لن يكون ارتفاع الأسعار المنغص الوحيد على المواطن الأردني في فصل الشتاء المقبل، بل إن قانون ضريبة الدخل الجديد المتوقع أن تقره الحكومة قريبا، سيكون منغصا جديدا على المواطن، فبدل العيش في نار ارتفاع الأسعار فقط، سيعيش المواطن في نار جديدة وهي ضريبة الدخل.
فقد ألقى ارتفاع الأسعار بشكل عام والمحروقات بشكل خاص، بظلاله على المواطن الأردني الذي أخذ يبحث عن كافة البدائل التي تخفف معاناته المادية، بالذات في فصل الشتاء نتيجة لتزايد معدلات الإنفاق على وسائل التدفئة.
خيارات المواطن المحدودة
لكن لم تعد الخيارات التي يلجأ إليها المواطن في ضوء ارتفاع الأسعار، ذات جدوى من ناحية التوفير حيث طالت الزيادة أسعار جميع المواد الأكثر استهلاكا في الشتاء.
ولأن للشتاء رونق خاص لدى المواطن الأردني، إذ ينتظر قدوم هذا الفصل لتغيير نمط الاستهلاك لأسباب ترتبط بالرغبة، في محاولة لتقليل الأعباء المادية الناجمة عن النفقات اللازمة للتدفئة، لا سيما بعد رفع أسعار المشتقات النفطية بدرجة كبيرة.
ومع قرار الحكومة الأردني رفع أسعار المحروقات بالتزامن مع دخول فصل الشتاء، فإن ذلك دفع بالعديد من الأردنيين إلى البحث عن بدائل للمدافئ التقليدية التي بات تشغيلها أمرا مكلفا جدا.
النجار: راتبي التقاعدي لا يتجاوز 500 دينار، وهو لا يتحمل تخصيص مبالغ كبيرة لغاية الإنفاق على المحروقات بعد ارتفاع أسعارها
والبديل الجديد لدى خليل الصالحي مدفأة نشارة الخشب، التي خفضت بشكل كبير من كلفة تدفئة منزله، وأثبتت أنها بديل عملي للمدافئ التقليدية من كاز أو غاز، التي تضاعفت كلفة تشغيلها اثر قرار رفع أسعار المحروقات.
وقال الصالحي الذي يعيل 5 أفراد ولا يتجاوز دخله الشهري 400 دينارا لـ”أردن الإخبارية”، إنه “كان ينفق نحو 500 دينارا على وقود التدفئة طوال فصل الشتاء”.
ورأى الصالحي ببديله الجديد، أن “كلفة تشغيل مدفأة النشارة خلال فصل الشتاء ستنخفض كثيرا عن السابق، وهو ما يعني أنه سيوفر مبلغا جيدا من المبلغ الذي كان يخصصه لغاية التدفئة التي تعمل على المشتقات النفطية”.
أما سليم النجار وهو معلم متقاعد، فقد أكد على أنه لم يعد في وسعه استخدام المدافئ التي تعمل على الغاز والكاز بعد ارتفاع أسعار المحروقات. وقال النجار “راتبي التقاعدي لا يتجاوز 500 دينار، وهو لا يتحمل تخصيص مبالغ كبيرة لغاية الإنفاق على المحروقات بعد ارتفاع أسعارها”، لافتا إلى أنه “وجدت الحل في مدفأة النشارة وهي آمنة كما يمكن استخدامها لأغراض أخرى كطهي الطعام وتسخين الماء”.
أما المواطن بلال بركات، فقد أشار إلى أنه لجأ إلى استخدام وسائل التدفئة التي تعمل عل الحطب والجفت، بسبب ارتفاع أسعار المحروقات وتدني الدخول وضعف القدرة الشرائية لديه.
وقال بركات إن “وسائل التدفئة تستحوذ على النصيب الأكبر من دخله في فصل الشتاء، وذلك على حساب السلع الأخرى من الحاجات الأساسية للأسرة، مما دفعة للاستغناء عن جميع وسائل التدفئة التي تعمل بالوقود واستخدام وسائل التدفئة التي تعمل بالحطب”.
