هل تقبل أن تذهب للجامعة بزي موحد يُفرض على جميع الطلاب دون استثناء؟ هذا لم يكن تساؤلاً من باب السخرية والتندر أو الفكاهة والترويح عن النفس للخروج من الواقع المحبط الذي يخيم بأرجائه على الجميع دون استثناء، بل ربما في يوم من الأيام – قد يكون قريبًا – يسن مثل هذا القانون داخل مجلس النواب (البرلمان) المصري.
مقترح مفاجئ ربما يأتي في إطار التوجه العام نحو الهيمنة على الجامعات المصرية – شكلاً ومضمونًا – تقدم به النائب عبد الكريم زكريا، بشأن توحيد زي الطلاب داخل الجامعات، على غرار ما يحدث في مراحل التعليم قبل الجامعي، في محاولة للحد من بعض المخالفات المرتكبة داخل الجامعة، على حد قوله.
حالة من الجدل أثارها هذا المقترح والذي جاء بعد أيام قليلة من إقرار تحية العلم وترديد النشيد الوطني المصري داخل الجامعات، في مؤشر حمل قلق البعض وتخوفاته من السير قدمًا نحو مزيد من العسكرة التي تحيد بتلك الكيانات التعليمية عن دورها الحقيقي في تنشئة الأجيال على قيم الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير.. فهل آن الأوان أن تتحول الجامعات المصرية إلى ثكنات عسكرية؟
مقترح للمرة الثانية
يبدو أن هذه ليست هي المرة الأولى التي يتقدم بها البرلماني المصري بهذا المقترح المثير للجدل، إذ إنه وفي تصريحات سابقة له أشار إلى أنه قد سبق وتحدث في هذا المقترح في دور الانعقاد الماضي (الثاني للبرلمان الحالي) إلا أنه وبحسب كلامه “فهم خطأ” من قبل أعضاء البرلمان، مما دفعه لتأجيل تقديمه حتى دور الانعقاد الجديد (الثالث) والمقرر له أكتوبر الحالي.
زكريا في معرض استعراضه لتفاصيل مقترحه ذكر أن الهدف من تقديمه “الحد من ارتداء الطلاب والطالبات بعض الملابس المخالفة، التي ينتج عنها الأزمات داخل الجامعة”، في إشارة منه إلى ارتداء الملابس المقطعة والشفافة والضيقة، معتقدًا أن “توحيد الزى في الجامعات سيكون عاملاً مهمًا لعدم التفريق بين الطلاب في المستوى الاجتماعي والاقتصادي”.
وخلال الأيام القادمة سيجمع النائب عددًا من التوقيعات على مقترحه حتى يتسنى له تقديمه للمجلس بشكل رسمي، هذا بالإضافة إلى اعتزامه التشاور في بعض التفاصيل مع رؤساء الجامعات والمتخصصين في هذا الصدد، لمعرفة ملاحظاتهم عليه والأخذ بها عند تقديم المقترح للنقاش.
مزيد من العسكرة
مقترح توحيد زي الطلاب ليس الأول من نوعه الذي يأتي في إطار فرض هيمنة شبه كاملة على الجامعات المصرية مما دفع بتحويلها إلى ما أشبه بثكنة عسكرية مجردة من كل معاني المدنية والديمقراطية وحريات الرأي والتعبير، وذلك بعد الدور الذي لعبته في رسم خارطة المشهد السياسي إبان ثورة يناير وما تلاها، حين عزف الطلاب وقتها أجمل أنغام الثورة، وفرضوا أنفسهم كلاعب أساسي مؤثر في خارطة الحراك الثوري، ومن ثم كان الحرص على تقليم أظافرهم وتحجيم نفوذهم وإجهاض تحركاتهم كافة هدفًا رئيسيًا لقادة الثورة المضادة بعد ذلك.
