“إسرائيل دولة شيطانية (Satanic State)”، هذا ليس وصف أحد أعضاء حركة حماس أو حزب الله للاحتلال الإسرائيلي، إنما وصف عالم سياسة أمريكي معاصر، من أصول يهودية، تعرض أبواه اليهوديين للتعذيب على يد النازيين. إنه أستاذ العلوم السياسية نورمان فينكلشتاين، الذي إذا زرت حسابه على منصة “إكس”، فلن تجد به إلا الدفاع عن فلسطين، والهجوم على “إسرائيل” وداعميه من الغرب بزعامة أمريكا، وخاصة الذين يدعون الإنسانية، بحسب وصفه.
دفاع فنيكلشتاين عن القضية الفلسطينية ليس فقط عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو بعد السابع من أكتوبر، فقد ناصر القضية من خلال أبحاثه الأكاديمية في العلوم السياسية، وأصدر الكثير من المؤلفات والأوراق البحثية التي توثق ما وصفها بالجرائم الإسرائيلية، والتواطؤ الدولي معها، وفند خلالها الكثير من المزاعم الصهيونية المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي.
هذا الدفاع عن فلسطين وانتقاد “إسرائيل” لم يكن مجانًا، بل دفع ثمنه فينكلشتاين من مستقبله الأكاديمي، وعرضه لمضايقات كبيرة في الولايات المتحدة، البلد الذي بنى للحرية تمثالًا، ناهيك بأنه من الذين تمنعهم “إسرائيل” من دخول أراضيها، لكنه في المقابل صار من أهم الباحثين الذين أقبل عليهم القراء العرب بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، فصار كتابه “غزة: بحث في استشهادها” هو الأكثر مبيعًا في الشرق الأوسط على موقع أمازون.
طفولته رسمت مستقبله.. “أنا ابن الناجين من وارسو أيها النازيون الإسرائيليون”
طفولة نورمان فينكلشتاين رسمت مستقبله وأفكاره الرافضة للظلم، والساعية لنصرة العدالة، وذلك بفضل والديه اللذين ذاقا طعم الظلم في معسكرات النازية.
البداية كانت في وارسو ببولندا خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، حيث كان والده هاري ووالدته ماريلا في معتقلات النازية، والتقيا بعد الحرب في مخيم للنازحين في النمسا ثم هاجرا إلى الولايات المتحدة وتزوجا وأنجبا ابنهما نورمان بنيويورك في 8 ديسمبر/كانون الأول عام 1953.
كان والداه مكافحين، فقد عمل الوالد عاملًا في مصنع، وكانت والدته ربة منزل، وفي بعض الأحيان عملت في مجال الحسابات، وكانت لها ميول يسارية واضحة.
نشأ نورمان على حكايات والديه عن معسكرات الاعتقال وما لاقاه اليهود من أهوال على يد النازية، لكنهما في الوقت ذاته كانا ناقمين على المتاجرين بالمظلومية اليهودية، ويتربحون من ورائها، من المنظمات اليهودية، ونلمس ذلك في كتابه “صناعة الهولوكوست: تأملات حول استغلال معاناة اليهود”.
كان والداه يتألمان لآلام أي مظلوم في العالم، ويحكي نورمان فينكلشتاين أن والدته كانت من المناهضين لحرب الولايات المتحدة على فيتنام وتتألم لما تراه من فظائع يرتكبها الجيش الأمريكي هناك رغم أنها كانت مواطنة أمريكية، وترى أن ما تفعله الولايات المتحدة أفظع مما فعله هتلر، حسبما يحكي نورمان في مقالة له.
هذا الطابع الإنساني المرهف أثر في نورمان، ونلمس ذلك في حديثه عن تعاطفه مع الفلسطينيين، خلال محاضرة له في جامعة واترلو بكندا، ردًا على طالبة كانت تبكي لأجل معاناة اليهود، حين قال لها: “كان أبي وأمي يشاركان في انتفاضة جيتو وارسو، وبسبب الدروس التي علمني إياها والداي وإخوتي، لن أصمت عندما ترتكب إسرائيل جرائمها ضد الفلسطينيين، ولا أعتبر شيئًا أحقر من استخدام معاناتهم لمحاولة تبرير الوحشية والتعذيب وهدم المنازل الذي ترتكبه إسرائيل يوميًا ضد الفلسطينيين”.
