في قرار وصفه البعض بأنه خيبة أمل للناشطين الحقوقيين الدوليين، اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أمس، قرارًا دعا من خلاله إلى إجراء تحقيق بشأن الانتهاكات التي تقع داخل اليمن، تحت إشراف السلطة الشرعية الوطنية الممثلة في حكومة عبد ربه منصور هادي.
قرار الأمس جاء بديلاً لمقترح تم تقديمه من قبل عدد من الدول الأوروبية بشأن إجراء تحقيق دولي مستقل تشرف عليه الأمم المتحدة بهدف الكشف عن الجرائم والخروقات الحقوقية المرتكبة داخل اليمن من مختلف الأطراف المتصارعة (قوات التحالف – الحوثيين – قوات صالح) خلال السنوات الأخيرة، إلا أن ضغوطًا سعودية حالت دون اعتماده.
عرقلة الرياض للتحقيق الدولي فيما يحدث داخل الأراضي اليمنية أثار الكثير من الجدل عن الأسباب التي دفعتها إلى الضغط للحيلولة دون اعتماد هذه الخطوة خاصة أنها عضو في مجلس حقوق الإنسان الأممي، مما دفع البعض للتساؤل: لماذا تخشى المملكة فتح تحقيق موسع للكشف عن الانتهاكات داخل اليمن؟ وكيف نجحت في وقف المشروع المقدم من بعض الدول واستبدالة بمقترح آخر يُخضع عملية التحقيق لإشراف الحكومة المدعومة سعوديًا؟
خيبة أمل
دفعت الأوضاع المأساوية التي يحياها الشعب اليمني منذ انطلاق ثورته في 2011 بوجه عام ومنذ بدء التحالف العربي بقيادة السعودية شن حرب ضد الحوثيين والقوات المدعومة من الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في مارس 2015، عددًا من الدول الأوروبية على رأسها هولندا، كندا، لوكسمبورغ، بلجيكا، إيرلندا إلى تقديم مقترح يدعو لإجراء تحقيق دولي في الجرائم والانتهاكات الممارسة من جميع الأطراف المتصارعة باليمن.
علاوة على ذلك فقد وجهت ما يقرب من 100 منظمة حقوقية دولية وإقليمية ويمنية دعوات لمعالجة الأزمة الإنسانية في اليمن، كما انضم لهذه الدعوات الرئيس السابق لـ”مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية” (أوتشا)، وهي الوكالة التي تقود النشاطات الإنسانية في الأمم المتحدة، بالإضافة إلى 14 منظمة إنسانية رئيسية أخرى.
الضغوط القوية التي مارستها السعودية ضد إجراء تحقيق دولي شامل يبين لماذا ينبغي تعليق عضويتها من المجلس وعدم إعادة انتخابها في المستقبل
وفي الوقت الذي توقع فيه البعض بصورة شبه مؤكدة الخروج بقرار من الأمم المتحدة بإجراء تحقيق دولي موسع عن الانتهاكات في اليمن والذي كان ينظر إليه المراقبون والمحللون بمثابة الانتصار الوحيد للشعب اليمني منذ الحرب المعلنة عليه قبل 31 شهرًا ما بين التحالف من جانب والحوثيين من جانب آخر، فوجئ الجميع باعتماد مجلس حقوق الإنسان لقرار دعا فيه لإجراء تحقيق تحت إشراف الحكومة اليمنية، وهو إجراء وصف بأنه”فارغ من مضمونة” ويفقتد للموضوعية والدقة، بحسب محللين.
القرار يطلب من المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة زيد رعد الحسين تشكيل لجنة خبراء دوليين وإقليميين، وذلك لمدة عام على الأقل، لمساعدة حكومة هادي في التحقيق، وجاء فيه أيضًا: “هذه المساعدة الفنية المقدمة للجنة التحقيق اليمنية من أجل استكمال أعمالها في التحقيق بشأن الادعاءات المتعلقة بالانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبتها جميع الأطراف ذات الصلة في اليمن”، ويبقى القرار في النهاية مرهون بما يشتمل عليه التقرير الذي سيخرج من مطبخ هادي وحكومته التي تتلقى دعمها اللوجستي والمادي من الرياض.
خيبة أمل جراء تراجع الأمم المتحدة عن قرار فتح تحقيق دولي فيما يحدث في اليمن
ليست المرة الأولى
لم تكن هذه المرة الأولى التي نجحت فيها المملكة في عرقلة صدور قرار دولي بفتح تحقيق عن الجرائم التي ترتكب في اليمن، ففي الـ29 من سبتمبر 2016 فوجئ الجميع – ومن دون أسباب – بسحب هولندا للمقترح الذي قدمته بدعم من عدة دول أوروبية يطالب الأمم المتحدة إرسال بعثة تقصي حقائق من الخبراء إلى اليمن مكلفة بمراقبة انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة منذ سبتمبر 2014.
