أجواء ومسببات سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين من قطر

033ec0a8d7f3b2bd69d00e794cb87207_w570_h300

قررت السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من دولة قطر، وقالت في بيان مشترك: “اضطرت الدول الثلاث للبدء في اتخاذ ما تراه مناسباً لحماية أمنها واستقرارها، وذلك بسحب سفرائها من دولة قطر اعتباراً من اليوم 5 / 3 / 2014م.

وجاء في البيان المشترك “بذلت (الدول الثلاثة) جهوداً كبيرة للتواصل مع دولة قطر على كافة المستويات بهدف الاتفاق على مسار نهج يكفل السير ضمن إطار سياسة موحدة لدول المجلس تقوم على الأسس الواردة في النظام الأساسي لمجلس التعاون، وفي الاتفاقيات الموقعة بينها، بما في ذلك الاتفاقية الأمنية، والالتزام بالمبادئ التي تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد، سواء عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي، وعدم دعم الإعلام المعادي”

البيان بحسب العديد من المراقبين يُعد تحصيل حاصل، إذ تشير ملاحظات العديدين إلى أن مجلس التعاون الخليجي يعاني من تفكك حقيقي ما قد يُنبئ بانهياره.

الدول التي سحبت السفراء هي السعودية والإمارات والبحرين، وجميعها لديها مشاكل عميقة مع قطر تتعلق بسياسات الدوحة وكيف تدير قطر علاقاتها في العالم. 

ومن بين الأسباب  التي أدت في النهاية إلى قرار الدول الثلاث

– العلاقات مع مصر قبل وبعد الانقلاب العسكري: 
كانت قطر إحدى الدول ذوات العدد التي دعمت حكم الإخوان المسلمين في مصر، وساعدت بشدة الرئيس محمد مرسي على الاضطلاع بمسؤولياته كرئيس للبلاد في ظل عدم تعاون خليجي وبيروقراطي مصري. 
وبعد الانقلاب العسكري الذي شهدته مصر في الثالث من يوليو / تموز الماضي، كانت قطر -بالإضافة إلى تركيا- أهم الدول الداعمة لعودة المسار الديمقراطي إلى مصر، عبر دعمها للأصوات المناهضة للانقلاب، وبالتبعية الرافضة للسيطرة السعودية الإماراتية على مقاليد الأمور في المنطقة.
هذا الأمر أحنق الدول المعنية وهو ما ظهر في البيان التي صيغ وجاء فيه “عدم التزام قطر بعدم دعم كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد، سواء عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي”، إذ يأتي البيان بعد إعلان مصر الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، وإقرار قانون الإرهاب في السعودية والذي يمكن تأويله ليتفق مع القرار المصري، بالإضافة إلى الحملة الإماراتية على الجماعة ذاتها، وأيضا البيان الصادر عن وزارة الداخلية بالبحرين حول تحذير مواطنيها من “المشاركة في أعمال قتالية في الخارج أو صراعات إقليمية ودولية أو الانتماء للتيارات أو المجموعات الدينية أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية”، على العكس من قطر التي تستضيف قيادات الإخوان المسلمين الهاربين من بطش النظام العسكري في مصر، وتقدم لهم دعما معنويا هائلا.
الأمر ذاته قد ينطبق على حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي تستضيف قطر قيادتها السياسية في وسط يعج بالكراهية لروافد الإخوان المسلمين وحماس من بينها، خاصة بعد الإعلان أمس عن حظر حماس بواسطة محكمة مصرية.
سحب السفراء من الممكن اعتباره دليلا على ان الدول الداعمة للانقلاب في مصر في حالة غضب عارم وفقدان توازن، اذ لم تستقر الأمور للانقلاب، مما يدفع هذه الدول لخطوات غير مسبوقة ومستعجلة، ظنا منها ان قطر تقف خلف القوى المعارضة للانقلاب، وأنها ان استطاعت ثني قطر عن هذا الموقف فسوف تستقر الأوضاع في مصر.

– العلاقات مع إيران والخلاف حول سوريا
رغم أن العلاقات بين إيران وكلا من السعودية والإمارات تبدو “جيدة جدا” مؤخرا على الصعيد الرسمي، إلا أن التقارب القطري الإيراني قد يكون من بين الأسباب التي أدت إلى استفزاز السعودية تحديدا.
الرئيس الإيراني كتب أمس على حسابه على تويتر يقول إن التعاون بين السعودية وإيران سيكون مفيدا لاستقرار المنطقة، مرحبا بالسفير السعودي الجديد في طهران.



لكن  مأمون فندي، مدير معهد الدراسات الاستراتيجية بلندن، قال إن قطر تقوم بمساعدة الدولة الإيرانية “تحت الطاولة”، من خلال بيع حقل الغاز المشترك بينهما وتقسيم ريعه، مضيفًا أن ذلك يعد فعل مضاد لقوانين الحصار الدولية المفروضة عليها.

التعاون القطري برز مؤخرا حين قال وزير خارجية قطر خالد العطية لدي استقباله مساعد وزير الخارجية الايراني، ان علي الدوحة وطهران ان تطور العلاقات بينهما في شتي المجالات.
وشدد العطية حينها على أن قطر دعمت دائما حق ايران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
التقارب القطري الإيراني قد يكون واحدا من الأسباب التي أدت إلى الوصول لهذه النقطة، خاصة في ظل الشكاوى البحرينية الدائمة من تدخل طهران في أزمتها السياسية التي تحتل المشهد منذ فبراير 2011، وفي ظل القلق السعودي الشديد من تزايد النفوذ الإيراني في سوريا والعراق وفي المنطقة الشرقية حيث يقطن أكثر من مليون شيعي على الأقل.

– الخلافات داخل مجلس التعاون الخليجي
يأتي القرار الثلاثي بعد يوم واحد من انعقاد الدورة 130 للمجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي والذي انعقد في الرياض بمشاركة وزير خارجية قطر خالد العطية.
كما أن القرار يأتي بدون مشاركة دولتين من دول المجلس وهي الكويت وعُمان. الأخيرة لديها عدد من المواقف الحادة تجاه بعض توجهات المجلس، مثل العملة الخليجية الموحدة، كما أن الكويت قد تكون الدولة الأكثر رغبة في الحفاظ على كيان المجلس، خاصة بسبب تجربتها المريرة مع الغزو العراقي.



هناك أيضا مصادر تشير إلى أن قطر قامت بتجنيس معارضين خليجيين ورفضت مطالب من دولهم بتسليمهم، كما أن هناك سعوديون يشيرون إلى أن قطر دعمت الحوثيين في اليمن للضغط على الرياض.

ويؤكد مطلعون أن سحب السفراء جاء نتيجة فشل الفيصل في إقناع بقية دول الخليج (عمان والكويت) بطرد قطر من مجلس التعاون الخليجي، اذ قام الفيصل بجولة خليجية منذ ٣ أسابيع من اجل قرار موحد بذلك الصدد، وعندما لم يتحقق ذلك جاءت خطوة سحب السفراء.

ويتوقع محللون أن تؤدي هذه الخطوة الى نهاية مجلس التعاون عمليا، ذلك ان الشرخ نصفي وعميق، ووصل حدا غير مسبوق، وربما يجر إجراءات إضافية.