ترجمة حفصة جودة
رغم السياسات العالمية الصارمة لمكافحة التبغ، فإن البيانات الحديثة تشير إلى توقف معدل التراجع عن التدخين في أستراليا، تتوافر استراتيجيات “الإقلاع الأول” عن التدخين في أستراليا مثل رقع النيكوتين والتي تحقق نسبة نجاح بمعدل 7%، هذا يعني أن هدف وصول نسبة التدخين إلى 9% بحلول عام 2020 لن يتحقق نظرًا للنسبة الحالية التي وصلت إلى 14%.
خسرت الطرق والسياسات الحالية المعتمدة في أستراليا حجتها، وكذلك بعض الطرق المثيرة للجدل مثل السجائر الإلكترونية التي سقطت في المستنقع السياسي، لذا من الأفضل أن نستثمر في الاستراتيجيات الناجحة.
لم تحظ الاستراتيجية القائمة على الأدلة بالكثير من الاهتمام في أستراليا والتي تستخدم الحوافز المالية، يمنح برنامج الحوافز مكافآت للأشخاص المقلعين عن التدخين من خلال قسيمة مالية، ويتم التحقق من امتناع الشخص عن التدخين عن طريق الاختبارات البيوكيميائية من خلال اللعاب أو البول أو التنفس.
ما أدلة فاعلية الحوافز المالية؟
يعتبر برنامج الحوافز المالية من أكثر البرامج فاعلية لإقناع الناس بالإقلاع عن التدخين، حيث يعتبر من أكثر الاستراتيجيات فاعلية للمدخنات الحوامل، كما أنه فعال من حيث التكلفة أيضًا، فعند حساب صافي الفائدة (مع الأخذ في الاعتبار الحوافز المستخدمة) تصبح نحو 4.300 دولار لكل مدخن عند كل محاولة للإقلاع عن التدخين، هناك العديد من الدراسات التي توضح فوائد تلك الاستراتيجية.
في أستراليا هناك ما يقرب من 2.6 مليون بالغ يدخنون يوميًا
باستخدام شركة متعددة الجنسيات كموقع للاختبار، وجد فريق من الباحثين الأمريكيين أن الأشخاص الذين يحصلون على 750 دولارًا للإقلاع عن التدخين أكثر 3 مرات من هؤلاء الذين لا يحصلون على أي حوافز وحتى بعد 6 أشهر بعد أن توقفت الحوافز، كان الأشخاص المقلعين عن التدخين سابقًا ممن حصلوا على حوافز أكثر عرضة للاستمرار في ذلك بـ2.6 مرة عن المقلعين الذين لم يحصلوا على حوافز.
اختار فريق من المملكة المتحدة أكثر من 300 امرأة حامل عشوائيًا للحصول على قسيمة شراء قيمتها 661 دولارًا أستراليًا إذا أقلعن عن التدخين خلال فترة الحمل، مرة أخرى كان عدد النساء في المجموعة التي تحصل على حوافز وأقلعن عن التدخين بنهاية الحمل أكثر 2.6 مرة مقارنة بالنساء اللاتي حصلن فقط على المشورة وعلاج بديل للنيكوتين.
أما البرنامج السويسري فقد عرض على المدخنين ذوي الدخل المنخفض الحصول على قسيمة مشروطة لمدة 6 أشهر قيمتها 2.063 دولار أسترالي، فوجدوا أن عدد المقلعين عن التدخين خلال 18 شهرًا ممن حصلوا على حوافز أكثر 1.6 مرة مقارنة بالمقلعين الذين لم يحصلوا على أي حوافز.
يستجيب الناس بشكل أفضل عندما تكون الحوافز فورية
في أستراليا هناك ما يقرب من 2.6 مليون بالغ يدخنون يوميًا، وهم يكلفون الحكومة ما يقرب من 31.5 مليار دولار أسترالي في المجال الاجتماعي والصحة والاقتصاد كل عام، أي نحو 12 ألف دولار أسترالي لكل فرد مدخن، وهذا الرقم أكثر بكثير مما يقدمه برنامج الحوافز.
