صرح حسين الشيخ عضو اللجنة المركزية لحركة فتح أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقع على قرار بفتح التجنيد للانتساب للأجهزة الأمنية في قطاع غزة، وذلك بعد انتهاء اجتماع اللجنة المركزية الذي عقد في رام الله 16-10-2017.
التصريح أثار موجة من الجدل في الأوساط السياسية، فمنهم من اعتبر القرار بداية عصر جديد للسلطة في التعامل مع غزة ومحاولة فرض سيطرتها الأمنية عبر التجنيد الجديد، ومنهم من اعتبره مماطلة ومقدمة لرفض السلطة دمج موظفي حماس في الأجهزة الأمنية وتأجيل حل ملف الموظفين.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة حسام الدجني قال لـ”نون بوست” إن “قرار التجنيد يتعارض مع تصريحات السلطة عن العجز المالي والأزمة المالية التي تمر بها، كذلك يتناقض مع ما اتفق عليه في المصالحة، إذ إن فتح باب التوظيف بشكل عام من مهام اللجنة الإدارية والقانونية التي أفرزها اتفاق القاهرة الأخير، والتي ستقدر حاجة غزة لموظفين جدد”.
وأشار الدجني إلى أن القرار قد يكون لخلط الأوراق الداخلية قبل بحث الملف الأمني تمهيدًا لمجرزة تقاعد في الأجهزة الأمنية ستطال موظفين من حماس وفتح. وأضاف الدجني: “طالما حماس ستدمج عناصرها في أجهزة أمن السلطة فذلك لا يمنع بدخول عناصر جدد منها للتجنيد، مما يتيح لجيل جديد غير منتمٍ بالصورة التقليدية للفصائل”.
وأكد عدنان الضميري المتحدث باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، أن فتح باب التجنيد لأهالي قطاع غزة، يأتي في إطار إعادة هيكلة قوى الأمن، وهو قرار سابق وليس بجديد، لكن الرئيس أعلنه مؤخرًا للبدء في تنفيذه.
حركة حماس تخشى من فقدان أتباعها وجماهيرها حين العمل في الأجهزة الأمنية، فالجدير ذكره تاريخيًا أن الحركة رفضت المشاركة في الأجهزة الأمنية ومنعت أبناءها من الدخول مع بداية قدوم السلطة الفلسطينية عام 1994
وعما نُشر عن أن التجنيد سيكون لعناصر عينتهم حركة حماس خلال حكمها لقطاع غزة، نفى الضميري ذلك جملة وتفصيلًا، مؤكدًا أن القيادة تتطلع إلى الجندي كمواطن فلسطيني، ليس مرتبطًا بفصيل سياسي أو بقضايا حزبية.
وقال موسى أبو مرزوق القيادي البارز في حركة حماس، في تغريدة له على موقع تويتر، إن تصريحات عدد من مسؤولي السلطة في شأن ملفات المصالحة المختلفة “لا تبشر بالخير”.
أما مدير مركز الدراسات الإقليمية في فلسطين أيمن الرفاتي قال لـ”نون بوست”: “أعتقد أن الهدف من قرار فتح باب التجنيد للأجهزة الأمنية استفزاز حماس لتقول إن هذا شيء غير متفق عليه في القاهرة، وبالتالي تدخل حماس حلبة إعلان الرفض لمقترحات الرئيس عباس، ثم يبدأ مسلسل المناكفة من جديد الذي سيعكر أجواء المصالحة”.
ودعا الرفاتي قيادة حماس لاستسهال الأمر، واعتبار القرار وظائف جديدة لشباب حماس، مضيفًا: “لتدعو حماس أبناءها للتسجيل في التجنيد الجديد”.
لكن حركة حماس تخشى من فقدان أتباعها وجماهيرها، حين العمل في الأجهزة الأمنية فالجدير ذكره تاريخيًا أن الحركة رفضت المشاركة في الأجهزة الأمنية ومنعت أبناءها من الدخول مع بداية قدوم السلطة الفلسطينية عام 1994، في الوقت الذي عرض عليهم الرئيس الراحل أبو عمار الدخول في مؤسسات السلطة، وبررت ذلك برفضها لكل ما ينتج عن اتفاق أوسلو، متخوفة ضياع أبنائها في الأجهزة الأمنية الفلسطينية وتغير عقيدتهم الأمنية والسياسية.
وما أثار حفيظة الرأي العام خصوصًا وسائل التواصل الاجتماعي أن القرار جاء في ظل تعطيل حل ملف موظفي غزة، وتصريح وزير المالية والتخطيط الفلسطيني شكري بشارة في 23-9-2017 قائلاً: “الحكومة الفلسطينية بها تضخم وظيفي كبير ومن الصعب حاليًا إدراج 40 أو 50 ألف موظف جديد ضمن سلم رواتب الموظفين، الأمر يحتاج إلى سنوات طويلة من الدراسة وأنا أقترح إنشاء صناديق خاصة بموظفي غزة الجدد بعيداً عن موازنة السلطة”.
بلغ معدل البطالة بين الخريجين الشباب 53% خلال الربع الأول من عام 2017
ورأي الكاتب والصحفي نضال عسقول أن “خطوة عباس بفتح باب التجنيد تاتي لتضييق الخناق على خيارات حماس وترك ملف موظفيها بلا سقف لحل نهائي”. وقال عسقول لـ”نون بوست” إن “قرار التجنيد جاء لتكديس أعداد المنتسبين للأجهزة الأمنية في غزة وخلق قوة موازية لقوة حماس الأمنية، وحتى لو حاولت حماس الالتفاف على قرار عباس ستجد أن المطلوبين للعمل يخضعون لانتقاء أمني بمعنى ألا يكونوا تابعين لحماس”.
وأضاف عسقول: “عباس لا يريد الحل للمشاكل العالقة، بل يخلق الذرائع لكسب الوقت، وعدم رفعه العقوبات عن غزة فور توقيع المصالحة يعني أنه غير معني عمليًا في غزة، والموافقة على المصالحة مجرد خطوة جاءت تحت الضغط الدولي لتمرير صفقة سياسية بعد توقف المسيرة التفاوضية بحجة أن عباس لا يسيطر على غزة”.
ونتيجة ارتفاع البطالة بين الخريجين الشباب التي بلغت نسبتها من الفئة العمرية 15-29 سنة نحو 40% وفق معطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، في حين بلغ معدل البطالة بين الخريجين الشباب 53% خلال الربع الأول من عام 2017، وهو ما يزيد الإقبال على قرار الرئيس بفتح باب التجنيد لاحتواء 5000 عنصر أمن جديد في غزة، يعمل وفق الرؤية الأمنية والسياسية التابعة للسلطة الفلسطينية والأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، وهو ما يخالف رؤية حماس الأمنية والسياسية، أو إبقاء ملف الموظفين التابعين لحماس معلقًا دون حل.