بعد رحلة شاقة ومنها وبفضل “أبي فينجر” أنا هنا الآن أسعى لأن أكون رئيسًا للبلد الذي أقسمت يومًا لأبواي أن أنقذه من شظايا الحرب الأهلية
بهذه الكلمات أنهى “جورج ويا” خطابه أمام جمهوره ليستيقظ على نتيجة تصدره لانتخابات رئاسة ليبيريا.
مسيرة رياضية حافلة.. لاعب القرن الإفريقي وأفضل لاعب في أوروبا والعالم
في يوم 1 من أكتوبر عام 1966 ولد “ويا” فى العاصمة الليبيرية مونروفيا، لأسرة تتكون من 12 طفلاً، تربى مع جدته في أحد الأحياء الأكثر فقرًا في المدينة بعد ما انفصل والديه، تلقى تعليمه الإعدادي في الهيئة التشريعية الإسلامية، ثم تعليمه الثانوي في مدرسة “ويلز هيرستون” الثانوية وبدأ بالعمل تقنيًا في شركة الاتصالات الوطنية ومن ثم انتقل إلى احتراف كرة القدم. ولم يكن ويا مجرد لاعب كرة قدم عادي، فبعد احترافه كرة القدم وتدرجه مع فرقها من المغمور حتى العالمية، كان على موعد مع أبواب المجد.
مع انتقاله لنادي موناكو في العالم 1988 لتبدأ مسيرته الأوروبية الرائعة، حيث انتقل بعدها لنادي باريس سان جيرمان (فرنسا) في العالم 1992، وبعدها ذهب إلى إيطاليا ليلعب مع نادي ميلانو في الفترة 1995 – 2000، قبل أن ينتقل إلى إنجلترا ليلعب في أندية تشيلسي ومانشستر سيتي، ليختتم رحلته الأوروبية الشيقة في فرنسا مع نادي مرسيليا، قبل أن يعتزل في نادي الجزيرة الإماراتي عام 2003.
ومن أهم الجوائز التي حصل عليها جورج ويا: أفضل لاعب في إفريقيا ثلاث مرات (1989 و1994 و1995) وأفضل لاعب في أوروبا مرة واحدة (1995) وأفضل لاعب في العالم مرة واحدة (1995) وأفضل لاعب إفريقي في القرن العشرين (1998)، كما فاز بجائزة الهداف عدة مرات: هداف الدوري الفرنسي (1994 و1993) وهداف الدوري الإيطالي (1995)، وهداف كؤوس إيطاليا (1995 و1999).
اعتزل ويا كرة القدم الدولية عام 2002، بعد خسارة منتخب بلاده أمام نيجيريا ببطولة أمم إفريقيا التي أقيمت بمالي
“ويا” وعالم السياسة
“يمكنكم أن تثقوا بي لأنني أعرفكم وأنتم تعرفونني، علينا أن نُشيّد من جديد بنيتنا التحتية، وعلينا إعادة أطفالنا للمدارس، شعبنا يحتاج للخروج من الظلام الدائم”.
تلك أبرز الكلمات التي ساعدت ويا في الصعود بحملته الانتخابية لخوض لنتخابات الرئاسة لعام 2005، لكنه لم ينجح في المرة الأولى لخوضه تلك التجربة، ومع ذلك فإن فشله لم ينه مسيرته بل استطاع أن يخوض التجربة مرة أخرى في العام 2011 ليسجل خسارته للمرة الثانية.
لم ييأس ويا من عدم فوزه بل أقبل على الترشح للمرة الثالثة على التوالي في شهر أكتوبر من العام الحالي 2017 ونجح في تصدر الانتخابات بنسبة 40% من الأصوات مقابل 30% لنائب رئيس ليبيريا الحالي “جوزيف بواكاي”، مما يمهد الطريق نحو جولة إعادة بينهما في الـ7 من نوفمبر المقبل.
فبعد 11 عامًا يقترب ويا من تحقيق حلمه ليصبح على بعد خطوة من رئاسة ليبيريا، وفي حالة فوزه سيكون أول رئيس من خلفية رياضية في العالم، مما جعله يخاطب أبناء شعبه مجددًا قائلًا: “مثلكم جميعًا عانيت من الفقر فى صغري، كان هناك أوقات لم أمتلك بها ثمن الذهاب إلى مدرسة، وقوفنا اليوم معًا هو قرار بشأن مستقبلنا، طيلة السنين الماضية استمرت معاناة شعبنا في ظل نظام طبي كارثي وغياب للكهرباء ونقص في المياه، نحن لا زلنا نعيش تحت الفقر المدقع”.
جورج “ويا” ودخوله الإسلام
ولد جورج ويا في بيت مسيحي الديانة، وقد عاش ظروف صعبة، قبل أن ينضم إلى الكونغرس الإسلامي للدراسه فيه عن طريق صديق له يحمل الديانة الإسلامية الذي ساعده في الانضمام للكونغرس، ليتعلم فيه الإنجليزية والعربية وأصول الدين، يقول ويا: “رغم أنني نشأت في منزل مسيحي، فإنني وقعت في حب الإسلام، وصارحت جدتي التي كنت أعيش معها بذلك، فقلت لها إنني أدرس الإسلام وكيفية أداء الصلوات الخمسة في اليوم والصيام وأقوم بهم”، فردت علي جدتي: حسنًا جورج، الله هو الله، ولا يهم بأي طريقة تعبده، لذلك حفزني رد جدتي على تكملة المشوار الذي بدأته مع الإسلام، إذ إعتنقت الإسلام عام 1989 واخترت اسم عثمان ليكون اسمي، وبعد وفاة جدتي عام 1999 رجعت للديانة المسيحية مرة أخرى”.
“جورج ويا” ودوره الإنساني في إفريقيا
رفض ويا اللعب مع منتخب الكاميرون رغم أنه كانت لديه الفرصة، ولكنه ظل متمسكًا ببلده التي كانت تشهد حروبًا أهلية حينذاك، إذ كان يسعى دائمًا للصعود ببلده الصغير والعمل على تكوين منتخب قوي لبلده، يمثلها في المحافل الدولية ويرفع علمها أمام أعين العالم أجمع، وهو ما عمل على تحقيقه، وأصبح يتوج بلقب (ويسترن يونيون) بعد أن أنفق ملايين الدولارات لدعم منتخب بلده.
لم ينته الأمر هنا، فقد انخرط بالعمل الخيري في ليبيريا وإفريقيا، حتى لقبه نيلسون منديلا (بفخر إفريقيا) اعترافًا بإنسانيته ودوره الإنساني وإعجابًا بتعلقه ببلده ومساعدته لأطفالها الفقراء.
ليس هذا وحسب، فقد سجل ويا أغنية بصوته لحث المجتمعات الإفريقية على مواجهة ومكافحة فيروس “إيبولا” الذي لم يكتشف له علاج حتى الآن والذي تسبب في وفاة الآلاف بغرب إفريقيا، وكانت ليبيريا قد أُعلنت دولة خالية من فيروس إيبولا في سبتمبر/أيلول الماضي بعد أن فتك المرض القاتل بنحو 4800 شخص.
فهل سينجح لاعب كرة القدم المخضرم في الوصول لسدة الحكم وإدارة البلاد؟