ترجمة وتحرير: نون بوست
على غرار أغلب الأشخاص، يمكنك التعرض في أية وقت لحالة من التوتر. وقد يكون الشعور بالتوتر أحيانا شديدا ومبالغا فيه، في حين قد يكون في بعض الأوقات مجرد حالة عابرة لا تدوم إلى بضع ساعات. ولكنك في الغالب لن تستطيع السيطرة على الطاقة السلبية التي تنمو في داخلك، ما من شأنه أن يؤثر سلبا على أطفالك. وسواء كنت تجيد احتواء مشاعرك أم لا، من المرجح أن أطفالك سيشعرون بعدم الارتياح تجاهك، نظرا لأنهم حساسون من الحالات العاطفية التي تنتابك في معظم الأوقات. وفي هذا الإطار، يبقى السؤال المطروح، كيف يمكنك أن تحمي أطفالك من مشاعر التوتر التي تسيطر عليك؟
كن هادئا
من الناحية النظرية، يعد هذا الأمر سهلا، ولكن كيف يمكنك أن تتحلى بالهدوء في خضم مشاغل الحياة اليومية المجنونة؟ ففي الواقع، تحتاج إلى بذل مجهود كبير حتى تستطيع أن تكون هادئا على الدوام. في الأثناء، تتمثل أفضل طريقة حتى تحول دون انتقال حالة التوتر التي تنتابك إلى أطفالك، في محاولة الحد منها والتحكم فيها.
لتحقيق ذلك، ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار أنه إذا نجحت في حماية نفسك من الوقوع فريسة التوتر، ستتمكن تبعا من التواصل مع أطفالك بشكل أفضل. في الوقت ذاته، حاول أن تشرح لأطفالك ما تمر به، حيث عادة ما يتقبل الأطفال آلام والديهم. وفي حال تعرضت لنوبة توتر، سارع بالخروج من المنزل، وابحث عن حل يومي، على غرار ممارسة اليوغا، للتخلص من الطاقة السلبية التي تطغى على نفسيتك.
خذ نفسا عميقا وتحكم في انفعالاتك
في حال كنت تعاني من التوتر، تجنب أن يطال ذلك أولادك. في الوقت نفسه، لا بد أن تعي أنهم نادرا ما يكونون السبب وراء حالتك العصبية تلك. كما أنهم لا يستحقون أن تصرخ في وجوههم أو أن يشهدوا على نوبات غضبك، وعدم تمكنك من ضبط أعصابك والتحلي بالصبر. ففي الواقع، يعجز الأطفال عن فهم تقلبات المزاج التي قد يعاني منها أحد الوالدين، في حين يشعرون بالاضطراب والخوف في الكثير من الأحيان عندما يكون الأبوان في مزاج سيء. بناء على ذلك، خذ نفسا عميقا عندما تشعر أنك لم تعد قادرا على احتواء حالة الغضب أو التوتر المستعرة داخلك، حتى لا تقدم على أذية من حولك وخاصة أطفالك. في الأثناء، ينبغي أن تتذكر دائما أنه في حال لم تقدم على هذه الخطوة، فستصبح أنت في حد ذاتك مصدرا للتوتر في المنزل كله.
أحسن التعامل مع المواقف المفاجئة التي تمثل مصدرا للتوتر
غالبا، يتولد التوتر في حياة الإنسان عندما يواجه موقفا أو حادثة جديدة وفجئية، لم يكن يتوقعها، حيث يشعر بأنه بصدد فقدان السيطرة. وفي حال كان هذا الأمر بالغ التأثير على البالغين وسببا في تعرضهم للإجهاد، فما بالك بمضاعفات ذلك على الأطفال، الذين يكونون في الغالب أكثر هشاشة في مثل هذه المواقف. ففي الحقيقة، لا يتمتع طفلك بالقدرة الكافية على التعامل مع هذه الوضعيات المسببة للتوتر، على عكسك تماما.
عقب الحد من خطر تعرض الأطفال لحالة من التوتر، يجب إعدادهم نفسيا للتعامل مع التغيرات التي قد تواجههم في المستقبل. علاوة على ذلك، يجب أن يدرك الأهل جيدا أن الأطفال يحبون الروتين، ولكن بإمكانهم مساعدتهم على مجاراة كل ذلك والحد من وطأة التوتر الذي قد يتعرضون له جراء التغيرات غير المتوقعة التي قد تقتحم حياتهم الروتينية. وبالتالي، من الضروري أن يعمل الوالدين على أن يكسروا الروتين اليومي الذي تعود عليه الطفل تدريجيا، من خلال دفعه لتجربة أمور جديدة.
