية الأمريكية.
مصر
تعد مصر ثقلاً استراتيجيًا مهمًا للولايات المتحدة الأمريكية خاصة فيما يتعلق بالمواني البحرية التي يمكن استخدامها لتحريك القطع البحرية الأمريكية وتغيير أماكنها في أثناء سير أي عمليات عسكرية أمريكية بالمنطقة، هذا بالإضافة إلى وجود قاعدة جوية غرب القاهرة تستخدمها القوات الجوية الأمريكية لأغراض التزود بالوقود ومهام دعم الجسر الجوي.
العراق
يعد العراق الأكثر احتضانًا للقواعد العسكرية الأمريكية وذلك من 2003 وحتى الآن، ورغم عدم وجود حصر رسمي لعدد تلك القواعد إلا أن خبراء عسكريين أشاروا إلى ما يقرب من 75 قاعدة عسكرية أمريكية في مدن العراق المختلفة، معظمها كان يعود لنظام صدام حسين السابق حيث احتلتها القوات الأمريكية حينها.
وهنا سؤال يفرض نفسه: إن كانت الولايات المتحدة تمتلك هذا الكم الكبير من القواعد العسكرية في المنطقة فما الدوافع الحقيقية الكامنة وراء تدشين قاعدة جديدة لها في “إسرائيل”؟ وهل يحمل ذلك دلالات بخصوص تغير في ملامح الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة؟
الأسطول الأمريكي السادس في المنامة
النفوذ الروسي يتمدد
خلال السنوات الأربعة الأخيرة فرضت روسيا نفسها على الملعب الإقليمي كأحد أبرز اللاعبين المؤثرين في المشهد خاصة من خلال الورقة السورية والتي نجحت في توظيفها من أجل استعادة دور عسكري محوري يضاهي ما تقوم به واشنطن وحلف الناتو في أوروبا وبقية مناطق العالم الملتهبة.
التمدد العسكري الروسي في حوض شرق البحر المتوسط على وجه الخصوص، والذي يأتي في إطار استراتيجية البقاء الدائم التي انتهجتها موسكو في الآونة الأخيرة، وهو ما جسدته تحركاتها العسكرية داخل سوريا من خلال تثبيت قاعدة بحرية لها في طرطوس، فضلاً عن قاعدة جوية أخرى في حميميم في اللاذقية، بالإضافة إلى ما يتردد بشأن استئجار قاعدة بحرية في مصر، أثار حالة من القلق لدى الإدارة الأمريكية بصورة كبيرة.
لعل النقطة الأولى في الإجابة عن التساؤل الخاص بدوافع تدشين قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكي داخل الأراضي المحتلة تتعلق بالقلق من تمدد النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط
موسكو تعلم جيدًا الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط في النفوذ العالمي، ورغم ما تدعيه بشأن تبرير وجودها بمحاربة الإرهاب ومكافحة تمدد العناصر المتطرفة، فإن الواقع يسير إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث تأمين مصادر النفط والغاز وضمان حصتها من الطاقة من جانب، وحماية أمنها القومي من خلال الوجود العسكري الإقليمي.
المحلل السياسي الروسي والدبلوماسي السابق فيتشيسلاف ماتوزوف نفى في تصريحات له نقلتها صحيفة “الشرق الأوسط” ما يتردد بشأن مساعي موسكو لنقل أيديولوجيتها الخاصة عبر التمدد إلى شرق المتوسط، قائلاً: “أولوية الانتشار الروسي تتمثل في الدفاع عن أمنها القومي”، ملفتًا إلى أن الشرق الأوسط يعد “خط الدفاع الأول عن موسكو”.