أما سالم عوض الذي يعمل مراسلا في إحدى المؤسسات الخاصة، فقد أكد على أن الارتفاعات المتتالية لأسعار النفط وضعف القوة الشرائية في ظل تدني الدخول، دفعته إلى التفكير جدياً في وسائل تدفئة اقل كلفة.
وحسب عوض، فإن العودة لاستخدام الحطب لكن بطريقة أكثر أمانا من خلال استخدام مدافىء الحطب هو الحل أمام الصعوبات التي تضعها الحكومات أمام المواطنين.
العودة إلى الحطب للتدفئة
من ناحيته، أوضح عاهد محسن أنه بدأ باستخدام صوبة تعمل على الحطب للهروب من كلفة الوقود العالية، بعد أن أصبحت قدرته الشرائية ضعيفة مقارنة بارتفاع الأسعار. وقال محسن إن “الأوضاع الاقتصادية السلبية باتت تضغط على رب الأسرة، إلى حد التقليل من المصاريف الكمالية لتعويض الحاجيات الأساسية للعائلة، فالحياة باتت صعبة في ظل مسلسل الأسعار الذي لا نرى له نهاية فيما يبدو”.
ووفقا لخبير الاقتصاد الدكتور قاسم الحموري، فإنه نتيجة للارتفاع الكبير الذي طرأ على أسعار المحروقات، ازداد إقبال المواطنين على استخدام وسائل بديلة أو ما يطلق عليها بالتقليدية في فصل الشتاء، وخاصة من قبل ذوي الدخل المحدود والمتوسط مثل الحطب والجفت وغيرها.
الحموري: “مجرد بحث المواطن عن بديل للوقود من أجل التدفئة مؤشر على أنه يمر في ظروف مالية صعبة وخانقة”
وقال الحموري لـ”أردن الإخبارية” إن “المواطنين يبحثون عن وسائل تدفئة أقل كلفة لا تعتمد على مادتي السولار والكاز، اللتين شهدت أسعارهما خلال السنوات الأخيرة ارتفاعا في ظل الخطط الحكومية لتحرير أسعار المحروقات”.
ورأى الحموري أن “للمواطن الفقير الحق في إيجاد بديل ليستدفئ من برد الشتاء هربا من لهيب أسعار الوقود التي تحمله أعباء مالية كبيرة تكون على حساب سلع أساسية كون أسعارها مرتفعة لا تناسب دخله”.
واعتبر الخبير الاقتصادي أنه “مجرد بحث المواطن عن بديل للوقود من أجل التدفئة في فصل الشتاء، فإن ذلك مؤشر على أنه يمر في ظروف مالية صعبة، لم يجد معها حلولا معقولة أخرى للهرب من ارتفاع أسعار المحروقات”. ودعا الحموري الحكومة الأردنية إلى “ضرورة إيجاد حلول للطبقة الفقيرة وأصحاب الدخول المحدودة، لتم تعويضهم عن فرق ارتفاع أسعار المشتقات النفطية”.
تراجع كبير في استهلاك المشتقات النفطية
إلى ذلك، أعلن مدير عام شركة “المناصير للزيوت والمحروقات” المهندس ياسر المناصير، عن أن “بيانات قطاع المحروقات تظهر تراجعا في استهلاك المشتقات النفطية في المملكة منذ بداية العام وحتى الآن بنسبة تتراوح بين 15 إلى 20%”.
وعزا المناصير في تصريحات صحفية هذا التراجع إلى “ظهور نوع من ثقافة استهلاك جديدة أو ترشيد استهلاك تشهدها المملكة، فرضها ارتفاع أسعار المشتقات النفطية”. ووفق بيانات دائرة الإحصاءات العامة، فقد بلغت قيمة مستوردات المملكة من النفط الخام ومشتقاته خلال النصف الأول من العام الحالي 06ر1 مليار دينار، فيما بلغت عام 2016 حوالي 8ر1 مليار دينار.
المصدر: أردن الإخبارية