تتواصل اليوم السبت 17 فبراير/شباط 2024 فعاليات اليوم العالمي الثاني للتضامن مع سكان قطاع غزة في أكثر من 100 مدينة بـ45 دولة حول العالم، استجابة لدعوة تحالف المنظمات المؤيدة لفلسطين بمشاركة كبريات عواصم العالم على رأسها واشنطن ولندن وسيدني وسيول وإسطنبول.
ولفت التحالف في بيان له إلى ضرورة أن يرفع العالم أصواته الآن وقبل فوات الأوان لنصرة المظلومين من الشعب الفلسطيني والمطالبة بالعدالة والكرامة والحرية لهم، وممارسة كل أنواع الضغط على الحكومات والهيئات الإقليمية والدولية للقيام بدورها في دعم مبادئ حقوق الإنسان ووقف جرائم الإبادة التي يتعرض لها سكان القطاع على أيدي قوات الاحتلال.
المنتدى الفلسطيني في بريطانيا وشركاؤه يعلنون مسار المظاهرة الوطنية الكبرى في لندن ضمن اليوم العالمي للتضامن مع غزة. هذا وتنطلق المظاهرة في الـ12 من ظهر السبت الـ17 من فبراير من ركن الخطباء في حديقة الهايد بارك باتجاه موقع قريب من السفارة الإسرائيلية.
وحثّوا المتضامنين في شتى… pic.twitter.com/90aiRV6fT3
— AUK العرب في بريطانيا (@AlARABINUK) February 14, 2024
وتهدف تلك الدعوة التي أطلقها التحالف المؤيد لفلسطين في بريطانيا (يضم المنتدى الفلسطيني في بريطانيا، وتحالف أوقفوا الحرب، وحملة التضامن مع فلسطين، وحملة وقف التسليح النووي، والرابطة الإسلامية في بريطانيا، ومنظمة أصدقاء الأقصى) إلى تخلي المجتمع الدولي عن سلبيته إزاء الوضع في غزة وألا يكتفي بالمراقبة الشكلية دون التدخل لضمان سيادة العدالة.
وتعد تلك الدعوة هي الثانية خلال أقل من شهرين، وسط تنامي حالة الزخم الذي اكتسبته القضية الفلسطينية بصفة عامة منذ بداية الحرب على القطاع في 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تلك الحرب التي خلفت حتى اليوم قرابة 30 ألف شهيد، معظمهم من النساء والأطفال، فيما نزح أكثر من مليون ونصف مواطن ودُمر ما يزيد على ثلثي القطاع.. فهل تُحرك تلك الأصوات ضمائر العالم النائمة؟
العالم بلون فلسطيني
من المقرر أن تبدأ تلك التظاهرة – وفق ما أعلنه التحالف المؤيد لفلسطين – من منطقة ماربل آرش، المحاذية لهايد بارك وسط العاصمة البريطانية لندن في تمام الساعة الثانية عشرة والنصف ظهر اليوم، باتجاه مقر السفارة الإسرائيلية في حي كينسيغتون، للتنديد بجرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
ويرى نائب رئيس المنتدى الفلسطيني في بريطانيا عدنان حميدان أن انطلاق تلك الفعالية العالمية جاء في توقيت مهم، فهي تستبق تصويت البرلمان البريطاني على تبني الدعوة لوقف إطلاق النار في غزة والمقرر لها في 21 من الشهر الجاري، لافتًا إلى أن هذا التصويت سيفرز المؤيدين للمجازر الإسرائيلية داخل البرلمان والمعارضين لها، وعليه ستكون هناك خريطة واضحة عن توجهات البرلمانيين بما يمنح التحالف وحاضنته الشعبية فرصة معاقبة السياسيين الذين يصرون على دعم تل أبيب عبر الانتخابات القادمة.
أكثر من 100 مدينة حول العالم تشارك بمسيرات تضامنيةمع غزة
يستعدالتحالف المؤيد لفلسطين في بريطانيا للبدء بفعاليات اليوم العالمي للتضامن مع غزة، والمزمع انطلاقها يوم السبت في أكثر من 100 مدينة حول العالم
ويشارك في هذا التحالف كل من: المنتدى الفلسطيني في بريطانيا وتحالف أوقفوا الحرب pic.twitter.com/d7LvByAuLd
— EPAL-المركز الأوروبي الفلسطيني للإعلام (@epalmediacenter) February 17, 2024
وسبقت تلك الدعوة حراكًا شعبيًا في عدد من المدن العالمية، يعكس بشكل كبير التغير الواضح الذي شاب المزاج الشعبي العالمي الذي باتت غزة والقضية الفلسطينية على رأس أولوياته، حيث نظم العشرات من الطلاب في نيويورك مسيرات لدعم غزة، فيما أعلن نشطاء نرويجيون الإضراب العام أمام البرلمان في أوسلو دعمًا للفلسطينيين، مطالبين بوقف استيراد السلع أو تصديرها لـ”إسرائيل” وممارسة الضغط عليها، كذلك دشن المئات وقفة تضامنية في مدينة سيدني الأسترالية وطالبوا بوقف الحرب فورًا.
ويأتي هذا التحرك في وقت تتفاقم فيه الوضعية الإنسانية لسكان القطاع، خاصة بعد التلويح بشن عملية عسكرية ضد منطقة رفح التي تكتظ بأكثر من مليون و300 ألف مواطن في مساحة لا تتجاوز بضعة كيلومترات، الأمر الذي ينذر بكارثة محققة ربما تتضاعف معها أعداد الضحايا في دقائق معدودة.
