ماذا تعرف عن ملف المغرب لاستضافة كأس العالم 2026؟

view-1-bowl-interior_r

في خامس محاولة يرمي من خلالها للظفر بفرصة تنظيم نهائيات كأس العالم، دخل المغرب غمار المنافسة على تنظيم نهائيات كأس العالم المزمع تنظيمها عام 2026، وذلك بعد فشله في الفوز باحتضان دورات 1994 و1998 و2006 و2010، مستغلاً إمكانياته الرياضية وعلاقاته الدولية، رغم بغض العراقيل التي يمكن أن تقف حجر عثرة أمام تحقيق حلمه.

ملف متكامل

هذه المرة، يؤمن المغرب بكامل حظوظه لاحتضان كأس العالم لكرة القدم 2026، حسب فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم الذي أوضح في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء أن الملف المغربي متكامل ومنطقي وقابل للتنفيذ ويستجيب لكل الشروط والمتطلبات المنصوص عليها في دفتر تحملات الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا).  وأكّد المسؤول المغربي أن بلاده مستعدة لاحتضان هذه البطولة وقادرة على إنجاحها، كما نجحت في وقت سابق في تنظيم كأس العالم للأندية عامي 2013 و2014، وفي الـ11 من يونيو الماضي، تقدم الاتحاد المغربي لكرة القدم بطلب رسمي إلى اللجان المختصة في الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” من أجل استضافة بطولة كأس العالم 2026.

من المنتظر أن تشرع “الفيفا” في دراسة ملفات الترشح ابتداءً من سنة 2019

وذكر في هذا الصدد أن المغرب قدم ترشيحه لاحتضان مونديال 2026 لمجموعة من الاعتبارات، أبرزها أن المملكة تتوفر على بنى تحتية في المستوى من منشآت وملاعب رياضية ومستشفيات وطرق سيارة وفنادق، فضلاً عن موقعها الجغرافي الاستراتيجي القريب من أوروبا والاستقرار والأمن اللذين تنعم بهما.  كما عبر عن “رغبة المغرب في إعطاء القارة الإفريقية حقها، إذ لا يعقل أن تحتضن هذه القارة كأس العالم في مناسبة واحدة، وهي التي تزخر بمواهب كروية محترفة في أقوى وأعتد الأندية العالمية، وهذا ما نعتبره حيفا في حقنا”، ومن المنتظر أن تشرع “الفيفا” في دراسة ملفات الترشح ابتداءً من سنة 2019، على أن يتم إعلان البلد أو البلدان المستضيفة رسميًا في مايو من سنة 2020.

نقاط قوة

الملف المغربي، يراهن هذه المرة على البنية التحتية الرياضية، التي بات يتوفر عليها المغرب عقب تشييد سلسلة من الملاعب في العديد من مدن المملكة، بعد أن كانت الملاعب في الملفات السابقة مجرد تصاميم لم تخرج بعد إلى حيز الوجود، وذلك بالموازاة مع استثمار التحركات الخارجية للجهاز الوصي على تسيير شؤون اللعبة وطنيًا لاستمالة أكبر عدد من الأصوات.

خطة متكاملة لاستضافة المونديال

ويلعب المسؤولون على ورقة الدعم الذي يحظى به المغرب من دول القارة السمراء، بفضل الانفتاح الخارجي وتكريس توجه “جنوب جنوب” تماشيًا مع توجهات المملكة، من خلال توقيع العديد من الاتفاقيات مع دول القارة السمراء، طبعًا دون إغفال الجانب السياحي الذي يتمتع به، والذي يجعل ملف الترشح متكاملاً، نتيجة أهمية البنى التحتية السياحية، واعتبارها عامل مهم ورقم صعب في معادلة الفوز بالتنظيم.

ويمني المسؤولون المغاربة النفس بأن يصب القرب الجغرافي من القارة العجوز في مصلحة الملف المغربي، على اعتبار أن المسؤولين الأوربيين سيضعون نصب أعينهم تجنيب جماهير بلدانهم مشاق التنقل صوب أمريكا وكندا والمكسيك، لتشجيع منتخباتهم، وهو ما قد يخدم الملف المغربي، طبعًا مع السعي وراء استمالة الأصوات العربية والآسيوية لحسم المنافسة.

المرات السابقة

سبق للمغرب أن تقدم بملف ترشح انفرادي لتنظيم كأس العالم أربع مرات، إلا أنه لم يحظ بشرف التنظيم بسبب قوة ملفات بلدان أخرى أكثر عراقة كروية منه، حيث تقدم الاتحاد المغربي لاستضافة كأس العالم 1994 رفقة البرازيل والولايات المتحدة الأمريكية، لكن نجحت الأخيرة في الظفر بالملف، وعاد المغرب لمحاولة استضافة كأس العالم 1998 رفقة فرنسا وسويسرا، إلا أن الاتحاد الفرنسي نجح في الفوز بملف التنظيم برصيد 12 صوتا مقابل 7 للمغرب وسويسرا.

تقول تقارير إعلامية إنه تم التلاعب في النتيجة لتصب في مصلحة جنوب إفريقيا في ترشيحات تنظيم مونديال 2010

 

وحاول الاتحاد المغربي استضافة نسخة 2006 ونافس البرازيل وإنجلترا وألمانيا وجنوب إفريقيا، ثم انسحب الاتحاد البرازيلي وللمرة الأولى تم اللجوء لأكثر من جولة لحسم المستضيف بعد إقرار 3 جولات للتصويت، تصدرها الاتحاد الألماني جميعًا.  وفي المرة الأخيرة، تقدم الاتحاد المغربي بطلب لاستضافة بطولة كأس العالم 2010 رفقة مصر وجنوب إفريقيا، وتقول تقارير إعلامية إنه تم التلاعب في النتيجة لتصب في مصلحة جنوب إفريقيا التي فازت وقتها بحق تنظيم المونديال على حساب المغرب بنتيجة (14-10).

