لأول مرة منذ الانقسام الفلسطيني الفلسطيني 2007 يشهد قطاع غزة اجتماعًا أمنيًا مشتركًا ضم قيادات أمنية من الضفة الغربية وقطاع غزة، قد يضع تساؤلات مهمة للملف الأكثر تعقيدًا في عملية المصالحة الفلسطينية وهو: سلاح حماس إلى أين؟
من وجهة نظر الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله فإن “الاجتماع الأمني جمع قوى أمنية تنفيذية ليس مخولًا لها نقاش قضايا خلافية، ولا حتى الحكومة مخولة بنقاش هذه القضايا، ورئيس الحكومة ليس عضو لجنة مركزية في حركة فتح، والأجهزة الأمنية في قطاع غزة والضفة الغربية ليس لها صلاحية مناقشة سلاح المقاومة”.
وقال عطا الله لـ”نون بوست”: “حتى الآن لم تفتح أي قضية من القضايا الرئيسية التي تشكل مسار خلاف بين فتح وحماس للنقاش، كل القضايا الخلافية تم تأجيل البحث فيها ومناقشتها للأسبوع القادم في القاهرة، حيث ستذهب الوفود وتناقش كل القضايا وأهمها القضية المركزية ألا وهي قضية السلاح”.
مخاوف كثيرة تتعلق بسلاح المقاومة الفلسطينية ومستقبله، يطرح خلالها تساؤلات مهمة عن مأسسة سلاح المقاومة
اجتماع جهازي الأمن لفتح وحماس جاء متزامنًا مع حضور وفد أمني مصري رفيع المستوى على رأسه السفير المصري لدى الاحتلال الإسرائيلي حازم خيرت واللواء همام أبو زيد واللواء سامح كامل، ولقائه برئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في غزة، وقد بحث الطرفان التجهيزات الأمنية لاستقبال حكومة الوحدة الوطنية.
مخاوف كثيرة تتعلق بسلاح المقاومة الفلسطينية ومستقبله، يطرح خلالها تساؤلات مهمة عن مأسسة سلاح المقاومة تحت سيطرة السلطة من خلال هدنة طويلة الأمد سعت إليها حماس سابقًا؟ أم سيتم تفكيك الكنز الاستراتيجي للفصائل في مواجهة الاحتلال؟ وهل ستقبل الفصائل النقاش بشأن سلاحها؟
يجيب القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خضر حبيب عن التساؤل بشأن النقاش عن سلاح المقاومة قائلًا لـ”نون بوست”: “نرفض المساس بشكل مطلق بسلاح المقاومة، ولا يمكن أن نقبل بأن تقود المصالحة الفلسطينية إلى هذا الأمر بأي شكل من الأشكال، كما أننا لا نعتقد أن هذا السلاح سيتأثر بالمصالحة الفلسطينية لأن المصالحة لا تعني إحلال برنامج سياسي مكان آخر، بل تعني الشراكة على أسس وطنية”.
واعتبر حبيب أن الشعب الفلسطيني نفسه من يملك حق تقرير سلاح المقاومة مضيفًا: “لطالما بقي الاحتلال قائمًا يبقى هذا السلاح فعالًا حتى دحر “إسرائيل” عن أراضينا المحتلة”.
وكان نائب رئيس حماس في غزة خليل الحية قد صرح في وقت سابق لقناة الجزيرة الفضائية قائلًا: “سلاح المقاومة خارج كل الاتفاقيات، ولم يطرح في أي محادثات وسنقاتل الاحتلال حتى يندحر، وفشل مشروع التسوية يدعونا للتوحد على استراتيجية جديدة”.
الملف الأمني موضوع أساسي لأنه لا يوجد في العالم حكومة غير مسؤولة عن أمن شعبها ورجال الأمن من يوفرون الأمن والأمان للمواطنين
وعن التساؤول بشأن هدنة طويلة الأمد مع الاحتلال الإسرائيلي تحت رعاية السلطة قال الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون لـ”نون بوست”: “ليس هناك مشكلة بالتزام القسام بتهدئة طويلة الأمد تتفق عليها القيادة السياسية، ليصبح هذا السلاح ضابطًا للاستقرار والأمن”.
واعتبر المدهون ملف سلاح المقاومة الأكثر تعقيدًا مضيفًا: “القسام جيش منضبط ومنظم وخاض عدة حروب وقادر على الوقوف في وجه الاحتلال الإسرائيلي، يتمتع بحاضنة شعبية قوية، وكل الانتقادات من الجماهير قدمت لحركة حماس على المستوى السياسي، ولم يتعرض أحد لكتائب القسام ولا سلاح المقاومة، وأعتقد أن هناك نظرة واحدة للقسام وباقي الفصائل الفلسطينية المقاتلة وهي نظرة الثقة”.
وكان وزير العمل الفلسطيني في حكومة الوحدة الوطنية مأمون أبو شهلا تحدث عن الملف الأمني قائلًا: “الملف الأمني موضوع أساسي لأنه لا يوجد في العالم حكومة غير مسؤولة عن أمن شعبها ورجال الأمن من يوفرون الأمن والأمان للمواطنين”.
ووفق وجهة نظر الكاتب والباحث السابق في مركز التخطيط الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير يوسف حجازي فإن المصالحة استراتيجية بالنسبة للقضية الفلسطينية والحياة المعيشية للناس، بحيث لا يمكن حل المشاكل الاقتصادية والمعيشية إلا من خلال المصالحة، لكن أيضًا سلاح المقاومة استراتيجي لمقاومة الاحتلال، وكل التجارب التي عايشتها الشعوب المحتلة لم تلق سلاحها حتى النهاية”.
الهدنة طويلة الأمد الذي يسعى الاحتلال لتثبيتها في غزة في محاولة منه لتذويب سلاح المقاومة قد تكون خطة جديدة للتعامل مع الفصائل الفلسطينية المسلحة
وقال حجازي لـ”نون بوست”: “لو طرح سلاح المقاومة على طاولة المصالحة في مرحلة متقدمة سيفجر الاتفاقيات كاملة، فالاحتلال الإسرائيلي خلال السنوات السابقة، لا يفهم إلا لغة القوة، وحتى الأمم المتحدة على مدار 70 عامًا لم تقدم للفلسطينيين شيئًا يضمن حقوقهم المصيرية، وعليه فإن سلاح المقاومة الطريق الوحيد للوصول إلى حقوق الفلسطينيين، وهو الذي يجمع عليه الكل الفلسطيني، ومن الغباء أن يطرح موضوع السلاح في هذه الفترة”.
وعن التساؤل يخصوص مأسسة سلاح المقاومة قال حجازي: “لا يمكن أن يتم التفاوض على سلاح المقاومة في الوقت الذي احتاجت فيه حكومة الوحدة الوطنية تصريحًا لدخول غزة من الاحتلال الإسرائيلي”.
إلى ذلك، يعتبر محللون أن الهدنة طويلة الأمد الذي يسعى الاحتلال لتثبيتها في غزة، هي محاولة منه لتذويب سلاح المقاومة، قد تكون خطة جديدة للتعامل مع الفصائل الفلسطينية المسلحة، لكن هل تتجاوز الفصائل خطوط بقائها الحمراء؟