لماذا سينجح هذا البرنامج؟
الإقلاع عن التدخين أمر صعب للغاية ويمكنك سؤال أي مدخن، فمثل أي تغيير نحو السلوكيات الصحية لا يحدث الأمر في الحال، لكن التدخين بالإضافة إلى ذلك يؤدي إلى مرور المدخن بفترة انسحاب سيئة، كما أن المدخن يعلم أن تلك الأعراض ستختفي في الحال بمجرد عودته للتدخين.
على عكس برامج الإقلاع الأخرى التي تستخدم واحدة أو أكثر من استراتيجيات الإقلاع (مثل المشورة أو العلاج بديل النيكوتين)، فالبرامج القائمة على الحوافز تمنح الفرد المقلع عن التدخين الحرية الذاتية لاختيار استراتيجة الإقلاع التي تناسبه ثم يحصل ببساطة على مكافأة لنجاحه، الأهم من ذلك أن برنامج الحوافز يمنح مكافآت إيجابية فورية للإقلاع عن التدخين.
الحوافز تمنح المقلعين عن التدخين دافعًا جيدًا للبقاء على المسار الصحيح في تلك الأسابيع الأولى الصعبة
تُسمى هذه الظاهرة في الاقتصاد السلوكي بأنها “خصم مؤقت” وهي عملية تشرح كيف يفضل البشر التعزيز الفوري على التعزيز المتأخر، حتى لو كان التعزيز المتأخر أكثر قيمة، ولذلك فالحوافز تمنح المقلعين عن التدخين دافعًا جيدًا للبقاء على المسار الصحيح في تلك الأسابيع الأولى الصعبة للإقلاع عن التدخين.
لذا، لماذا لا نفعل ذلك؟
من أكثر الانتقادات الشائعة لتلك الاستراتيجية أن السلوك المستهدف يتغير فقط عند الحصول على حافز، لكن برامج الحوافز لم تظهر فقط فاعليتها على المدى الطويل (عام إلى عامين) مقارنة بخيارات العلاج الأخرى، بل إن تغيير السلوكيات على المدى القصير له فوائد صحية مهمة.
يخشى الآخرون من قيام الناس بالاحتيال على البرنامج (حيث سيقولون إنهم أقلعلوا عن التدخين بينما هم لم يقلعوا حقًا، ثم يتوقفون عنه فقط قبل اختبارات التحقق)، لكن الباحثين يقولون إن هذا الأمر يحدث بأقل من 5% فقط، فغالبية الناس يرغبون حقًا في الإقلاع عن التدخين.
المميزات المالية للإقلاع عن التدخين أكبر بكثير من الحوافز التي يقدمها البرنامج
من المواضيع الجدلية الأخرى ظهور الإكراه والاختيار الحر كعقبة أخلاقية، فبعض الناس سيشعرون أنهم مجبرون على الإقلاع عن التدخين لتحسين أوضاعهم المادية، لكن إذا نظرنا إلى سعر عبوة السجائر في أستراليا والتي تصل إلى 25 دولارًا أستراليًا، فسنجد أن المميزات المالية للإقلاع عن التدخين أكبر بكثير من الحوافز التي يقدمها البرنامج.
وأخيرا أعلن الناس عدم موافقتهم على هذا البرنامج باعتباره “يقدم مكافآت للأشخاص على سلوكهم السيء”، لكن عندما نضع في الاعتبار دعم الحكومة للأدوية التي تعالج الأمراض المزمنة التي يسببها نمط الحياة فسنجد أن الأمرين متشابهين.
ينبغي ألا نكافح التبغ من خلال لوم الناس وتقريعهم على قرارات اتخذوها منذ سنوات ونتج عنها عادات مهددة للحياة، لكن الأمر يتعلق بالحد من الآثار الصحية والاقتصادية المدمرة لتدخين التبغ باستخدام استراتيجيات ثبت أنها فعالة وآمنة.
المصدر: ذي كونفيرزيشن