يعتبر العلم من أهم الأساسيات المساهمة في تقدم المجتمعات ونجاحها في مختلف المجالات، وفي حال تخلف أي من الدول عن دورها في استغلال الثروة العلمية فإنه من السهل جدًا التنبؤ بمستقبلها. ويمكن النظر إلى المجتمعات العربية التي تخلت عن مقعدها في المؤسسات العلمية وتراجع إنتاجها العلمي بشكل ملحوظ، ومع ذلك إلا أنه يوجد بعض الشخصيات العربية التي تبرز كل عام بسبب ما تقدمه للعالم في المجال العلمي، ومن هذه الشخصيات الفريدة في الأعوام الماضية:
البروفيسور الأردني عمر ياغي
ولد ياغي في عام 1966 بعمان ودرس في جامعة نيويورك وتخرج منها عام 1985، ونال الدكتوراه من جامعة إيليونويز أروبانا في عام 1990، وفي الفترة ما بين 1990 و1992 درس على مقاعد جامعة هارفرد وعمل أستاذًا في جامعة أريزونا ثم ميشيغيان وكاليفورنيا لوس أنجلس، وحاليًا يعمل محاضر في قسم الكيمياء بجامعة بيركلي.
كان ياغي يرأس فريق من الباحثين في مختبر لورانس بيركلي الوطني للطاقة والذي ابتكر نوعًا من حقائب العرض النانوية التي تسمح برؤية العينات البيولوجية الكيميائية متناهية الصغر والتي لم يكن من الممكن رؤيتها أو دراستها من قبل لأحجامها الصغيرة. إذ سيساعد هذا البحث على الكشف عن تفاصيل المكونات التي تنشأ منها الجزيئات الصعبة والمركبات الكيميائية المعقدة وذلك عن طريق تثبيتهم داخل هياكل تسمى بالأطر المعدنية العضوية.
حصل ياغي على المرتبة الثانية في قائمة أفضل وأشهر العلماء والمهندسين في الفترة بين 1998 و2008، وله مئات المقالات المنشورة في المجلات العلمية المختلفة.
كمال قال ياغي موضحًا هدف هذه الورقة البحثية أن “من خلال هذا الاستنتاج، استطعنا إثبات أن أي من هذه الجزيئات، مهما كانت معقدة، يمكن إدراجها وتحديد هيكلتها وبنيتها داخل هذه الحقيبة متناهية الصغر التي قمنا بتصميمها”.
ومن بعد النجاح الذي حققه البروفيسور ياغي في مجال الكيمياء، نال ياغي العديد من الجوائز والميداليات، أولها من الجمعية الإيطالية للكيمياء، وجائزة بحث وإنتاج الهيدروجين وتخزينه، وجائزة ACS لإنتاجه الأسس الأولية لتصميم مواد جديدة، كما أنه استلم جائزة أخرى باسم الملك فيصل بالمناصفة مع بروفيسور آخر.
وكانت هذه الجوائز تعبيرًا عن الامتنان لإسهاماته في التصميم والإنتاج المواد الجديدة في هذا المجال، كما يذكر أن ياغي حاصل على المرتبة الثانية في قائمة أفضل وأشهر العلماء والمهندسين في الفترة بين 1998 و2008، وله مئات المقالات المنشورة في المجلات العلمية المختلفة.
هدى يحيي زغبي
وهي لبنانية أمريكية تبلغ من العمر 63 عام، اشتهرت العالمة زغبي بعد اكتشافها الأسباب والآليات الوراثية لاثنين من الأمراض النادرة وهما الرنح النخاعي المخيخي ومتلازمة ريت.
المرض الأول يسبب خللًا في التوازن لدى الإنسان ويعتبر من الأمراض القاتلة في مرحلة ما، أما بالنسبة إلى المرض الثاني فهو يحدث للنساء بعد مرحلة الولادة واللاتي يفقدن جزء من نشاطهن ومهاراتهن وتنشأ لديهن نوبات من الرعاش والتي تجعل حياتهن اليومية في غاية الصعوبة.
حصلت العالمة الزغبي على جائزة The Brainthrough prizes وكانت المرأة الوحيدة التي تستلم فيها هذه الجائزة، والتي قام بتقديمها مجموعة من مشاهير هوليوود ووادي السيليكون الذين يهتمون بالجهود العلمية
وبهذا الخصوص تقول زغبي “يأتي المرضى إلى العيادة ليكتشفوا بأنهم مصابين بأكثر الأمراض ندرة، وكنت أكره رؤية وجوههم الحزينة بعد أن أبلغهم بإصابتهم بهذه الأمراض، لذلك قررت الذهاب إلى المختبر والبحث على الأسباب والحلول حتى وجدتها”.
تكريمًا لإنجازاتها في مجال الأمراض العصبية والذي اشتهرت من بعده على نطاق واسع، حصلت العالمة الزغبي على جائزة The Brainthrough prizes وكانت المرأة الوحيدة التي تستلم فيها هذه الجائزة، والتي قام بتقديمها مجموعة من مشاهير هوليوود ووادي السيليكون الذين يهتمون بالجهود العلمية المختصة بعلم الدماغ والأعصاب.
