قال رئيس منتدى الشرق وضاح خنفر إن الهدف الأساسي من مؤتمر الشرق الرابع هذا العام إحداث صدمة وعي للشباب العربي، بحيث يتم فتح نافذة عابرة للعشر سنوات القادمة نحو المستقبل، ورسم تصور للشباب الصاعد كيف سيبدو المستقبل القريب، حتى يبدأوا بالتفكر والتأمل فيه، مما يساعد على إيجاد حلول للمشاكل الواقعية التي تمر بها المنطقة.
وأكد خنفر خلال حواره مع “نون بوست” على هامش مؤتمر الشرق الرابع الذي حمل شعار “ننحاز للمستقبل”، أن مؤتمر هذا العام لم يكن للتحدث عن أزمات المنطقة والحروب أو الواقع الحالي العصيب، بقدر ما هو محاولة لفهم المستقبل من ناحية استراتيجية واقتصادية وتقنية وعلمية واجتماعية.
وأضاف خنفر: “نحن نريد أن نقول للناس إن المستقبل سيكون مختلفًا تمامًا عن المسار الطبيعي للعقود المنصرمة والقرن الماضي كله، فالإنسانية تتحرك بسرعة الضوء تجاه المستقبل”، مؤكدًا “ما نفكر فيه هو ما ننحاز له، بدلاً من الانشغال بحروب داحس والغبراء، أو حروب إثنية أو طائفية أو مذهبية تعيدنا لعصور قد خلت، في الوقت الذي سيذهب العالم لمكان بعيد ونحن ما زلنا متخلفين عنه”.
الجنيدي: الهدف من هذا المؤتمر بعيد كل البعد عن التحدث بالأزمات وحروب المنطقة الحالية، كما كان ذلك في مؤتمرات الشرق خلال السنوات السابقة
تصريحات خنفر جاءت بعد تساؤلاتنا له عما أبداه بعض المشاركين في المؤتمر من آراء بأن بعض الطرح المُقدم من نسخة “الشرق” لهذا العام كانت فرضيات جميلة ورائعة ولكنها بعيدة عن الواقع، أو ربما يصعب تطبيقها في عالمنا العربي، ولذلك، فهي تبقى مجرد فرضيات معلقة في الهواء، بحسب مشاركين.
لكن إبراهيم الجنيدي المنسق العالم لمنتدى الشرق للشباب أكد ما قاله وضاح خنفر، قائًلا إن الهدف من هذا المؤتمر بعيد كل البعد عن التحدث بالأزمات وحروب المنطقة الحالية، كما كان ذلك في مؤتمرات الشرق خلال السنوات السابقة، مؤكدًا أن الطرح هذا العام يتعلق بالمستقبل فقط، والمنتدى تعمد إحداث صدمة ثقافية للشباب المشاركين من أكثر من 25 دولة عربية وإسلامية.
الجنيدي أضاف خلال حوار مع “نون بوست”: “تعمدنا طرح كل النظريات التي من الممكن أن تكون حقيقة بعد سنوات في منطقتنا، ونحن ندرك أننا بحاجة إلى التطلع للمستقبل بشكل جيد، والتفكر فيه من الآن، لنكون جزءًا منه، حتى وإن كان يصعب تطبيق هذه النظريات الآن”.
إحدى فقرات المؤتمر كانت كلمة مسجلة لمهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي السابق
وفيما يتعلق بالحضور في المؤتمر هذا العام، قال الجنيدي إن أكثر من 650 شابًا عربيًا حضر المؤتمر من مختلف دول المنطقة، وهناك ارتياح كبير من نسبة الحضور لهذا العام، بحيث تم طرح ملفات منوعة من سياسة واقتصاد وعلوم ومجتمع وفن، وهذا التنوع أشاد به كثير من الحضور، وأضفى لوحة جميلة له، جمعت كل اهتمامات الشباب العربي وحماسه، وطرحتها بذكاء خلال المؤتمر، على حد تعبيره.
وفي سؤال لنا عن تبعات هذا المؤتمر والمأمول من البناء عليه وتراكم الفائدة للمشاركين، قال الجنيدي إن المنتدى سيطلق 5 مشاريع معرفية متنوعة بداخله ضمن دواوين شبابية في أكثر 14 دولة حول العالم، تتعلق بالسياسة والاقتصاد والتكنولوجيا والإعلام والفن، ومن المتوقع أن تصبح هذه الدواوين منتشرة في 24 دولة بحيث تتوزع من حضور المؤتمر وانتشاره بين الشباب في المشرق.