تخرج نورمان فينكلشتاين في جامعة بينجهامتون الأمريكية عام 1974، وحصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة برينستون عام 1988، وكانت رسالته لنيل الدكتوراه عن الصهيونية، وكانت بمثابة صرخة في وجه الغرب المليء بأصوات تحاول طمس الحقوق الفلسطينية التاريخية، فقد كانت ترتكز على نقد الكتاب الأكثر مبيعًا في الولايات المتحدة وقتها “From Time Immemorial”، للصحفية الأمريكية جوان بيتيرز.
كتاب بيتيرز ذو الشعبية الكبيرة في الولايات المتحدة، زعم عدم وجود شعب فلسطيني بالأساس، وأن من يطلقون على أنفسهم فلسطينيين هم عرب مهاجرون من شبه الجزيرة العربية، ومن مصر وسوريا والدول المجاورة للأراضي الفلسطينية، وبالتالي فإن طرد “إسرائيل” للفلسطينيين من أراضيهم ليس جريمة، وهو الأمر الذي فنده نورمان فينكلشتاين وأثبت زيفه وتضليله خلال دراسته التي نال من خلالها الدكتوراه.
كان اعتراض نورمان فينكلشتاين على كتاب بيتيرز بمثابة مغامرة، وقال له المفكر الأمريكي البارز نعوم تشومسكي وقتها إن اقتحامك لهذا الأمر سيجلب لك المتاعب، وستكتشف أن المجتمع الفكري الأمريكي عبارة عن عصابة من المحتالين ولن تعجبهم آراءك، وستعرض مستقبلك المهني للدمار، حسبما ذكر تشومسكي في كتابه “فهم القوة”.
أثارت أطروحة الدكتوراة التي قدمها فينكلشتاين الجدل في الأوساط الأكاديمية، وقوبلت بتحفظات وضغوط عليه للتعديل بها، وتأخر حصوله على الدكتوراه لفترة طويلة بسبب ذلك، حتى رضخت الجامعة وأعطته درجة الدكتوراه، تجنبًا للحرج العلمي، حسبما يقول تشومسكي.
كان نورمان فينكلشتاين معروفًا في الأوساط الأكاديمية كناشط مدافع عن الحقوق العربية ضد “إسرائيل” منذ عام 1982، عندما نظم تظاهرة أمام القنصلية الإسرائيلية في نيويورك هو وعدد من اليهود الآخرين ضد الغزو الإسرائيلي للبنان، وخلال التظاهرة حمل لافتة كتب عليها: “أنا ابن الناجين من جيتو وارسو.. أيها النازيون الإسرائيليون: أوقفوا المحرقة في لبنان”، حسبما يحكي نورمان.
نورمان فينكلشتاين في بيوت الفلسطينيين: “ليسوا إرهابيين بل ضحايا”
في أثناء الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اندلعت عام 1987 ذهب نورمان فينكلشتاين إلى الضفة الغربية وتحديدًا في صيف 1988، ونزل في بيوت عدد من العائلات الفلسطينية هناك، في الخليل وبيت ساحور، وعمل هناك مدرسًا للغة الإنجليزية للطلاب الفلسطينيين.
ويحكي في كتابه “صعود وسقوط فلسطين” أن الفلسطينيين الذين عاش معهم لم ينزعجوا من كونه يهوديًا أو من أصول يهودية، خاصة أنهم كانوا يعلمون أنه يدافع عنهم، وبالتالي فإن قضيتهم في فلسطين ليست مع الديانة اليهودية وإنما مع الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه.
