على عكس الصورة النمطية عن الاقتصاد التركي في شهرته وبراعته في صناعة المنسوجات والحلويات، وهذا ليس خطأ فالأتراك لهم باع في تلك الصناعات بالفعل، ولكن على ما يبدو فتلك الصناعات وحدها لم تجعل من الاقتصاد التركي رقم 25 على مستوى العالم في قائمة الدول المُصدرة ولم تجعله أيضًا رقم 38 على مستوى العالم في الاقتصاديات المعقدة.
بلغت صادرات تركيا عام 2016 ما يقرب من 139 مليار دولار أمريكي، في حين بلغت قيمة الواردات ما يقرب من 188 مليار دولار، ليكون الناتج المحلي الإجمالي لتركيا عام 2016 نحو 857 مليار دولار بينما يكون الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد أكثر من 24 ألف دولار.
إذا جربت سؤال العامة عن نوعية صادرات تركيا، ستجد الإجابة تتراوح بين الملابس والمأكولات والحلويات، بل إن البعض سيُخبرك أن أشهر ما تُصدره تركيا هي الدراما في المسلسلات التركية، فهذه بالفعل الصورة النمطية للاقتصاد التركي، إلا أن تصدير الملابس والحلويات فقط لا يجعل من الاقتصاد اقتصادًا مُعقدًا بالمفهوم الاقتصادي، ولا يجعل الدولة تحتل المرتبة الـ25 دوليًا في الدول المُصدرة.
بلغت صادرات تركيا عام 2016 ما يقرب من 139 مليار دولار أمريكي، في حين بلغت قيمة الواردات ما يقرب من 188 مليار دولار
في الواقع، أولى صادرات تركيا هي السيارات والمركبات بمبلغ قُدر بأكثر من 8 مليارات دولار، يليها الذهب، فتركيا من أكثر الدول المصدرة للذهب في العالم، ومن ثم يليها تصدير شاحنات تسليم البضائع، ويأتي في المرتبة التي تليها تصدير قطع غيار السيارات والشاحنات، ومن ثم المجوهرات، حيث تُصدر تركيا مجوهرات بمبلغ يقارب 4 مليارات دولار.
إن كنت تستغرب ذلك، ربما ستثبته لك أكبر وأضخم 10 شركات في تركيا، والتي احتلت مرتبة في ترتيب “فوربس” (Forbes) لأضخم 2000 شركة عالمية حول العالم، حيث تحتل خمس شركات منها مراتب بين أول 500 شركة من بين أضخم الشركات حول العالم، إليكم تلك الشركات.
1- شركة كوتش القابضة
أكبر وأول شركة استثمار قابضة في الجمهورية التركية (Koç Holding)، أُسست عام 1926، لتصبح واحدة من أضخم الشركات ليس فقط في تركيا بل في أوروبا أيضًا، ومؤخرًا على مستوى دولي كذلك.
تشتهر شركة “كوتش” بعبارة مؤسسها وهبي كوتش التي تقول “تعيش الشركة ما دامت تعيش دولتنا تركيا”، كناية عن حلمه في خلود شركته وبقائها ناجحة لأطول وقت ممكن، بدأت الشركة مشوارها العالمي الناجح باكتسابها الحقوق التمثيلية للشركات الأجنبية مثل شركة “فورد” أو شركة “بترول ستاندرد” الأمريكية في تركيا، بعدها نجحت في إقناع العديد من الشركات الأمريكية الضخمة بفتح مصانع لها في تركيا مثل شركة GE وذلك في الخمسينيات من القرن الماضي.
بدأت شركة “كوتش” مشوارها في الخدمة المجتمعية كذلك، فكانت صاحبة الكثير من المدارس والمعاهد والجامعات في جميع محافظات تركيا، مثل الكثير من المراكز والمعاهد الطبية الخاصة بشركة كوتش في كثير من كليات الطب بالجامعات التركية، ومدارس كوتش التعليمية الخاصة، كما تبنت كوتش بناء الكثير من مساكن الطلاب في كثير من الجامعات الحكومية مثل سكن طلاب جامعة الشرق الأوسط في أنقرة، كما يكون للشركة إحدى أهم وأكبر الجامعات الخاصة في إسطنبول، جامعة كوتش.
أكبر وأول شركة استثمار قابضة في الجمهورية التركية (Koç Holding)، وأُسست عام 1926
قطعت الشركة أيضًا شوطًا مهمًا في الصناعة والإنتاج في كثير من المجالات، من الآلات والأجهزة الكهربائية إلى المعدات الإلكترونية والمنسوجات، كما كانت لها إسهامات ناجحة في المجال الزراعي وأنشأت العديد من المصانع للمنتجات الزراعية والغذائية.
أسست الشركة العديد من المكتبات العامة والمتاحف كجزء من برنامجها الثقافي التوعوي لتمنحها إلى البلدية في كل محافظة في تركيا، مثل مكتبة أتاتورك العامة بالقرب من ميدان تقسيم بإسطنبول.
2- شركة سابانجي القابضة
بحسب تعريف الموقع الرسمي للشركة (Sabancı Holding)، فإن شركة سابانجي القابضة هي الشركة الرائدة في المجال الصناعي التركي، كما تكون قلب صناعة التسوق في تركيا بمعاييرها العالمية، وتعزز الشركة رؤية الجمهورية التركية في الثقافة والتعليم من خلال مشاريع الشركة التثقيفية والتوعوية وأيضًا التعليمية عن طريق قنوات التعليم الخاصة بها.