سحب هولندا – غير المبرر حينها – لمقترحها دفع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى اعتماد مشروع القرار العربي المنافس له، الذي قدمته السودان والذي لا يطالب بإجراء أي تحقيق دولي داخل اليمن ويكتفي بقيام الحكومة الشرعية بالتحقق من المزاعم الواردة بشأن وجود خروقات وانتهاكات جراء الصراع داخل اليمن، ومن ثم كان القرار بالتزكية دون تصويت، مما أصاب المنظمات الحقوقية والمهتمين بحقوق الإنسان وقتها بالإحباط.
القرار وقتها دعا جميع الأطراف في اليمن إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، لوقف الهجمات فورًا على المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية للسكان المتضررين على الصعيد الوطني، إلا أن بعض الدول اعترضت عليه كونه تحت إشراف سلطة وطنية، وهو ما جاء على لسان المكسيك التي علقت بأنها كانت تفضل آلية مراقبة دولية، كما ناشدت مقدمي القرار للعمل مع أعضاء مجلس حقوق الإنسان.
إرضاء لكل الأطراف
البعض كان يعول على قرار فتح تحقيق دولي فيما يحدث في اليمن بأنه يسعى إلى إرضاء جميع الأطراف ذات الصلة بالملف اليمني، خاصة أنه سينظر في جميع الاتهامات التي طالت كل أطراف الصراع الممتد منذ 3 سنوات، وهو ما أشار إليه باتريك وينتور محرر الشؤون السياسية في صحيفة “الجارديان” في تقرير كتبه تحت عنوان “قرار الامم المتحدة بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن محاولة لإرضاء كل الاطراف”.
وينتور في تقريره لفت إلى أن القرار الصادر عن مجلس حقوق الإنسان لو كان متعلقًا بفتح تحقيق عبر لجنة دولية مستقبلة، لكان ضربة قوية للمملكة العربية السعودية التي تعد أهم طرف في الصراع، فالتحقيق يمكنه أن يتسبب في إحالة الجهات المتهمة إلى محكمة الجزاء الدولية، حسب قوله.
مضيفًا “السعودية ضغطت بكل ما تملك من قوة لكي يعتمد تقرير اللجنة على تقرير اللجنة الوطنية اليمنية لحقوق الإنسان وهو التقرير الذي ترى عدة منظمات مختصة أنه متحيز وغير مجد بسبب الأوضاع السائدة في البلاد”
لم تكن هذه المرة الأولى التي نجحت فيها المملكة في عرقلة صدور قرار دولي بفتح تحقيق عن الجرائم التي ترتكب في اليمن
وضع كارثي
يأتي قرار مجلس حقوق الإنسان الأممي بالتراجع عن إيفاد لجنة تحقيق دولية لمتابعة الوضع في اليمن وتوكيل الأمر إلى الحكومة الوطنية في الوقت الذي يواجه فيه اليمنيون ما أشبه بحرب الإبادة، سواء كان ذلك عن طريق الهجمات العسكرية من قبل كل من قوات التحالف والحوثيين على حد سواء أو من خلال تضييق الخناق الذي أودى بالحياة المعيشية إلى أدنى مستوياتها بينما مئات الآلاف من الأطفال على قوائم الموت البطيئ في مقابل قبوع الملايين تحت مستوى خط الفقر في غياب شبه تام للخدمات الطبية والعلاجية.
منظمة “هيومن رايتس ووتش” حملت كل من قوات التحالف بقيادة السعودية من جانب والحوثيين وقوات صالح من جانب آخر مسؤولية تردي الوضع إلى هذا المستوى غير المسبوق.
ففي تقرير لها قالت إن القيود التي تفرضها قوات التحالف بقيادة السعودية على الواردات إلى اليمن أدت إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي للمدنيين اليمنيين، كما أدت هذه القيود، التي تنتهك القانون الإنساني الدولي، إلى تأخير السفن التي تحمل الوقود وتحويل طرقها وإغلاق ميناء بالغ الأهمية وإيقاف السلع المنقذة لحياة السكان من الدخول إلى المواني البحرية التي تسيطر عليها قوات الحوثيين – صالح.