حزمة من القرارات والإجراءات التي تم استحداثها مؤخرًا تصب في هذا النسق بشكل لم تشهده مصر منذ إنشاء أول جامعة مدنية بها عام 1908 تحت مسمى الجامعة المصرية، ودون مراعاة لقانونية تلك القرارات أو شرعيتها إلا أنها باتت تشريعًا يفرض على الجميع حتى وإن تعارض مع الدستور وقانون الجامعات.
تحية العلم
استيقظ المصريون صبيحة الـ16 من سبتمبر الماضي ومع أول يوم في العام الدراسي الجديد على ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ الجامعات المصرية، وذلك حين اصطف طلاب الجامعة في طوابير أشبه بالطوابير العسكرية ليؤدوا تحية العلم بحضور رئيس الجامعة وعمداء الكليات ووكلائها.
هذا القرار جاء في أعقاب إعلان وزير التعليم العالي المصري، خالد عبد الغفار، أن “الوزارة ستحرص على إقرار تحية العلم داخل الجامعات المصرية، لزيادة الولاء والانتماء لدى شباب الجامعات، وحرصًا على إبعادهم عن نشاط الجماعات المتطرفة والمحظورة”.
البعض وصف هذه الخطوة بأنها ابتزاز واضح باسم الوطنية، وأن الانتماء لمصر ليس بحاجة إلى مثل هذه الممارسات التي تفقد الجامعة استقلاليتها المدنية، في مقابل من تعاملوا مع هذا القرار كونه دفعة إيجابية لتعميق روح المواطنة بين طلاب الجامعة.
مقترح توحيد زي الطلاب ليس الأول من نوعه الذي يأتي في إطار فرض هيمنة شبه كاملة على الجامعات المصرية، مما دفع بتحويلها إلى ما أشبه بثكنة عسكرية مجردة من كل معاني المدنية والديمقراطية وحريات الرأي والتعبير
الموافقة الأمنية كشرط للسفر
وزارة التعليم العالي خلال الفترة الأخيرة وضعت بعض القيود على عملية سفر أساتذة الجامعات للخارج، حيث منعت عددًا من أعضاء هيئة التدريس للسفر بحجة عدم الحصول على الموافقة الأمنية التي باتت شرطًا أساسيًا للسماح لعضو التدريس بالسفر، مما فتح الباب أم مسارات الانتقام من جانب والمجاملات من جانب آخر.
مؤسسة حرية الفكر والتعبير، وهي مؤسسة مصرية مستقلة معنية بالحريات الأكاديمية والفكرية والإعلامية، استعرضت في بيان لها أسماء بعض أساتذة الجامعة ممن تم منعهم من السفر لعدم الحصول على الموافقة الأمنية، مشيرة أن هذا يعد انتهاكًا واضحًا للحرية الأكاديمية، ويعد تجاوزًا خطيرًا للمواثيق الدولية والدستور المصري والقوانين المصرية، وينذر بتزايد الانتهاكات التي يتعرض لها العمل الأكاديمي في الجامعات المصرية من خلال تدخلات السلطة التنفيذية واﻷجهزة اﻷمنية.
تم شطب رسالة تحت عنوان “الإخوان المسلمون وانتخابات مجلس الشعب المصري 2005″، وتقرر إلغاؤها بحجة أنها “تمس الدولة المصرية”
الحالة الأولى كانت للدكتور نبيل لبيب الأستاذ المتفرغ بكلية العلوم جامعة القاهرة، والذي منع من السفر إلى المجر لمتابعة الإشراف على رسالة دكتوراه لطالب مصري في يونيو 2015، حيث قال في تصريحات له “إنه فوجئ بالمسؤولين عن متابعة إجراءات السفر في وزارة التعليم العالي، يخبرونه باشتراط الحصول على موافقة الجهات الأمنية قبل السفر، موضحين أن الوزارة لا تستطيع الموافقة على السفر أو دفع تكلفته دون تقديم الموافقة الأمنية”.
