تصدر “جيش سوريا الحرة” المدعوم أمريكيًا والذي ينتشر في منطقة “التنف/55 كلم” عند المثلث الحدودي السوري- الأردني- العراقي الاهتمامات في الساحة السورية مؤخرًا، بسبب تطورات عديدة، منها التغييرات التي أجراها “التحالف الدولي” بقيادة واشنطن في رأس هرم الفصيل، مرورًا بزيادة الهجمات بالمسيّرات التي تتعرض لها المنطقة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، والأنباء عن احتمالية انسحاب الولايات المتحدة من سوريا، وصولاً إلى تهريب المخدرات (الكبتاغون) من المنطقة نحو الأردن.
في هذا الإطار وصف المقدم سالم العنتري القائد الجديد لـ”جيش سوريا الحرة” الذي تسلم قيادة الفصيل خلفًا للعقيد فريد القاسم في شباط/فبراير الماضي، التغييرات في قيادة الفصيل بـ”الروتينية”، مؤكداً على قوة “الشراكة” بين فصيله و”التحالف الدولي” الذي تقوده الولايات المتحدة.
ونفى في حوار خاص لـ”نون بوست”، وجود أي نقاشات أو أفكار بخصوص انسحاب الجيش الأمريكي من سوريا، وذلك على خلفية التقارير التي رجحت ذلك، وخاصة بعد زيادة الهجمات ضد القواعد الأمريكية في سوريا منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة.
من جانب آخر أشاد العنتري، بجهود فصيله في مكافحة تهريب المخدرات، مؤكداً على عدم وجود أي تنسيق بهذا الجانب مع الأردن.
وفي سياق تقييمه للوضع الإنساني في مخيم الركبان، حمل قائد “جيش سوريا الحرة” النظام الذي يحاصر منطقة التنف مسؤولية تردي الوضع المعيشي، معتبراً أن “المساعدات التي تقدمها المنظمات لسكان المخيم “جيدة لكنها غير كافية”.
تولى المقدم سالم العنتري، المنشق عن جيش النظام السوري، قيادة جيش سوريا الحرة في فبراير/ شباط الماضي، خلفًا للعقيد فريد القاسم. انشق العنتري بعيد اندلاع الثورة السورية عام 2011، ونشط في مجال الاستشارة والتوعية بقوانين الحروب والقانون الدولي الإنساني.
وبعد ظهور تنظيم الدولة، انخرط العنتري في قتال التنظيم، وفي عام 2016 شارك العنتري في معارك ضد التنظيم في البادية السورية انطلاقًا من الحدود الأردنية، وتولى مهام قيادية بالشراكة مع التحالف الدولي لقتال التنظيم عام 2017.
وتاليًا نصّ الحوار الكامل:
1- المقدم سالم العنتري، ما هي أولوياتكم في جيش سوريا الحرة بعد تسلّمكم قيادته مؤخرًا؟ وما أسباب التغييرات المتكررة في قيادات الفصيل؟
أولويات الجيش هي محاربة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، ومنع عودة التنظيم الإرهابي إلى منطقة التنف (المنطقة 55)، ومحاربة الأنشطة غير المشروعة، وعلى رأسها مكافحة تجارة المخدرات، وألّا تكون المنطقة نقطة عبور لشحنات المخدرات، والمساهمة في الحفاظ على أمن دول الجوار.
ميدانيًّا، نولي تدريب جنودنا أهمية كبيرة، للوصول بالفصيل إلى جيش محترف يكون شريكًا حقيقيًّا للتحالف الدولي في حرب تنظيم الدولة، واستمرار هزيمته.
أما عن التغييرات القيادية، فنحن في الجيش شركاء التحالف، وعلاقتنا قائمة على التشاور والتشاركية في القرار، ومن هنا يمكن وصف التغييرات في القيادات بالقرار الروتيني والطبيعي، وفي العادة يتم إجراء تغيير وفق مقتضيات المهمة والواقع العسكري.
2- ما صلة الولايات المتحدة، المتمثلة بقيادات التحالف الدولي، بالتغيرات في قيادة الجيش؟ وهل ثمة خلافات بين الجيش وواشنطن؟
ذكرنا أن الإجراء روتيني، أما عن الخلافات فأسلفتُ أن الجيش شريك التحالف الدولي.
3- فيما يخصّ قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، هل أنتم على تواصل مع القيادة باعتبار أن الجهة الداعمة لكما هي واحدة؟
الجيش منفتح على التواصل مع أي جسم وطني لمحاربة تنظيم الدولة، وإنهاء الإرهاب في جميع أنحاء سوريا. لم نغلق الباب بوجه أي طرف سوري وطني.
