الأحد الماضي، انطلقت السنة الدراسية الجديدة في ليبيا بجميع مراحلها التعليمية، سنة دراسية جديدة كان من المفترض أن تبدأ مطلع سبتمبر/أيلول الماضي، لم تحمل معها سوى معاناة متواصلة للتلاميذ في ظل العنف والفوضى التي تعيش على وقعها البلاد منذ أكثر من 6 سنوات، وزاد من حدّتها الإضراب الذي ينفذه المعلمون في مناطق مختلفة من ليبيا، تلبية لدعوة نقابتهم للمطالبة بزيادة الأجور وإقرار التأمين الصحي.
مدارس منهارة
بعد تأجيل دام شهر ونصف الشهر، توجه تلاميذ ليبيا، لبدء عام دراسي جديد، فوجدوا مدارس مدمّرة نتيجة ما تركته الحرب التي تشهدها مدن البلاد منذ عدة سنوات من أضرار كبيرة بالبنية التحتية، وهو واقع عزّز مخاوف العائلات من ضياع مستقبل أبنائهم في ظل عدم وجود بوادر إيجابية لإعادة إعمار المدرسة.
خلال هذه السنة تأخّر انطلاق الموسم الدراسي لأكثر من شهر نتيجة أعمال الصيانة المفترضة في المدارس في عديد من المناطق من البلاد
ففي سرت فقط، وقع تدمير 65 مدرسة خلال الحرب التي دارت هناك، سواء خلال الثورة ضد نظام معمر القذافي أو الحرب على تنظيم داعش، من بينها 25 مدرسة تحتاج إلى صيانة كاملة، حسب إحصائيات رسمية، وهو ما اضطر العديد من العائلات إلى ترك المدينة والتنقل إلى مناطق أخرى من أجل تدريس أبنائها، أما البعض الآخر فقد اضطر إلى التعلم في مدارس لا تتوفر فيها أدنى الاحتياجات والمقومات اللازمة.
ويرجع تلاميذ ليبيا سبب الحالة التي وجدوا عليها مدارسهم إلى تواصل العنف والفوضى في البلاد والتي عاثت فيها فسادًا، بالإضافة إلى تخاذل السلطات وانشغالها بالصراعات السياسية والتنافس على السلطة، مما أبقى الوضع على حاله رغم تقدّم الوقت والأضرار التي لحقت بالتلاميذ الذين يدرسون في بيئة دراسية سيئة.
وخلال هذه السنة تأخّر انطلاق الموسم الدراسي لأكثر من شهر نتيجة أعمال الصيانة المفترضة في المدارس في عديد المناطق من البلاد، بالإضافة إلى أسباب لوجستية أخرى تتعلق بتأخر وصول الكتاب المدرسي، وهو ما جعل الافتتاح يتأخر شهرًا ونصف الشهر، إذ ستستقبل المدارس التلاميذ غدًا الأحد بعد اتفاق إدارتي طرابلس والشرق.
مدرسة مدمرة في سرت
وفي أغسطس الماضي، كشفت دراسة قامت بها منظمة اليونيسف وبالشراكة مع المركز الوطني لمكافحة الأمراض في ليبيا عدم كفاية وسوء نوعية مياه الشرب ومرافق الصرف الصحي في 54% من المدارس التي تم تقييمها في غرب وشرق وجنوب ليبيا، مما يعرض الطلبة لخطر المشاكل الصحية، ولا سيما الأمراض المنقولة عن طريق المياه، ومطلع سبتمبر الماضي أعلنت وزارة التعليم بحكومة الوفاق الوطني التي تتخذ طرابلس مقرًا لها، توزيع ما يزيد على 7 مليون دينار ليبي من ميزانية الطوارئ لصالح دعم وتهيئة المدارس لاستقبال العام الدراسي الجديد 2017/2018، غير أن هذا المبلغ لم يكن كافيًا لترميم ما خلفته الحرب.
تواصل إضراب المعلمين
معاناة تلاميذ ليبيا لا تتوقف هنا، فمع أوضاع المدارس المتردية، وجد التلميذ نفسه في أقسام دون معلمين، نظرًا للإضراب الذي يشنه المعلمين، تلبية لدعوة نقابتهم مع بدء العام الدراسي الجديد، مع التأكيد على عدم التراجع عن الإضراب حتى تحقيق المطالب كاملة، وأبرزها زيادة الأجور وإقرار التأمين الصحي والحماية للمعلمين.
مقدار الزيادات في رواتب المعلمين يصل إلى نحو 683.4 مليون دينار (500 مليون دولار) سنويًا
ويشكو المعلمون الذين يشكلون أكبر كتلة من الموظفين في البلاد بما يفوق 500 ألف معلم، من تأخر الرواتب لأكثر من شهرين شأن باقي موظفي ليبيا البالغ إجمالي عددهم 1.5 مليون موظف، ويبلغ الحد الأدنى لأجور المعلمين وفق البيانات الرسمية نحو 550 دينارًا (400 دولار)، وبحسب تقارير صادرة عن البنك المركزي الليبي فإنّ ليبيا تنفق نحو خمسة مليارات دولار على رواتب موظفي قطاع التعليم، وقد أشار البنك إلى تزايد التعيينات العشوائية للمدرسين في بعض المدن.
يطالب المعلمن بالزيادة في الأجور
ورغم العلاوات التي أعلنت عنها حكومة الوفاق، لفائدة المعلمين في خطوة استباقية قبل بدء الإضراب وتعطيل الدراسة مع انطلاق العام الدراسي الجديد، فإن المعلمين يصرّون على مواصلة إضرابهم عن العمل لحين الاستجابة لمطالبهم، وأعلن وزير التعليم بالحكومة عثمان عبد الجيل، في مؤتمر صحافي الخميس قبل الماضي، أنه أصدر سبعة قرارات من شأنها حل أزمة المعلمين، من بينها علاوة على الحصة الدراسية لكل معلم وصرف مكافآت شهرية لمدراء المدارس، بالإضافة لتوفير تأمين صحي للعاملين في قطاع التعليم، وأوضح الوزير أن مقدار الزيادات في رواتب المعلمين يصل إلى نحو 683.4 مليون دينار (500 مليون دولار) سنويا، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعانيها الدولة.