ترجمة وتحرير نون بوست
كتب ريان غريم وأليكس إيمونز
عندما أصدرت إدارة ترامب المرسوم المنقح لحظر السفر على المسلمين يوم الأحد، وجدت مجموعة من البلدان التي لم يحالفها الحظ نفسها ضمن هذه القائمة. وفي الواقع، كانت السودان الدولة الوحيدة التي لم يشملها هذا الحظر ما فاجأ مراقبي الوضع في السودان على غرار نسرين مالك التي نشرت تغريدة تساءلت فيها عما إذا كانت للسودان قدرة على ممارسة الضغط السياسي.
في الحقيقة، لا تملك السودان القدرة الكفاية لممارسة الضغط. في المقابل، تعتمد على دولة صديقة للقيام بذلك، حيث بدأت الإمارات العربية المتحدة مؤخرا بممارسة الضغط في واشنطن بالنيابة عن السودان.
عموما، تندرج هذه المصلحة السياسية في إطار مشاركة السودان في العمليات البرية ضمن الحرب على اليمن. ويخول هذا الأمر للتحالف الذي تقوده كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية من أن يكون له موطئ قدم على الأراضي اليمنية، إذ أن هذه الدول غير آبهة للخطر المحدق بها وتفضّل عوضا عن ذلك شنّ حملة جوية.
في هذا السياق، بين مصدر حكومي أمريكي رفيع المستوى، غير مسموح له بالحديث علنا عن الوضع، أن “السودان بصدد تنفيذ أعمال الإمارات العربية المتحدة القذرة”. في المقابل، يسلط سفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، ثقله الدبلوماسي المهم لدعم الحكومة السودانية.
وتجدر الإشارة إلى أن العتيبة لديه علاقات مقربة بشكل خاص مع مستشار البيت الأبيض، جاريد كوشنر، صهر ترامب. ويلعب كوشنر دورا قياديا في الوضع الذي آلت إليه سياسة الإدارة الأمريكية المتعلقة بالشرق الأوسط.
تكبدت القوات السودانية خسائر جسيمة في إطار القتال جنبا إلى جنب مع الحكومة اليمنية المدعومة من قبل المملكة لاستعادة المدن من الحوثيين والحفاظ على أمن واستقرار المدن الجنوبية.
في أيلول/سبتمبر سنة 2015، قتل 45 جنديا إماراتيا في أحد المعارك في اليمن. وقد اعتبرت هذه الحادثة من أشد الأحداث فتكا في تاريخ دويلة الإمارات، وهو ما كان كفيلا بإرسال إشارة إنذار لها. ويعد من الصعب المبالغة في تقدير تأثير مقتل 45 جنديا في هذه الدولة، مما مثل حجة لهذه الدولة الخليجية للاستعانة بمصادر خارجية.
من جهة أخرى، تعدّ السودان عضوا فاعلا في التحالف السعودي (المدعوم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية) في اليمن. ففي آذار/مارس سنة 2015، عندما انطلقت حملة القصف على اليمن شاركت السودان بأربعة طائرات مقاتلة ونشرت قوات برية في مدينة عدن خلال السنة الماضية.
في حين أن المملكة العربية السعودية اعتمدت على القصف الجوي، تكبدت القوات السودانية خسائر جسيمة في إطار القتال جنبا إلى جنب مع الحكومة اليمنية المدعومة من قبل المملكة لاستعادة المدن من الحوثيين والحفاظ على أمن واستقرار المدن الجنوبية.
في شأن ذي صلة، قدمت السودان إلى حد الآن، أكثر من 1000 عنصر من قواتها ووعدت بالالتزام بتقديم المزيد. وفي هذا الصدد، أفاد أحمد عوض بن عوف، وزير الدفاع السوداني، أن “قرابة 6.000 مقاتل من القوات الخاصة والقوات البرية وقوات النخبة على استعداد للمشاركة في الحملات بناء على طلب من قيادة التحالف”.
وأضاف بن عوف قائلا: “حتى وإن تتطلب الأمر توفير المزيد من القوات والمساهمات العسكرية، فإننا مستعدون لإجراء أي تطورات في هذا الشأن”. والجدير بالذكر أن القوة القتالية السودانية اكتست أهمية أكبر بعد سحب قطر لقواتها من التحالف في حزيران/يونيو الماضي.
تم إدراج السودان مرارا وتكرارا ضمن قائمة أسوأ منتهكي حقوق الإنسان في العالم، وهو ما يحفزها بشكل كبير للتحالف مع الدول المقربة من الولايات المتحدة الأمريكية للتخفيف من حدة هذا الانتقاد.
على إثر ذلك، جنت السودان ثمار التحالف العسكري مع دول الخليج. فمنذ سنة 2015، تلقت مليارات من الدولارات في شكل قروض مقدمة من قبل كل من المملكة العربية السعودية وقطر، كما ساعدت التمويلات الصادرة عن دبي وأبوظبي على دعم البنك المركزي السوداني.
من جانب آخر، يشير اعتماد عبد ربه منصور، الزعيم اليمني المدعوم من قبل المملكة العربية السعودية، على قوات حكومة أجنبية لشن الحرب البرية إلى افتقاره إلى الدعم الشعبي. فعقب احتجاجات الربيع العربي التي أطاحت بعبد الله صالح، تم تنصيب هادي من قبل الأطراف الفاعلة الدولية في إطار صفقة تقاسم السلطة. وقد تمت إعادة انتخاب عبد ربه خلال الانتخابات الرئاسية سنة 2012، حيث لم تتضمن عملية الاقتراع سوى اسمه.
وعلى مدى العقد الماضي، تم إدراج السودان مرارا وتكرارا ضمن قائمة أسوأ منتهكي حقوق الإنسان في العالم، وهو ما يحفزها بشكل كبير للتحالف مع الدول المقربة من الولايات المتحدة الأمريكية للتخفيف من حدة هذا الانتقاد.
في هذا الشأن، هاجمت القوات الحكومية السودانية عمدا المدنيين في دارفور، جنوب كردفان ومنطقة النيل الأزرق، وفقا لما أفادت به منظمة هيومن رايتس ووتش. وعلاوة على ذلك، وجهت المحكمة الجنائية الدولية إلى الرئيس الحالي، عمر البشير، تهم بارتكاب عدة جرائم إبادة جماعية ذات صلة بأعماله في دافور. وقد أصدرت المحمكة أمرا بالقبض عليه سنة 2009. ولكن، رغم الضغوط التي مارسها كل من الناشطون الحقوقيون والمحكمة الجنائية الدولي، رفضت العديد من البلدان اعتقاله خلال قيامه بزيارات رسمية.
المصدر: الإنترسبت