لكن لم يحدث للآن أي تواصل مباشر مع “قسد”، بسبب طبيعة الظروف العسكرية والجغرافيا الحالية، ورغم ذلك نؤكد انفتاحنا على الجميع، دون أي شروط مسبقة، ولكن مع الأخذ بالاعتبار بأن يكون هدف الطرف الآخر إنشاء سوريا المستقبل المزدهرة.
4- بعد التطورات الأخيرة التي تشهدها المنطقة، وتحديدًا بعد الحرب في غزة، هل تراجع مستوى الدعم الأمريكي للجيش؟
لا صلة للحرب في غزة بالدعم العسكري الذي يقدمه التحالف لنا، التدريبات المشتركة والدعم مستمرّان في سبيل حماية المنطقة ومنع عودة “داعش”.
5- ثمة قراءات ترجّح انسحابًا أمريكيًّا من سوريا، في حال حدث ذلك ما مصير جيش سوريا الحرة؟ ما تصوراتكم لهذه المرحلة؟
وجودنا في المنطقة على أساس الشراكة مع التحالف الدولي، وأي قرار سيتم نقاشه على مستوى القيادة. وأنوّه هنا إلى أنه لم يتم طرح أي أفكار بخصوص الانسحاب الأمريكي من سوريا حتى الآن.
6- مؤخرًا، تصاعدت وتيرة هجمات المليشيات الإيرانية وقوات النظام وروسيا ضد منطقة التنف، ما وراء هذه الاستهدافات؟
بسبب الأهمية الاستراتيجية لموقع منطقة التنف، ومعسكرات جيش سوريا الحرة، لكن ما أستطيع تأكيده أن كل الاستهدافات من خارج المنطقة كانت تركّز على عائلات عناصر الجيش، أي العنصر المدني، وكذلك على القاطنين في مخيم الركبان.
أما عن الهدف، يمكن القول إنه ينحصر بزعزعة استقرار المنطقة، وإحداث فوضى عارمة.
7- يبدو أن منطقة التنف تحوّلت إلى منطقة عبور للمخدرات نحو الأردن، بدلالة مصادرة أكثر من شحنة في المنطقة كانت في طريقها للتهريب نحو الأردن، فمن يقف وراء ذلك؟ وهل يوجد شبكات تتعاون مع المهرّبين وتجّار المخدرات؟
من خلال تتبُّع انخفاض وتيرة تهريب الشحنات، يتبيّن أن عمليات جيش سوريا الحرة الدائمة والمتواصلة قد نجحت، بحيث كان لدوريات المتابعة التابعة للجيش الدور الكبير في إفشال العديد من محاولات التهريب.
ونؤكد في الجيش على حرصنا على إنهاء هذا النشاط غير المشروع بالمطلق، وهدفنا حماية الأشقاء في دول الجوار من هذه السموم.
8- هل تنسّقون مع الأردن بخصوص مكافحة المخدرات؟ وبحسب تقديركم، هل من شأن خلية الاتصال التي أعلن الأردن (لبنان، النظام السوري، العراق، الأردن) قبل أيام عن تشكيلها الحد من تدفق المخدرات؟
بخصوص الخلية لا علم لنا بها في الجيش، أما عن التنسيق مع الأردن، فالأخير له حدود مع منطقتنا، ومن واجبنا حمايتها ومنع عمليات تهريب المخدرات والأسلحة، لكن لا يوجد أي عمل مشترك مع الأردن.
9- ما تقييم الوضع الإنساني والمعيشي في مخيم الركبان؟ ومن يتحمل مسؤولية ذلك؟ وما هي مساهمتكم في المخيم؟
المسؤولية تقع أولًا على عاتق الطرف الذي يحاصر المنطقة من الخارج، بطبيعة الحال إن الحصار الذي يفرضه النظام على المنطقة هو السبب الرئيسي في تردّي الوضع المعيشي لسكان المخيم.
في الجيش نحن ندعم استقرار وأمان المنطقة، ونرسل رسائل للمنظمات المانحة بأن المنطقة آمنة وجاهزة لاستقبال أي نشاط إنساني ينهي، أو يحدّ على الأقل، معاناة المدنيين في هذه المنطقة الصحراوية المعزولة والمحاصرة.
10- هل المساعدات التي تصل إلى المخيم كافية؟ ولماذا لا نشاهد زيادة في تدفقها واستمرارية في وصولها؟
الدعم الذي يصل المنطقة يقدَّم من منظمات غير حكومية، مثل المنظمة السورية للطوارئ وغلوبال جستس، وفق قوانين وأنظمة معيّنة، وهو دعم يمكن وصفه بـ”الجيد”، لكنه مع ذلك لا يتناسب مع حجم معاناة أهالي الركبان، حيث ثمة شروط لا تلبّي استمرارية الدعم.