ماتوزوف دافع عن وجود بلاده في المنطقة بقوله “في التسعينيات، اصطدمت روسيا مع المتطرفين في الشيشان، واليوم تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” وتنظيم القاعدة يحاولان بسط نفوذهما في مناطق قرب روسيا، ونرى انتشار خلايا لتلك التنظيمات استهدفت أوروبا وتركيا، وباتت تمثل تهديدًا، لذلك تجد روسيا نفسها مضطرة لأن تبدي اهتمامًا لضرورة مكافحة الإرهاب الدولي”.
القاعدة البحرية الروسية في طرطوس تقلق واشنطن بصورة كبيرة
قلق أمريكي
لعل النقطة الأولى في الإجابة عن التساؤل الخاص بدوافع تدشين قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكي داخل الأراضي المحتلة تتعلق بالقلق من تمدد النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط، وربما يزيد هذا القلق بالنظر إلى تمدد النفوذ الإيراني أيضًا وذراعه العسكري “حزب الله” سواء داخل سوريا أو اليمن، وهو ما يمثل صداعًا في رأس حكومة دونالد ترامب من جانب وبنيامين نتنياهو من جانب آخر.
ربما هذا القلق هو ما دفع الإدارة الأمريكية إلى إعادة النظر في استراتيجيتها الإقليمية في الشرق الأوسط، والتفكير مرة أخرى فيما يتم إعلانه وتناقلته وسائل الإعلام بخصوص انسحاب أمريكي كامل من المنطقة حسبما تردد إبان فترة حكم باراك أوباما.
ومما يجسد ملامح الاستراتيجية الأمريكية الجديدة شرق أوسطيًا والتي تتخذ من مناهضة النفوذ الروسي الإيراني ركيزة أساسية لها تعيين الجنرال هربرت ريموند ماكماستر مستشارًا لشؤون الأمن القومي، خلفًا لمايكل فيلين (المقرب من ترامب) الذي تمت الإطاحة به في أعقاب الاتهام بالتنسيق والتواصل مع موسكو.
موسكو تعلم جيدًا الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط في النفوذ العالمي، ورغم ما تدعيه بشأن تبرير تواجدها بمحاربة الإرهاب ومكافحة تمدد العناصر المتطرفة، إلا أن الواقع يسير إلى ما هو أبعد من ذلك
اختيار ماكماستر لهذا المنصب يحمل الكثير من الدلالات خاصة أنه أحد البراغماتيين في السياسة الخارجية والمناهضين لتمدد روسيا وإيران في أوروبا والشرق الأوسط، فهو الذي أشرف طيلة عامين كاملين على استراتيجية وزارة الدفاع الأمريكية للتصدي للقوات الروسية البرية وطموحها في أوروبا الشرقية، وأمضى وقتًا في أوكرانيا لهذه الغاية.
وبحسب ما نشر عن الرجل فإنه لا يمانع إطلاقًا في تزويد حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط بالعديد من القوات العسكرية من أجل التصدي للتنظيمات الإرهابية من جانب، ومواجهة أطماع روسيا وإيران ومعهما الصين في المنطقة من جانب آخر، وهو الذي حذر سابقًا من ممارساتهم التي تهدف إلى “تشكيل تقاطع جيوسياسي ضد المصالح الأمريكية” واصفًا إياهم بأنهم “يقضمون الأراضي، ويرهبون الحلفاء ويستخدمون جيوشًا بالوكالة وقوات غير تقليدية لتحدي النظام السياسي الدولي بعد الحرب العالمية الثانية”.
ورغم ما يكنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من تقارب وود تجاه موسكو ورئيسها فلاديمير بوتين وهو ما كشفته تصريحاته خلال حملته الانتخابية، فإن مصالح أمريكا العليا والتي تحددها الكيانات السيادية في البلاد والتي تعمل في كثير من أوقاتها بعيدًا عن توجهات الرئيس، كان لها رأي آخر، تجسد في عدد من المواقف على رأسها طرد عدد من الدبلوماسيين الروس من الولايات المتحدة وإجبار الساعد الأيمن لترامب مايكل فلين، على الاستقالة من منصبة كمستشار للأمن القومي بسبب علاقته بروسيا، إلى غير ذلك من المواقف الأخرى التي وجد الرئيس الأمريكي نفسه مجبرًا على التعاطي مع التوجهات السيادية العليا في مناهضة التمدد الروسي في الشرق الأوسط.