هذا الإجراء يتعارض بشكل واضح مع قانون تنظيم الجامعات رقم (49) لسنة 1972م في مادته (98) والتي تنص على أنه “في حالة قيام الطالب ببحث خارج الجامعة يجوز بموافقة مجلس الكلية أن يشترك في الإشراف أحد المتخصصين في الجهة التي يجرى بها البحث”.
أما الحالة الثانية فكانت للدكتور خلود صابر، المدرس المساعد بقسم علم النفس بكلية الآداب بجامعة القاهرة، والتي تلقت إخطارًا في فبراير 2016 بإنهاء منحتها لدراسة الدكتوراه في بلجيكا لعدم موافقة الأمن، مما أثار ضجة بين الأوساط الأكاديمية وقتها دفعت وزارة التعليم الحالي إلى سحب الإنذار بالعودة إلى العمل واستمرارها في منحتها الدراسية.
وتعد هذه الخطوات خرقًا واضحًا للدستور وانتهاكًا صريحًا لصحيح بنوده، ففي المادة (21) ينص الدستور المصري على “تكفل الدولة استقلال الجامعات” بما يجعل الجامعة كمؤسسة تعليمية مستقلة قائمة على إدارة شؤونها واتخاذ القرار فيما يتعلق بمجال العمل الأكاديمي، دون التعرض لسيطرة أو ضغوط أو تدخلات من قبل الدولة أو الأجهزة الأمنية”، بينما في مادته (23) يؤكد على “توفير حرية البحث العلمي وتشجيع مؤسساته”، مما يعني غياب الجهات الأمنية ومشتقاتها عن الحضور في هذا المجال بتاتًا سواء كان بالتدخل في التعيين أو الفصل أو السفر أو العودة من الخارج.
تسييس الرسائل العلمية
رغم أن القانون رقم 49 لسنة 1972 هو وحده الذي يحدد قواعد وإجراءات مراحل الرسائل العلمية كافة، ووحده أيضًا من يحدد متى يمكن أن تشطب الرسالة أو البحث العلمي في حال تجاوزها قواعد وأخلاقيات البحث والكتابة والأمانة الأكاديمية أو القوانين المنظمة للمؤسسات التعليمية، إلا أن ما يحدث في الجامعات المصري بعيد تمامًا عن القانون وتفاصيله، إذ بات من الممكن أن تشطب رسالة أو يرفض بحث لأسباب سياسية إن كان يطرح قضية لا تتماشى وهوى النظام الحاكم وهو ما حدث مع رسالتين بجامعة قناة السويس.
الأولى كانت تحت عنوان “الديمقراطية بين الفكر والممارسة لدى الإخوان المسلمين والسلفيين: دراسة تحليلية لحزبي الحرية والعدالة والنور” وتم شطبها في ديسمبر 2015 على الرغم من تسجيلها في فبراير 2012 وإتمامها بالكامل من قبل الباحث، وذلك بحجة “تعارضها مع النظام العام للدولة وأحكام القضاء”.
الثانية جاءت تحت عنوان “الإخوان المسلمون وانتخابات مجلس الشعب المصري 2005″، وتقرر إلغائها بحجة أنها “تمس الدولة المصرية”، إضافة إلى إيقاف المشرف على الرسالتين عن التدريس بالدراسات العليا والبكالوريوس وإحالته للتحقيق.
علاوة على ذلك فقد تم منع نشر مشروع تخرج لإحدى طالبات قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة عين شمس، بدعوى أنها تتناول قضايا حقوقية لا تتماشى مع توجهات النظام الحاكم.
ففي 9 من مارس 2016، فوجئت أمنية محمد عبد الله، طالبة بقسم اﻹعلام بجامعة عين شمس، في 9 من مارس 2016، بالمعيدة المسؤولة عن متابعة مشروع التخرج، ترفض الحوار الصحفي الذي أجرته مع جورج إسحاق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، عن الاختفاء القسري، وأحوال السجون في مصر، وتأثير ذلك على علاقة الشباب بالدولة.
