في ظل التنافس الاقتصادي بين دول العالم المتقدمة، تزاحمت بعض البلدان على ما تلقيه شعوبهم من نفايات ومخلفات والتي كانت تشكل عبئًا ضخمًا لسنوات طويلة. ومع تزايد أطنان النفايات في العالم أصبح تأثيرها السلبي على البيئة والصحة واضحًا ومقلقًا، لذلك اجتمع العالم على ضرورة تدوير النفايات لتصبح هذه المخلفات من أكبر الثروات التي تملكها بعض الدول.
في الماضي وفي بعض الدول حاليًا يتم التخلص من النفايات بالطرق التقليدية كالطمر في باطن الأرض والحرق ولكل طريقة جوانبها السلبية، فمثلاً كانت المطامر تسرب الغازات المسببة للاحتباس الحراري مثل غاز الميثان، والمواد الكيميائية مثل أدوات التنظيف وغيرها، مما يؤدي إلى تلوث المياه الجوفية والإضرار بالتربة، إذ تشكل أرضًا خصبة للحشرات الناقلة للأمراض والمضرة بالنباتات والحيوانات البرية.
ثروة النفايات في الاتحاد الأوروبي
نجحت السويد نجاحًا لا مثيل له في مجال تدوير النفايات ووصلت إلى الحد الذي أصبحت تستورد فيه النفايات لتدويرها والاستفادة منها على شكل وقود يستخدم في التدفئة وتوليد الطاقة، ومن مثيلاتها الصين وألمانيا وهولندا وبلجيكا اللاتي اخترن الطريقة المثلى للحد من سلبيات وأضرار هذه المخلفات.
بعد انضمام الصين إلى الدول التي تهدف للتخلص من الأضرار البيئية الناتجة عن النفايات وإعادة تدويرها، ابتكرت خطة لتدوير 350 طنًا من النفايات، فلقد أعلنت العام الماضي خطتها في بناء أكبر مصنع لمعالجة النفايات وتحويلها إلى طاقة ومن المتوقع أن يعمل المصنع منذ عام 2020 مع قدرة استيعابية تصل إلى 5 آلاف طن من المخلفات، وهذه العملية من المتوقع أن تحول ما لا يقل عن ثلث القمامة إلى طاقة كهربائية.
هذا بعد أن واجهت الصين مشاكل عظيمة بسبب النفايات المترامية على أطراف مدنها، إذ جمعت نحو 1.9 مليار طن من النفايات عام 2015، ولحل هذه الأزمة خصصت 20 ألف عامل منذ عام 2010 لتعلم فرز النفايات حتى يسهل إعادة تدويرها.
جدير بالذكر أن السويد تحرق هذه المخلفات في معامل خاصة لتحويلها إلى طاقة وتوليد الكهرباء لما يقارب 250 ألف منزل وتأمين 20% من التدفئة المركزية أي لنحو 810 ألف منزل.
تعليقًا على هذه الخطوة قال المسؤول الإداري في مدينة بكين يانغ كون: “يوجد لدينا نظام تصنيف النفايات ولكن لا توجد إجراءات عقابية للسكان الذين لا يتبعون التعليمات”، وهذا ما تخطط الصين لتنفيذه وتطبيقه في السنوات القادمة.
أما بالنسبة للسويد، فلقد استوردت نحو 850 ألف طن من النفايات والتي بلغ وزنها 5.5 مليون طن وتلقت أموالاً نظير ذلك، جدير بالذكر أن السويد تحرق هذه المخلفات في معامل خاصة لتحويلها إلى طاقة وتوليد الكهرباء لما يقارب 250 ألف منزل وتأمين 20% من التدفئة المركزية أي لنحو 810 ألف منزل.
إذ قال رئيس الاتحاد السويدي لإدارة النفايات فاين فيكفيست: “استيراد النفايات يبدو مستغربًا لكن توريدها لا يشكل مشكلة للسويد، إن إلقاء القمامة في مكبات النفايات في الخارج هو المشكلة الكبيرة”.