ضع قواعد وحدود واضحة
من المهم للغاية أن تقوم بدورك على اعتبارك والدا تقع عليه مسؤولية تربية أولاده، مع الحرص على وضع قواعد واضحة، للسيطرة على سلوك طفلك، وحتى يتبناها في المستقبل. ومن خلال هذه القواعد، ستتمكن من تحديد جملة من المعايير الحياتية لأطفالك، التي من شأنها أن تجنبهم التوتر أو تعمل على الحد منه. ولعل أسوأ أمر قد يعيشه الطفل، عدم معرفته لما ينتظره.
لا تفرط في حماية طفلك
إذا كنت تعاني من القلق بالاستمرار إزاء العديد من الأمور في الحياة، فمن المحتمل أن تتسبب في خلق حالة مماثلة بالنسبة لطفلك. ويعد التوتر أشبه بذئاب صغيرة تهاجم كل المشاعر الإيجابية داخلك وحتى السلبية منها. في بعض الأحيان، قد يدفعك القلق إلى الإفراط أو المبالغة في حماية أطفالك، ولكن لا بد أن تضع حدا لمثل هذه الممارسات. فنتيجة المبالغة في الخوف علي أبنائك، قد تساهم في تولد حالة من الخوف داخلهم إزاء العالم الخارجي، على اعتباره مصدرا للخطر، بدلا من تعزيز شعورهم بالأمان.
على العموم، يبغي أن تؤمن الإحاطة النفسية المناسبة لأطفالك، حتى تساعدهم على عدم الوقوع فريسة الإحباط، وذلك من خلال محاولة تجنب كل المواقف التي قد يترتب عليها تولد مثل هذه المشاعر. إضافة إلى ذلك، امنح طفلك آليات للتكيف تدريجيا مع إحباطهم في حال تعرض لموقف مشابه. من خلال مواجهتهم للواقع، سيتعلم الأطفال كيفية السيطرة على القلق الذي قد يواجههم في مرحلة ما في حياتهم.
خلق بيئة ملائمة للتواصل
في حال كان البالغون أنفسهم يعانون من جملة من الصعوبات فيما يتعلق بعملية التواصل، فتخيل مدى صعوبة ذلك بالنسبة الأطفال الذين لم يكتسبوا بعد مهارات البالغين في التعامل مع محيطهم. ومن هذا المنطلق، من المهم أن تتحاور وتتناقش مع أطفالك، لتشرح لهم ما تمر به، وكيف تشعر. في الوقت ذاته، بادر بسؤال طفلك عن كيفية قضائه ليومه، ومعرفة ما الذي يحبه، وما الذي يكرهه. كما اسمح لأبنائك بالتعبير عن أنفسهم بحرية، وأنصت لهم جيدا. فضلا عن ذلك، لا بد أن تتحلى بالصبر، فقد يستغرق الأمر وقتا طويلا حتى يفصح الأطفال عن مكنونات صدورهم.
كيف تكتشف أن طفلك يعاني من حالة ضغط نفسي؟
على العموم، ينبغي أن يتفطن الأهل للمؤشرات التي تدل على أن الطفل يعيش حالة من القلق. ففي الغالب، تظهر عليه عدة عوارض يمكن الاستناد عليها لاكتشاف ما إذا كان الطفل يعاني حالة من التوتر. وفيما يلي بعض الدلالات التي تحيل إلى أن طفلك مصاب بالتوتر والقلق.
الأعراض الجسدية: آلام البطن، الصداع، تدني نجاعة الذاكرة، التبول في الفراش، اضطرابات في الجهاز التنفسي (الربو)، الأكزيما، تسارع دقات القلب، النعاس المفرط، القلق.
التغيرات السلوكية: التغير المفاجئ في شخصيته، مص الإبهام، وضع الطفل لإصبعه بشكل مكثف في الأنف.
عموما، وحتى ينجح طفلك في التعامل بشكل جيد مع قلقه، لا بد أن تعمل أنت في المقام الأول على الحد من نوبات التوتر التي تعاني منها. وبالتالي، ستتفادى أن تكون أنت المصدر الرئيسي لحالة التوتر في المنزل التي قد تؤثر على أطفالك سلبا وتجعلهم في حالة نفسية سيئة. بناء على ذلك، اعمل جاهدا على أن تعتني بنفسك وتتحكم في مواقفك وممارساتك، حتى تتمكن من حماية أطفالك من أي مصدر خارجي للتوتر والضغط النفسي.
المصدر: كانال في