ترجمة حفصة جودة
خان الأحمر، الضفة الغربية المحتلة – تعهد سكان قرية بدوية في الضفة الغربية بمقاومة تهديدات الاحتلال الإسرائيلي بتدمير القرية ونقلهم بجوار مكب للنفايات السامة، حيث يقولون إنه سيدمر طريقة حياتهم ويعرض صحتهم للخطر، كانت حكومة الاحتلال الإسرائيلي قد أخطرت المحكمة العليا في البلاد يوم الأحد بأنها تخطط لتدمير قرية خان الأحمر، وهي قرية تضم 127 شخصًا وتقع بين مستوطنتي كفر أدوميم ومعاليه أدوميم غير القانونيتين في منتصف عام 2018.
كان تصريح الحكومة هو آخر ما قالته بشأن معركتها القانونية طويلة المدى مع سكان القرية، والذين تقع قريتهم في المنطقة “C” بالضفة الغربية وهي تحت سيطرة الاحتلال، كما أن القرية تتأثر بما يسمى الخطة “E1”.
يبدو أن مصير خان الأحمر معلق بحكم المحكمة بين عريضتين متنافستين: إحداهما مقدمة من المستوطنين في كفر أدوميم والذين طالبوا الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ قرار سابق بتدمير مدرسة القرية، والأخرى مقدمة من السكان البدو الذين يرغبون في إلغاء أوامر الهدم الصادرة ضد أغلبية منازل ومباني القرية.
تُشيد البيوت في خان الأحمر من الصفيح وألواح الخشب
تقول منظمة “بتسليم” الإسرائيلية لحقوق الإنسان إن الخطة “E1” قُدمت لأول مرة عام 1999، وتسعى لبناء مئات الوحدات الاستيطانية لربط معالية أودميم وكفر أودميم بالقدس الشرقية المحتلة، إذا نُفذت تلك الخطة فستنشأ كتلة حضرية استيطانية في منتصف الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبذلك سوف يفصل جنوب الضفة الغربية عن شمالها بالإضافة إلى عزل الفلسطينيين في القدس الشرقية عن الفلسطينيين في الضفة الغربية.
عرضت الخطة الإسرائيلية أيضًا نقل السكان إلى غرب منطقة الجبل بجوار مكب القمامة في القرية الفلسطينية أبوديس، من منطلق أن هذه القرية مبنية دون الحصول على تصاريح بناء إسرائيلية، لكن البدو قالوا إنه لا يوجد ما يبرر خطة “إسرائيل” لهدم القرية.
“إنهم يريدون تدمير معيشتنا”
قال عيد أبو خميس المتحدث باسم المجتمعات البدوية في القدس وأحد سكان خان الأحمر: “أنشأت المنطقة “C” حول بيوتنا وليس من الطريق الآخر، لقد جئنا هنا بعد أن طردنا الاحتلال من أرضنا في أثناء النكبة، والآن يرغبون في طردنا من تلك الأرض بعد أن عشنا فيها 60 عامًا”، ينحدر أبو خميس وبدو خان الأحمر من قبيلة الجهالين والتي يعود أصلها إلى منطقة تل عراد الواقعة جنوب صحراء النقب.
بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948 أو ما يسميه الفلسطينيون “النكبة”، أجُبر بدو الجهالين على الخروج من أراضيهم والانتقال إلى الأردن أو الضفة الغربية حيث سُجلوا كلاجئين من خلال منظمة الأونروا، أمسك أبو خميس بالخريطة وأشار إلى إحدى المناطق وقال: “إنهم يرغبون في نقلنا إلى هنا، لكن حتى هذه الأرض ليست ملكًا لهم”.
عيد أبو خميس أحد سكان القرية والمتحدث الرسمي باسمهم
تقع قطعة الأرض تلك بجوار مكب ضخم للنفايات غير المعالجة وتعود ملكيتها لأسرة فلسطينية من أبو ديس، وقال أبو خميس إن الأسرة ناشدتهم بعدم الانتقال إلى هناك، وأضاف: “حتى لو طلبوا منا القدوم فلن نذهب إلى هناك”، وذكر أبو خميس قصصًا لأطفال أبو ديس يعانون من إعاقات خطيرة ومضاعفات صحية نتيجة النفايات غير المعالجة والمتغلغلة في أرض تلك المنطقة.