حماية الأمن القومي الإسرائيلي
الحضور العسكري الأمريكي إقليميًا وما يتضمنه من تغير في ملامح استراتيجية البيت الأبيض في المنطقة يضع في المقام الأول الأمن القومي الإسرائيلي، خاصة إن تلاقت مصالح الدولتين معًا.
فالقلق الأمريكي من النفوذ الروسي الإيراني في سوريا، فضلاً عن دخول تركيا على خط الصراع على النفوذ من خلال إحكام سيطرتها على بعض المناطق الشمالية، يقابله في الناحية الأخرى قلق إسرائيلي أيضًا، خاصة بعد تهديد إيران بإطلاق بعض الصواريخ صوب الكيان الصهيوني وهو ما أثار حفيظة قادة تل أبيب.
من الواضح أن القاعدة الأمريكية الجديدة في “إسرائيل” والتي تعد القاعدة الأجنبية الوحيدة الموجودة فوق أراضي الاحتلال تميط اللثام قليلاً عن ملامح استراتيجية جديدة تعتمدها واشنطن خلال الفترة المقبلة
ومن ثم تسعى دولة الاحتلال إلى تأمين عمقها السوري، وهو ما يفسر اتهامات دمشق لها في سبتمبر الماضي بشن عدد من الغارات الجوية على مواقع لجيش النظام السوري، أسفر عن مقتل شخصين في هجوم على أحد المواقع التي قيل إنها متخصصة في الأبحاث الكيميائية.
يذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو، قد وجه اتهامًا في الثامن والعشرين من أغسطس العام الماضي لإيران ببناء مواقع في سوريا ولبنان تكون منصات لإطلاق صواريخ موجهة ودقيقة تستخدم ضد تل أبيب، وهو ما دفعه إلى استباق التهديد بتوجيه عدد من الغارات ضد مواقع سورية بعد شهر واحد فقط من هذه التهديدات.
قصف إسرائيلي لمواقع سورية
استراتيجية جديدة
من الواضح أن القاعدة الأمريكية الجديدة في “إسرائيل” والتي تعد القاعدة الأجنبية الوحيدة الموجودة فوق أراضي الاحتلال تميط اللثام قليلاً عن ملامح استراتيجية جديدة تعتمدها واشنطن خلال الفترة المقبلة، فرضتها المستجدات الإقليمية الأخيرة والتي أعادت رسم الخارطة السياسية ومنظومة التحالفات بشكل كبير.
فالولايات المتحدة تسعى وفق هذه الخطوة إلى إحداث توازن استراتيجي تسعى من خلاله للحفاظ على أمنها القومي، وذلك من خلال انتشار عسكري مكثف لها في هذه المنطقة الملتهبة ربما تحتاجه مستقبلاً وهو ما يدفعها لأن تكون مسيطرة على الأرض وألا تترك الساحة خاوية لخصومها الروس والإيرانيين.
فالخطوات التي نجحت موسكو وطهران في اتخاذها في المنطقة خلال الأعوام الأخيرة سواء عبر نافذة سوريا أو اليمن، وما ينتاب تل أبيب، الحليف الأول لواشنطن في المنطقة، من قلق بسبب هذا التمدد ،فضلا عن الأزمات التي فرضت نفسها مؤخرًا على رأسها مشكلة كردستان العراق، كل هذا كان دافعًا رئيسيًا لحفاظ أمريكا على وجودها في المياه الدافئة ناحية كل من سوريا والأردن ومنطقة العقبة، وذلك من خلال تدشين حزمة من القواعد العسكرية الجديدة لها كانت بدايتها من داخل الأراضي المحتلة.