تناول المؤتمر عروضًا تقديمية مفتوحة لمتحدثين من مختلف أنحاء العالم، تنوعت ما بين علوم وتكنولوجيا، وأثرها على مستقبل الصحافة الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي
كما أكد الجنيدي أن المؤتمر عقد مسابقة لريادة الأعمال هذا العام، وسيرعى 5 مشاريع شبابية ويدعمها ويكون حاضنة لها، بحيث تتحول من أفكار عملية إلى مشاريع مطبقة على الأرض، كما ستكون هناك فعاليات أخرى على مدار العام في دول مختلفة، تقدم فيها الفائدة في مختلف المجالات وتطوير مهارات الشباب، من خلال ورش عمل ودورات تدريبية.
يذكر أن فعاليات مؤتمر الشرق الرابع انطلقت صباح السبت، تحت عنوان “ننحاز للمستقبل”، في مدينة إسطنبول، وسط حضور لأكاديميين وإعلاميين ومهتمين بمجالات السياسة والعلاقات الدولية والاقتصاد والفن.
ويهدف الملتقى بحسب القائمين عليه إلى توعية المشاركين بالمستقبل الجديد والتعاطي معه، إضافةً إلى تغطية مجموعة واسعة من التوجهات المستقبلية، على الصعيد السياسي والاقتصادي والتكنولوجي والإعلامي والفني، ويرعى المؤتمر كل من شبكة الجزيرة الإعلامية ووزارة الثقافة والسياحة التركية والوكالة التركية للتعاون والتنسيق “تيكا” و”انتغرال ميديا”.
هذا وشهد المؤتمر كلمات لمتحدثين بارزين من الساسة المؤثرين ورواد الأعمال والإعلام والتكنولوجيا والعلوم، أبرزهم مهاتير محمد عبر بث مسجل، وهو رئيس الوزراء الماليزي السابق، وسيلسو أموريم وزير العلاقات الخارجية البرازيلي السابق، ونهاد عوض مدير عام مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية “كير”، وإبراهيم كالن كبير مستشاري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
خنفر: “ما نفكر فيه هو ما ننحاز له، بدلاً من الانشغال بحروب داحس والغبراء، أو حروب إثنية أو طائفية أو مذهبية تعيدنا لعصور قد خلت، في الوقت الذي سيذهب العالم لمكان بعيد ونحن ما زلنا متخلفين عنه”
وتناول المؤتمر عروضًا تقديمية مفتوحة لمتحدثين من مختلف أنحاء العالم، تنوعت ما بين علوم وتكنولوجيا، وأثرها على مستقبل الصحافة الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي، كذلك تناول المؤتمر مستقبل العالم من ناحية استراتيجية، متنبئًا بتحول كثير من الدول نحو الأنظمة اللامركزية وتعدد القطبية وتوزع السلطات.
إلى ذلك، شهد نهاية اليوم الأول عروضًا فنية متنوعة ما بين رقص فلكلوري تركي وفقرات شعرية وسينمائية إخراجية، اختتمت بحفل موسيقي للفنان المصري حمزة نمرة، كما يشهد المؤتمر في يومه الثاني اليوم الأحد، حفلاً فنيًا كبيرًا للفنان اللبناني مارسيل خليفه، والذي يقدم فنًا ملتزمًا وثوريًا وطنيًا منذ أكثر من 30 عامًا، حيث سيشارك في حفله أوركسترا تركية، وسط حضور متوقع كبير للمشاركين من المؤتمر وخارجه.
أكثر من 650 شخصًا شاركوا في المؤتمر هذا العام
إلى ذلك، يعتبر منتدى الشرق الذي تأسس عام 2012، مؤسسة عالمية مستقلة، تهدف إلى ترسيخ قيم التواصل والحوار والديمقراطية بين أبناء منطقة الشرق، والمساهمة في بناء مستقبل مستقر سياسيًا ومزدهر اقتصاديًا، من خلال تنمية الوعي السياسي وتبادل الخبرات وتحديد الأولويات بالإضافة لتعزيز الفهم المتبادل بين المنطقة ومحيطها الدولي، بحسب ما يعرّف نفسه.
ويسعى المنتدى المسجل رسميًا في جنيف السويسرية كمؤسسة غير ربحية، إلى تحقيق أهدافه من خلال إدارة حوار عميق بين القوى السياسية والقيادات الفكرية والاجتماعية والحركات الشبابية ورجال الأعمال في منطقة المشرق العربي.