فيما يواجه سكان القطاع على مدار أكثر من 130 يومًا حرب إبادة مكتملة الأركان، تجويع متعمد واغتيال بالبطيء، وانهيار شبه كامل للبنية الصحية، واستهداف ممنهج للأطقم الطبية والدفاع المدني والصحفيين والنساء والأطفال، في ظل صمت عالمي فاضح وخذلان عربي وإسلامي لم يسبق له مثيل.
5 أهداف رئيسية
تهدف تلك الفعاليات التي يشارك فيها الأفراد والمنظمات والحكومات في جميع أنحاء العالم إلى خمسة أهداف رئيسية:
أولا: تدشين حالة من الزخم العالمي للقضية الفلسطينية والتعريف بها بعد سنوات من التسطيح والتجهيل المتعمد.
ثانيًا: التأكيد على الرفض الشعبي العالمي لتلك الانتهاكات التي يتعرض لها سكان غزة وبقية المناطق المحتلة على أيدي جيش الاحتلال والقوى الدولية الداعمة له.
ثالثًا: الضغط على المؤسسات القضائية والحقوقية الدولية كمحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية لإصدار أحكام عاجلة بوقف إطلاق النار وأخرى مماثلة ضد الكيان المحتل والإسراع بمحاكمة المتورطين في تلك الجرائم الموثقة بالصوت والصورة.
يطالبون بوقف استيراد السلع والخدمات من المستوطنات الإسرائيلية.. نشطاء نرويجيون يبدؤون إضرابًا مفتوحًا عن الطعام تضامنًا مع قطاع #غزة وينصبون خيامًا أمام البرلمان النرويجي في #أوسلو pic.twitter.com/0mJ7kyi1sj
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) February 17, 2024
رابعًا: الضغط على الحكومات والأنظمة الغربية باتخاذ مواقف جادة وحاسمة ضد تلك الجرائم والتحرك الفوري لوقف الحرب وإعادة النظر في المواقف الرسمية من الكيان المحتل بهدف فرض حالة من العزلة الدولية عليه وتقزيم حضوره ونفوذه الإقليمي والدولي.
خامسًا: رفع الحرج عن الأنظمة العربية ومقارباتها السياسية ودفعها نحو اتخاذ مواقف قوية لدعم الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، استجابة للمزاج الشعبي المؤيد لغزة وأهلها، وعلى الجانب الآخر الضغط على تلك الحكومات لوقف قطار التطبيع مع الاحتلال واستخدام أوراق الضغط العربية والإسلامية لإثنائه عن جرائمه وانتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني.
مكرمة الطوفان.. متى يتحرك العالم؟
لا يمكن رؤية هذا المشهد المفعم بالعبق الفلسطيني بعين مغايرة لما حدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فالفضل ابتداء يعود إلى عمليه طوفان الأقصى التي بالإضافة إلى أنها زلزلت أركان الكيان المحتل، زلزلت كذلك الوعي والمزاج العالمي الذي تجاهل لعقود طويلة القضية الفلسطينية التي ظلت في مؤخرة جدول الاهتمام الدولي، والبعيدة كل البعد عن ساحة الأضواء والشهرة.
ومنذ عملية الطوفان فرضت القضية الفلسطينية نفسها على مسرح الاهتمام، ثم تعاظم هذا الحضور بعد الصمود الأسطوري للمقاومة في مواجهة الاحتلال وتكبيدها خسائر فادحة في صفوف العدو، فيما وصل هذا الحضور قمته مع وصول الانتهاكات التي مارسها جيش المحتل إلى مستويات غير مسبوقة من الإجرام والعنصرية والوحشية.
تنديدًا بالتواطؤ في الحرب.. ناشطون يحتجون داخل معرض للفنون في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة للمطالبة بوقف الإبادة الجماعية في غزة pic.twitter.com/KPdIO2d3d4
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) February 17, 2024
وبعيدًا عن المثبطين ممن يروجون لخطأ الطوفان الإستراتيجي في ضوء حجم الخسائر التي مني بها قطاع غزة وأرقام الضحايا الكبيرة، فإن الزخم العالمي الذي حصلت عليه القضية الفلسطينية، بعد تهميش متعمد لسنوات، وتحطيم الصورة الأسطورية المزيفة لقوة جيش الاحتلال، والإطاحة بفكرة الدولة القوية التي كانت تروج لها “إسرائيل” وتخدع بها جيرانها، فضلًا عن الخسائر الاقتصادية والنفسية والعسكرية والاجتماعية التي مني بها الاحتلال والداخل الإسرائيلي، كلها مكاسب تتجاوز بمراحل حجم الخسائر التي لحقت بالمقاومة والشعب الفلسطيني وبالبنية المعمارية لقطاع غزة، كونها تمهد لمرحلة جديدة من المواجهة، تتغير فيها قواعد اللعبة وميزان معدلات القوى، فما كان قبل الطوفان لن يكون بأي حال من الأحوال كما بعده.
اللافت هنا أن الشارع العربي ربما يكون الأبعد عن تلك الفعاليات، فبعيدًا عن الشارع الأردني واليمني غاب زخم القضية الفلسطينية عن الساحة العربية، اللهم إلا على مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل القبضة الأمنية المشددة التي تعرقل أي حراك من شأنه أن يمثل ضغطًا على الحكومات العربية التي تتجنب استثارة غضب حليفها الإسرائيلي ومن خلفه الأمريكي رغم عبثهما بالأمن القومي العربي دون أي اعتبارات لتلك الأنظمة.
وأمام تلك الأمواج الهادرة من التظاهرات الشعبية في مختلف دول العالم لإنقاذ ما تبقى من قطاع غزة من أيدي العنصرية الإسرائيلية الفاشية، المدفوعة بسُعار الانتقام الوحشي، يبقى السؤال: متى يتحرك العالم؟ ومتى توقظ تلك الأصوات والفعاليات ضميره المستتر خلف الخنوع والمقاربات والحسابات الخاطئة؟