يُسميها البعض بالإعلانات المضللة، ويصفها الآخرون بالإعلانات الخاطئة، أما الأغلبية فيفضلون وصفها بالإعلانات غير الأخلاقية، ذلك لأنها تفصل الواقع عن الإعلان، فيصف الإعلان حالة معينة من الخيالية التي من المفترض أن تتحول إلى واقعية حينما يقرر المُشاهد شراء المُنتج المُعلن عنه، إلا أن في الواقع يظل الإعلان إعلانًا، ويظل المنتج كما هو، دون أي خيالات، ربما يعرف الكثيرون ذلك وكأنها قاعدة عامة عن الإعلانات بشكل عام، إلا أن الآخرين قرروا عدم التزام الصمت عن ذلك.
ربما لن يبالغ البعض بردة فعله حينما يشتري وجبة طعام من مطعم للوجبات السريعة ليجد أن صورة الوجبة في الواقع تختلف كثيرًا عن صورة الوجبة في إعلان المطعم، حيث تمتلك الإعلانات هذه الصورة النمطية من التناقض بين الصورة والحقيقة أو الإعلان والواقع، إلا أن ردة فعل بعض المشاهدين أو المستخدمين تكون شديدة الاختلاف، فلا تقتصر على شكوى للمدير أو لرئيس طاقم العمل فحسب، ولا تقتصر على شكوى علنية على مواقع التواصل الاجتماعي للشركة أو للمطعم، بل تمتد إلى مقاضاة الشركة في المحكمة.
تنفق الشركات الكبرى عشرات بل مئات الملايين من الدولارات على إعلاناتها التجارية لتسويق منتجاتها، وتتخذ من الإعلانات التليفزيونية أو شبكات التواصل الاجتماعي وسيلة لترويج سياساتها ومنتجاتها للشريحة الأكبر من الجمهور والمشترين، وتبذل في سبيل ذلك كل جهودها، مثل عقد اتفاق مع لاعب كرة مشهور للظهور في الإعلان، أو السفر إلى وجهة معينة لتصوير الإعلان هناك، وهو في النهاية ما يكلف الشركات أموالًا طائلة.
ولكن يبدو أن الشركات تدفع أموالًا طائلة لم تكن في الحسبان من وراء إعلاناتها، وهي أموال تعويضية نتيجة مقاضاة بعض المشترين أو المشاهدين للشركات متهمينها بالكذب والتضليل من خلال إعلاناتها، إليك أكثر الإعلانات المضللة التي كلفت الشركات الملايين من الدولارات.
شركة “ريد بول” تدفع 10 مليون دولار لمشتري غير راضٍ
استمر شعار شركة “ريد بول” (Red Bull) وهو “ريد بول يُعطيك أجنحة” شعارًا للشركة لمدة عقدين من الزمان، حيث تزعم الشركة دومًا وحتى وقت قريب بأن مشروب الطاقة “ريد بول” يُحسن من قدرات المرء على التركيز وردات الفعل السريعة عقب شُرب المشروب.
انتهت الدعوة المرفوعة على شركة “ريد بول” بالمحكمة المحلية في مقاطعة نيويورك بدفع الشركة 10 مليون دولار تم تخفيضها إلى 6.8 مليون دولار كـ”غرامة تعويضية”
لم يرض أحد المشاهدين عن استغلال الشركة لعقلية المشاهد لعرض إعلانات مضللة كالإعلان الذي يزعم أنه يمنحك “أجنحة” ويستخدم كلمات مثل “دعم” أو “رفع” أو “طيران” ليوهم المشاهد أن المشروب له القدرة على منح طاقة جسدية إضافية تدفع من يشربه إلى التركيز أكثر، حيث أشارت القضية المرفوعة على شركة ريد بول بأن الإعلان غير مُزوّد بأدلة علمية أو طبية على صحة ما يدعيه، والكل يعلم أنه لا يمكنه أن يعطي من يشربه “أجنحة” زائفة.
انتهت الدعوة المرفوعة على شركة “ريد بول” بالمحكمة المحلية في مقاطعة نيويورك بدفع الشركة 10 مليون دولار تم تخفيضها إلى 6.8 مليون دولار كـ”غرامة تعويضية” لمجموعة من مستخدمي ريد بول، بسبب عرضها إعلانات مضللة ولا تحتوي على معلومات علمية أو طبية مؤكدة، حيث أعلنت في بيانها أن ريد بول قبلت بتسوية القضية حرصًا على سمعة الشركة مع الذكر بأنها تحافظ على مصداقية وثقة تسويقها ومنشوراتها.
شركة “سكيتشرز” تدفع 40 مليون دولار غرامة إعلان مضلل
دفعت شركة “سكيتشرز” للأحذية الرياضية غرامة تعويضية قدرها 40 مليون دولار جراء عرضها إعلانات مضللة قبل بضعة أعوام مضت، حيث نشرت الشركة إعلانًا يزعم بأن أحذيتها الجديدة “Shape-ups” ستساعد من يرتديها على فقدان الوزن بسرعة، بالإضافة إلى أنها تساعد على تقوية عضلات الأرداف، ولكن لم تتفق مجموعة من الزبائن على ما يزعمه الإعلان، واتهمت الشركة من خلال لجنة التجارة الاتحادية في الولايات المتحدة بأنها تنشر الأكاذيب من خلال إعلاناتها المضللة.
