لعبت التكنولوجيا الحديثة دورًا رئيسيًا في تشكيل العادات اليومية للناس وجعلت وسائل التواصل الاجتماعي جزء من ثقافة الأجيال الناشئة التي تقيس عدة أمور مختلفة بالحياة بناءً على العالم الرقمي. فطبقًا لعدد الاعجابات والمتابعين وحجم التفاعل الذي يُحصد على الصفحات الشخصية يقيم المستخدم نفسه ومستواه ومدى تقبل الآخرين له على هذه المنابر الاجتماعية.
ومع الانتشار الواسع لهذه التطبيقات بين الناس وزيادة الارتباط بها، ظهرت مجموعات أخرى مقاومة لإدمان السوشيال ميديا الذي أصاب العالم وتطرح سؤالًا يقول هل تستحق هذه المنصات الاجتماعية كل ما ينفق عليها من وقت واهتمام؟
ولأن فكرة الاستغناء عن هذه التكنولوجيا الحديثة تبدو فكرة غير منطقية ولا محل لها في عصرنا الحالي، يقترح البعض، التحكم بعدد الساعات التي يقيضها الناس على أجهزة الهاتف النقال واقتراح بدائل لجعل يومهم أكثر إنتاجية وفائدة.
ينفق العالم 5 سنوات و4 شهور من عمره على السوشيال ميديا
يوجد في العالم حوالي 3.6 مليار مستخدم على منصات الشبكة الاجتماعية أي حوالي 49% من عدد سكان العالم، ويعتبر هذا الرقم مرتفع جدًا عند النظر إلى سكان العالم الإجمالي والذي يصل إلى 7.5 مليار شخص، بمعنى آخر، هذا يعني أن حوالي 2 من كل 5 أشخاص في العالم ينشغلون كل يوم خلال استخدامهم لشبكة الإنترنت في نفس الوقت.
كما تشير الإحصائيات إلى أن الوقت الذي يقضيه الناس على وسائل التواصل الاجتماعي يتزايد باستمرار على مر السنوات، فالمراهقون ينفقون حوالي 9 ساعات يوميًا في على “السوشيال ميديا”، إذ يخصصون 30% من أوقاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي والغالبية الباقية في استخدام هاتفهم. وهذه النسبة تفوق عدد ساعات نومهم التي تصل إلى 8 ساعات و21 دقيقة في اليوم.
بلغ حجم الانفاق على المواقع الاجتماعية 36 مليار دولار في عام 2017.
تعتني منصات التواصل الاجتماعي بتطبيقاتها المختلفة وتعمل باستمرار على تطوير أداوتها وخياراتها لجذب أكبر عدد من الجماهير الجديدة، كما أنها تضمن وفائهم لمنصاتها عبر الإضافات الجديدة التي تحافظ على نموها بين المستخدمين وبمعدلات غير مسبوقة. إذ بلغ حجم الانفاق على هذه المواقع الاجتماعية 36 مليار دولار في عام 2017.
ويختلف الوقت الذي يقضيه العالم على وسائل التواصل الاجتماعي عبر كل منصة، إذ يأتي موقع يوتيوب في البداية ويستهلك أكثر من 40 دقيقة من يوم الشخص (أي سنة واحدة و10 أشهر في العمر) وينفق مستخدمو فيسبوك 35 دقيقة في المتوسط يوميًا أي سنة واحدة و7 أشهر ويليهما سنابتشات وانستجرام.
وفي المنطقة العربية تحديدًا، يعتبر فيسبوك وتطبيق واتساب للرسائل الأكثر استخدامًا في الدول العربية، فلقد كانت نسبة مستخدمي فيسبوك 87% وواتساب 84% ويليهما يوتيوب بنسبة 39%.
ما الذي يمكن فعله بعيدًا عن هواتفنا الذكية؟
إذا كنت تجلس في حديقة أو مقهى فإن 98% من الناس غالبًا ما سيكونون ينظرون إلى هواتفهم، وهناك الكثير من المرات التي سمعنا بها الآخرين يقولون “لا أستطيع العيش بدون هاتفي” أو “أنني أنتظر النسخة الجديدة من هذا الهاتف” فنحن نعيش في عالم إلكتروني تمامًا وأحيانًا يصل الأمر إلى أن ننسى كيفية التفاعل وجهًا لوجه مع العالم من حولنا.
وإذا عزم أحد المستخدمين على الابتعاد عن العالم الرقمي أو استخدامه بالحد الصحي المعقول، فهناك العديد من الأنشطة التي يمكن أن يمارسها الناس للاستفادة من ساعات يومهم بشكل أفضل.
خلال 118 ساعة يمكنك أن تقرأ 24 رواية في شهر واحد، إن حاولت أن تقلل من عدد ساعات المراسلة السريعة
في تقرير مؤخر نشر على موقع entrepreneur يقول خلال 118 ساعة يمكنك أن تقرأ 24 رواية في شهر واحد، إن حاولت أن تقلل من عدد ساعات المراسلة السريعة التي تقتل ما يقرب عام و3 أشهر من وقت حياتك. مشيرًا إلى أن الإنسان يمضي 5 سنوات و4 أشهر في حياته في متابعة السوشيال ميديا بالمجمل.
لماذا يجب أخذ استراحة من مواقع التواصل الاجتماعي؟
من أهم الأسباب التي تدفع البعض للحد من وقتهم على هذه المواقع هي أن السوشيال ميديا تجعل المستخدم يركز على الأخرين وعلى حياتهم أكثر من حياته وأهدافه الشخصية. إذ أكدت دراسة جديدة على أن الأشخاص الذي يمضون ساعات طويلة على هذه الشبكات يفتقدون للثقة في النفس ويكونوا أكثر قلقًا من غيرهم، وأصبح لهذه الحالة النفسية مصطلح علمي “اضطراب السوشيال ميديا” للأشخاص الذي يعانون من الاضطرابات النفسية والمزاجية بسبب متابعتهم للآخرين على هذه المنصات الاجتماعية.
السبب الثاني، هو أن السوشيال ميديا تفصل المدمن عن العالم الواقعي وتجعله يندمج مع العالم الافتراضي الذي يبدو مثاليًا وبراقًا وهذه الصورة ليست حقيقة تمامًا فهي لا تمثل سوى دقائق معدودة من الحياة. لكن هذه الحقيقة تغيب عن عقل المستخدم وتجعله يقدم محاولات مستمرة للتحسين من صورة حياته بشكل ظاهري كنوع من المنافسة اللاإرادية.
العقل البشري يترجم هذا التفاعل الإلكتروني إلى مشاعر اهتمام وجذب انتباه.
أما السبب الثالث، هو تأثير هذه المواقع على التقييم الذاتي للشخص ونظرته لنفسه، فهو يربط بين التفاعل الذي يحصل على صفحته الشخصية وبين شعوره وصورته مع نفسه وتمنعه من الالتفات إلى أولوياته الأساسية. وهذا لأن العقل البشري يترجم هذا التفاعل الإلكتروني إلى مشاعر اهتمام وجذب انتباه.
والسبب الأخير هو أن هذه المنصات تعتبر من أكثر الأدوات تشتيتًا للانتباه والتركيز وتقتل اللحظات القيمة بين الناس، ففي كل مرة يصل اشعار بوجود رسالة أو بريد الالكتروني أو هاتف يعود الإنسان للغوص مجددًا في هذه الدائرة التي ستحاصره وحتى إن امسك بالهاتف للتصفح بلا هدف.