فوجئ الدكتور رأفت فودة،رئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق، بجامعة القاهرة، بطلب مقدم من وزير التعليم العالي إلى رئيس جامعة القاهرة بفتح تحقيق معه على خلفية قيام الدكتور بوضع سؤال عن مدى قانونية بيان القائد العام للقوات المسلحة بتاريخ 3 من يوليو 2013
ودون ذكر أي أسباب تم منع نشر هذا الحوار في مجلة الجامعة، فضلاً عن تلقي الطالبة تهديد من قبل المعيدة المشرفة على مشروع التخرج بعد أن نشرت على صفحتها الشخصية على فيس بوك تتساءل عن عدم نشر مشروعها.
وبعد تفاوض ﻷكثر من مرة، تم إبلاغ الطالبة باختيار أحد حلين، إما أن يتم حذف فقرات من الحوار ويعاد إجراء الحوار مرة أخرى بأسئلة يختارها المسؤولين عن مشروع التخرج، أو أن يتم احتساب الدرجة للحوار دون استلامه أو نشره في المجلة المخصصة لمشروع التخرج، والتي يحتفظ الطلاب بنسخ منها ويتم توزيعها على بعض الصحفيين وأعضاء هيئة التدريس في احتفال بالتخرج.
ووفق شهادة لها قالت الطالبة “وافقت على عدم النشر مقابل الحصول على الدرجة، وحتى لا يؤدي ذلك إلى رسوبي أو تحويلي للتحقيق، وعرفت بعدها أن بعض زملائي وجهت لهم ملاحظات عن الموضوعات التي اختاروها من البداية وتم إجبارهم على اختيار موضوعات أخرى، ولكنهم لم يتحدثوا خوفًا على مستقبلهم الدراسي”.
ويعد هذا التدخل انتهاكًا واضحًا لحرية التعلم التي تعد جزءًا من الحرية الأكاديمية، وقد أشارت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في التعليق العام رقم (13)، بشأن المادة (13) من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلى تعرض الطلاب للضغوط السياسية التي تقوض الحرية الأكاديمية، كما تطرق التعليق إلى حق الطلاب في تطوير ونقل المعارف، من خلال الإبداع في الكتابة ونشر هذه المعارف.
وضع الجامعات تحت قبضة شركات حراسة أمنية تابعة للنظام
تهديد استقلالية أستاذ الجامعة
تعرضت استقلالية أستاذ الجامعة إلى تهديد واختراقات خلال السنوات الأخيرة غير مسبوقة في تاريخ التعليم المصري، فبعد أن كان عضو هيئة التدريس سيد قراره في المنهج الذي يدرسه وأسئلة الامتحانات التي يضعها لمادته بات اليوم مقيدًا بحزمة من السلاسل التي تسعى جميعها إلى سحب بساط استقلاليته رويدًا رويدًا حتى يتحول إلى ما يشبه الموظف الذي ينفذ تعليمات الإدارة فحسب.
في الخامس من يناير 2016، فوجئ الدكتور رأفت فودة رئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق، بجامعة القاهرة، بطلب مقدم من وزير التعليم العالي إلى رئيس جامعة القاهرة بفتح تحقيق معه بسبب ما وصفه “سعي فودة ﻹثارة الرأي العام”، وذلك على خلفية قيام الدكتور بوضع سؤال عن مدى قانونية بيان القائد العام للقوات المسلحة بتاريخ 3 من يوليو 2013، الذي تم من خلاله عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي.
