تعاني مخيمات النازحين في ريف حلب الشمالي من أوضاع إنسانية صعبة، ومع اقتراب دخول فصل الشتاء تزداد المعاناة مع النقص الشديد في وسائل التدفئة والوقاية من البرد والثلوج والأمطار التي تهدد وجود الآلاف من المهجرين قسرًا نتيجة الحرب الضروس التي تشهدها سوريا منذ 7 سنوات.
وفي جولة لنا بين العديد من المخيمات العشوائية التي أنشئت بالقرب من الحدود السورية التركية ضمن منطقة إعزاز شمال حلب، تفاجأنا من حجم المعاناة والنقص الشديد في مستلزمات الحياة والتخوف الكبير لدى الأهالي من كارثة حقيقية قد تحل عليهم مع دخول الشتاء وأجوائه الباردة.
يقول محمد درج مدير مخيم شمارخ النظامي: “يُقدر عدد الخيم ضمن المخيمات العشوائية بريف حلب الشمالي – منطقة درع الفرات بنحو 8 آلاف خيمة تحوي بين 55-60 ألف نسمة، وهناك مخيمات نظامية متبناة من قبل منظمات إنسانية وهي أحسن حالاً من العشوائية حيث يتم تقديم حصة غذائية شهرية ثابتة وتقديم خدمات بنية تحتية كطرقات معبدة وصرف صحي وتمديدات مياه، كما يتم ترحيل القمامة كذلك بينما تغيب هذه الخدمات عن المخيمات العشوائية مما يزيد من معاناة قاطنيها”.
60 ألف نسمة يقطنون في مخيمات عشوائية ويهددهم برد الشتاء القارس
ويتم تزويد المخيمات العشوائية فقط بالمياه والخبز اليومي ولكن بكميات قليلة لا تكاد تكفي النازحين وخاصة الذين يملكون عوائل كبيرة، يُحدثنا أبو إبراهيم أحد المهجرين من ريف حلب الجنوبي والذي يسكن هو وأولاده الثلاث وعوائلهم ضمن أحد المخيمات العشوائية بالقرب من مخيم شمارخ:” يتم تقديم 18-20 لترًا من الماء للشخص يوميًا، ونحصل على رغيف أو رغيف ونصف من الخبز للشخص الواحد، بينما لم نحصل على سلة غذائية منذ 4 أشهر، في حين أن الخيم وضعها مأساوي ولا يمكن أن تصمد أمام أجواء الشتاء الصعبة”.
أما أم سليمان فتشرح لنا وضعها الحرج وهي أم لعشرة أولاد أحدهم يعاني من شلل نصفي فتقول: “ابني يعاني من اختلاجات شديدة تأتيه عند الحر أو البرد الشديد، والخيم لدينا غير مجهزة للشتاء حتى إننا لا نملك عوازل قماشية نضعها على الأرض الترابية لتمنع عنا البرد، ونحن نعيش حالة صعبة فزوجي عاطل عن العمل ولا نملك المال لشراء الطعام المغذي لطفلي العاجز”.
وفي مخيم آخر التقينا بأبي العلاء وهو يدير أحد المخيمات العشوائية التي تحوي 40 خيمة وينحدر سكانه من ريف حماة، حيث أكد لنا أبو العلاء أنهم اضطروا لاستئجار أرض يضعون عليها خيمهم البدائية، وأنهم لا يتلقون إلا ربطة خبز لكل عائلة يوميًا مع غياب أي مساعدات غذائية أو عينية تعينهم على تحسين وضعهم الإنساني مع اقتراب فصل الشتاء.
تقول صبحة العيسى امرأة عجوز موجودة في المخيم: “وضعي سيئ جدًا فأنا وحيدة ليس لي زوج ولا أولاد ورجلي مكسورة لا أستطيع الحركة، ولدي خيمة لا أظنها ستصمد أمام برد الشتاء القارس، فأتمنى الحصول على خيمة جديدة كما أحتاج لمساعدة غذائية”.
هذا حال المخيمات العشوائية في ريف حلب الشمالي، فهي تواجه كارثة حقيقية مع اقتراب فصل الشتاء لا سيما مع الازدياد الكبير في عدد النازحين والمهجرين من مناطق النزاع المختلفة، فهل ستقوم الجهات المعنية من منظمات إنسانية وهيئات إغاثية بواجبها الإنساني لمساعدة هؤلاء المنسيين فتقدم لهم ما يحتاجونه لتجاوز محنتهم خلال هذه الفترة العصيبة؟