أظهرت رسائل البريد الإلكتروني لسفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة تفاصيل التكاليف المالية التي تحملتها الإمارات لقاء عمل شركة علاقات عامة أمريكية في حملتين لتحسين صورة الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي بعد توليه السلطة مباشرة، خلال عامين منذ نهاية 2013 وحتى نهاية 2015، حيث دفعت الإمارات قرابة 3 مليون دولار لقاء حملتي علاقات عامة للرئاسة المصرية والسفارة المصرية في واشنطن.
يُذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تدعم فيها الإمارات الرئيس عبد الفتاح السيسي وحكومته منذ توليه السلطة إذ أظهرت العديد من التقارير الأجنبية دعم الإمارات لنظام السيسي بعدة أشكال، بينما كان هناك دعم معلن قدم بشكل علني للاقتصاد المصري على شكل صفقات وعقود وشراكات قدر بمليارات الدولارات.
الإمارات تلمع صورة السيسي في أمريكا
بعد الإطاحة الرئيس الأسبق محمد مرسي وتولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم بدعم من الدول الإقليمية وعلى رأسهم دولة الإمارات بمليارات الدولارات، تعاقدت مؤسسات حكومية مع شركات للعلاقات العامة في الولايات المتحدة في العام 2013 ففي أكتوبر من ذلك العام تعاقدت الحكومة المصرية مع مجموعة جلوفر بارك التي تضم شركة جويل جونسون وشركات استشارت أخرى أنشأت سابقًا من قبل مسؤولين أمريكيين لتسويق حملات العلاقات العامة في واشنطن.
حيث قامت مجموعة “جلوفر بارك” بالضغط على الحكومة الأمريكية وأصحاب النفوذ في مراكز الأبحاث السياسية والمؤسسات الإعلامية لتغيير السياسة الأمريكية مع مصر ونظامها، بحسب ما ورد في مذكرة تلقاها العتيبة في سبتمبر/ أيلول عام 2015 من قبل المجموعة.
الإمارات دفعت 10 ملايين يورو ثمن نظام المراقبة، وقدمته هدية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعد انقلابه العسكري ضد الرئيس الأسبق محمد مرسي.
على حد زعم الحكومة المصرية فإن الهدف من التعاقد هو تطوير الأدوات المتاحة لدى الحكومة المصرية للتواصل مع مختلف مراكز صنع القرار في الولايات المتحدة، على أن “تقوم الحكومة المصرية بتحديد مضمون الرسالة المراد توجيهها والأطراف المستهدفة سواء في الإدارة الأمريكية أو الكونجرس أو مراكز الأبحاث أو وسائل الإعلام، فضلاً عن تحديد الوسائل الخاصة بنقل هذه الرسائل وفقاً للمصلحة الوطنية المصرية”. وأوضح بيان الخارجية أن هذا التعاقد لا يكلف الحكومة المصرية أي أعباء مالية، لكنه لم يوضح الجهة التي ستتحمل هذه اﻷعباء.
وبحسب تقرير لموقع “إنترسبت” الأمريكي المنشور يوم الأربعاء الماضي، فإن الإمارات هي الجهة التي كانت تمول تلك الحملات وتتحمل الأعباء المالية عن الحكومة المصرية، حيث كشفت الرسائل أن التكلفة التي تحملتها الإمارات تمثل أتعاب العام الثاني من حملتين قامت بهما مجموعة جلوفر بارك Glover Park Group في واشنطن، اﻷولى لصالح السفارة المصرية هناك، وبلغت تكلفتها 2.25 مليون دولار، والثانية لصالح الرئاسة المصرية بلغت تكلفتها 485 ألف دولار، بحسب رسالة بعثها ريتشارد مينتز، المسؤول بمجموعة هاربور للضغط، إلى العتيبة في اﻷول من يوليو 2015.