هذا التدخل السافر في حرية أستاذ الجامعة في وضع أسئلة مادته، أثار حفيظة الكثير من الأكاديميين حينها ممن رأوا أحقية فودة في طرح ما يريده من تساؤلات طالما تصب في المنهج الذي درسه، وعلى الفور وفي الـ28 من يناير من نفس العام، عرض مجلس القانون العام بكلية الحقوق جامعة القاهرة تقريرًا على مجلس الكلية بشأن السؤال سالف الذكر الوارد في امتحان مادة “القانون الإداري” وقد خلص التقرير إلى أن “السؤال يتصل بموضوع المادة ولا يتعلق بأشياء أخرى”.
فودة في تصريحات له حينها عقب هذه الأزمة قال “إنها المرة الثالثة له التي يضع فيها سؤال “بيان 3 يوليو”، ضمن أسئلة الامتحانات، وجاء خلال العاميين الماضيين لطلاب الفرقة الأولى قسم فرنسي في مادة القانون الدستوري، وأنه يدرسه باعتباره وثيقة من وثائق جمورية مصر العربية”.
تهديد أستاذ الجامعة لا يقتصر على التدخل في مادته التعليمية والأسئلة المختارة فحسب، بل وصل الأمر إلى إعطاء رئيس الجامعة صلاحيات بفصل العضو من منصبه، وفق المشروع المقدم بتعديل قانون يسمح لرئيس الجامعة بعزل عضو هيئة التدريس، فى حال توجيه الاتهام له بالتظاهر أو المشاركة والمساعدة في العنف وتعطيل العملية التعليمية، وهو المشروع الذي وافق عليه مجلس الوزراء في 2014 دون أي مقدمات أو تعليق.
أستاذة جامعية مصرية في حديثها لـ”نون بوست” كشفت النقاب عن تعرضها وزملائها للابتزاز من قبل عميد الكلية الذي طلب منهم في أحد الاجتماعات بضرورة الإبلاغ عن أي زميل يعارض النظام أو أي من قراراته، متعهدًا بفصله فورًا في ضوء التعديلات الجديدة.
الأستاذة التي طلبت عدم ذكر أسمها أشارت إلى أن هناك حالة قلق بين أعضاء هيئة التدريس من الوشاية ببعضهم عند رئيس الجامعة أو عميد الكلية مما قد يهدد مستقبل أسر بالكامل، ومن ثم يجد الأستاذ نفسه مجبورًا على التنازل عن الكثير من حقوقه أو غض الطرف عن التجاوزات التي تمارس هنا أو هناك خوفًا على مستقبله ومستقبل أولاده.
منع الباحثين الأجانب من دخول الجامعات المصرية
فرض الهيمنة على الجامعات المصرية لم ينحصر في الداخل وفقط، بل تجاوز ذلك إلى منع الباحثين والأكاديميين الأجانب من الدخول لمصر بصفة عامة والجامعات بصفة خاصة، وهو ما تجسد من خلال بعض الحالات التي تم منعها حسبما أشارت التقارير الواردة في هذا الشأن.
في 13 من ديسمبر 2014 منعت السلطات المصرية، الأمريكية ميشيل دن، الباحثة بمركز كارنيجي للسلام الدولي، من الدخول وإعادتها إلى جهة القدوم “ألمانيا” مرة أخرى، وقد أخبرت السلطات الأمنية في المطار دن أنها ممنوعة من دخول مصر، بسبب تصريحات تليفزيونية لها.
في 3 يناير 2015 منعت السلطات المصرية الأكاديمية التونسية آمال قرامي من دخول مصر، بعد أن تم احتجازها في مطار القاهرة لمدة 16 ساعة، ثم ترحيلها صباح اليوم التالي، بعد أن أخبرتها السلطات الأمنية بالمطار أن سبب منعها من دخول مصر “تهديد اﻷمن القومي ولن يسمح لها بالدخول مرة أخرى”.
في 29 من يناير 2016 تعرض عاطف بطرس العطار، وهو أكاديمي مصري يحمل الجنسية الألمانية، إلى الاحتجاز في مطار القاهرة، في أثناء قدومه إلى مصر، بدعوى “أسباب أمنية”.
