حينما يغدو صوت الأذان مصدرَ إزعاج للاحتلال، ويصبح النظر في كتم التكبير قراراً تتداوله بلدية الاحتلال الصهيوني في جلساتها، لتتجه النيّة نحو تنفيذ مخطط جديد خلال الأشهر القادمة، يستهدف خفض صوت الأذان في مساجد المدينة المقدسة بدعوى ما تصفه ب ” الضجيج”.
بكيرات : 200 مسجد يتعرض لخفض الأذان
رئيس قسم المخطوطات والتراث بالمسجد الأقصى المبارك د. ناجح بكيرات أشار بأن مخطط خفض صوت الأذان يتضمن فحوصاً شاملة لنحو مئتي مسجد منتشرة في أحياء الجزء الشرقي في القدس المحتلة؛ ففي المرحلة الأولى سيخفض مسجدان جنوب المدينة، وذلك في إطار خطوة حددت لها ميزانية بمبلغ 200 ألف شيكل بهدف قياس مكبرات الصوت، وهو ما يطلق عليه في وثائق البلدية ” بمنظومات الاستماع”.
وأضاف بكيرات، يدور الحديث عن فحص شامل لم يجر مثله في المدينة، إذ سيقاس مستوى الصوت المتصاعد في المساجد في ساعات الصباح الباكر، وستدخل المساجد التي تكون قوة مكبرات الصوت فيها عالية في قائمة يطلقون عليها ” القائمة السوداء” ، ويستهدف المخطط استبدال أجهزة ذات مستوى صوت أقل بالأجهزة القائمة وبهذا تطبق البلدية ” حلاً تكنولوجيا” طورته لتخفيض كبير لما تصفه بالضجيج.
2016 : تحولات مخيفة تطرأ على الأقصى
الباحث والمختص في الشؤون الإسرائيلية علاء الريماوي، نوّه بأن المؤسسات الدينية في القدس تشير إلى أن المسجد الأقصى المبارك سيشهد تحولات استراتيجيّة مخيفة في عام 2016 ، فالاحتلال لا ينفك في تشويه الصورة الديمغرافية للمدينة المقدسة من خلال القرارات والقوانين الصادرة عن بلدية الاحتلال أو الكنيست.
وأضاف الريماوي، بأن قرار خفض الأذان يرتبط بسلسلة إجراءات تهودية منها: تهويد شوارع القدس الشرقية، وتسمية أحياء البلدة القديمة بأساء يهوديّة، وبناء معالم دالة على اليهودية، وتحويل بعض الأماكن المقدسة الإسلامية والأماكن الأثرية إلى يهودية من خلال الكتابة بالعبرية و ضخ الأعلام الإسرائيلية في المدينة وعلى الأبنية التاريخية؛ وتابع قائلاً : ” السياسة الصهيونية تسعى لتهويد القدس وترسيخ صورة ذهنية كعدم ارتباطها بالوشائج العربية والإسلامية”.
ولفت الريماوي بأن الظروف العامة المحيطة بالبلدان العربية، والشأن الفلسطيني الداخلي وحالات التفكك والترهل على الصعيدين، يمثل بمثابة فرصة تاريخية للكيان الصهيوني لتحويل المسجد الاقصى وتهويده على شاكلتهم.
تهويد للمدينة وطمس معالمها الدينية
” لايوجد قانون دولي أرضي أو سماوي يمنع من قرع الأجراس أو منع كلمة الله أكبر في هاتين الديانتين” عبارة قالها خبير القانون الدولي د. حنا عيسى حول وجود قوانين تحول دون ممارسة الشعائر الدينية والتعبير عنها؛ وأشار بأن الاحتلال يهدف من هذا الإجراء طمس المعالم الدينية للمدينة المقدسة بتضييق الخناق على المساجد وتفريغها، تمهيداً لطرد المقدسيين وتهجيرهم، وإفساح المجال مقابل ذلك لليهود والتوراتيين بأداء الشعائر الدينية.
ونوّه حنا بأن قرار خفض صوت الأذان كان قد طرح عام 2009 لكن لم يكتب له النجاح، ويعود اليوم في صيغة تكشف عن الاتجاه نحو تنفيذه في ظل ازدواجية المعايير الدولية، واعتبار القدس منطقة متنازع عليها، ليكون هذا القانون بمثابة فرض لسياسة الامر الواقع ، كي لايتسنى للمفاوض الفلسطيني التفاوض على أيّ شيء.
من جهته، أكّد خطيب المسجد الأقصى عكرمة صبري، أن الهدف من القرار هو إضفاء الطابع اليهودي على المدينة المقدسة، فالاحتلال لا يريد أي طابع إسلامي؛ وقال : ” من ينزعج عليه أن يرحل لا مساومة على الاذان ” فطرح بلدية الاحتلال مرفوض ومتعارض مع روح العبادة، فالمقدسيون متمسكون بهذه الشعيرة ولن يتنازلوا عنها.
من ناحية، أشار الناطق الإعلامي لمؤسسة الأقصى للوقف والتراث محمود عطا، بأن المؤسسة تخاطب الجهات المسؤولة لتوضح الأبعاد الناتجة عن قرار خفض صوت الأذان، من خلال البيانات والوثائق والتي يتم عرضها على هيئات عربية وإسلامية مستقلة، لتقوم بالإطلاع على ما يجري في محيط القدس، في اتجاه لإيجاد مسار توعوي كبير في ظل طمس الأذان.
سلسلة تقارير مشتركة بين نون بوست وشبكة قدس الإخبارية