يقول أبو خميس: “نحن بدو يجب علينا الانتقال حيث تستطيع ماشيتنا الرعي فهذا هو نمط حياتنا، انظر إلى تلك التلال مترامية الأطراف المحيطة بخان الأحمر، إنهم لا يهددون بتدمير منازلنا فقط، لكنهم يرغبون في تدمير سبل معيشتنا كذلك، يريدون منا الانتقال عند الطريق السريع بجوار مكب النفايات! لن نستطيع الحياة هناك ولا تستطيع ماشيتنا كذلك، لن نبقى على قيد الحياة”.
هذا الأمر يندرج تحت جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية
وبينما يرفض أبو خميس ومجتمعه الانتقال إلى أبو ديس، فحياتهم الحالية في خان الأحمر بعيدة عن المثالية، فليس لديهم القدرة على بناء بيوت جديدة أو حظائر للمواشي، كما يعانون من نقص الخدمات الأساسية مثل شبكة الكهرباء وشبكة الصرف الصحي والطرق المعبدة، كما يعاني المجتمع من سياسات الاحتلال الخانقة في تخطيط وتقسيم المنطقة “C”، أضف إلى هذا النقص في الخدمات والتهديدات المستمرة بهدم القرية والعنف من المستوطنات المجاورة، الأمر الذي خلق ما أسماه خبراء القانون “بيئة قسرية” للبدو في المنطقة “E1”.
سكان محميون
تقول مايا العرزة – باحثة قانونية في مركز البديل لحقوق السكان واللاجئين الفلسطينيين – إن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد تنفيذ السياسات القسرية في خان الأحمر وما حولها، هذا الأمر يعادل النقل القسري مما يعد انتهاكًا لاتفاقية جنيف الرابعة، وتضيف مايا: “وفقًا للقانون الدولي، فالضفة الغربية منطقة محتلة وهؤلاء البدو الفلسطينيون جزء من السكان المحتلين وبذلك فهم من الأشخاص المحميين”.
أبو خميس يشير على الخريطة إلى المكان المقرر نقلهم إليه بجوار مكب قمامة أبو ديس
يحظر القانون الإنساني الدولي نقل الأشخاص المحميين من مكانهم إلى مكان آخر بالقوة، وهو يعني أي نوع من أنواع النزوح والتشريد، سواء قسريًا أو باستخدام القوة البدنية المباشرة، فهي تندرج تحت النقل القسري، ووفقًا لمايا فالنقل القسري أحد الخروقات الخطيرة لاتفاقية جنيف الرابعة ويعد أحد الانتهاكات الخطيرة جدا للقانون الدولي، كما أنه يعتبر جريمة حرب وفقًا لقانون “روما” – أحد قوانين المحكمة الجنائية الدولية – وهو يعني أن أي شخص يقوم بتلك الأفعال يمكن مقاضاته في المحاكم الدولية ومن ضمنها المحكمة الجنائية الدولية.
أوضحت مايا أن هذه السياسات تطبق على نطاق واسع ليس فقط ضد بدو خان الأحمر ولكن ضد جميع المجتمعات البدوية في المنطقة “E1″، وقالت: “نظرًا لأن هذا الأمر يندرج تحت جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، فهو يفرض التزامًا قانونيًا على الدول الأخرى حول العالم للتدخل ووضع حد لتلك الممارسات في المنطقة “E1”.
تدخل المجتمع الدولي هو الأمل الوحيد لأبو خميس وجميع البدو في خان الأحمر ضد عملية النزوح، يقول أبو خميس وهو يمسك بمجموعة من الخرائط: “ما نفعله الآن هو الانتظار، نحن ننتظر العالم ليساعدنا لنعيش في أرضنا، ويومًا ما نأمل أن يرانا العالم ونحن نعود لموطننا الأصلي كذلك”.
المصدر: ميدل إيست آي