كما أشارت إلى انتهاك قوات الحوثيين وصالح التي تسيطر على العاصمة صنعاء للالتزامات القانونية الدولية التي تطلب بتسهيل المساعدات الإنسانية للمدنيين، وألحقت أضرارًا كبيرة بالسكان المدنيين، ومنعت هذه القوات مساعدات وصادرتها وحرمت السكان المحتاجين من الحصول عليها، كما قيدت حركة المدنيين المرضى وموظفي الإغاثة.
تبذل المملكة قصارى جهدها للحيلولة دون خروج مثل هذه التقارير وما تتضمنه من إدانات واضحة للنور، مستغلة في ذلك كل ما لديها من إمكانيات ومقومات ضغط سياسية كانت أو مادية
ما يقرب من 1.8 مليون طفل يمني على مشارف الموت بسبب سوء التغذية الحاد
يعد اليمن في الوقت الراهن أفقر بلدان الشرق الأوسط، ويعاني شعبه من أكبر أزمة إنسانية في العالم، لا غذاء ولا دواء، لا أمان ولا استقرار، 7 ملايين يمني على حافة المجاعة، منهم ما يقرب من 1.8 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، أُغلقت نصف مستشفيات البلاد، ويفتقر 15.7 مليون شخص إلى المياه النظيفة، كما يوجد في البلاد أكثر من 700 ألف حالة كوليرا محتملة، بزيادة نحو 5 آلاف حالة يوميًا، ومنذ أواخر أبريل وحتى أغسطس 2017 توفي ما يقرب من 500 طفل وأصيب 200 ألف طفل بمرض الكوليرا الذي ينتشر بسبب المياه الملوثة.
التقرير الحقوقي وثق خلال مايو الماضي ما يزيد على 7 حالات منع أو تحويل أو تأخير قوات التحالف لمسار ناقلات وقود أو غداء أو دواء كانت متجهة إلى مواني تحت سيطرة الحوثيين – صالح، من أجل توزيعها على اليمنيين، وهنا يدفع الشعب وحدة ضريبة الصراع بين التحالف والحوثيين.
جون فيشر المدير بالمنظمة، أدان الصمت العالمي حيال ما يعانيه اليمنيون من أهوال، مشيرًا في مقال له أنه “منذ مارس/آذار 2015، يقصف التحالف بقيادة السعودية منازلهم وأسواقهم ومدارسهم ومستشفياتهم، وتقصف قوات الحوثيين – صالح المعارِضة بدورها المدن وتزرع ألغامًا أرضية ستؤذي المدنيين لسنوات قادمة، قام الطرفان أيضًا بالاحتجاز تعسفي والتعذيب والإخفاء القسري”.
وتابع: “بعيدًا عن جرائم الحرب، يمر اليمن الآن بأكبر أزمة إنسانية في العالم، يعيش ما يقارب 7 ملايين شخص على حافة المجاعة ويعاني عشرات الآلاف من الكوليرا، يمنع الجانبان أيضًا إيصال المساعدات الإنسانية”، ملفتًا أنه “على الدول الأطراف في النزاع إجراء تحقيقات ذات مصداقية في الانتهاكات المزعومة لقواتها، لكنها لم تفعل ذلك طوال ما يزيد على عامين”.
فيشر تطرق في تعليقه إلى اعتماد قرار مجلس حقوق الإنسان بالأمس، إلى الضغوط السعودية الممارسة على الأمم المتحدة للحيلولة دون إجراء تحقيق دولي، مطالبًا بتعليق عضويتها بالمجلس، حيث قال: “الضغوط القوية التي مارستها السعودية ضد إجراء تحقيق دولي شامل يبين لماذا ينبغي تعليق عضويتها من المجلس وعدم إعادة انتخابها في المستقبل”.
7 ملايين يمني على حافة المجاعة، منهم ما يقرب من 1.8 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد وأغلقت نصف مستشفيات البلاد ويفتقر 15.7 مليون شخص إلى المياه النظيفة
لوبي سعودي
في تقرير سابق لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تناول الإشارة إلى التقارير الواردة من الأمم المتحدة بشأن الانتهاكات الممارسة ضد المدنيين في اليمن والتي خلفت وراءها عشرات آلاف القتلى والمصابين وذلك تعليقًا على ما أوردته المنظمة في تقريرها الصادر في الـ23 من سبتمبر 2016.
التقرير كشف أن “الغالبية العظمى للضحايا المدنيين لقوا حتفهم جراء الغارات الجوية من قبل قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية وأنه منذ شهر أغسطس 2016 وحتى نهاية العام، قتل 329 مدنيًا، على الأقل، وأصيب 426 بجروح”، بحسب ما أوردته صحيفة “نيويورك تايمز”.