فبحسب رسالة أرسلها، ريتشارد مينتز، المسؤول بمجموعة هاربور للضغط إلى العتيبة في الأول من يوليو/حزيران 2015، وكشفت الرسالة أن التكلفة التي تحملتها الإمارات تمثل أتعاب العام الثاني من حملتين قامت بهما مجموعة جلوفر بارك Glover Park Group في واشنطن، اﻷولى لصالح السفارة المصرية هناك، وبلغت تكلفتها 2.25 مليون دولار، والثانية لصالح الرئاسة المصرية بلغت تكلفتها 485 ألف دولار.
تقوم مجموعة “جلوفر بارك” بالضغط على الحكومة الأمريكية وأصحاب النفوذ في مراكز الأبحاث السياسية والمؤسسات الإعلامية لتغيير السياسة الأمريكية مع مصر ونظامها،
ولم تكتفي الإمارات بتحمل الأعباء المالية عن الحكومة المصرية وحسب، بل تصدر سفيرها في واشنطن يوسف العتيبي، للدفاع عن السيسي في واشنطن لدى المراكز البحثية ووسائل الإعلام، حتى وصفت الرسائل التي حصل عليها موقع “ذي إنترسبت” العتيبي وتصرفه كما لو أنه سفير السيسي في أمريكا.
ومن ضمن نماذج الرسائل المسربة رد “العتيبة” على صحفيين كتبوا مقالات ضد السيسي من بينها مقالة اتهمته بالدكتاتور قبيل لقائه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، حيث قال السفير الإماراتي إن الكاتب يتحامل على الرئيس المصري. ومن الرسائل التي كشفها الموقع كذلك أن العتيبة كان يؤكد أن الديمقراطية الا تتناسب مع الشرق الأوسط، وأن “مصر كانت أفضل في عهد الفراعنة و الملك فاروق”.
الإمارات وظفت توني بلير لدى السيسي
كما تحملت الإمارات أيضًا أعباء مالية أخرى لتلميع صورة السيسي ولقاء استشارات سياسية، حيث كشفت صحيفة “ديلي تلغراف” البريطانية في تقرير حصري، أن الإمارات مولت سرًا مكتب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير في لندن، أثناء عمله مبعوثًا دوليًا للشرق الأوسط، فضلاً عن تلقّيه الملايين مقابل عمله كمستشار للعاصمة أبوظبي، وقالت الصحيفة إن الإمارات مولت مكتب بلير في لندن بينما تلقى ملايين الدولارات كأجور استشارية من صندوق الثروة السيادي بالعاصمة أبو ظبي.
وفي تقرير آخر من صحيفة الغارديان أشارت فيه أن بلير، مبعوث السلام في الشرق الأوسط، والذي دعم الانقلاب ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي، سيقدم للسيسي استشارات في مجال الإصلاح الاقتصادي، بالتعاون مع فريق عمل إماراتي بالقاهرة، تديره المؤسسة الاستشارية. ولفتت الغارديان، إلى أن فريق العمل يهدف إلى جذب الاستثمارات إلى اقتصاد مصر المتأزم، واستغلال مؤتمر للمانحين، يهدف إلى مساعدة مصر، برعاية الإمارات والكويت والسعودية.
وكشفت تقارير أجنية عن تمويل الإمارات لصفقات عديدة تخدم نظام السيسي في مصر، حيث كشفت مجلة “تيليراما” الفرنسية في تحقيق لها، عن سماح السلطات الفرنسية لشركة “أماسيس” بتصدير أجهزة رقابة رقمية إلى مصر بتمويل إماراتي، من شأن تلك الأجهزة التي حصلت عليها مصر بدعم إماراتي، أن يُسهل من عملية التنصت على المواطنين، والقبض على الحقوقيين داخل مصر.
وكشفت المجلة في تحقيقها إلى أن الإمارات دفعت 10 ملايين يورو ثمن نظام المراقبة، وقدمته هدية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعد انقلابه العسكري ضد الرئيس الأسبق محمد مرسي.
من شأن هذه التسريبات أن تكشف عن دور معمق وكبير في دعم الإمارات للسيسي وأشكال مساعدتها له عبر السنوات الماضية، وتظهر من جهة أخرى مدى تغلغل الإمارات في دعم الحكومة المصرية الحالية لتأمين استقرارها في الحكم ضد جماعة الإخوان المسلمين وفترة حكمهم.