تعمل الشركة على إضافة قيمة اقتصادية مهمة للاقتصاد التركي منذ حوالي 90 عامًا
حققت الشركة في أول ثلاثة شهور من عام 2017 مبيعات مربحة قُدرت بنحو 9 مليارات ليرة تركية وقُدرت أرباحها بمقدار 669 مليون ليرة تركية، وقد عقب على ذلك المدير التنفيذي للشركة محمد جوتشمين في أخبار الموقع الرسمي لشركة سابانجي، بأن الشركة ستستمر في العمل من أجل خدمة تركيا في المستقبل كما عهدتها تركيا في الماضي.
تعمل الشركة على إضافة قيمة اقتصادية مهمة للاقتصاد التركي منذ نحو 90 عامًا، ومن أهم مجالات استثمار الشركة مجال الطاقة، من خلال مشروع “إنيرجي سا” الذي تعد فيه الشركة باستثمار 1.5 مليار ليرة تركية إضافية في توزيع وإنتاج الطاقة عام 2017، وهو المشروع الذي يوفر الطاقة لكل فرد من بين أربعة أفراد في تركيا.
3- شركة توركسيل
شركة (Turkcell) هي إحدى الشركات المزودة لخدمات الاتصالات والتكنولوجيا في تركيا، تُقدم لعملائها خدمات ذات جودة عالية على كل من الهاتف المحمول والتليفزيون وشبكة الإنترنت، بدأت خدمات الهاتف النقال في تركيا مع بدء شركة توركسيل العمل، حيث تأسست عام 1994، وبعدها وقعت على عقد عمل مع وزارة الاتصالات التركية لمدة 25 عامًا، ومنذ ذلك الحين وهي تعمل على توفير خدماتها للعملاء بجودة عالية.
تم تداول أسهم شركة توركسل في البورصة التركية (بورصة إسطنبول) (BIST) وبورصة نيويورك منذ عام 2000، وهي الشركة التركية الوحيدة التي يتم تدوال أسهمها في سوق البورصة في نيويورك بحسب الموقع الرسمي لشركة توركسيل.
لا تقتصر خدمة توركسيل على الجمهورية التركية فحسب، فللعلامة التجارية توركسيل وجود في ألمانيا أيضًا منذ عام 2011، وفي قبرص التركية، وكذلك في أوكرانيا وبيلاروسيا منذ عام 2008.
4- شركة إنكا
هي أكبر شركة إنشاءات في تركيا ومسجلة ضمن شركات الهندسة والإنشاءات العالمية منذ عام 1982، حيث أسست الشركة ونفذت العديد من الطرقات السريعة في مدينة إسطنبول التركية، كما أسست العديد من المصانع الخاصة بالشركات الأجنبية في تركيا، مثل مصنع الشركة الأمريكية General Motors في تركيا.
نفذت الشركة العديد من المشاريع الناجحة في البنية التحتية في ألمانيا تحت إشراف الحكومة الألمانية والروسية
أسست الشركة ونفذت العديد من المشاريع المهمة في تركيا وخارج تركيا أيضًا، إذ كانت من أكثر الشركات المهمة في بناء المصانع في ليبيا في السبعينيات من القرن الماضي، كما نفذت مشاريع أخرى في السنوات التي تلت ذلك في العراق والأردن وألمانيا والسعودية وليبيا.
نفذت الشركة العديد من المشاريع الناجحة في البنية التحتية في ألمانيا تحت إشراف الحكومة الألمانية، كما بنت العديد من الطرق والمنشآت الحكومية في روسيا كذلك، وتمددت الشركة حديثًا بعدما بدأت بتنفيذ مشاريع خاصة بشركات تكرير النفط وشركات الغاز الطبيعي، ومشاريع محطات توليد الطاقة المركبة التي أتمته الشركة في أربيل، العراق عام 2015.
5- شركة تورباش
صورة لأحد معامل التكرير الخاصة بالشركة
تكون فلسفة الشركة “أنا موجود طالما كانت دولتي موجودة”
شعار شركة Tüpraş أن النمو والتقدم أعظم من الركود، وغدًا أعظم من اليوم، ولهذا فإن الشركة تجاهد لكي تحقق الحداثة في تركيا، حيث تعد الشركة رائدة من رواد المجال الصناعي في تركيا، وهي أكبر مؤسسة صناعية تركية في معامل التكرير، بداية من البنزين وحتى الديزل.
تعمل معامل تكرير الشركة في أربع محافظات تركية من بينها إزمير وباتمان، حيث تحتوي الأخيرة على أول معمل تكرير تركي بسعة تبلغ 1.1 مليون طن آنذاك، ومع استمرار عمل الشركة زادت سعة معامل التكرير إلى 11 مليون طن، لتكون الشركة أكبر محطة للمنتجات البترولية في تركيا.
تحول الشركة ما يقرب من 4 ملايين طن من المنتجات السوداء (البترولية) إلى 3.5 مليون طن من المنتجات البيضاء صديقة البيئة بمعايير أوروبية، حيث يعمل اثنان من معامل التكرير الخاصة بالشركة والسعة مكتملة، لتقوم الشركة بسد الاحتياجات المحلية والأوروبية، حيث تكون فلسفة الشركة “أنا موجود طالما كانت دولتي موجودة”.