كما لفتت الصحيفة في تقريرها إلى مفارقة الرياض في التعاطي مع الأزمة، قائلة: “تقارير الأمم المتحدة عن أعداد الضحايا جاءت في وقت تشن المملكة العربية السعودية وحلفاؤها العرب حملة دبلوماسية من “عيار ثقيل” في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، في محاولة لدرء إجراء تحقيق دولي في سير العمليات العدائية وجرائم حرب محتملة في اليمن”.
علاوة على ذلك فقد كشف التقرير عن وجود لوبي سعودي ضاغط على الحكومات الغربية بقيادة وزير الخارجية عادل الجبير نجح في مماطلة مبادرة مماثلة في المجلس العام الماضي، عندما أفشل قرارًا لفتح تحقيق دولي في الجرائم المرتكبة في اليمن، وها هو ينجح للمرة الثانية هذا العام.
تحميل قوات التحالف الجزء الأكبر من مسؤولية ما يواجهه اليمنيون من مآسٍ
لماذا تخشى الرياض فتح تحقيق دولي؟
العديد من التقارير الدولية والأممية أدانت السعودية والإمارات على وجه الخصوص وقوات التحالف بصفة عامة بخرق المواثيق الحقوقية داخل اليمن من خلال ما ترتكبه من انتهاكات وجرائم بحق المدنيين، بجانب قوات الحوثيين – صالح، وهو ما تسعى الرياض بكل ما لديها من أجل إجهاض ما توصلت إليه تلك التقارير.
كما حملت تلك المنظمات الرياض مسؤولية ما يجري فوق الأرض اليمنية كونها المتحكم الأقوى في تحركات قوات التحالف التي تشن حربها في اليمن منذ 2015 وحتى الآن، دون أن تحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع حسبما أشارت النتائج التقيمية لتلك الحرب.
آخر التقارير الواردة في هذا الخصوص كشفها فريق الخبراء التابع للجنة العقوبات الدولية على اليمن والذي اتهم السعودية والإمارات بتمويل ميليشيات مسلحة خارجة عن سيطرة الحكومة الشرعية تقوم بعمليات قتل وتنكيل وسرقة واختفاء قسري بحق المدنيين في عدد من المدن اليمنية.
هذا التقرير الذي تتكتمت الدول الأعضاء في مجلس الأمن على تفاصيله منذ تسلمه أغسطس الماضي، أكد ما قالته بعض المنظمات الحقوقية الأخرى كهيومن رايتس ووتش، من أن دولة الإمارات تدير مباشرة وعبر وكلاء محليين – للهروب من المساءلة – سجونًا في منشآت مدنية ببعض محافظات جنوب اليمن.
كشف التقرير وجود لوبي سعودي ضاغط على الحكومات الغربية بقيادة وزير الخارجية عادل الجبير نجح في مماطلة مبادرة مماثلة في المجلس العام الماضي، عندما أفشل قرارًا لفتح تحقيق دولي في الجرائم المرتكبة في اليمن، وها هو ينجح للمرة الثانية هذا العام
ومن هنا تبذل المملكة قصارى جهدها للحيلولة دون خروج مثل هذه التقارير وما تتضمنه من إدانات واضحة للنور، مستغلة في ذلك كل ما لديها من إمكانيات ومقومات ضغط سياسية كانت أو مادية، كيلا تضع نفسها في موقف حرج أمام المجتمع الدولي من جانب، وشعوب المنطقة من جانب آخر.
كما يسعى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، للدفاع عن صورة أشقائه أبناء زايد ممن يكن لهم الجميل لدورهم في تصعيده لولاية العهد وتمهيد الطريق أمامه لخلافة والده بعدما نجحوا في الإطاحة بالعقبات كافة التي كان من المفترض أن تعيقه عن الوصول إلى حلمه، فضلاً عن دورهم في تسويق الرجل أمريكيًا عبر شبكات نفوذهم في واشنطن وهو ما كشفته تسريبات سفير الإمارات في الولايات المتحدة يوسف العتيبة.
وهكذا يقبع اليمنيون ضحايا صراع النفوذ بين السعودية والإمارات من جانب والحوثيين وقوات صالح من جانب آخر، في الوقت الذي فشلت فيه الأمم المتحدة في نصرتهم والدفاع عن قضيتهم في ظل ما تعاني منه من تكبيل لقيودها بسلاسل اللوبي السعودي ونفوذه، مما يفرغ قراراتها الأخيرة من مضمونها ويجعلها لا تساوي حتى ثمن الحبر الذي كتبت به.