ترجمة حفصة جودة
لقد أصبحت التكنولوجيا جزءًا أساسيًا من حياة الإنسان اليومية حتى في قطاع غزة، حيث جعل الحصار المصري الإسرائيلي الحياة اليومية هناك عملاً بطوليًا لأكثر من 10 أعوام، يستخدم الكثير من سكان غزة التقدم التكنولوجي لخدمة المجتمع وتسهيل المعيشة اليومية، وأصبحت تطبيقات الهاتف المحمول واحدة من آخر ما توصلت إليه الأدوات الإبداعية.
كانت الحاجة إلى التبرع بالدم من أجل المرضى إحدى أهم القضايا في غزة، فمع نقص الموارد الصحية ومحدوديتها، أصبح هناك فجوة بين الأشخاص الذين بحاجة إلى الدم والأشخاص الذين يرغبون في التبرع به.
بناءً على ذلك، أطلق مجموعة من الرجال والنساء الفلسطينيين تطبيقًا جديدًا يُسمى “بنك الدم الفلسطيني” (Palestinian Blood Bank)، فبضغطة زر واحدة على الهاتف الذكي يستطيع المتبرعون بالدم التواصل مع هؤلاء الذين هم بحاجة إليه.
“هذا التطبيق يعزز من ثقافة التبرع بالدم” – دكتور حسام قويدر
في الشهر الماضي، أصيب محمد أبو سيدو – 29 عامًا – في حادث مروري حيث كان يمشي إلى منزله عندما صدمته سيارة، فأصيب بجراح خطيرة في رأسه وفقد الكثير من دمه، نُقل محمد إلى مستشفى الشفاء غرب غزة وفي البداية لم يستطع الأطباء العثور على أكياس دم تطابق فصيلة دمه.
باستخدام تطبيق “بنك الدم الفلسطيني”، تمكن المستشفى من التواصل مع أحد المتبرعين من نفس فصيلة الدم وحل المشكلة في وقت قصير، فقد جاء المتبرع إلى المستشفى سريعًا وتبرع بدمه وأجريت الجراحة لأبو سيدو وأصبحت حالته مستقرة الآن.
يقول أبو سيدو: “كنت فاقدًا للأمل بشأن حالتي وأصبحت يائسًا لأنني أعلم أن فصيلة دمي نادرة، لكن عندما وجدت متبرعًا من نفس فصيلة دمي أيقنت أن الأمل موجود دائمًا”، كان والدا أبوسيدو قد بذلا الكثير من الجهد في البداية حيث قاما برفع العديد من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي من أجل العثور على متبرعين من نفس الفصيلة لكن دون جدوى، حتى تمكن المستشفى من العثور على متبرع من خلال التطبيق.
مع تطبيق “بنك الدم الفلسطيني” تستطيع المستشفيات التواصل مع المتبرعين عند الحاجة إليهم
لم يتبرع أشرف رزق – 24 عامًا – بالدم من قبل إلا عندما ذهب إلى مستشفى الشفاء ليتبرع بدمه لأبو سيدو، كان رزق يعتقد دائمًا أن العملية معقدة وتستغرق وقتًا طويلاً، لكنه قرر التسجيل في التطبيق لأن الأمر لن يستغرق سوى عدة دقائق، بعد 3 أيام اتصل به طبيب من مستشفى الشفاء وأخبره أنهم بحاجة إليه من أجل عملية عاجلة، كان رزق سعيدًا بالتجربة التي لم تستغرق الكثير من الوقت وقال إنه بالتأكيد سيكرر الأمر عند الحاجة إليه.
يقول رزق: “كانت التجربة خاصة ومميزة بالنسبة لي، وأعتقد أن استخدام التكنولوجيا طريقة أفضل من تلك الطرق القديمة التي تُستخدم لتشجيع الناس على التبرع بالدم، فهي توفر الوقت والمجهود”.
تطبيق “بنك الدم الفلسطيني”
شابان وفتاتان من جامعات غزة المحلية، قضوا شهرين في صنع هذا التطبيق قبل انطلاقه في يوليو 2017، بعض أعضاء الفريق عملوا في التصميم والبعض في التسويق، يمكنكم تحميل التطبيق مجانيًا على الهواتف الذكية لتتمكنوا من استخدامه بسهولة.
