لا شك أن جزءًا من نجاحات حزب العدالة والتنمية كانت بسبب نجاح بلدياته في تقديم خدمات كبيرة للمواطنين من خلال متابعة وتطوير المشاريع والمرافق والبنية تحتية ولا ننسى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد لمع نجمه بشكل كبير بعد نجاحه في رئاسة بلدية إسطنبول التي قام بنقلة نوعية فيها على مستويات عدة.
ولهذا فإن هذه التجربة كان لابد لها أن تبقى ناجحة كأحد روافد الدعم والتأييد للحزب. ولكن يبدو أن الأمور ربما لم تستمر كما أرادها مؤسس الحزب الرئيس رجب طيب أردوغان مما اقتضى البدء في عملية التغيير وضخ دماء جديدة وقد قدم أردوغان أحد تشخصيات الحالة في أحد خطاباته سواء حول رؤساء البلديات أو حول رؤساء أفرع حزب العدالة والتنمية في المدن الذين تم تغيير العديد منهم حيث قال أردوغان “إن الزملاء “الناجحين” ومنهم النواب ورؤساء البلديات ومسؤولو الحزب في المناطق سيكون باستطاعتهم البقاء في مناصبهم، لكن اولئك الذين يظهرون “التعب” و”الانهاك” عليهم أن يرحلوا.
ولما سبق فإن أحد أسباب التغيير أن هناك مجموعة من الذين يتقلدون المناصب في الحزب والبلديات أصبحوا عبئا على الحزب وبالتالي يشكلون بطئا في تحرك الحزب نحو الانتخابات القادمة والتي تعتبر نقطة فاصلة في تحقيق رؤية الحزب.
لقد شعرت قيادة حزب العدالة والتنمية بالخطر وهي تتابع نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 16 نيسان الماضي وخاصة في المدن الكبرى مثل أنقرة وأسطنبول وازمير وبالرغم من مرور التعديلات الدستورية إلا أن الأرقام سببت قلقا كبيرا لدى حزب العدالة والتنمية الذي دخل في مرحلة تقييم سريعة من أجل الاستعداد للانتخابات القادمة.وكان يريد أن يبتعد عن أرقام الحافة مثل نسبة 51.4% التي حصل عليها في الاستفتاء وبدعم من حزب الحركة القومية.
البلديات أحد عوامل قوة الحزب الحاكم وأداءها هو مؤشر قوي على نسبة تأييد الحزب فكان القرار بالتغيير وتحديدا في المدن المهمة والتي يلزم فيها التغيير وكأن الحزب حمل جزءا كبيرا من المسؤولية لأرقام الاستفتاء على رؤساء البلديات وبعض مسؤولي الحزب
وإذا كان التعب أو الانهاك هو أحد أسباب التغيير فإن هناك أسباب أخرى مثل الشبهات المحيطة ببعض الرؤساء كالفساد أو العلاقة مع جماعة غولن أو بتعبير آخر ضعفهم السابق في مواجهة تغلغل الجماعة أو وجود أقارب من الدرجة الأولى لهم تبين انتماؤهم للجماعة مما جعل تمثيلهم للحزب في معركته مع الجماعة أمرا معيقا للحزب. ويمكن الحديث عن أسباب أخرى تتعلق بتراجع في جودة وكفاءة الخدمة التي تقدمها البلديات خاصة في المشاريع الكبرى.
ولهذا وإدراكا من الحزب بأن البلديات أحد عوامل قوة الحزب وأداءها هو مؤشر قوي على نسبة تأييد الحزب فكان القرار بالتغيير وتحديدا في المدن المهمة والتي يلزم فيها التغيير وكأن الحزب حمل جزءا كبيرا من المسؤولية لأرقام الاستفتاء على رؤساء البلديات وبعض مسؤولي الحزب.