وبحسب الكتاب الذي صدر عام 1996، فإن هذه الفترة التي قضاها فينكلشتاين هناك جعلته يؤمن أكثر أن الفلسطينيين ليسوا شعبًا إرهابيًا وإنما أصحاب قضية، وأنهم لا يقلون شيئًا عن اليهود الذين تعرضوا للتعذيب في أوروبا على يد النازيين، ولا عن السكان الأصليين للولايات المتحدة الذين تعرضوا للإبادة الجماعية على يد الأوروبيين، وبالتالي فإن انتفاضتهم ضد “إسرائيل” حق لهم يجب دعمه.
لم يتوقف نورمان فينكلشتاين عن مهاجمة “إسرائيل” وداعميها، بل أصدر عام 2000 كتابه “صناعة الهولوكوست: تأملات حول استغلال معاناة اليهود”، وفي الكتاب يفضح نورمان فينكلشتاين المنظمات اليهودية التي تتاجر بالمحرقة النازية، وتبتز أوروبا – لا سيما ألمانيا – لدفع تعويضات لليهود الذين تعرضوا للتعذيب، في حين أنها تنفق الأموال لصالح أغراض أخرى، أهمها دعم “إسرائيل” وجعلها دولة فوق النقد مهما ارتكبت من جرائم.
صدر قرار منع فينكلشتاين من دخول “إسرائيل” لمدة 10 أعوام، لاتهامه بأنه على صلات بجهات معادية لـ”إسرائيل”، وتحديدًا حزب الله، ثم رحّلته السلطات الإسرائيلية إلى أمستردام.
ويوثق كيف أن مسألة المحرقة النازية لم تكن مسألة ذات أهمية أو موجودة بالأساس في الولايات المتحدة قبل عام 1967، موضحًا أن الولايات المتحدة دخلت في تحالف مع ألمانيا الغربية عام 1949 ضد الاتحاد السوفييتي، وهو ما استوجب عدم الحديث عن أي شيء يشين ألمانيا.
فذكر المحرقة في الإعلام الأمريكي معناه أن أمريكا تتحالف مع من قاموا بها، وبالتبعية صمَت اليهود الأمريكيون خوفًا من اتهامهم بازدواج الولاء، حتى لا يتساءل الناس: هل أنتم أمريكيون أم إسرائيليون؟ وبناءً على ذلك صارت المحرقة من الأمور المحرم ذكرها في الولايات المتحدة، بحسب فينكلشتاين.
لكن في يونيو/حزيران 1967 تغيرت الأمور حين دخلت الولايات المتحدة في تحالف قوي مع “إسرائيل”، ولم يكن هذا التحالف قويًا قبل هذا العام.
وبناءً على هذا التحالف بدأ يهود أمريكا يجهرون بدعمهم لـ”إسرائيل”، ومن هنا بدأ الحديث عن المحرقة بقوة في الإعلام الأمريكي، كوسيلة لتجميع الشعب الأمريكي بالكامل لصالح دعم “إسرائيل”، وصار العرب في الإعلام الأمريكي هم النازيون الجدد، بدعم من الاتحاد السوفييتي (عدو الولايات المتحدة) المتحالف مع أكبر الأنظمة العربية وقتها وهو النظام الناصري المصري.
فينكلشتاين يدفع الثمن.. تضييق في عمله واحتجاز في “إسرائيل”
كل ما سبق أدى إلى الهجوم على نورمان فينكلشتاين والتحريض ضده في الأوساط الأكاديمية الأمريكية، والتضييق عليه، ومن ذلك أن جامعة هانتر كوليدج في نيويورك خفضت راتبه عام 2001 الأمر الذي أدى إلى تقديمه استقالته.
وفي عام 2007 أقيل من جامعة ديبول بمدينة شيكاغو، بعد رفض التجديد له في منصبه، رغم أن مجلس كلية الآداب التي يدرس بها والقسم المعين به وافقوا على استمراره، لكن مجلس الجامعة هو من رفض التجديد له بضغوط من اللوبي الصهيوني هناك، بزعامة القانوني والأكاديمي الشهير آلان ديرشويتز المعروف بتحمسه للصهيونية ودعم “إسرائيل”، والذي كان قد خاض معارك كلامية وفكرية ضد فينكلشتاين.
