ترجمة وتحرير: نون بوست
على الرغم من أنه لم يتم العثور على جزيرة أطلانطس الأسطورية إلى حد الآن، إلا أن علماء الآثار تمكنوا من اكتشاف بقايا مدن أخرى تعود لشعوب قديمة. وتقبع بقايا هذه المدن في الأعماق منذ سنوات، مما يحل إلى أنها، ومن دون أدنى شك، مليئة بالألغاز والأسرار.
إعادة إعمار مدينة تحت الماء
من بين جميع المدن الأسطورية المستقرة تحت الماء، تعد جزيرة أطلانطس من أكثر الأماكن التي لطالما حفّزت خيال الفلاسفة والعلماء والباحثين عن الكنوز. وقد تم التطرق لجزيرة أطلانطس لأول مرة في محاورات أفلاطون الشهيرة، وتحديدا محاورة “طيماوس” ومحاورة “كريتياس”. لكن وعلى الرغم من عدم اكتمال محاورة كريتياس، نجح الفيلسوف العظيم في تقديم جملة من المعلومات الجديدة حول هذا العالم الذي انتهى به المطاف في عمق المحيطات.
في الأثناء، عمد العديد من الكتاب الكلاسيكيين الآخرين على غرار المؤرخ ديودورس الصقلي، وبلينيوس الأكبر والفيلسوف فلوطرخس على توظيف أسطورة جزيرة أطلانطس في كتاباتهم. وبداية من القرن الخامس، اكتسبت جزيرة أطلانتس بعدا وصورة مختلفة على اعتبارها أسطورة تنطوي على “دلالات حول الحقائق الأبدية” التي تحيل إلى بعض “المعاني الخفية”، وذلك وفقا لم ورد في أحد تعليقات الفيلسوف الأفلاطوني برقلس، أبرز الفلاسفة الذين يمثلون المدرسة الأفلاطونية المحدثة في أثينا.
حقيقة تاريخية أم أسطورة؟
بفضل عثور العلماء على بعض المدن المغمورة في أعماق البحار والمحيطات منذ عصور، تجدد الأمل بشأن العثور في يوم من الأيام على جزيرة أطلس أو أطلانطس. وقد بات إيجاد هذه الجزيرة محتملا وذلك وفقا لما أظهرته النظريات الجديدة التي أنتجها المجتمع العلمي حول اختفاء هذه الجزيرة الأسطورية. وفي ظل الكوارث الطبيعية التي شهدها هذا الكوكب أو بعض الأعمال التي تسبب فيها الإنسان على الأرض، تعتبر هذه المواقع الأثرية الطريقة الأمثل لملء بعض ثغرات الماضي والكشف عن العديد من الحقائق التي استحوذ عليها البحر لنفسه.
مدينة خليج كمبات
في شهر أيار/مايو 2001، أعلنت الحكومة الهندية عن اكتشاف أنقاض حضارة قديمة بالقرب من ساحل مدينة كجرات على عمق حوالي 40 مترا تحت الماء. ويتكون هذا الموقع من مناطق وهياكل منفصلة بشكل منتظم تضم منازل، وحظيرة، ومنطقة الاستحمام، وقلعة وحتى نظام الصرف الصحي. في الواقع، يعود تاريخ تشييد هذه المدينة إلى ما بين سنتي 7.545 و7.490 قبل الميلاد، وذلك وفقا لما وقع اكتشافه من خلال تقنية التأريخ بالكربون ـ 14 المشع، الذي يستخدم لتقدير عمر المواد العضوية، على غرار قطعة من الخشب.
من جهة أخرى، يرتبط هذا الاكتشاف بمدينة دواركا، المدينة الهندوسية، واليهودية والبوذية المقدسة التي تم تأسيسها على يد الإله كريشنا. ووفقا لما ورد في الأسطورة، كان الإله كريشنا يمتلك مدينة جميلة، مكونة من 70 ألف قصر، كلها مصنوعة من الذهب والفضة والمعادن الثمينة. وقد انتهى بها المطاف في قعر البحر بعد وفاة هذا الإله.