نشرت الشركة الإعلان مع شعار أن حذاء “Shape-Up” سُيساعد من يشتريه على فقدان الوزن دون أن يخطو خطوة واحدة داخل صالة الألعاب الرياضية (Gym)، وسيُسهم في إكساب عضلات الأرداف والبطن الشكل الذي تكتسبه من قضاء ساعات طويلة في التمارين الرياضية القاسية.
استطاعت الشركة أن تحتل المرتبة الأولى من بين شركات الأحذية الرياضية بعرضها حذاء “Shape up” والذي سمح لها أن تقود سوق الأحذية الرياضية في ذلك الوقت، إلا أنها تعرضت للمُساءلة القانونية نتيجة لإعلاناتها المضللة، فقامت بتسوية القضية مع لجنة التجارة الاتحادية، ودفعت 40 مليون دولار غرامة.
نشرت الشركة الإعلان مع شعار أن حذاء “Shape-Up” سُيساعد من يشتريه على فقدان الوزن دون أن يخطو خطوة واحدة داخل صالة الألعاب الرياضية (Gym)
لبن زبادي “آكتيفيا” يدفع 45 مليون دولار غرامة
شركة “دانون” اشتهرت عالميًا بأن منتج لبن الزبادي الخاص بها أكثر المنتجات الصحية مقارنة بالشركات القرينة، حيث زعمت الشركة من خلال إعلانها أن المنتج يحتوي على عناصر غذائية إضافية لا يحتوي عليها المنتج المقدم من الشركات المنافسة، وعليه رفعت سعر منتجها وأقنعت الزبائن بدفع مبلغ أكبر مقابل الحصول على منتج صحي أكثر.
رفع بعض المشترين دعوة قضائية ضد شركة “دانون”، متهمة إياها بأنها تنشر محتوى غذائي دون دعمه بأبحاث علمية أو طبية، ورفعت سعر المنتج بناءً على الأكاذيب التي نشرتها في الإعلان، وضاعفت أرباحها بناءً على شيء معدوم من الصحة، حيث زعمت الشركة أن المنتج يحتوي على عناصر غذائية تقلل من مشاكل الانتفاخ، كما تساعد على حرق الدهون وتسرع من عملية الأيض أو الهضم.
أدى ذلك الإعلان إلى تغريم الشركة مبلغ قدره 45 مليون دولار لكل من قام بالشكوى ورفع الدعوى القضائية بعد اتهامهم الشركة بخداعهم وخداع بقية المشترين.
يجب على كوكاكولا أن تضع ملصقًا تحذيريًا أيضًا
منذ تأسيسها وحتى الآن واجهت شركة كوكاكولا العديد من الدعاوى القضائية التي ينتشر بعضها ولا يُسمع عن أغلبيتها، وذلك لأن الشركة تحاول التكتم على القضايا قدر الإمكان والإسراع في الوصول إلى حل التسوية للحفاظ على سمعتها وأربحاها التي تُقدر بالمليارات.
كانت إحدى القضايا المشهورة المرفوعة ضد الشركة الأمريكية للمشروبات الغازية بأنها يجب أن تضع على منتجاتها ملصقًا تحذيريًا كما تفعل شركات التبغ على علب السجائر، ذلك لأن منتج كوكاكولا ثبتت أضراره الصحية علميًا وبالأخص أضراره على الأطفال، كما تم اتهام الشركة أيضًا بالترويج الزائف لمنتجاتها الخالية من السكر أو قليلة السكر، حيث أثبتت بعض الدراسات أن تلك المنتجات تحتوي على نسب مرتفعة من السكر أكثر من المنتج العادي.
سحبت الشركة بالفعل بعض من المنتجات تدريجيًا منعًا من التأثير السلبي على سمعتها العالمية، حيث سحبت بعضًا من منتجاتها المعدنية الخاصة بالمياه والتي زعمت إعلانات الشركة أنها مياه تحتوي على بعض الفيتامينات إلا أنه كان في الواقع منتجًا آخر من مشروباتها السكرية.
كانت إحدى القضايا المشهورة المرفوعة ضد الشركة الأمريكية للمشروبات الغازية بأنها يجب أن تضع على منتجاتها ملصقًا تحذيريًا كما تفعل شركات التبغ على علب السجائر
لا توجد قضية واضحة المعالم على كوكاكولا، فالأخيرة تحاول الانتصار أو التغطية على الحدث في كل مرة يقوم فيها مجموعة من المشترين بالشكوى من خلال دعوة قضائية ضدها، وذلك بالوصول إلى حلول للتسوية بشكل سريع وبعيدًا عن الإعلام.
ربما بعد معرفتك بأن الشركات قد تدفع الملايين من الدولارات كتعويض للعملاء والزبائن غير الراضين بالمنتجات التي يحصلون عليها من الشركة لعدم اتفاقها مع تصوير إعلاناتهم المزيفة، تبدأ بالتفكير أيضًا في ردة فعل مختلفة حينما تحصل على منتج يختلف كليًا عن الإعلان.