بعد انتقادات وتحذيرات سابقة طالت الطبقة السياسية والأحزاب والإدارة، التي حمّلها الجزء الأوفر من مسؤولية تردي الأوضاع وفشل مجموعة من المشاريع في المملكة، عاد الملك المغربي مجددًا لتحذير الحكومة والمعارضة وأعضاء البرلمان من زلزال سياسي مرتقب بالنظر إلى ما رصده من اختلالات وأخطاء في تدبير وتنفيذ مشاريع تنموية بعدد من مناطق البلاد.
زلزال سياسي مرتقب
حديث الملك عن زلزال سياسي خلال افتتاحه الدورة البرلمانية الخريفية مساء الجمعة الماضي يقصد به، حسب خبير الدستور والمتخصص في الشؤون البرلمانية والحزبية رشيد لزرق، أن التغيير سيكون شموليًا، بما في ذلك التحقيقات بخصوص ملف الحسيمة منارة المتوسط، والتحقيقات التي تهم المجالس والجهات، وهي المهمة التي سيتولاها المجلس الأعلى للحسابات على مستويين، الأفقي تهم الحكومة والعمودي المجالس الترابية.
محمد السادس: “الوضع اليوم أصبح يفرض المزيد من الصرامة للقطع مع التهاون والتلاعب بمصالح المواطنين”
وأضاف لزرق في حديثه لنون بوست “الخطاب يؤكد على أن التحقيق في ملف الحسيمة، الذي أدى إلى مظاهرات واحتجاجات واعتقالات، سيسير إلى منتهاه وستسقط عقبه رؤوس كبيرة، إعمالًا وحرصًا من رأس الهرم السياسي على إعمال دولة القانون، فالملك يؤسس من خلال هذا الخطاب لزلزال سياسي يزيح القيادات الشعبوية ويحضّر لمرحلة الإعمال الصارم للقانون، في إشارة منه إلى أن بعض زعماء الأحزاب بات لازمًا عليهم مغادرة المشهد، على غرار ما قام به إلياس العماري أمين عام الأصالة والمعاصرة، وإزاحة حميد شباط من قيادة حزب الاستقلال، في انتظار دور عبد الإله بنكيران زعيم العدالة والتنمية، وإدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، ونبيل بنعبد الله آمين عام التقدم و الاشتراكية، ومحند العنصر آمين عام الحركة الشعبية”.
وقال الملك في خطابه إنه لا ينتقد من أجل النقد، ثم يترك الأمور على حالها، بل يريد معالجة الأوضاع وتصحيح الأخطاء وتقويم الاختلالات، واصفًا بعد ذلك ما يعتزم القيام به من قرارات بكونها “مقاربة ناجعة لمسيرة من نوع جديد”، وبأنه من صميم صلاحياته الدستورية إعطاء العبرة لكل من يتحمل المسؤولية في تدبير الشأن العام، وأوضح العاهل المغربي أنه بصفته الضامن لدولة القانون والساهر على احترامه وأول من يطبقه “فإننا لم نتردد يومًا في محاسبة كل من ثبت في حقه أي تقصير في القيام بمسؤوليته المهنية أو الوطنية”، بيد أنه شدد على القول: “إن الوضع اليوم أصبح يفرض المزيد من الصرامة للقطع مع التهاون والتلاعب بمصالح المواطنين”.
وأكد لزرق أن خطاب الملك يأتي كترجمة لخطاب العرش الذي كان على الأحزاب جميعها التفاعل معه، عبر عقد مؤتمرات استثنائية أو تسريع المؤتمرات العادية، وهو الشيء الذي لم يحصل سوى في حزب الاستقلال الذي حسم في تاريخ المؤتمر بعد تعطل كبير نتج عنه حرمانه من الدعم العمومي.
ويرى خبير الدستور والمتخصص في الشؤون البرلمانية والحزبية رشيد لزرق أن الهيئات السياسية التي تعبر عن تفاعلها مع الخطاب الملكي يستوجب عليها عقد مؤتمرات استثنائية وليس الترحيب بالكلام دون فعل، مؤكدًا على أن هذا الخطاب يؤسس لمرحلة القطع مع التراخي عبر تأويل صارم لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وتنزيل الجهوية وفق جدول زمنيحالة الاستثناء
الحديث عن زلزال سياسي مرتقب، أرجع الحديث عن احتمال إعمال الفصل 51 من الدستور في حل البرلمان، أو الفصل 59 الذي ينص على إعمال حالة الاستثناء ويبقى احتمال إعمال حالة الاستثناء الاحتمال الأقرب حسب رشيد لزرق، على اعتبار أن الوضعية الاقتصادية لا تحتمل إعادة الانتخابات، كما أن إعادة الانتخابات من شأنها أن تفرز نفس الخارطة السياسية