تضم مدينة هرقليون أكبر المعابد والقصور التي بنيت من قبل المصريين
معبد بحيرة تيتيكاكا
في الغالب، تخفي المحيطات العديد من الأسرار، لكن يمكن أيضا العثور على المدن الضائعة في أعماق كتل المياه العذبة. ويرتبط ذلك ببعض الأماكن التي شيدتها بعض الثقافات والحضارات الأخرى. وفي الواقع، تخفي بحيرة تيتيكاكا، التي تعتبر أكثر البحيرات علوا في العالم، حيث تقع على ارتفاع أكثر من 3.800 متر فوق سطح البحر، على أنقاض معبد تم العثور عليها منذ سنة 2000، من قبل بعثة علمية بقيادة العالم الإيطالي لورينزو إيبيس.
في الحقيقة، يقدر طول بقايا هذا المعبد بضعف طول ملعب لكرة القدم. ويُعتقد أن تاريخ تشييد هذا المعبد يعود إلى ما بين سنتي 1500 قبل المسيح وسنة 1000 من عصرنا الحالي. وينسب هذا إلى حضارة تيواناكو، التي جاءت قبل حضارة الإنكا. وقد أشار بعض الخبراء إلى أن هذه الحضارة تعتبر الجذور الأصلية للحضارة الأمريكية.
المدينة الغارقة في الإسكندرية
تعود جذور أسطورة هذه المدينة إلى القرن الثاني عشر قبل ميلاد المسيح. وقد شهدت هذه المدينة أوجها خلال الفترة الأخيرة من عصر الفراعنة، إبان تحولها إلى ميناء رئيسي، الذي كان يمثل النقطة التجارية الرئيسية لحركة الملاحة البحرية الدولية وجمع الضرائب في مصر، في القرن السادس. وقد عرف هذا المكان بالنسبة للإغريق باسم مدينة هرقليون، في حين يطلق عليه المصريون اسم طونيس. عموما، تقع هذه المدينة القديمة بالقرب من مدينة الإسكندرية الحالية، حيث تم العثور على أنقاضها على عمق 30 متر تحت المياه.
والجدير بالذكر أن هذه المدينة قد غرقت بين سنتي 2 و3 قبل الميلاد، وتم تحديد مكان وجود أنقاضها من طرف عالم الآثار الفرنسي، فرانك غوديو في سنة 2000. وقد أوضح العالم الفرنسي أن غرق هذه المدينة يعزى إلى ظاهرة تسيّل التربة التي بنيت فوقها، الأمر الذي انجرّ بدوره عن زلزال شديد التأثير، مما جعل التربة غير قادرة على تحمل الوزن الهائل للمعبد والمباني الفخمة. وتعتبر القصور وأماكن العبادة التي عثر عليها غوديو وفريقه في المياه المظلمة والملوثة في خليج أبي قير، من أكبر المباني التي بنيت في مصر على الإطلاق.
بورت رويال، جامايكا
تأسست هذه المدينة خلال سنة 1656، وكانت مقر الحكومة البريطانية في جزيرة جامايكا. لكن زلزالا مدمّرا فضلا عن تسونامي، ضربا المدينة، مما أدى في نهاية المطاف إلى غرقها بعد 36 سنة. وقد اشتهرت هذه المدينة بكونها المكان المثالي لتجمع القراصنة، حيث عرفت بسمعتها السيئة، نظرا لأنها مركز لكل ما هو مشين ومباح من طرف النساء والرجال على حد السواء. ومن المفارقات أن هذه الكارثة الطبيعية، التي اعتبرها البعض بمثابة رسالة إلهية، لم تخلف دمارا كبيرا في المدينة. وبالتالي، تمكن علماء الآثار من الغواصين من العثور والبحث في تاريخ بقايا هذه المدينة، التي لا تزال في حالة جيدة.
بورت رويال
مدينة بافلوبيتري
تقع مدينة بافلوبيتري في الطرف الجنوبي الشرقي من شبه جزيرة بيلوبونيز. وتعود آثار هذه المدينة إلى الفترة المينوسية، وتحديدا إلى الفترة بين سنتي 1600 و1100 قبل الميلاد. وقد وقع اكتشاف هذه المدينة من قبل فريق من علماء الآثار في جامعة كامبريدج، الذين قاموا بدورهم بتخطيط جغرافية المدينة وشوارعها، ومبانيها وحتى مقابرها. وعلى الرغم من حماية هذه المدينة من طرف اليونسكو، إلا أنها تواجه في الوقت الراهن خطرا وتهديدا كبيرا، بسبب القراصنة والصيادين والسياح والراغبين في الحصول على هدايا تذكارية من الموقع.
المصدر:صحيفة الكونفيدينسيال