وفي هذا السياق جاءت استقالة رئيس بلدية إسطنبول الكبرى قدير طوب باش الذي استقال بطريقة هادئة بعد أن طلب منه ذلك وكذلك الأمر مع رئيس بلدية مدينة دوزجة ومدينة نيغده، ويبدو أن التغيير كان سيطال مجموعة أخرى من البلديات مثل أنقرة وبورصة وباليك اسير لكن رؤساء هذه البلديات وعلى رأسهم مليح جوكشيك رئيس بلدية أنقرة قد قاوموا التغيير مع العلم أن مليح غوكشيك هو رئيس بلدية أنقرة منذ عام 1994 والذي كان ترشيحه من قبل حزب العدالة والتنمية في إطار الحسابات الانتخابية مفيدا لكن يبدو أن هذا لم يعد صحيحا وبالتالي فرضت عملية إعادة الحسابات خروجه من موقع رئاسة البلدية التي ترشح لها كممثل عن الحزب. وقد تأتي عملية مقاومة التغيير من هؤلاء الرؤساء لعدة أسباب منها الرغبة في الاحتفاظ في مواقعهم والأهم عدم اختتام حياتهم بطريقة مهينة تظهر وكأنهم كانوا على علاقة مع جماعة غولن التي وقفت خلف محاولة الانقلاب الأخيرة في 15 تموز والتي يراها جل الأتراك على أنها محاولة خائنة. وفي هذه النقطة كان الحزب يركز على أسباب مثل التعب والإرهاق وغيرها وكان يحبذ أن يقدم هؤلاء الرؤساء استقالاتهم بهدوء أو ومن أسباب مقاومة التغيير اعتبار أنهم فازوا بانتخابات شعبية ولا يحق أن يخرجوا إلا بانتخابات شعبية وهي نقطة كانت مثار انتقاد من المعارضة.
أورد بعض الكتاب الصحفيين مثل عبدالقادر سلفي وفقا لمعلومات حصلوا عليها من مصادر في الدولة أن رئيس بلدية أنقرة سوف يقدم استقالته خلال عدة أيام فيما قدم رئيس بلدية باليك أسير هو الآخر استقالته وما زال ينتظر استقالة رئيس بلدية بورصة والذي يقال أنه قد يأخذ وقتًا
وفي هذا السياق قال الرئيس أردوغان : ” أن الناس لا يعتبرون أصحاب هذه المناصب مرشحين مستقلين بل يعتبرونهم ممثلين عن أحزاب وهذه المناصب لا يمكن أن يحتفظ بها مع هؤلاء الأشخاص إلى الأبد”. وفي موقف آخر قال أردوغان أن على هؤلاء الرؤساء الاستقالة وعلى كل من يشعر ان لديه مشكلة أن يبدار بتقديم استقالته.
وفيما أورد بعض الكتاب الصحفيين مثل عبدالقادر سلفي وفقا لمعلومات حصلوا عليها من مصادر في الدولة أن رئيس بلدية أنقرة سوف يقدم استقالته خلال عدة أيام فيما قدم رئيس بلدية باليك أسير هو الآخر استقالته وما زال ينتظر استقالة رئيس بلدية بورصة والذي يقال أنه قد يأخذ وقتا. ويتوقع أن يقوم الحزب بتنفيذ مشاريع وتقديم خدمات للناس تعيد الصورة الناصعة لبلدياته في عهده الأول وتزيل كثير من الانتقادات لبعض الأشخاص مما سيساهم في رفع نسبة تأييد الحزب.
من الجيد التذكير أن التغيير تم فقط لبلديات فاز فيها الحزب أما فيما يتعلق بالمدن التي لايوجد للحزب فيها سيطرة على البلديات فإنه يعمل حاليا على تقديم الخدمات الكبرى لها عن طريق الحكومة والوزارات ومن هذه المدن مدينة ازمير التي لم ينجح الحزب بالفوز برئاسة بلديتها حتى الآن كما أنه من المتوقع أن يتوافق الحزب مع الحركة القومية على مرشحين مشتركين في بعض المدن مما سيجعل الفوز بالانتخابات البلدية أكثر سهولة من السابق في بعض المدن.
أراد الحزب أن تتم عملية التغيير بهدوء وبدون أي ضجة أو إشكالات حيث أن الإشكالات يمكن أن تكون خطرة على صورته الداخلية وسينشغل بها بدلا من العمل للانتخابات القادمة كما أن الرؤساء الرافضين الذين قد يشعروا بالإهانة يمكن أن يكونوا عوامل إزعاج للحزب ولكن يبدو من المتابعة أن الحزب يولي اهتماما كبيرا بهذا الموضوع ويعمل على تجنب أي أضرار جانبية لهذه العملية من أجل تحقيق أكبر فائدة ممكنة والانطلاق مع الرؤساء الجدد بحملات كبرى وبنشاط استثنائي.