كما تأمل السويد باستيراد كميات أكبر من النفايات من النرويج وإيطاليا ورومانيا وبلغاريا، إذ قالت كبيرة مستشاري وكالة حماية البيئة السويدية كاتارينا أوتسلاند: “نحن نخطط لاستيراد النفايات من هذه الدول لأنها لا تملك أي معامل لإعادة التدوير أو التصنيع، وهي بحاجة للتخلص من نفاياتها”.
تخلصت النمسا 63% من نفاياتها وألمانيا 62% وجاءت بلجيكا في المرتبة الثالثة بنسبة 58% ومن بعدها سويسرا بنسبة 51%.
وفي الحين الذي يسعى الاتحاد الأوروبي للحد من إلقاء القمامة والتي تزن أكثر من 150 مليون طن سنويًا في المكبات، أي 50% من النفايات سيتم إعادة تدويرها بحلول عام 2020 بالمقارنة مع 35% في عام 2010، و23% عام 2001.
ووفقًا لإحصائيات وكالة البيئة الأوروبية احتلت عدة دول أوروبية المراتب العشر الأولى من حيث التخلص من النفايات عبر إعادة التدوير، فلقد تخلصت النمسا 63% من نفاياتها وألمانيا 62% وجاءت بلجيكا في المرتبة الثالثة بنسبة 58% ومن بعدها سويسرا بنسبة 51%.
ماذا عن الوطن العربي؟
بعد أن لقيت التجارب الأوروبية نجاحًا كبيرًا في إعادة تدوير النفايات، سواء على الصعيد البيئي أو الاقتصادي، تشجعت عدة دول عربية لاتخاذ الخطوة الأولى في هذا الخصوص.
تعد قطر من أوائل الدول العربية التي أعدت خططًا استراتيجية للتخلص من النفايات، بعد أن أدركت مخاطر التخلص من النفايات بالطرق التقليدية، فمنذ عدة سنوات سابقة، أنشأت قطر أكبر مركز في الشرق الأوسط لمعالجة وإعادة تدوير النفايات بالشراكة مع واحدة من الشركات السنغافورية، ووصلت قيمة هذا التعاون إلى 4 مليارات ريال وعلى مساحة 3 كيلومترات.
كما يستوعب هذا المركز نحو 6 آلاف طن من المخلفات المنزلية والإنشائية بشكل يومي، والذي يعمل على فرز النفايات ومعالجتها واستعمالها في تغذية التربة والمزروعات في قطر، إضافة إلى توليد الطاقة الكهربائية، وهذا ما يجعل قطر من أكثر الدول نظافة في المنطقة والتي تعالج 93% من نفاياتها بالطريقة الحديثة و7% منها فقط بالحرق والطمر، هذا بحسب تقرير نشر على موقع “العربي الجديد”.
الكويت تملك 4 شركات مسؤولة عن نقل النفايات من المكبات إلى مصانع إعادة التدوير والتصنيع وهذا بالتعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، وتتم هذه الخطوة عن طريق توقيع عقود تصل قيمتها إلى 3 مليارات دولار سنويًا
أما بالنسبة للكويت، فهي من إحدى الدول الأكثر حرصًا على نظافة منطقتها، إذ يذكر المصدر السابق، أن الكويت تملك 4 شركات مسؤولة عن نقل النفايات من المكبات إلى مصانع إعادة التدوير والتصنيع وهذا بالتعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، وتتم هذه الخطوة عن طريق توقيع عقود تصل قيمتها إلى 3 مليارات دولار سنويًا، مما يجعل الكويت تحتل المرتبة الأولى في الخليج في قيمة العقود الخاصة بالنفايات.
وجدير بالذكر، أن إجمالي استثمارات الشركات العاملة في هذا المجال يصل إلى 6.5 مليارات دولار سنويًا، وتتضمن تكاليف الموظفين والمعدات والمصانع والدورات التدريبية والتطويرية.
ومن المتوقع أن تنشئ الكويت 3 مصانع جديدة للنفايات خلال السنوات القادمة، وهذا ما يناسب خططها المستقبلية التي تتنبأ بتزايد سكاني كبير في المنطقة، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة الإنتاج اليومي للنفايات.