في عام 2015 فقط بلغت حصيلة الطلاب المعتقلين من منازلهم نحو 187 طالبًا و170 من داخل الحرم الجامعي، و81 من الشوارع والميادين، و185 من مناطق غير محددة
تأميم النشاط الطلابي
رغم ما كان يتمتع به النشاط الطلابي داخل الجامعة من توهج ونشاط ملحوظ طيلة العقود الماضية خاصة بعد ثورة الـ25 من يناير، ففي السنوات الأخيرة أصيب بحالة من الشلل التام في ظل المضايقات والملاحقات الأمنية والإدارية التي فرضت عليه مؤخرًا.
علاوة على ذلك فقد غابت الكثير من الحركات الطلابية التي كانت تتصدر المشهد بصورة كبيرة قبل خمس سنوات لتحل محلها كيانات أخرى محسوبة على النظام الحالي على رأسها “صوت طلاب مصر” و “تحيا مصر” والتي توسعت في أنشطتها داخل الجامعة وخارجها بصورة ملفتة للنظر.
نور الدين محمود، عضو طلاب 6 أبريل، في تعليقه على تراجع نشاط الحركات الطلابية داخل الجامعات أشار إلى أن “النشاط قل بشكل ملحوظ، بسبب الملاحقات التي تطال الطلاب المنضمين لهذه الحركات”، بينما حذرت نورا سيد، عضو حركة الاشتراكيين، من خفوت صوت النشاط الطلابي لو استمر الوضع على ما هو عليه، ملفتة أن “فصل الطلاب وحبسهم وملاحقة قيادات الحركات أنشأ حالة من الترهل والإحباط لديهم”.
القبضة الأمنية تجهض النشاط الطلابي داخل الجامعات
ما بين الفصل والاعتقال
من الحرم الجامعي إلى السجن أو الشارع، هكذا أشارت الإحصائيات الواردة بشأن زيادة رقعة حملة التضييقات الأمنية والملاحقات القضائية والإدارية لكل من يفكر أن يغرد خارج السرب من بين طلاب الجامعة.
ففي عام 2015 فقط بلغت حصيلة الطلاب المعتقلين من منازلهم نحو 187 طالبًا و170 من داخل الحرم الجامعي، و81 من الشوارع والميادين، و185 من مناطق غير محددة، ووفق التقارير الحقوقية كان أغلبهم على خلفية احتجاجات نظموها داخل الجامعة.
كما كان للجامعة هي الأخرى دور في هذه الحملة، حيث أصدرت الجامعات المصرية خلال العام الدراسي 2014/2015 نحو 523 جزاءً تأديبيًا ضد الطلاب، كان من بينهم 286 فصلاً نهائيًا.
في 13 من ديسمبر 2014 منعت السلطات المصرية، الأمريكية ميشيل دن، الباحثة بمركز كارنيجي للسلام الدولي، من الدخول وإعادتها إلى جهة القدوم “ألمانيا” مرة أخرى، وقد أخبرت السلطات الأمنية في المطار دن أنها “ممنوعة من دخول مصر”
هذا بخلاف وضع الجامعة تحت قبضة شركات الأمن الخاصة والتي تعمل بسحب روايات البعض لحساب الأجهزة الأمنية السيادية في مصر، كما هو الحال مع شركة “فالكون” للحراسات الأمنية المكلفة بالإشراف الأمني على عدد من الجامعات والمملوكة للواء خالد شريف الوكيل السابق بجهاز المخابرات الحربية.
ومن ثم تواصل السلطات المصرية اتخاذها لتلك الخطوات الممنهجة لتقييد الحريات الأكاديمية والضغط على المجتمع الجامعي، مستغلة في ذلك الظرف السياسي والأمني الذي تحياه البلاد، في محاولة لتقليم أظافر النشاط الطلابي لإجهاض دور الجامعة في إحداث أي حراك قد يؤثر هنا أو هناك على استقرار النظام أو يهدد كيانه.