سلام دغمش أحد مطوري التطبيق تشغله على هاتفها الذكي
تقول سلمى دغمش – 22 عامًا – أحد مطوري التطبيق: “التطبيق مجاني وقد قررنا تنفيذه لسبب وجيه، فهو يساعد الكثير من المرضى في المجتمع خاصة الذين بحاجة إلى فصائل دم نادرة لا يمكن العثور عليها في بنوك الدم القريبة”، تخرجت سلمى من قسم تكنولوجيا المعلومات بالجامعة الإسلامية في غزة، وأوضحت أن الأشخاص الذين يحتاجون إلى التبرع بالدم عادة ما يلجأون إلى النشر على وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال محطات الإذاعة المحلية بحثًا عن متبرعين بالدم بشكل عاجل، لكن التطبيق جعل العملية أكثر سرعة وبساطة.
ووفقًا لسلمى، فقد زار الفريق معظم المستشفيات والمراكز الطبية في غزة لتزويدهم بالتطبيق، يمتلك قطاع غزة 13 مستشفى و54 مركزًا طبيًا جميعهم يعانون من نقص التمويل والموارد، يقول دكتور حسام قويدر رئيس المختبرات بمستشفى الشفاء إن التطبيق أنقذ العديد من الأرواح، كما ساعد على تغيير عقلية المواطنين الذين يعتقدون أن التبرع بالدم عملية طويلة ومملة، ويضيف: “هذا التطبيق يعزز من ثقافة التبرع بالدم”.
يساعد التطبيق على إنقاذ العديد من الأرواح بدلاً من منشورات الفيسبوك أو إجراء مكالمات عشوائية
أوضح قويدر أنهم في أوقات عديدة كانوا يستقبلون مرضى بفصائل دم نادرة لا يمتلكها المستشفى، لكن بعد استخدام التطبيق، يمكنهم الآن العثور على أشخاص من ذوي فصائل الدم النادرة والتواصل معهم في أي وقت للتبرع بالدم.
كيف يعمل التطبيق؟
يسجل جميع المتبرعين المعلومات الشخصية في الملف الشخصي وتتضمن الاسم كاملاً والعنوان وفصيلة الدم، يتم حفظ معلومات المتبرعين وعند مطابقة فصيلة دمهم مع أحد المرضى يصلهم تنبيه برسالة نصية، إذا كان المتبرع متاحًا فيمكنه قبول الطلب من خلال الضغط على زر التبرع.
تقول سلمى: “يتم إرسال التنبيه لجميع المتبرعين بالدم والذين يستخدمون هذا التطبيق ولديهم نفس فصيلة الدم المطلوبة ويعيشون في نفس المحافظة والمنطقة، يستطيع أي شخص يتلقى التنبيه أن يتبرع من خلال الضغط على زر التبرع حينها سيصل تنبيهًا إلى الشخص المحتاج بوجود متبرعين، بعد انتهاء عملية التبرع بالدم، يضغط المتبرع على رز “تم” ليصل تنبيهًا للجميع بانتهاء عملية التبرع بالدم لهذا المريض”.
الصفحة الرئيسية لتطبيق “بنك الدم الفلسطيني”
يجب أن تتم عملية التبرع من خلال المستشفيات والمراكز الطبية لفحص خلو الدم من أي أمراض، وتتلقى المستشفيات والمراكز معلومات المتبرع من خلال رسالة نصية لتسهيل العملية.
وكما تقول سلمى، فمديرو التطبيق فقط الأشخاص الوحيدون الذين يديرون معلومات المتبرعين الشخصية، وهم ملتزمون بالحفاظ على سرية المعلومات وضمان عدم استغلالها أو بيعها لأي منظمات أو أفراد.
يقول الدكتور قويدر: “بالإضافة إلى تنظيم عملية التبرع بالدم وفقًا للمحافظة وفصيلة الدم والاسم، يساعد التطبيق على إنقاذ العديد من الأرواح بدلاً من منشورات الفيسبوك أو إجراء مكالمات عشوائية”.
المصدر: ميدل إيست آي