كان آلان ديرشويتز قد أصدر كتابًا بعنوان “The Case for Israel” وهاجم ما وصفهم بأعداء “إسرائيل”، وانتقد نورمان فينكلشتاين الكتاب علميًا، وقال إن ديرشويتز أورد خلاله معلومات غير دقيقة وكذلك مارس السرقة العلمية في تأليفه، بل قال فينكلشتاين إن الكتاب ليس من تأليفه بالأساس، بل أتى بمن كتبه له واقتبس من كتابات أخرى بالحرف.
كل ما سبق جعل نورمان فينكلشتاين صديقًا لأعداء “إسرائيل”، وعدوًا لتل أبيب، وكانت زياراته إلى لبنان وفلسطين مستمرة، ومنها زيارته إلى لبنان خلال حرب عام 2006، وبسببها قرر جهاز الشاباك الإسرائيلي منعه من دخول “إسرائيل” عام 2008، لمدة 10 أعوام.
كرس فينكلشتاين حسابه على منصة “إكس” الذي يتابعه قرابة نصف مليون متابع، ويتفاعل مع منشوراته ملايين غيرهم، للدفاع عن حماس والسخرية من “إسرائيل” وانتقادها
جاء هذا المنع خلال زيارة له إلى أصدقائه الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث جرى توقيفه في مطار بن غوريون والتحقيق معه، ثم احتجازه في زنزانة لمدة يوم كامل، وبعدها صدر قرار منعه من دخول “إسرائيل” لمدة 10 أعوام، لاتهامه بأنه على صلات بجهات معادية لـ”إسرائيل”، وتحديدًا حزب الله، ثم رحّلته السلطات الإسرائيلية إلى أمستردام.
وقال نورمان فينكلشتاين إنه عومل بشكل سيئ من حراس الزنزانة، واضطر إلى التحدث من هاتف يخص أحد نزلاء الزنزانة إلى محاميه لينقذه مما هو فيه.
وعلقت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في مقالها الافتتاحي على الحدث وقالت إن نورمان فينكلشتاين يدعم حزب الله، وخلال زيارته للبنان اجتمع بمقاتلي الحزب وزار قبور جنوده الذين قضوا في المعارك، لكنها وباعتبارها صحيفة يسارية وتدعم حل الدولتين، قالت إن نورمان فينكلشتاين لا خوف منه، ولا يشكل خطرًا على “إسرائيل”، حتى لو انتقدها بشكل لاذع.
طوفان الأقصى والإعجاب بحماس.. “ابتسامة أطفال غزة أدفأت روحي”
إعجاب نورمان فينكلشتاين بحركة حماس زاد بعد معركة طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، فقال:
“إذا كرمنا اليهود الذين ثاروا في جيتو وارسو، فإن الاتساق الأخلاقي يفرض علينا تكريم المقاومة البطولية في غزة.. أنا شخصيًا لم أشعر بالاستياء مما فعلوا، بل على العكس من ذلك، فإن ما فعلته حماس يدفئ كل ذرة من روحي، وأنا أرى ابتسامة أطفال غزة وهم يشاهدون ذُل مضطهديهم من اليهود المتعجرفين أخيرًا”.
وبعد المعركة خاض فينكلشتاين حربًا على جبهات متعددة ضد “إسرائيل” وأنصارها، فكرس فينكلشتاين حسابه على منصة “إكس” الذي يتابعه قرابة نصف مليون متابع، ويتفاعل مع منشوراته ملايين غيرهم، للدفاع عن حماس والسخرية من “إسرائيل” وانتقادها، إضافة إلى فعالياته ومناظراته مع أنصار “إسرائيل” في المجتمع الأمريكي، من خلال لقاءات إعلامية أو محاضرات عامة.