كما تعتبر هذه الجائزة من أغنى الجوائز العلمية وذلك لقيمتها المادية التي تصل إلى 3 ملايين دولار والتي تمول من قبل مجموعة من رجال الأعمال في قسم التكنولوجيا خاصة، مثل: مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرج وزوجته بريسيلا تشان ومؤسس جوجل سيرجي برين ومؤسس موقع علي بابا العملاق جاك ما وزوجته كاثي تشانغ.
نعمت شفيق
وهي مصرية الأصل تحمل الجنسيتين الأمريكية والبريطانية، ولدت شفيق في الإسكندرية عام 1962 ودرست في المدرسة الأمريكية ومن بعدها انتقلت لدراسة الاقتصاد والسياسة في جامعة ماساتشوستس، ثم أكملت دراسة الماجستير في كلية لندن في قسم الاقتصاد، لتنهي مشوارها التعليمي في جامعة أكسفورد. وبعد مجهود كبير في البحث والدراسة نشرت عددًا من الكتب والمقالات حول المستقبل الاقتصادي واقتصاديات السلام وأسواق العمل والتكامل الإقليمي وقضايا النوع الاجتماعي.
شغلت شفيق منصب نائب رئيس البنك الدولي في سن 36 لتصبح أصغر شخص يتولى ذاك المقعد، كما أنها حسنت من أداء المشاريع الاستثمارية التي وصلت قيمتها بقيمة 50 مليار دولار. وفي خطوة أخرى، أشرفت على إعداد برنامجي إنقاذ اليونان والبرتغال والذي يهدف إلى جذب مساهمات رأس المال الخاص في مشروعات البنية التحتية. وفقًا لمجلة “فوربس”.
منحتها الملكة إليزابيث الثانية رتبة الإمبراطورية البريطانية، وهو وسام يُمنح لخمس طبقات من بينهم العسكريون والمدنيون على حد سواء.
في عام 2006، حازت شفيق على لقب سيدة العام في بريطانيا، وشغلت في عام 2008 منصب الأمين العام لوزارة التنمية الدولية البريطانية. واستمرارًا لمشوار نجاحها، تولت شفيق منصب نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي في عام 2011 حتى عام 2014، وخلال هذه الفترة كانت مسؤولة عن عمل البلدان في أوروبا والشرق الأوسط وأشرفت على ميزانية إدارية للصندوق تقدر بمليار دولار.
من بعد هذه المرحلة، تسلمت منصب نائب محافظ بنك إنجلترا، كرابع سيدة تشغل المقعد منذ تأسس البنك وتكريمًا لأعمالها ومجهوداتها منحتها الملكة إليزابيث الثانية رتبة الإمبراطورية البريطانية، وهو وسام يُمنح لخمس طبقات من بينهم العسكريون والمدنيون على حد سواء.
الركود العلمي في الوطن العربي
أشاد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بالإسهامات العلمية والفكرية في التاريخ الإسلامي في خطابه عام 2009 وقال “مهدت الحضارة الإسلامية الطريق لنهضة أوروبا قبل عدة قرون وكان الابتكار هو ميزة المجتمعات الإسلامية التي أسست نظام الجبر والبوصلة وأدوات الملاحة والأقلام والطباعة، ومنهم فهمنا كيف ينتشر المرض وكيف يمكن إيقافه”.
لكن اليوم يمكن القول بأن العلماء العرب والمسلمين لم يعودوا في المقدمة، إذ يوجد حوالي 1800 جامعة في الشرق الأوسط و312 فقط من هذه الجامعات تنشر أوراقًا بحثية، وهذا بحسب تقرير نشر على موقع “نيو أطلنتس”. كما يذكر التقرير أن العرب يشكلون 5% من نسبة العالم إلا أنهم ينشرون أقل من 1.1 من الكتب في العالم.
أصبح من يملك المال والنفوذ هو صاحب المكانة الاجتماعية الرفيعة وليس من يملك المعرفة والعلم والثقافة
ومن جهة الروائي والناشر، إلياس فركوح، فلقد قال إن سبب تراجع الإنتاج الفكري يمكن تلخيصه بنقطتين، الأولى بسبب الثروة النفطية التي زرعت في المجتمع العربي قيم النزعة الاستهلاكية، فتشكلت لديهم مفاهيم عكسية وأصبح من يملك المال والنفوذ هو صاحب المكانة الاجتماعية الرفيعة وليس من يملك المعرفة والعلم والثقافة. والنقطة الثانية هي السلطة العربية التي قلصت دور الجامعات في البلدان العربية وحطمت أطرافها وقواها الثقافية لتحصر دورها في تخريج أعداد كبيرة من الطلاب العرب ولكن دون أي أنشطة أو إنتاجات علمية مذكورة.