تتوالى الانتصارات التي يحققها النظام السوري ضد تنظيم الدولة في المناطق الشرقية والتي كان آخرها فك النظام حصار دير الزور وبسط سيطرته على مساحات واسعة من شرق سوريا، هذه الإنجازات العسكرية للنظام دقت ناقوس الخطر عند السورين الذين يعيشون في الشمال السوري خوفًا من أن تكون وجهة النظام القادمة بعد تنظيم الدولة مناطقهم.
عن هذا الموضوع يقول القاضي والداعية المقرب من حركة أحرار الشام عبد الرزاق المهدي إن تقدم النظام والروس والأكراد على تنظيم الدولة في دير الزور أمر خطير يشعرنا بالخطر والأمور جاءت أسرع مما توقعنا وهي تنذر بخطورة قادمة ضدنا.
داعيًا قادة الفصائل لتحمل مسؤولية خطورة المرحلة قائلاً: “على القادة والشرعيين أن يضعوا الخطط ويتوحدوا لأن الأمر خطير والإعداد الأمثل هو تشكيل جيش موحد وقيادة عسكرية على مستوى عالٍ من المجاهدين والعسكريين حتى الذين في تركيا وأن يضم كل القادة في الجيش الحر وغيره ومن كل الفصائل لأنها ستكون أخطر مرحلة”.
وينتقد المهدي ما أسماه عدم الإحساس بخطورة المرحلة من قبل قادة الفصائل “لا يوجد عندهم شعور بخطورة المرحلة كما ينبغي، فلو أدركوا خطورة المرحلة لأعدوا لها واتخذوا الخطوات اللازمة التي تساهم في صد العدوان والحفاظ على هذه المناطق التي بقيت تحت سيطرتهم”.
ويضيف المهدي: “علينا كشرعيين أن ندعو لتوحيد الصف وجمع الكلمة وتشجيع الشباب الذين في تركيا وغيرها لكي ينضموا في جيش حقيقي ويجب الإسراع في تشكيل إدارة مدنية مبنية على الكفاءات وليس على المحسوبيات، ويجيب إخلاء المدن من المظاهر المسلحة”.
فصائل المعارضة ليس بإمكانها أن تفعل شيئًا، فهي ضعيفة ومنقسمة، فمعظم الفصائل باستثناء تنظيم الدولة وهيئة تحرير الشام ضعيفة مشرذمة متناحرة منشغلة بإدارة إقطاعياتها
في هذا الصدد يقلل الصحفي والباحث السوري خليل المقداد من أهمية انتصار النظام على تنظيم الدولة وأن مهمته ستكون صعبة فيقول: “أعتقد أن النظام متهالك لا سيطرة له حتى على شبيحته، وهو بالكاد يستطيع تأمين حواضنه بمساعدة الروس والإيرانيين والمليشيات الشيعية، وبالتالي فإن إمكانات النظام وخياراته محدودة ولا يعدو عن كونه واجهة تشرعن للآخرين وجودهم وتضمن تنفيذ أجنداتهم، وهو لا يملك إلا الانصياع لما تأمر به روسيا أولاً وإيران ثانيًا وحزب الله ثالثًا”.
ويضيف المقداد: “بالنسبة لفصائل المعارضة لا يبدو أنها بحال أفضل من حال النظام، فهي مشرذمة وفاقدة للقرار بعضها ينتمي لـ”قسد” وبعضها لدرع الفرات، أما في الجنوب فإن فصائل الجيش الحر تدار من مقرات غرفة الموك في عمان، وبالعموم جميع الفصائل فاقدة للقرار ولا سيطرة لها كبيرة على الأرض”.
مؤكدًا أن فصائل المعارضة ليس بإمكانها أن تفعل شيئًا، فهي ضعيفة ومنقسمة، “معظم الفصائل باستثناء تنظيم الدولة وهيئة تحرير الشام ضعيفة مشرذمة متناحرة منشغلة بإدارة إقطاعياتها، وليس لديها الكثير لتخسره أو تقدمه، لذلك نجد أن كثيرًا منها يتحضر لتشكيل تجمع عسكري بحجة إنشاء وزارة دفاع تتبع الحكومة المؤقتة، بينما الهدف قتال هيئة تحرير الشام، المفارقة أن الكثير من فصائل الجيش الحر، لديها تفاهمات واتفاقيات مع النظام بعضها علني والبعض الآخر تحت الطاولة، وبات همها اليوم منحصرًا في الحصول على جزء من كعكة الحكم، ضاربين بعرض الحائط كل تضحيات وعذابات السوريين، ودماء الشهداء والحرمات المنتهكة”.
وعن هذا الموضوع يقول القيادي المقرب من تحرير الشام الأسيف عبد الرحمن: “المرحلة القادمة لليوم ضبابية كون الخطة الأمريكية الجديدة غير معلنة بعد فشل خطتها السابقة تحديدًا في الشمال السوري (إدلب)، لكن لا شك أن المرحلة القادمة مفصلية ستفصل بين من سيبقى متمسكًا بمبادئ الثورة ومن تنازل ورضخ لجهات خارجية ترهيبًا أو ترغيبًا”.
لعبة يلعبها النظام بحجة أنه يكافح الإرهاب على الرغم من أنه مصنع الإرهاب، لذلك هي محاولة من النظام لإعادة الروح له كونه يكافح الإرهاب
ويدعو القيادي الفصائل لإعداد خطط تناسب الخطر القادم من قبل النظام بعد انتصاره على تنظيم الدولة، فيقول: “على الفصائل التي ما زالت صادقة في جهادها والالتزام بمبادئ وأهداف ثورتها أن تعد العدة للمرحلة القادمة عبر التوافق على غرفة عمليات بأدنى حد كون فرص الاندماج ضئيلة وإن لم يكن غرف عمليات لأسباب سياسية، فعلى الأقل تنسيق مباشر فيما بينهم”. “فالنظام وبعد قضائه على تنظيم الدولة في سوريا بشكل كامل أو بمناطق الشرق وجهته بلا أدنى شك إدلب وريف حلب وريف حمص جالبًا معه مليشيات إضافية كانت مشغولة بقتال الدولة، وهذا خطر قادم من الشرق ولعله الخطر الحقيقي الأكبر وفرص نجاحه مرتفعة في ظل ظروفنا الفصائلية وجمود الجبهات العسكرية وليس له حل إلا عبر تشتيت قواته بمعارك حقيقية وأخرى وهمية “مناورات” ولعل الفصائل وفي مقدمتهم الهيئة مطلعون مدركون للخطر وهذا ما سنتأكد منه في الأيام القليلة المقبلة”.
من جهته اعتبر النقيب مصطفى معراتي الناطق باسم جيش العزة أن حرب النظام على تنظيم الدولة لكي يقول للعالم إنه يحارب الإرهاب، وقال النقيب: “هي لعبة يلعبها النظام بحجة أنه يكافح الإرهاب على الرغم من أنه مصنع الإرهاب، لذلك هي محاولة من النظام لإعادة الروح له كونه يكافح الإرهاب”.
وأما عن موقف الفصائل من الخطر الذي سيلحقها إذا انتصر النظام على تنظيم الدولة يقول معراتي: “الفصائل أعلنتها منذ البداية أن هدفها إسقاط النظام الذي قتل وشرد واعتقل الآلاف، فالمرحلة القادمة خطيرة يجب التعامل معها بحذر شديد والعمل على كل المحاور سياسيًا وعسكريًا”.