ترجمة وتحرير: نون بوست
بعد مرور خمسين سنة من الجهود والتجارب، تسعى المنظمة العالمية للزراعة والتغذية للاستفادة من قصص النجاح في استخدام التقنية النووية لتطوير الإنتاج الزراعي.
منذ اكتشاف التقنية النووية، تم استخدامها في العديد من المجالات والأغراض إذ غالبا ما يربط الناس بين كلمة نووي وإنتاج الطاقة. ولكن الواقع هو أن هذه التقنية قريبة منا بشكل لا نتصوره حيث أنها تستخدم في العديد من المجالات، على غرار المجال الصناعي، والهندسة المائية، والطب، والفنون، والتطبيقات العلمية، واكتشاف الفضاء، والعلوم الكونية، بالإضافة إلى استخدامها في مجال الزراعة والتغذية.
تسعى المنظمة العالمية للزراعة والتغذية للاستفادة من التطبيقات الناجحة للتقنية النووية في الزراعة
في الحقيقة، سعت المنظمة العالمية للزراعة، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، إلى جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى توسيع المعرفة وتعزيز القدرة على الاستفادة من هذه التقنية خلال الخمسين سنة الماضية. وقد قادت النتائج لتحقيق نجاحات مهمة في العالم. والآن، تعكف المنظمة على دراسة سبعة استخدامات متطورة للتقنية النووية لزيادة الإنتاجية الزراعية.
إنتاجية وصحة الحيوانات
تستخدم الكاميرون التقنية النووية بكل اقتدار لتربية الماشية، وتحسين نسلها، والتلقيح الاصطناعي والسيطرة على الأمراض داخل القطيع. وقد نجح الفلاحون المحليون من المالكين لنوعين اثنين من الأبقار في مضاعفة إنتاج الحليب ثلاث مرات، من 500 لترا إلى 1500 لترا، وهو ما وفر دخلا إضافيا قدره 110 مليون دولار أمريكي سنويا. علاوة على ذلك، نجح برنامج آخر مشابه في خفض انتشار الحمى المالطية بين الماشية، وهو مرض حيواني سريع العدوى، ويمكن أن ينتقل من الحيوانات للإنسان إذا شرب حليبا غير معقم أو تناول لحما غير مطبوخ جيدا يعود لحيوانات مريضة.
تحسين توازن التربة والماء
على سبيل المثال، تم في جمهورية بنين وضع خطة شملت خمسة آلاف فلاحا، من الذين تمكنوا من زيادة محاصيل الذرة بنسبة 50 في المائة وتخفيض كميات الأسمدة المستخدمة بنسبة 70 في المائة، عبر استغلال تقنية تسهل تثبيت النيتروجين.
بنفس الشكل، مكّنت هذه التقنية النووية الفلاحين من قبائل الماساي في كينيا من تنظيم عمليات الري ومضاعفة إنتاجية كل شجرة على الرغم من استخدام نصف كميات المياه التي تستخدم عادة عند تطبيق أساليب الري التقليدية اليدوية.
برنامج البحث الزراعي المكسيكي
التعامل مع الآفات
تتضمن تقنية تعقيم الحشرات تربية كميات كبيرة من الذكور العقيمة قبل إطلاقها في المناطق الزراعية التي غزتها الحشرات. وعموما، تساهم هذه التقنية في اختفاء هذه الآفات ومنع تكاثرها وظهور أنواع جديدة منها، وهي تعدّ أقل ضررا بالبيئة وصحة الإنسان مقارنة بالمبيدات الكيميائية.
في الواقع، دأبت حكومات غواتيمالا، والمكسيك والولايات المتحدة على استخدام تقنية تعقيم الحشرات لعقود طويلة من أجل منع انتشار حشرة الغلال المتوسطية في هذه المنطقة. ومن جهتها، ترسل غواتيمالا كل أسبوع مئات الملايين من ذكور البعوض العقيمة نحو ولايات كاليفورنيا وفلوريدا لحماية المحاصيل الثمينة على غرار أشجار الحمضيات. وبما أن هذه الذكور غير قادرة على التلقيح، فإن هذه هي أفضل طريقة للسيطرة على معدلات تكاثر الحشرات.
تُستخدم برامج تطوير المحاصيل التقنية النووية لمساعدة الدول الفقيرة على تحقيق أمنها الغذائي والتأقلم مع التغير المناخي وذلك بهدف تجنّب المجاعة الموسمية
سلامة الغذاء
تساهم التقنيات النووية في إنجاح جهود أكثر من 50 دولة حول العالم لتعزيز سلامة الغذاء، عبر حل مشكل المخلفات المضرة بالصحة والمواد السمية في الغذاء، وتسهيل تتبع هذه المواد عبر تحليل النظائر المستقرة للعناصر الكيميائية.
في هذا الصدد، مكّنت البرامج العلمية في باكستان، وأنغولا، والموزمبيق من إجراء اختبارات على بقايا عقاقير طبية حيوانية ومواد ملوثة في المنتوجات الغذائية الحيوانية. وتستفيد حوالي 50 شركة لإنتاج وتصدير الغذاء في باكستان من الاختبارات الجديدة، وهو ما يسهل عليها الاستجابة للمعايير الدولية فيما يخص إنتاج الغذاء، ويعزز قدرة البلاد على التصدير.
التأقلم مع تغير المناخ
يستخدم قطاع الزراعة التقنية النووية وتقنيات أخرى مرتبطة بها للتأقلم مع تغير المناخ، وهو ما يزيد من حسن استغلال الموارد ورفع الإنتاجية بشكل مستدام. ويعد البرنامج النووي لتهجين الحيوانات في بوركينا فاسو مثالا رائعا على كيفية مساعدة الفلاحين لتربية حيوانات أكثر إنتاجية وتحملا لمشاكل تغير المناخ. ويحظى هذا البرنامج بدعم مخابر طبية متطورة، كما أن العلماء يمكنهم استغلال هذه التقنية لإنتاج أنواع من العلف الحيواني التي تساهم في رفع إنتاجية القطيع وتزويده بالتغذية اللازمة.
الحماية من المجاعة الموسمية
تُستخدم برامج تطوير المحاصيل التقنية النووية لمساعدة الدول الفقيرة على تحقيق أمنها الغذائي والتأقلم مع التغير المناخي وذلك بهدف تجنّب المجاعة الموسمية. وقد استخدم الفلاحون في شمال بنغلاديش أنواعا متعددة من الأرز المطور، يسمى “بينادان7”. وعلى العموم، تنمو هذه الفصيلة وتنضج في 30 يوما مقارنة بالأرز العادي، وهو ما يسمح للفلاحين بجمع محاصيل أخرى في نفس الموسم. وبفضل أرز “بينادان7” فضلا عن عوامل أخرى، ارتفع إنتاج الأرز في بنغلاديش من 26 مليون طن خلال سنة 2003 إلى 33 مليون طن خلال سنة 2013.
المصدر: صحيفة لافانغوارديا