حق القارة السمراء

يراهن المغرب على نقطة أحقية القارة الإفريقية في تنظيم كأس العالم، كون القارة السمراء لم تنظم هذه المسابقة إلا في مناسبة واحدة، سنة 2010، وسبق أن دافع الملك المغربي محمد السادس، في يوليو الماضي، في رسالة للمشاركين بالجلسة الافتتاحية لمؤتمر الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، عن “الحق المشروع” للقارة السمراء في تنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم ومختلف المسابقات الكروية العالمية.

ملك المغرب يؤكّد جاهزية بلاده

وقال محمد السادس في نص رسالته: “تطوير الممارسة الرياضية بكل أشكالها، وكرة القدم بالخصوص، يمثل إحدى الركائز الأساسية لتنمية الشباب، وإدماجهم في محيطهم الاجتماعي والاقتصادي وتقوية مناعتهم ضد كل أشكال الانحراف والتطرف، والمغامرة بأرواحهم وبمستقبلهم بالهجرة غير الشرعية<“span dir=”LTR”>.  ولاحظ الملك المغربي أن كرة القدم الإفريقية أصبحت مطالبة برفع تحديات التحديث والعصرنة ومواكبة التطورات المتسارعة التي تعرفها الرياضة العالمية، قائلاً: “إذا كانت القارة غنية بثرواتها الطبيعية، فهي غنية قبل كل شيء بشبابها الذي يمثل ثلثي سكان القارة.”

غنائم المملكة

في حال فوز المغرب بشرف تنظيم كأس العالم سنة 2026، ستستفيد المملكة من العديد من الإيجابيات، فعملية بناء المنشآت الرياضية والسياحية ستساهم في تحريك الأموال وتمتع السوق المالية الوطنية بسيولة أفضل، وإدماج عدد مهم من الشركات الوطنية في هذه المشاريع، كذلك الشركات الدولية التي ستعرف مزايا الاستثمار في المغرب وما يتمتع به من قدرات تجعله من أقوى الاقتصادات الإفريقية

 تنظيم كأس العالم سيعزز الثقة في البلد المنظم وسيشجع رؤوس الأموال الأجنبية على الاستثمار

وسيساهم هذا الحدث في حال تنظيمه في تطوير العلامة التجارية للمغرب كبلد سياحي وسوق مالية إفريقية مؤثرة، وهو ما استفادت منه ألمانيا خلال تنظيمها لكأس العالم 2006 التي أسهمت في تحسين تصنيف العلامة التجارية الألمانية على المقياس الدولي ويرى الخبراء أن تنظيم كأس العالم سيعزز الثقة في البلد المنظم وسيشجع رؤوس الأموال الأجنبية على الاستثمار وإنشاء مشاريع جديدة من شأنها خلق المئات من فرص الشغل وإنعاش احتياطي العملة الأجنبية وكذا إضافة السيولة المالية للسوق الوطنية.

صعوبات

رغم هذه الرهانات الكبيرة التي يعوّل عليها المغرب، فإن ملفه يواجه صعوبات كبيرة، وهو ما يضعف الملف، بالمقارنة مع الملف المنافس، وسيكون المغرب مطالبًا ببناء أكبر عدد من الملاعب في المملكة التي تستجيب للمعايير الدولية، بالإضافة إلى إعادة إصلاح مجموعة من المرافق في الملاعب الست المتوفّرة بطنجة وأكادير والرباط ومراكش والدار البيضاء وفاس، ناهيك عن ملاعب وجدة والناظور وتطوان التي ستنتهي الأشغال فيها خلال السنتين المقبلتين، حتى يتسنى للمملكة أن تكون جاهزة لاستقبال 48 منتخبًا. وسيكون على المغرب التركيز على توفير فنادق بجودة عالية، قادرة على استقبال المنتخبات والجماهير المساندة لها، فضلاً عن تشييد طرقات في وضعية جيّدة، ومطارات بمواصفات عالمية في أغلب المدن المحتضنة للمباريات.

3 مليار دولار ميزانية مونديال جنوب إفريقيا

وفي وقت سابق، كشفت اللجنة المكلفة بالملف الثلاثي الأمريكي – المكسيكي – الكندي، المرشّح لتنظيم نهائيات كأس العالم 2026، عن أكثر من 49 ملعبًا موزعًا على 44 مدينة في الدول الثلاثة، ضمن القائمة المرشحة لاستضافة مباريات الحدث الكروي الأبرز في العالم، وذلك في الوقت الذي يتوفّر في المغرب ستة ملاعب تستوفي معايير “الفيفا”، في انتظار إنهاء ثلاثة ملاعب أخرى.

إضافة إلى ذلك، من المنتظر أن يجد المغرب صعوبة في تمويل ميزانية تنظيم مونديال كرة القدم التي تعرف ارتفاعًا صاروخيًا من دورة إلى أخرى، ففي مونديال 1998 أنفقت فرنسا 360 مليون يورو، وفي مونديال 2006 حملت ألمانيا الرقم إلى 430 مليون يورو، والرقم ارتفع في جنوب إفريقيا 2010 إلى ما يزيد على ثلاثة مليار يورو ثم استقر في مونديال البرازيل 2014 في حدود 13 مليار يورو، وتشير التوقعات إلى أن مونديال روسيا 2018 سيكلف 21 مليار يورو، وأعلنت قطر استعدادها لرصد 200 مليار يورو لإنجاح دورة 2022.