على رأس هؤلاء الذين خاص معهم فنكلشتاين معركة إعلامية، كان الناشط والمحامي اليهودي الأمريكي المتعصب بن شابيرو، الذي دعاه فينكلشتاين إلى مناظرة وتهرب منه، وهو ما قابله فينكلشتاين بالسخرية وقال له: “إذا ارتديت مريلة وحفاضة، هل ستقبل مناظرتي؟” في إشارة إلى طفولة بن شابيرو الفكرية، التي تتناسب مع سنه الصغير قياسًا بعمر فينكلشتاين.
وكان بن شابيرو، المدافع الشهير بتعصب عن “إسرائيل”، قد زعم أن وزير الخارجية البريطاني بلفور وعد اليهود عام 1917 بكامل فلسطين، وأن العرب ارتكبوا مذابح بحق اليهود في فلسطين خلال عشرينيات القرن العشرين، وأن الفلسطينيين هم من احتلوا الضفة الغربية وغزة عام 1967، وغيرها من معلومات رآها فينكلشتاين كاذبة وغبية حد السخرية منها، وخصص فيديو للرد عليها.
كما هاجم فينكلشتاين الملياردير اليهودي ويليام ألبرت أكمان (بيل أكمان) الذي قال إن اليهود لا يسرقون، وطالب جامعة هارفارد بقمع التظاهرات الداعمة لفلسطين، كما طالب بإقالة رئيسة الجامعة واتهمها بالسرقة العلمية.
وهو ما سخر منه فينكلشتاين، وقال إن زوجة هذا الملياردير التي تدرس بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) متهَمَة بالسرقة العلمية في المعهد، موضحًا أنها إسرائيلية المولد وخدمت في سلاح الجو الإسرائيلي.
وأخيرًا ربط بسخرية بين أخلاق أكمان وموقفه من الإبادة الجماعية في غزة، وموقفه من اتهام زوجته (التي خدمت في سلاح الجو) بالسرقة العلمية، وقال:
“أنا سعيد لأنه لم يطلب من زوجته إسقاط قنبلة وزنها ألفي كيلو على معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا”، في إشارة منه إلى أوزان القنابل التي تلقيها “إسرائيل” على المدنيين في غزة.
مما خصص له وقتا كبيرًا أيضا فينكلشتاين، اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى الشفاء، وزعمهم بوجود مركز لقيادة حماس تحتها، وهو أمر ثبت زيفه.
وقبل اقتحام المستشفى سخر فينكلشتاين من الأمر وكتب: “يقال إن إسرائيل على وشك غزو مستشفى الشفاء.. لا تتفاجأ إذا وجدت نسخًا من كتاب “كفاحي” في الحضانات (يقصد كتاب كفاحي للنازي هتلر)”.
وبعد اقتحام المستشفى وعدم العثور على أي مما كانت تزعمه قوات الاحتلال، كتب فينكلشتاين: “مرت 24 ساعة على اجتياح إسرائيل لمستشفى الشفاء.. لا يوجد مركز قيادة وسيطرة مترامي الأطراف لحماس، لا مخابئ للأسلحة في الأنفاق، لا ممرات سرية.. لا شيء سوى أطفال موتى في حضانات بلا وقود”.
وربما أبرز نشاطاته الدعائية لصالح الفلسطينيين والدفاع عنهم في المعركة الدائرة بغزة كان لقاؤه مع الإعلامي البريطاني الشهير بوريس مورجان، في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، الذي شاهده على يوتيوب فقط حتى كتابة هذه السطور ما يقرب من مليونين ونصف المليون مشاهد.
بعد كل ما سردناه عن فينكلشتاين، يمكن القول إنه خير سفير للقضية الفلسطينية لدى الرأي العام الغربي، ليس فقط لدفاعه المستميت عن القضية وانتقاده الشرس ل”إسرائيل”، لكن لوزنه الأكاديمي هناك كعالم في السياسة، ولأنه يهودي عانى أبواه من الاعتقال في معسكرات النازية، ما يجعل حديثه يحظى بمصداقية.